في الثامن والعشرين من شهر آب / أغسطس 2016 احتفلت دولة الإمارات العربية المتحدة بيوم المرأة الإماراتية.
وقد وجّهت أم الامارات الشيخة فاطمة بنت مبارك لهذا على أن يكون في كل عام وهو مناسبة يوم تأسيس الاتحاد النسائي الإماراتي العام.
ويأتي الاحتفال الأول بـ (يوم المرأة الإماراتية) هذا العام للاحتفال بالمرأة الإماراتية المنضوية تحت لواء الخدمة العسكرية للدفاع عن وطنها وخدمته في المجالات العسكرية والمجتمعية المرتبطة بها كافة، حيث خصص هذا العام للاحتفاء بالمرأة الإماراتية العاملة في صفوف القوات المسلحة تقديراً وتثميناً لدورها البطولي وتضحياتها وعطاءاتها النبيلة والشجاعة في هذا الميدان.
وتحظى المرأة الإماراتية بتقدير القيادة الرشيدة ودعمها المتواصل بدءاً من قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من شهر ديسمبر عام 1971، فقد كان القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) باني نهضة الإمارات حريصاً على دعم المرأة وتمكينها وإزالة جميع المعوقات التي تقف حائلاً أمام تقدمها والاعتراف بحقوقها.
ويعود انضمام فتاة الإمارات إلى صفوف القوات المسلحة إلى نحو عقدين ونصف العقد من الزمان بفضل الرؤية الثاقبة للراحل المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) ورعاية ودعم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة، و صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في إطار الاستراتيجيات التي تم تنفيذها لبناء القوات المسلحة وتطويرها وتحديثها لتكون في طليعة الدول الحديثة والمتقدمة في العالم حيث تم تأسيس (مدرسة خولة بنت الأزور العسكرية).
وما زالت المرأة الإماراتية بفضل دعم القيادة الرشيدة في مختلف مراحل مسيرة تقدمها سباقة في نكران الذات والولاء للوطن والاستعداد للتضحية والفداء مما جعل منها نموذجاً ريادياً في المنطقة يستحق هذا الشرف الرفيع.
والاحتفال بيوم المرأة الإماراتية ليس أمراً مبتدعاً في عالمنا العربي والإسلامي، بل له جذوره، فلقد روى ابن أبي الدنيا في كتاب (النفقة على العيال) (528) وفي كتاب (مداراة الناس) (173) وابن بشران في (أماليه) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: (بَيْنَا نَحْنُ قُعُودٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا وَافِدَةُ النِّسَاءِ إِلَيْك، يَا رَسُولَ اللَّهِ: رَبُّ الرِّجَالِ وَرَبُّ النِّسَاءِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَآدَمُ أَبُو الرِّجَالِ وَأَبُو النِّسَاءِ، وَحَوَّاء أُمُّ الرِّجَالِ وَأُمُّ النِّسَاءِ، وَبَعَثَكَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَالرِّجَالُ إِذَا خَرَجُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقُتِلُوا فَهُمْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، وَإِذَا خَرَجُوا فَلَهُمْ مِنَ الْأَجْرِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، وَنَحْنُ نَخْدُمُهُمْ وَنحْبِسُ أَنْفُسَنَا عَلَيْهِمْ، فَمَاذَا لَنَا مِنَ الْأَجْرِ؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَقْرِئِي النِّسَاءَ مِنِّي السَّلَامَ وَقُولِي لَهُنَّ: إِنَّ طَاعَةَ الزَّوْجِ تَعْدِلُ مَا هُنَالِكَ، وَقَلِيلٌ مِنْكُنَّ تَفْعَلُهُ). والحديث رواه البزار في (مسنده) برقم (5209). وللحديث شواهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وأسماء بنت يزيد، لكنها لا تخلو من ضعف.
ونعلم جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ما لم يخالف أصلاً شرعياً.
والحديث دليل على جواز اجتماع النساء وارسال سفيرة منهن (وافدة) ومنه استدل العلماء على جواز تشكيل المحافل والمنتديات النسائية بشكل لا يتعارض مع وظيفتها الرئيسة في الأمومة ورعاية البيت وخدمة الزوج والتبعّل له.
والمرأة في الجذور مؤنث لا مذكر له من جنسه، وقال سيبويه: وقد قالوا: مَراةٌ، وذلك قليل، ونظيره كَمَاةٌ. قال الفارسي: وليس بمُطَّرِد كأَنهم توهموا حركة الهمزة على الراءِ، فبقي مَرَأْةً، ثم خُفِّف على هذا اللفظ. وأَلحقوا أَلف الوصل في المؤَنث أَيضاً، فقالوا: امْرأَةٌ، فإِذا عرَّفوها قالوا: المَرأة.
وقد حكى أَبو علي: الامْرَأَة. الليث: امْرَأَةٌ تأْنيث امْرِئٍ.
وقال ابن الأَنباري: الأَلف في امْرأةٍ وامْرِئٍ أَلف وصل. قال: وللعرب في المَرأَةِ ثلاث لغات، يقال: هي امْرَأَتُه وهي مَرْأَتُه وهي مَرَتْه.
والمرأة مكافئة للرجل في القيمة والكرامة الإنسانية والتكليف والجزاء. ومن لفظ المرأة اشتق العرب المروءة، والمُرُوءة عندهم: كَمالُ الرُّجُولِيَّة. مَرُؤَ الرجلُ يَمْرُؤُ مُرُوءة، فهو مَرِيءٌ، على فعيلٍ، وَتمَرَّأَ، على تَفَعَّلَ: صار ذا مُروءة.
وجاء في اللسان: وكَتَب عمرُ بنُ الخطاب إِلى أَبي موسى: خُذِ الناسَ بالعَرَبيَّةِ، فإِنه يَزيدُ في العَقْل ويُثْبِتُ المروءة.
وقيل للأَحْنَفِ: ما المُرُوءة؟ فقال: العِفَّةُ والحِرْفةُ.
وسئل آخَرُ عن المُروءة، فقال: المُرُوءة أَن لا تفعل في السِّرِّ أَمراً وأَنت تَسْتَحْيِي أَن تَفْعَلَه جَهْراً. ومن الجدير بالذكر أنه لا جمع للمرأة من جنس حروفها بل تجمع على (نساء). ولا يخلطنَّ بين المرأة والمرآة.
وبمناسبة يوم المرأة الإماراتية التي أمرت سمو الشيخة فاطمة (أمّ الأمارات) بالاحتفال به، نظمت الشاعرة السورية د. بهيجة عبد الله الادلبي قصيدة جميلة عصماء عنوانها «أم المحبة»، قالت فيها:
بوحٌ يعانقُ نخلَ الوجدِ في ذاتي
ليصطفي سرَّه خلفَ المسافاتِ
غوايةُ الشعر تأويلٌ لغايتنا
يرتِّبُ الحرفَ في لوح الغواياتِ
كأنَّما الشعرُ فيضٌ لا جهات له
أسرى كما السحر من غيب الخيالاتِ
توسَّدَ الغيمَ إيقاعاً لرحلته
ليبصرَ الماءُ مرآةً لمرآةِ
يقولُ للوقتِ ها أيقظتُ ذاكرتي
فرتل الحلْمَ في آياتِ أوقاتي
وأسرج البحرَ موجاً شاهقاً ورؤىً
وأسدل الشمسَ في مشكاةِ آياتي
لأصطفي كلَّ أسراري وأفردَها
بوحاً على راحتيْ أمِ الإماراتِ
هي التي انتبهتْ للحلم حين رأتْ
نخلاً يرتِّب آلاءَ الحكاياتِ
كأنَّما أبصرتْ سرَّ الرؤى حلُمَا
في زايدٍ فاستوى في حلمها الآتي
قالت أنا امرأةٌ في كفِّها حملتْ
حلْمَ الإماراتِ في وسْعِ المجازاتِ
رسالتي أن أرى طفلاً بلا ألمٍ
وأن أرى امرأةً تسمو على الذاتِ
وأن أرى عالماً حلَّ السلامُ به
حمامُهُ طافَ في كلِّ الفضاءاتِ
قالت أرى في المدى فيما أرى شجراً
يفيض بالنور من فيض السماواتِ
هي التي قلبُها ضمَّ الجهاتِ ندىً
يرتلُ الحبَّ في أسمى الرسالاتِ
فيض الاماني وصفو الروح يا حلماً
أمّ المحبّةِ يا أمَّ الإماراتِ
د. محمد فتحي راشد الحريري، ولد في سوريا عام 1956 يقطن في الإمارات.
- باحث في شؤون اللغة والأسرة وعلم التربية.
- حصل على دكتوراه في الدراسات الإسلامية ـ قسم التفسير سنة 1999
- حصل على بكالوريوس الشريعة الإسلامية سنة 1984
- حصل عل دبلوم الصيدلة سنة 1977
- أستاذ وباحث في وزارة التربية والتعليم بدولة الامارات العربية المتحدة وأستاذ محاضر في جامعتي الشارقة وعجمان.
- له كتابات لغوية وبرامج تلفزيونية ومقالات ومقابلات في الصحافة المتخصصة والمجلات.
- من أبرز مؤلفاته:
ـ سياسة التربية والتأديب في الإسلام.
ـ كيف تكتسب محبة تلاميذك.
ـ سعد الدين الجباوي (سيرته وطريقته).
ـ أ. د. محمد الزحيلي (الأصولي الفقيه التربوي).
ـ الاسرائيليات في تفسير الزهراوَيْن.
ـ الطرق الصوفية في حوران وغيرها.