يقول رب العزة سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز: (ءآباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعاً) (النساء ـ 11)، ونحن نرى جميعا كثيرا من الأمهات ممن يفرطن في تدليل أطفالهن، ولكن الأخصائيين يؤكدون على أنه يجب كل أم ألا تفرط في إظهار حبها لطفلها أو تدليله، حيث أن الإفراط في التدليل شأنه شأن الحرمان منه نهائيا إذ أن كلاهما ضار، ذلك لأن أهم نتائج الإفراط في التدليل لهو أمر قد يعطل نمو الطفل، لأن التدليل يقلل فرصته في الاستقلال بنفسه وبمعنى آخر هو يعوق نمو الذات المستقلة والمنفصلة عن الآخرين، كما أن التدليل يشعره بأنه عاجز عن إشباع حاجاته الأساسية والضرورية خاصة عندما يقارن نفسه بالآخرين الذين هم في مثل سنه وظروفه، أو حين يخرج إلى الحياة الاجتماعية التي لا تغفر له أبداً عدم اعتماده على نفسه.
إفراط التدليل يجعل الطفل انانيا
كما يؤكد الخبراء أن الإفراط في حب الطفل يولد لديه الأنانية وحب الذات، ويجعله يتصور أنه مركز الحياة ومحور الكون وعندما يصبح رجلا ولا يجد نفس الحب والاهتمام الذي تعود عليه ممن هم حوله، فإنه يشعر بأن الدنيا لا تقدر علي استيعابه وسرعان ما يتغير شعوره نحو العالم، فهو إما أن يصبح عدوانيا أو أن ينسحب وينعزل عن طوائف المجتمع، وبذلك يكون الإفراط في الحب سببا في اختلال تكيفه مع الآخرين.
أما فيما يتعلق بالحرمان من الحب، فقد أكد الخبراء ايضا على أن انعدام الحب بين الطفل وأمه وأبيه، يسبب مشاكل نفسية أو اجتماعية أيضاً، إذ أن الحرمان يرتبط ارتباطا وثيقا بزيادة أعراض القلق التي تظهر في شكل اضطرابات النوم وفي زيادة الخوف وفقدان الشهية للطعام، وضعف الثقة بالنفس والشعور بالكآبة، ومن خلال ذلك يتضح أن انعدام التدليل للطفل يسبب مشاكل تتساوى فى طبيعتها مع مشاكل الإفراط فى التدليل ذاتها.
التدليل يفسد أكثر ما يصلح
دراسة أخرى أكدت على أن التدليل الزائد مفسدة لمستقبل الطفل، والطفل الوحيد غالبا ما يكون مدللا وأنانيا ويجب السيطرة على كل من حوله، كما أن تدليل الأسرة للطفل يفسده أكثر مما يصلحه، وذلك لأن تدليل الأطفال يقضي تماما على فرصة تكون الإرادة فيهم وليس معنى ذلك أن تكون الشدة هي الضمان الأمثل لنشأة هؤلاء الأطفال نشأة سليمة لأن خير الأمور أوسطها كما قال رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقد أكد خبراء التربية على أن التميز في معاملة الأبناء يخلق ويربي مشاعر الكراهية والحقد فيما بينهم، ثم يصاب أولئك الأطفال المهملون بالأمراض النفسية.
ولذلك فقد حذر رجال التربية الأسرة أيضاً من العاطفة الفياضة التي تجعل الطفل عاجزا عن الارتباط بأقرانه، حيث أنه يشعر بتشبع شديد من عاطفة الأسرة فلا يميل إلى الآخرين، وذلك ينمي داخله الوحدة والانطواء، كما أن الطفل المدلل هو طفل قلق بطبعه يستعجل الأمور، ويحكم على المواقف بسرعة دون تفهم وعلى مستوى شخصي وليس المستوى الموضوعي المطلوب.
الاهتمام بطفل فقط يزرع الحقد
إن اهتمام الأسرة بطفل دون آخر من شأنه زراعة الغيرة والحقد في نفس الطفل المهمل وإهانة كبريائه، ومن ثم تتحول طباعه بحيث تتسم بالشذوذ والغرابة والميل إلى الانتقام من أفراد المجتمع المحيط به، فقد تسيطر على الطفل المدلل الأنانية وحب السيطرة على إخوته والعنف في تصرفاته معهم لإحساسه بالتميز عنهم، والطفل المدلل لا يستطيع الاعتماد على نفسه أو مواجهة متاعب ومصاعب الحياة إلى أن يصبح معدوم الشخصية.
ولذلك ينصح علماء النفس والتربية الأمهات والاَباء بضرورة الاعتدال في تربية الطفل وعدم المبالغة في الحماية والتدليل أو الإهمال على حد سواء، فحينما نمنع بعض الحاجيات عن الطفل فليس ذلك معناه حرمانه، بل المقصود تنشئته تنشئة صحيحة حتى يخرج الطفل للمجتمع قادرا على مجابهة الحياة، فليس كل شيء ميسرا له وليست كل الرغبات متاحة له، ويجب على الآباء والأمهات العمل على غمس الطفل في أنشطة رياضية أو ذهنية تعمل على استغلال طاقته والبعد التام عن تفضيل أحد الأخوين على الآخر، أو الإسراف في التدليل والاهتمام بأحدهما على حساب الآخر.
المنح والمنع والشدة واللين
إن محاولة إرضاء الطفل وتلبية طلباته على الفور قد يسعد الطفل ويسعد الأم في الوقت نفسه حينما تراه راضيا ضاحكا، ولكن هذه السعادة لن تدوم حينما تتعارض رغباته فيما بعد مع الممنوعات مثل السهر لأوقات متأخرة من الليل، إذ أن الأسلوب السليم تجاه تربية هذا الطفل يدور حول أسلوب المنح والمنع والشدة واللين، وعلى الأسرة أن تختار متى تمنح ومتى تمنع، كما يجب معاملة الطفل معاملة عادية جداً حتى لا ينشأ شديد الرفاهية لا يستطيع الحياة مع سلبيات المجتمع التي قد يشعر بها لاحقا.
حيث أن التدليل المبالغ فيه وإن كان مدفوعا بالحب والعواطف الطيبة، إلا أنه في الكثير من الأحيان ما ينقلب إلى عكس الأمر المطلوب، ذلك لأن أساس التربية السليمة هي العدل والمساواة، إذ أن التفرقة في التربية يخلق عداوة وكراهية بين الأبناء، وفي حالة عدم خروج أطفالنا من دائرة التدليل الزائد عن الحد سيكون المستقبل مزعجا لهم وللأسرة وللمجتمع على حد سواء.
الحذر من العواطف الجياشة
يحذر رجال التربية الأسرة من العواطف الجياشة التي تجعل الطفل عاجزا عن الارتباط بأقرانه، حيث أنه يشعر بتشبع شديد من عاطفة الأسرة، فهو بذلك لا يميل إلى الآخرين كما أن ذلك ينمي في داخله الوحدة والإنطواء، كما تسيطر أيضاً على الطفل المدلل الأنانية وحب السيطرة على إخوته والعنف في تصرفاته معهم لإحساسه بالتميز عنهم، فضلا عن أنه لا يستطيع الاعتماد على نفسه أو مواجهة متاعب الحياة ومصاعبها التى ستواجهه مستقبلا كما سبق وذكرنا آنفاً.
فنجد أن الطفل عندما يطلب شراء لعبة أو جهاز ما بإلحاح شديد، وفي حالة رفض الأسرة تنفيذ طلبه، فقد تراه يسرع إلى البكاء علي اعتبار أن البكاء سلاح مؤثر علي الأب أو الأم، ومن ثم تبادر الأسرة على الفور إلى تلبية طلبه، ولكن الأطباء والاختصاصيين النفسيين المتعاملين مع الأطفال قد أكدوا جميعا أن الكثير من الإزعاج أفضل من القليل من الدلال، فهم يرون أن مسألة التدليل سهلة وبسيطة لكن عواقبها وخيمة للغاية ليس على الطفل فقط بل على كل المحيطين به، وأولهما الأب والأم.
ولذلك ينصح التربويين أن يعتدل الأهل في تربية طفلهم، وأن لا يبالغوا في حمايته وتدليله أو إهماله كذلك على حد سواء، وعليهم أن يعوا أنهم عندما يمنعون عنه بعض حاجياته، حتى يخرج الطفل للمجتمع قادرا على مواجهة الحياة، فليس كل شيء ميسرا وليست كل الرغبات متاحة، وإن محاولة إرضائه وتلبية طلباته على الفور فإن ذلك قد يسعده ويسعد الأم في الوقت نفسه، لكن تلك السعادة لن تدوم حينما تتعارض رغباته لاحقا مع الممنوعات، إذ أن التدليل المبالغ فيه وإن كان مدفوعا بالحب والعواطف الطيبة، إلا أنه دوما ما ينقلب إلى عكس المطلوب.
الطفل الوحيد المدلل ديكتاتور
هناك دراسة حديثة أكدت أن الإفراط في تدليل الطفل ينطوي على مخاطر كثيرة، وهي ربما تكون أشد خطورة من ضربه، خاصة إن كان الطفل وحيدا، وأشارت الدراسة نفسها إلى أن الطفل الوحيد غالبا ما يكون أنانيا، فهو يستمتع بالسيطرة على كل من حوله إلى درجة يصبح فيها ديكتاتورا فيما بعد ذلك، إضافة الي أن التدليل الزائد يجعل من طفلك شخصية عنيفة تجعله يستعجل الأمور، ولا يتعلم الصبر على متطلباته.
تعليمه تحمل المسؤولية
وهناك أمور لابد من تعليم الطفل الالتزام بها، فعلى سبيل المثال من الممكن تعليمهم كيفية الالتزام بالمواعيد سواء مواعيد المدرسة المبكرة أو الالتزام بآداب الحديث مع الكبار، مع تعليم الطفل كيفية تحمل مسؤولية نفسه مثل تعلمه كيفية ارتداء الملابس أو خلعها، أو كيفية ترتيب غرفته بعد الاستيقاظ من النوم، وإعادة ألعابه إلى مكانها الأصلي بعد الانتهاء من اللعب، حيث أن كل هذه الأمور تساعد الطفل على النضوج الشخصي وتحمل مصاعب الحياة، ولابد أن يتعلم الطفل أن هناك أمور يرفضها والداه، فليس كل ما يطلبه يجده.
وعند رفض طلب الطفل لابد أن يكون الحزم ممزوجاً بالحنان، وعلي الأم الا تعود نفسها اختيار كل شيء لطفلها، لكن لابد من أن تأخذ رأيه فى اختيار الأشياء التي تخصه، فعلى سبيل المثال يجب أخذ رأيه فى اختيار لون وشكل ملابسه التي سيقوم هو بلبسها، أو اختيار الطعام الذي يحبه، لأن ذلك يعمل على تنمية إرادته ويعلمه الثقة بالنفس ويساعد في بناء وتكوين شخصيته.
خلاصة القول
إننا نجد أن تلبية كل رغبات الطفل تؤدي به ألا يجتهد فى الوصول إلى رغباته، وبالتالي فلن تكون له شخصية طموحه ومثابرة فى حياته، مما يخلق منه بالتالي شخصا فاشلا في دراسته العلمية، ومستقبليا سيكون فاشلا فى عمله لأنه تعود على الحصول على كل شيء بدون أي متاعب، لذلك عندما يكبر ولم يأخذ كل متطلباته التي أحيانا لا يستطيع الآباء تلبيتها لأسباب متعددة، فقد يلجأ الطفل إلى سلوكيات غير حميدة فى الوصول إلى رغباته، كأن يلجأ إلى اختلاق مشاكل كبيرة من أجل الوصول إلى رغباته، أو قد يلجأ بعض الأطفال أحيانا إلى السرقة للحصول على متطباتهم، وهي أمور لا تحمد عقباها ولا يمكن توقع نتائجها.
المصادر
http://www.zanobya.com/3aila/adrar-tadleel-alatfal/
http://www.iicwc.org/lagna/iicwc/iicwc.php?id=85
http://www.hayah.cc/forum/t118359.html
http://www.albayan.ae/science-today/last-stop/2013-04-14-1.1861575
http://forums.iwaaan.com/t77442.html
الاسم:
رضا ابراهيم محمود عبد الرازق
السن:
40 سنة
الاسم:
رضا ابراهيم محمود عبد الرازق
السن:
40 سنة
الجنسية
:
مصري
الهواية:
قراءة المجلات ـ الرسم ـ الكتابة ـ المراسلة.
الوظيفة الحالية:
مشرف عمليات بترسانة السويس البحرية (هيئة قناة السويس),.
المجلات التى ينشر لي فيها:
مجلة جند عمان (سلطنة عمان),
مجلة الجندي (دبي، الإمارات العربية المتحدة),
مجلة الحرس الوطني (المملكة العربية السعودية),
مجلة المسلح (ليبيا),
مجلة (درع الوطن), الإمارات العربية المتحدة
مجلة العين الساهرة (الإمارات العربية المتحدة),.