لا شيء يخصنا من دوننا.. مبدأ قويم صائب غير قابل للنقاش بقدر ما هو قابل للتوضيح والإغناء لا ينبغي لأي جهة تتدعي أنها تتبنى قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة على تنوع إعاقاتهم أن تتجاهله أو تلتف حوله لأي سبب من الأسباب ظرفياً كان أم موضوعياً.
وهذا المبدأ يستمد صوابيته من اعتبارات جوهرية عدة ملازمة للإعاقة وناجمة عنها لا يستطيع الإحساس بها والتعبير عنها وعن احتياجات أصحابها ومشاعرهم وتطلعاتهم إلا من عايشها واكتوى بنارها عضوياً ومجازياً.
ويزداد هذا المبدأ أهمية وضرورة إذا أضفنا إلى تلك الاعتبارات بعض الممارسات الخاطئة الصادرة عن غير أصحاب الإعاقات الذين وجدوا في هذه القضايا مجالاً رحباً وخصباً لتحقيق غاياتهم الخاصة في البروز والظهور وتحقيق الكثير من المنافع والأغراض الذاتية.. وليس أدل على ذلك من البطء الشديد الذي لا يضاهيه بطء السلحفاة في إحراز تقدم ـ ولو طفيف ـ تكلل به قضية من قضايا المعاقين استغرقت واستهلكت سنوات وسنوات طوال لا لحلها وإنما لتوصيفها فقط! فما معنى أن يقال إن إزالة الحواجز المادية والمعنوية ضروري لضمان حق المعاقين في الوصول والدخول إلى مختلف الأماكن والمرافق فيما لا تزال معظمها موصدة مغلقة يفتقر المنفّذ منها إلى الحد الأدنى من المواصفات العالمية المتعارف عليها!
إذن، من العدل والحق والمنطق أن لا يقف أحد حجر عثرة في وجه تطبيق هذا المبدأ وتنفيذه وأن يفتح الجميع الأبواب على مصاريعها أمام المعاقين أصحاب القضية لأخذ زمام المبادرة في كل المجالات تخطيطاً وتنفيذاً وقيادة دون أية وصاية أو إملاء.
نعرف أناساً من هؤلاء المخلصين سبقوا بعقود هذا المبدأ وطبقوه عملياً حتى قبل أن يسمعوا به بسنوات طويلة وكانوا من أقوى المدافعين عن هذه القضايا.. ومن هؤلاء أيضاً أولياء الأمور من الأمهات والآباء الذين لا يستطيع أبناؤهم من ذوي الإعاقات الذهنية والشديدة أن يعبروا ـ بالطبع ـ عن مشاعرهم وآرائهم وطموحاتهم فأنبرى هؤلاء إلى رفع لواء قضاياهم المشتركة عالياً في كل المحافل والمؤتمرات المحلية والاقليمية والدولية وحققوا الكثير والكثير من المكاسب والانجازات.
اعتبار أخير نسوقه هنا تفرضه قضايا الإعاقة وارتباطها الحتمي بقضايا المجتمع ككل، فالإعاقة بأنواعها لم تولد خارج رحم المجتمع وإنما من صلبه وإذا كانت هناك من صعوبات تكتنفها فهي صعوبات تكتنف المجتمع ذاته الذي وجدت فيه وأي حل منشود لا ينبغي أن يكون معزولاً عن هذا المجتمع وقواه الخيرة والفاعلة التي لا ينكر أحد وجودها.
لكل هذه الاعتبارات فإننا في الوقت الذي نتبنى فيه مبدأ المحافل والمؤتمرات المحلية والاقليمية والدولية والمشاركة الفعلية للأشخاص المعاقين ونؤمن بدورهم القيادي والريادي فإننا نلاحظ أن تطبيق هذا المبدأ تطبيقاً واقعياً ومجدياً ينبغي أن يشمل ممثلي جميع أنواع الإعاقات ولا يقتصر على إعاقة بعينها وأن يحرص على الاستفادة الخلاقة من كل الطاقات المخلصة ويوظفها التوظيف الأمثل وأن يتنبه إلى أن تحقيق هذا المبدأ لا يتم دفعة واحدة ولابد من التحلي بحس المسؤولية والمشاركة الايجابية في كل المحافل والندوات والمؤتمرات مهما اختلفت درجات تمثيل المعاقين فيها وصولاً إلى تحقيق الهدف المنشود في التمثيل والمشاركة الحقيقيتين.