شهد العالم خلال العقود القليلة الماضية زيادة هائلة ومستمرة في أعداد كبار السن، الأمر الذي يجعل أعداد هذه الفئة، ولأول مرة في التاريخ الإنساني تزيد عن أعداد الأطفال، نعم هذا ما سيحدث في العام 2045.
إن حدوث هذا التحول السكاني في مجتمعنا الحالي الذي يشكل فيه الأطفال والشباب غالبية السكان، يتطلب إحداث تغيير في النظام الاقتصادي والاجتماعي والصحي حتى يلبي احتياجات كبار السن المتزايدة، وهو أمر يحتاج إلى إعداد جيد، ينبغي أن يبدأ في أبكر وقت ممكن، على صعد الفرد والأسرة والمجتمع، وهذا بلا شك، يستغرق سنوات طويلة من العمل في الميادين التشريعية والصحية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية، وفق ما جاء في خطة الأمم المتحدة بمدريد حول الشيخوخة عام 2002، وتوصيات العام الدولي لكبار السن 1999.
أما في منطقتنا العربية، فلاتزال الأسرة تقوم بدورها التقليدي في رعاية أفرادها من كبار السّن، ومع ظهور مؤشّرات تغير وتراجع في هذا المجال لا ينبغي إنكارها، وتجاهلها، أصبح من الضروري أن نعمل من أجل تدعيم دور الأسرة، والحفاظ على موروثها المتعلق برعاية المسنين، من خلال تكريس العادات والتقاليد والقيم التي تشجع احترام ورعاية المسن داخل الأسرة، ومن خلال تدعيم هذا الدور مادياً، ومنح إعفاءات ضريبية ومساعدات اجتماعية، تقوم بها المؤسسات الحكومية والأهلية والخاصة.
من الواضح أن المواضيع المتعلقة بقضايا الشيخوخة والمسنين في مجتمعنا العربي لم تلق الاهتمام المناسب في مجالات الأبحاث العلمية والصحّية والاجتماعية والإعلامية، لمواكبة هذا التحول الاجتماعي بكل جوانبه حتى يلبي هذه الاحتياجات المتزايدة، بكل ما تحمله من تحديات للتغلب عليها، الأمر الذي يتطلب من الإعلام دوراً تثقيفياً وتنموياً أكثر تخصصاً، أذكر منهاً:
- إعداد مواد إعلامية وتثقيفية تتوجه إلى فئات مختلفة من المجتمع، لاسيما فئات صغار السن، يشارك في إعدادها المختصون في الإعلام والتربية والصحة وعلم النفس بمشاركة الأشخاص كبار السن.
- توعية الأشخاص كبار السن وذويهم بالإجراءات الصحية التي تمكنهم من الحفاظ على صحّة جسمية ونفسية وعقلية جيدة، رغم الأمراض الأكثر شيوعاً بينهم، كالأمراض القلبية الوعائية، وارتفاع الضغط الشرياني، وداء السكري، والأمراض التنفسية المزمنة، وبعض الأمراض الخبيثة، وغيرها.
- تعزيز الموروث الثقافي والديني الذي يحث على احترام ومساعدة كبار السن من أبناء المجتمع، ودمج هذه التحولات الاجتماعية ومتطلباتها في إطاره.
- تكريس دور الأسرة في رعاية ودعم كبار السن، واحترام المباديء الرئيسة في هذا المجال وهي الكرامة والاستقلالية وتحقيق الذات والمشاركة.
- تدريب الإعلاميين بالجوانب الحقوقية والتنموية والثقافية لهذه القضية (إعلام متخصص)، واستخدام الاصطلاحات الدقيقة المبسطة في هذا المجال.
- إتقان مهارات الاستخدام الأمثل لوسائل الإعلام الاجتماعي للوصول بالرسالة الإعلامية إلى أوسع شرائح المجتمع، وتحقيق التغيير المنشود.
لا أستطيع هنا إلا أن أذكّر بالحاجة إلى اتفاقية دولية شاملة لحقوق الأشخاص كبار السن، وهو ما شاركت في طرحه مع المشاركين في ملتقى المجتمع المدني بمدريد في إطار مؤتمر الأمم المتحدة للشيخوخة عام 2002، وهي جهود لم تتوقف عالمياً على أكثر من صعيد تحت مظلة الأمم المتحدة، للتوصل إلى هذه الاتفاقية التي تكفل حقوق وكرامة ومشاركة هذه الفئة الجليلة من أبناء المجتمع.
طبيب بشري حائز على شهادة الماجستير في طب الأذن والأنف والحنجرة وجراحتها، والبورد السوري، بالإضافة إلى الدراسات العليا من جامعة برمنجهام في المملكة المتحدةBirmingham, UK، وهو من الناشطين في المجتمع المدني العربي والدولي، له إسهامات طبية وثقافية وإنسانية عديدة، إلى جانب الكتابة باللغتين العربية والإنجليزية.
له عدة إصدارات في مجال الإعاقة السمعية، والبصرية، كما نشر المئات من المقالات والأبحاث في الصحة، والإعاقة، والعمل الإنساني والحقوقي وجوانب ثقافية متعددة.
شارك في تأسيس وإدارة وعضوية (الهيئة الفلسطينية للمعوقين)، (الرابطة السورية للمعلوماتية الطبية)، (الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم)، اللجنة العلمية لنقابة أطباء دمشق، وهيئة تحرير (المجلة الطبية العربي)، ولجنة الإعاقة بولاية كارولينا الشمالية للسلامة العامة، قسم إدارة الطوارئ، وعضو جمعية نقص السمع في منطقة ويك، ولاية كارولينا الشمالية، وعضو لجنة العضوية في تحالف الأطباء الأمريكي، ومستشار مؤقت لمنظمة الصحة العالمية إقليم المتوسط في القاهرة للمؤتمر الإقليمي (أفضل الممارسات في خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للأشخاص المعوقين)، القاهرة، مصر (نوفمبر 2007)، كما شارك في كتاب (مواضيع الشيخوخة والإعاقة)، منظور عالمي، إصدار لجنة الأمم المتحدة غير الحكومية للشيخوخة، نيويورك 2009.
(http://www.ngocoa-ny.org/issues-of-ageing-and-disabi.html)
وقد حاز الدكتور غسان شحرور خلال مسيرته على:
- درع الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم، 2000.
- جائزة الإمارات العالمية التي يرعاها الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعمل الطبي الإنساني عام 2002.
- درع الأولمبياد الخاص، بمناسبة تشكيل الأولمبياد الخاص الإقليمي، 1993.
- براءات التقدير والشكر من منظمات الإعاقة والتأهيل في مصر، الإمارات، قطر، تونس، والكويت وغيرها.
- منظم ومدرب (مهارات التقديم المتطورة للعاملين الصحيين والأطباء)، رابطة المعلوماتية 2006.
- جائزة نجم الأمل العالمية، للإنجازات في مجال الإعاقة، مؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة اتفاقية أوتاوا، كارتاجنا، كولومبيا 32 ديسمبر / كانون الأول 2009.
- أختير ضمن رواد المعلوماتية الطبية في العالم وفق موسوعة (ليكسيكون) الدولية 2015،
Biographical Lexicon of Medical Informatics ،
http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4584086/