كثيراً ما نسمعهم في مجتمعاتنا العربية يطلقون على الصم لفظ ذوي الإعاقة السمعية! فهل حقاً الصم معاقون! وهل يعتبر الصمم إعاقة!
لكل منا لغته الخاصة التي يتكلم بها وعدم معرفة الشخص الآخر للغة المتحدث لا يعطيه الحق بإطلاق لفظ (أبكم ومعاق)
جميع الجمعيات والمنظمات الخاصة بالصم وضعاف السمع لا تستعمل أبدا مصطلح (إعاقة سمعية) للدلالة على الصم وضعاف السمع
أذكر في أحد الأيام عندما كنت في أمريكا كنت أتجاذب الحديث مع إحدى الفتيات الأمريكيات وهي صماء وحاصلة على شهادة الماجستير وأثناء تنزهنا مررنا بأحد المواقف المخصصة للمعاقين فسألتها (وطبعا الحديث كان يتم بلغة الاشارة الأمريكية لأن كلتينا مصابتين بالصمم): هل بإمكان الصم إيقاف سياراتهم في هذه المواقف؟ فقالت: لا. هذه المواقف خاصة بالمشلولين ومن يستعملون الكرسي المتحرك والصم ليسوا معاقين.
وكلامها صحيح فلا يجوز أن يطلق على الصم لفظ «معاقين»فهذا غير محبذ عالمياً لما تحمله من معان سلبية. والصم في جميع الدول المتقدمة تمكنوا من حذف كلمتي «إعاقة»و«بكم»والتي عادة ما تطلق على الصم.
ففي عام 1991 تم التصويت في الاتحاد العالمي للصم World Federation of the Deaf ومركزه فينلندا على إلغاء مسمى «إعاقة»واتفقوا جميعا على عدم إطلاق هذه الكلمة لما لها من معان سلبية. لأن الصم يعتبرون من الأقليات التي لها لغتها وثقافتها الخاصة بها وبما أن لهم لغة يتحاورون عن طريقها، فلا يجوز أن يطلق عليهم بكم. فبعض الصم يجيد التحدث بطلاقة تامة كالسامعين، والبعض الآخر يستعمل لغة الاشارة. ولغة الاشارة تعتبر هي لغته الأم، فلم يطلق علينا كلمة «بكم»؟؟؟
نحن صم، نعم، لكننا لسنا بكم،،،
نحن صم، نعم، لكننا لسنا معاقين،،،
لدي خادمة أندونيسية عندما تحاول التحدث إلي لا أفهم عليها جيداً لأنها لا تنطق الحروف بشكل سليم وتتكلم بسرعة لدرجة أنه حتى السامع لا يفهم ما تقول. فهل يجوز لنا أن نطلق عليها لقب «بكماء معاقة»فقط لأننا لا نفهم كلامها جيداً ولأنها تقلب الحروف مثل «فارس»«بارس»، «ثوم»«بوم»؟
مثال آخر لو يحدث ويتقابل شخص ياباني مثلا مع آخر عربي وكلاهما لا يجيد لغة الآخر فهل يصح لكل منهما أن يطلق على الآخر لقب «أبكم معاق»لأن كلاهما لا يفهمان لغة الطرف الآخر؟ لا!
فكل منهما لديه لغة خاصة يتحدث بها وعدم معرفة الشخص الآخر للغة الحديث لا يعطيه الحق بإطلاق لفظ «أبكم ومعاق»على الآخر.
كذلك الصم لديهم لغتهم الخاصة بهم وهي لغة الاشارة لذا لا يجوز إطلاق لفظ «بكم»عليهم. وهذا شيء معمول به دولياً (ما جبت شي من عندي).
كنت أتمنى أن تأتي المبادرة منا نحن العرب وليس من الغرب. الآن هم من يبادرون ويضعون القوانين ونضطر نحن للاستشهاد بهم حتى نثبت صحة كلامنا. هم عندما غيروا المسميات وحذفوها كانت كلمتي «إعاقة»و«بكم»منتشرتين ليس فقط في أمريكا وإنما في العالم أجمع لكنهم استطاعوا إقناع السامعين بحقهم في اختيار المسمى الذي يطلق عليهم وهو مسمى «الصم»فقط ويفتخرون بكونهم صم ولا يعتبرونه إعاقة.
وبالنسبة لضعاف السمع فهم يندرجون تحت المسمى نفسه لأنهم بدون المعينات السمعية يصبحون صم لا يسمعون شيئا. وهم دائما يجدون أنفسهم أقرب لعالم الصم من عالم السامعين بإستثناء من حرمهم أهلهم من تعلم لغة الاشارة فهؤلاء هويتهم ضائعة فلا هم ينتمون لعالم السامعين ولا هم يعرفون لغة الاشارة للتواصل مع الصم. ومن أتيحت له الفرصة من ضعاف السمع لتعلم لغة الاشارة يصنف نفسه في عالم الصم لأنه العالم الأقرب إليه ولأنهم يتفهمون احتياجاته ومطالبه. مع الأخذ في الاعتبار أن من لديه ضعف بسيط في السمع قد يجد نفسه أكثر في عالم السامعين لأنه يسمع ولا يواجه نفس المشاكل التي تواجه الصم وضعاف السمع.
وجميع الجمعيات والمنظمات الخاصة بالصم وضعاف السمع في جميع أنحاء العالم لا تستعمل أبدا مصطلح «إعاقة سمعية»وإنما تكتفي بكلمة «صم»للدلالة على الصم وضعاف السمع. ففي الولايات المتحدة الأمريكية الجمعية التي تمثل الصم وضعاف السمع على مستوى الدولة هي «الجمعية الوطنية للصم» National Association of the Deaf (NAD) وهي التي تمثلهم في المحافل الدولية وفي الاتحاد الدولي للصم World Federation of the Deaf ويرأسها ويديرها الصم وضعاف السمع وليس السامعون. طبعاً في أمريكا توجد جمعيات للصم في كل ولاية كما يوجد جمعيات خاصة بضعاف السمع. لكن كلهم يتحدون ويعملون بالقرارات التي تصدر من National Association of the Deaf (NAD) لأن الجمعية الوطنية للصم تحمي حقوق كل من الصم وضعاف السمع وتعمل جاهدة لتذليل المصاعب والعقبات التي تواجه الصم وضعاف السمع أليس من يديرها صم وضعاف سمع؟ هم الأقدر على فهم إحتياجات هذه الفئة التي يمثلونها.
تأملوا معي مسميات بعض الجمعيات التي تمثل الصم في الدول المتقدمة وحتى النامية:
- في الولايات المتحدة الأمريكية «الجمعية الوطنية للصم» National Association of the Deaf (NAD)
- في السويد والتي خدمات الصم فيها تنافس ما هو موجود في أمريكا:
Swedish National Association of the Deaf (SDR)
- في فنلندا (المقر الرئيسي للاتحاد العالمي للصم):
The Finnish Association of the Deaf
- في إستراليا:
Australian Association of the Deaf (AAD)
- في نيوزيلاندا:
Deaf Association of New Zealand (DANZ)
- في بريطانيا:
British Deaf Association
- في الكويت:
Kuwait Club for the Deaf
- وحتى في الصين:
China Association of the Deaf
جميع هذه المنظمات والجمعيات الخاصة بالصم وضعاف السمع في جميع أنحاء العالم تكتفي بإطلاق كلمة «صم»على الصم وضعاف السمع.
وللعلم جميع هذه المسميات تم أخذها من موقع الفيدرالية العالمية للصم. ولماذا نبتعد؟ تأملوا معي مسمى الاتحاد العالمي للصم:
World Federation of the Deaf
الاتحاد العالمي بكبره والذي يمثل جميع الصم وضعاف السمع في جميع دول العالم ويسن القوانين ويحمي حقوق الصم وضعاف السمع اكتفوا بكلمة «صم»للدلالة على الصم وضعاف السمع لأنه كما ذكرت ضعاف السمع بدون المعينات السمعية يعتبرون صم.
قد يأتي من يقول: (المسميات عندي ليست ذات اهمية بما أنها تؤدي نفس الغرض) وهذا خطأ كبير المسميات لها أهمية كبيرة فالكتاب يقرأ من عنوانه ويجب أن ندقق جيداًفي المسمى. فلا يخفى علينا أنه بعد أحداث 11 سبتمبر قامت الصحافة الصهيونية والأمريكية الموالية لها بمحاولة ربط الإرهاب بالاسلام والسعودية لكننا متصدون لهم وهناك حملات لتوعية الغرب وتغيير الصورة التي رسمتها الصحافة الغربية وأن الاسلام لا علاقة له بالارهاب، والسعوديون ليسوا بإرهابيين.
لقد تناقلت الصحف منذ فترة خبر إستدعاء الحكومة السعودية للسفير السعودي في المجر بسبب مزحة رئيس وزراء المجر الذي وصف أعضاء المنتخب السعودي لكرة القدم «بالارهابيين العرب». فالحكومة السعودية لا ترضى أن يرتبط مسمى الارهاب بالسعوديين ولا بالعرب. فكان الرد حازما وفوريا مما جعل رئيس وزراء المجر يقدم إعتذارا رسميا للسعودية.
عذرا لتطرقي للسياسة لكني أحببت إيضاح الأمر وأهمية التركيز على المسميات ومدلولاتها. فلا أنا ولا أي مواطن سعودي يرضى بأن يطلق عليه مسمى إرهابي للدلالة على أننا من السعودية. ولو قال لنا أحد الأجانب:
«يا إرهابيين»فسنعترض ونقول: نحن سعوديون ولسنا إرهابيين.
سنغضب جميعا وستثور ثائرتنا لو رد علينا الأجنبي: «المسمى ليس له أهمية عندي ما دام يؤدي الغرض نفسه فالارهابي يرمز للسعودي والسعودي يرمز للارهابي».
فكما أننا لا نريد ربط كلمة إرهابي بالسعودي، لا نريد ربط كلمة معاق بالأصم لذلك نطالب بحذفها من القاموس لأننا صم ولسنا معاقين.
منسقة برنامج الصم ولغة الإشارة مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة الرياض ـ المملكة العربية السعودية
هند الشويعر هي فتاة صماء ومن أبرز الناشطين في مجال حقوق الصم والحفاظ على لغة الإشارة السعودية وتطويرها والسعي لتوثيقها ونشرها بين أفراد المجتمع. وهي حالياً تدير المشروع الوطني ممثلة عن الاتحاد العالمي للصم لتوعية النساء الصم بأهمية الاكتشاف المبكر لسرطان الثدي والذي ترعاه جمعية زهرة لسرطان الثدي بالتعاون مع الاتحاد العالمي للصم ومركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة والجمعية السعودية للصم بالرياض.
ولها العديد من الكتابات باللغتين العربية والإنجليزية نشرت في الصحف السعودية ومجلة المنال ومجلة عالمي ومجلة الاتحاد العالمي للصم وتقوم بعمل دورات تعليمية للصم، ودورات تدريبية في لغة الإشارة السعودية للسامعين. وشاركت في العديد من المؤتمرات والملتقيات المحلية والعربية والدولية من أهمها المؤتمر العالمي الخامس عشر للاتحاد العالمي للصم في مدريد يوليو 2007 م، حيث ألقت ورقة عمل لاقت نجاحاً كبيراً وحظيت باهتمام الأوساط العالمية ونتج عنها اصدار قرار ينص على أهمية الحفاظ والارتقاء وحماية لغات الإشارة المحلية والتراث الثقافي وتشكيل سياسات اللغة لتقوية لغات الإشارة بما فيها اللغات المحلية الطبيعية. وألقت محاضرات في الجامعات السعودية ومعاهد الأمل ومدارس الدمج وجامعة جالوديت وجامعة نيومكسيكو وجامعة كاليفورنيا لوس أنجليس في الولايات المتحدة الأمريكية، وجامعة هيرويت وات في أدنبرة ـ اسكتلندا.
بالإضافة لعملها كمنسقة برنامج أبحاث الصم ولغة الإشارة في مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة فهي عضوة في العديد من اللجان والمنظمات المحلية والعربية والدولية، منها:
- رئيسة اللجنة التعليمية في القسم النسائي للجمعية السعودية للصم بالرياض.
- عضوة في الجمعية السعودية للصم.
- عضوة في اللجنة السعودية لخبراء ومترجمي لغة الإشارة.
- عضوة في الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم.
- ممثلة الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم في الجمعية العالمية لمترجمي لغة الإشارة WASLI (2005 ـ 2011 م),
- عضوة في المجموعة الدولية للأكاديميين والباحثين الصم.
- عضوة في الاتحاد العالمي للصم.
- عضوة في الشبكة الدولية لخبراء ومستشاري الاتحاد العالمي للصم (2007 ـ 2012م),.
- عضوة وضابط الاتصال للمنطقة العربية في الجمعية العالمية لمترجمي لغة الإشارة WASLI (2011 م ـ وحتى الآن),.
- عضو اللجنة الاستشارية للمكتب الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط لمنظمة سي بي إم الدولية المعنية بالإعاقة ممثلة عن الأشخاص الصم (2010 م ـ وحتى الآن),.