كثيرة هي الأهداف التي تحققت مع اختتام فعاليات المهرجان السادس للكتاب المستعمل بالشارقة الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في الفترة من 23 إلى 27 فبراير الماضي،.. واحتضنته تحت ظلالها الوارفة واحة النخيل بالشارقة،.. وتضافرت من أجل نجاحه جهود المتطوعين المخلصين من طلبة المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية والخاصة والنوادي والجمعيات وجميع أفراد المحتمع سواء الذين تبرعوا بالكتب أو تطوعوا لإنجاحه منذ بدء عمليات الفرز وحتى أيام انعقاده حيث تجلت طوال هذه الفترة أرقى أشكال الشراكة المجتمعية بين جهات تقاسمت جهد الإعداد والتنظيم وجهات قدمت الدعم المادي والمعنوي والإعلامي..
ومن المنطقي ألا يتسع العنوان أعلاه لكل هذه الأهداف إلا أننا تخيرنا أهمها وأشملها فابتدأنا بفكرة نشر المعرفة والعلم والثقافة والتشجيع على القراءة التي أتاحها مهرجان الكتاب المستعمل بين عامة الناس بمختلف جنسياتهم وفئاتهم وإمكاناتهم والذي أتى منسجماً هذه السنة مع توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله بأن يكون عام 2016 عاما للقراءة باعتبارها المهارة الأساسية لجيل جديد من العلماء والمفكرين والباحثين والمبتكرين، وكذلك مشروع ثقافة بلا حدود الذي أطلقه منذ سنوات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة لرفع المستوى الثقافي للفرد والمجتمع وذلك بإهداء مكتبة لكل بيت مزودة بأفضل الكتب المنتقاة بعناية،..
ونستذكر في هذا المقام عبارة سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي ولي العهد ونائب حاكم الشارقة حول إعادة تدوير الكتب فكرياً ونقل كنوزها المعرفية من فرد إلى آخر بكل ما تحويه من علوم وآداب قيمة، وهو ما تناولته أيضاً رئيسة تحرير المنال مدير عام المدينة بتأكيدها على نجاح المهرجان في تحقيق جانبين ايجابيين؛ الأول إعادة الألق والاهتمام إلى الكتاب المستعمل باعتباره قيمة كبيرة ومتجددة يمكن أن تتناقله الأجيال وتعتز به كإرث لا يقل عن القيم المادية الأخرى المتوارثة، والثاني إتاحة هذا الكتاب بما يحتويه من علم وفكر وثقافة وجعله في متناول الفئات الاجتماعية كافة وبالأخص ذوي الدخل المحدود.
وهنا يأتي إسهام مهرجان الكتاب المستعمل في عملية التثقيف المباشر للجمهور الكبير والواسع الذي زار مهرجان الكتاب المستعمل طوال أيامه الخمسة وذلك بإعادة الاعتبار عملياً لقيمة كبيرة كادت تكون ملغاة بل مهملة وإمكانية اقتنائها بأسعار زهيدة وبالتالي تعرف أبناء المجتمع كبيرهم وصغيرهم على قيمة ما لديهم وما يكسبونه من دخل والقدرة الشرائية الكبيرة لهذا الدخل الذي لا ينبغي هدره وإنفاقه كيفما اتفق.
ولم تقتصر عملية التثقيف هذه على إمارة الشارقة وحسب بل انتقلت أفكارها وآثارها الايجابية إلى باقي إمارات الدولة ودول الخليج العربية فكان من حق من أطلقها أنه امتثل واقتدى بحديث رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم: (من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل به) (الصحيحان؛ مسلم وبخاري) فصارت معارض الكتب واحدة من النشاطات الهامة التي تنظمها المراكز والمؤسسات وصرنا نشاهد بعض المكتبات وقد رأت حجم الإقبال والتقبل لفكرة المهرجان قد بدأت بعرض الكتب المستعملة وبيعها بأسعار زهيدة وتحولت إلى ما يشبه المعارض الدائمة للكتاب المستعمل،.. صحيح أنها لا ترقى إلى حجم أسواق الكتاب المستعمل في بعض العواصم العربية ولكنها نواة طيبة ومؤشر قوي على مدى احترام الكتاب والحفاظ عليه كقيمة ثقافية يتم تداولها بين الناس.
ومن الأهداف التي تحققت ولا بد من الإشارة إليها قدرة هذا النشاط ومنذ انطلاقته الأولى في ابريل 2006 على اجتذاب الأعداد الكبيرة من المتطوعين من مختلف الأعمار والجنسيات وتنافسهم من أجل انجاحه والقيام بدورهم في تحقيق أهدافه الرئيسية وأكثرها شفافية ومصداقية أنه مناسبة للعطاء ومورد مادي جديد ومبتكر لدعم البرامج التي تقدمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية للأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم بوجه خاص وللمجتمع بشكل عام.
لقد عبق أريج هذه الزهرة الطيب في الشارقة فتضوعت بشذاه باقي الإمارات وكل من أمّها.