إعداد: نوره سعد الثبيتي
يشهد العالم تطوراً ملموساً في المجالات الاقتصادية والصحية والاجتماعية كافة؛ لذا تحرص الكثير من الدول على مواكبة هذا التطور والعمل على المساواة بين أفراد المجتمع وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بينهم، وتؤكد أن الأشخاص ذوي الإعاقة أفراد قادرون على مجابهة التحديات، والمساهمة في التنمية الشاملة للدولة؛ لذا يجب الاهتمام بهم والاستفادة من قدراتهم وتوفير الدعم بكافة التسهيلات والإمكانات التي تساعدهم على تحقيق الاستقلالية، والمشاركة في تقدم المجتمع.
وتعد قضية توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة من أهم القضايا التي يجب الاهتمام بها نظراً لانتشار معدلات البطالة بينهم؛ بالرغم من توفير كافة أشكال الدعم والتوجهات الحديثة التي تلبي متطلبات سوق العمل. لذا سيتم التركيز في هذا المقال على أهمية توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة، وأبرز التحديات التي تواجه توظيفهم، وتقديم بعض الحلول التي تساعد في التغلب على هذه التحديات.
يعتبر توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة الهدف الأسمى والناتج النهائي لأي برنامج مهني من أجل مساهمة الشخص ذي الإعاقة في الحياة الاقتصادية التي تناسب قدراته؛ حيث أن الشخص ذي الإعاقة لا يتمكن من العيش باستقلالية اعتماداً على النفس من حيث الدخل والحياة المستقلة، إلا إذا تم تأهيله ووجد لنفسه مهنة تمكنه من العيش باستقلالية؛ لذا يسهم توفير فرص وظيفية للأشخاص ذوي الإعاقة تناسب قدراتهم في تحقيق طموحاتهم للحصول على مكان يليق بهم في المجتمع، وكسب مصدر دخل يضمن لهم العيش الكريم، ويقلل من نظرتهم السلبية نحو أنفسهم، ويعد وسيلة لتحقيق النمو النفسي والاجتماعي السليم، يكتسبون من خلاله القدرة على التكيف الاجتماعي وتكوين علاقات مع المحيط الخارجي (مغربي،2019).
وأشار حسنين (2020) إلى بعض التحديات التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة في مجال التوظيف والالتحاق بسوق العمل تتمثل في الإعاقة نفسها والتي تعتبر العقبة الأكثر إلحاحاً؛ حيث لا بد من مواجهتها والتغلب عليها، والقصور في المهارات الاجتماعية التي تؤثر على جودة العلاقات مع الزملاء في العمل وتهدد البقاء في الوظيفة.
ويعد عدم توفر وسائل نقل مناسبة عقبة رئيسية تحول دون حصول الأشخاص ذوي الإعاقة على الفرص الوظيفية المناسبة لاحتياجاتهم، كما يعد التحيز في المجتمع والمواقف السلبية تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة من أبرز التحديات التي تسهم في ارتفاع معدلات البطالة بينهم، ويمثل الافتقار إلى مستوى عالٍ من المؤهلات التعليمية عائقاً يقف أمام الحصول على وظائف مناسبة، كما يعتبر عدم وجود حوافز مادية تساعد في تشجيع الأشخاص ذوي الإعاقة على الذهاب إلى وظائفهم من التحديات التي تواجههم؛ لذا يجب البحث عن الاستراتيجيات الفعالة التي تضمن لهم اكتساب المهارات المهنية واكتشاف المهن التي تلبي احتياجاتهم، وتحقيق أفضل نتائج وظيفية في عالم العمل سريع التغير.
لا بد من الاهتمام بقضية توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة والتدخل المبكر الذي يضمن لهم الشعور بالرضا عن ذواتهم وتحقيق التوافق النفسي، من خلال تفعيل دور الإرشاد المهني الذي يحرص على تقديم المساعدة للأشخاص ذوي الإعاقة في اتخاذ القرارات المهنية التي تُلائم استعداداتهم واهتماماتهم وتناسب ميولهم؛ حيث يعتبر الإرشاد المهني حلقة وصل بين سوق العمل والأشخاص ذوي الإعاقة أنفسهم، والحرص على توفير قائمة بالمهن المتاحة وتدريب الأشخاص ذوي الإعاقة عليها بشكل كافٍ يضمن لهم مواكبة متطلبات سوق العمل والانخراط فيه من أجل تأمين مستقبلهم والعيش بشكل مستقل يضمن لهم مواجهة ظروف الحياة الصعبة ويمكنهم من التغلب على التحديات.
في ضوء ما سبق ذكر حنفي (2020) مجموعة من الحلول التي تسهم في مواجهة الأشخاص ذوي الإعاقة للتحديات المصاحبة لتوظيفهم وتتمثل في:
التعاون الفعال بين أصحاب العمل والمؤسسات ومراكز التدريب للتخطيط السليم لمستقبلهم في ضوء اهتماماتهم، وتقديم برامج مهنية ملائمة لاحتياجاتهم، وتكثيف البرامج الإرشادية المهنية التي توجههم لاكتشاف معلومات أكثر تفضيلاً عن المهن التي تتوافق مع متطلبات سوق العمل، ورفع الوعي لدى المجتمع والأسرة لتبني توقعات إيجابية نحو الأشخاص ذوي الإعاقة وقدرتهم على العطاء واعتبارهم قوى إنتاجية رائدة، ومساعدتهم على التكيف مع بيئة العمل والحصول على الرضا عن وظائفهم، والحرص على توفير البيئة الآمنة وتهيئتها بشكل يسهل عليهم الأداء بشكل مريح، والتأكيد على القطاعات الوظيفية بضرورة تسهيل إجراءات التقديم على الوظائف والمرونة في ذلك.
من خلال ما تم ذكره نجد أن الاهتمام بتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة أمرٌ بالغ الأهمية؛ لذا يجب توعية أفراد المجتمع بضرورة تكثيف الجهود وتوفير الدعم اللازم الذي يضمن حصولهم على وظائف تسهم في التنمية الشاملة للدولة، ومحاربة جميع التحديات التي تواجههم وتسخير كافة الإمكانات للارتقاء بهذه الفئة الغالية على قلوبنا وتفعيل دورهم في المجتمع كأعضاء فاعلين وقوى منتجة، والقضاء على كل لحظة يأس وخيبة تشعرهم بعدم قدرتهم على تحقيق طموحهم والاعتماد على أنفسهم.
المراجع
- حسنين، هالة (2020). العوامل المؤثرة في توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة وعلاقتها ببعض المتغيرات كما يدركها المختصون، المجلة التربوية، جامعة سوهاج ،1(82).
- حنفي، علي عبد النبي (2020). توظيف ذوي الإعاقة: التحديات واستراتيجيات الانتقال من المدرسة إلى العمل، مجلة البحوث التربوية والنوعية (JEQR)، (1).
- مغربي، مكي محمد (2019). التمكين الوظيفي للمعاقين فكرياً وعلاقته بالوعي بأهمية الدمج في تحقيق رؤية المملكة 2030 من وجهة نظر المعلمين، مجلة الآداب للدراسات النفسية والتربوية (1)
- طالبة دراسات عليا في جامعة الطائف
- 8 سنوات خبرة كمعلمة تربية خاصة (مسار إعاقة ذهنية)