المقهى
في المقهى ضجّة ٌ تُريحُ العصب، ثرثراتُ إلى الماوراء. يُعادُ فيها الميتون الغائبون، والصورُ الآفلة. حكاياتُ وجع تصدرُ من هنا وهناك. أورامٌ تنفجرُ وتسيلُ. سوائلُها مُرّة ٌ، حلوة ٌ، مجّة ٌ. وربّما مثلُ الشيرة، تفلتُ من شقٍّ في الثمرة. من تينة أو حبّة عنب. أو شفلح. لكنّها لا تجرحُ ولا تُصيبُ أحداً بالغثيان. هي اللهبُ ترميه حناجرُنا وقتَ يُحاصرنا الغضبُ. الثرثراتُ شرّ ٌ لا بدّ منه شرطَ ألّا يُؤذي أحداً.
المكتبة
ليس في المكتبة سوى الضجيج ِ. صُراخُ المراهق والمراهقة. وحوار ِعجوزين عراهما الصممُ. وفي الممرّ المكتظّ برفوف الكتب، طفلٌ يُحرّكُ أطرافه داخل العربة. ويعلو بُكاؤه، شيءٌ يُضايقه، أو يوخزه، يحرقُ بين فخذيه. والاُمُّ لا تأبهُ به، فقد عوّدته على البكاء. ولطالما بكى ثمّ لاذ بالهدوء. إنه ليس عثرة ً تُعرقلُ هواياتها. لقد كرّست نفسها لخدمته. هي موظفة ٌ في المصرف، مُجازة ٌ، ولكلّ اُمّ هنا حقٌّ لترعى طفلها. هي أميرتُه، وهو أميرُها.
عكازة الخيال
هي في مدينة على تخوم الصعاب.. تبدو للناظرخاويةً على عروشها.. شجيراتٌ من الدفلى تلعق من العطش مرارتها.. وجوهٌ حائرة تغادرها الإبتسامة.. ربيعٌ طويل يجهض الشتاء المباغت أفراحه.. حمامةٌ منكفئةٌ على عُشّها، قبالتها قُبّرةٌ خرساء تستعير هديلها.. دُمية طفلةٍ غمرتها نزيف أمٍّ ثكلى.. أرتال من العُراة الغزاة يبولونَ على مواقد ُمضيّفيهم.. مسافرٌ تائهٌ يَتسوّل علامةً للطريق.. أفواهٌ نَسيَتْ من هول الحُتوف ألفباء ضحكتها، وبات للحجرِ نطقٌ وألف عيون.. في الحلم يزورنا العقل مُتنكّراً على عكازة الخيال.. عنينٌ يروي مروجَ رغباته بكركرات أحفاده الوهميين.. ضريرٌ يهشُ بعصاه جمعاً من الأبصار كقطيع التنين.. الغربة تختارنا نحو الضياع.. وذوات الأحمال يضحكن على أقدارهّن بجنون.. أمَةٌ تَلد ضَيمها.. بومةٌ طارئةٌ تسكن ناصية دار وليدها.. أذّن مُؤذنٌ أيها المَسكون بالغفلة، إنها أمّك، وحيّ معي على مخاض الأمهات..
السكون
ما بالُ الكلماتِ لا تُطاوعُ شفتيّ؟ ماذا جرى للساني، وعُبِّئت حُنجرتي بالصّمت؛ لمَ هذا السكونُ الموجعُ؟ أسئلة ٌ بلهاءُ لا جواباتِ لها. لكنّ حواراً جميلاً يدورُ في الذهن. بين مَنْ ومَنْ؟ فذا سؤالٌ عقيم بلا جدوى. سأهدأ واستكينُ. نظري وحدَه يتكلمُ، يتتبعُ خطا هذا وذاك. وحين يختفي أحدٌ يستقبلُ آخر. فلا بدّ للعَينِ أنْ تنشغلَ. وإلّا عَراها الذبولُ. فلمَ تكونُ لنا عيونٌ، أليسَ للنظر والبحلقة ونبشِ السير؟؟
هي
وحيدة ٌ، عصا وقبعة ٌ. قميص وسروال مخطط. ووجهٌ تتسكعُ عليه السنون، تاركةً فيه أحافيرها. تجيءُ وتروحُ، تحدّقُ فيّ كأني بها تعرفني وأعرفها. وكرسيُها خلفها، لمّا يزلْ يحفظُ دفأها، رائحة َ ثوبها. وحين تُغادرُ تكونُ وحدَها، والعصا هُداها. ويبقى هو، الكرسيُ، وحدَه. وليس لديه صديقٌ سوى الملل، والإنتظارِ. وثمة َ تتبّعُ خطاها. في السوق، في مجاهل ذاتها، في سرابيل أحلامها. ولا تدري أين يسوقُ بها تجوالُها. وحدَها تُغنّي، تستنطقُ هاجسَها، ويمضي بها الصمتُ، إلى أينَ؛ لكنها الآنَ حُطامٌ، تتقوّتُ فتات الذاكرة….
هي لا نظيرَ لها بين لذاتها. معشرُها طيّبٌ، لها بسمة ٌ نرجسة ٌ تأتلقُ، معاييرُها لا تتبدّلُ بمرّ الزمن. دوماً، تتأبطُ كتاباً أو يتأبطُها. وحين تخلو إلى نفسها في جولاتها المتفرقة، تُضيّفها مصطبة ٌ. يرحلُ بعينيها سطرٌ وسطرٌ. وعبرصفحة وصفحة تتتإلى الحكاياتُ والصورُ. هي لا تُحسّ بالملل. ولا تباغتها الكآبة ُ مثل قريناتها.
مرايا لفضاء المقهى
يُضيّفني المقهى، وأرنو إلى السابلة.. الخدودُ بدورٌ مرصّعة ٌ بالبراءة وبرائحة النُبل، بعبق الاُلفة والهيل. مُضبّبة ٌ الطُرقاتُ والمتاهات وأهات صدري. تَحطّ رواحلنا جوارَ القلب. وسطَ القَرّ والقفر، على أهداب الترقّب، على حواشي الموسيقى. على النغم يَطرقُ باباً.. وصَبي؛ أنا سيدُ الزمن، أنفاسُه المتسارعة فيكم. عشبة ٌ أغتسلُ بماء الزوبعة. فرحي المُفاجىء جاء بغتةً، كالفراشة تختالُ في سنا ألوانها. تدور بين البسمة والوجوم الناعس. أعنّي يا حجرَ لدهشة على التأمل لاُميّز بين التَوق والشوق. فأينَ سترسو بضاعةُ روعي؟ هناكَ شتاتٌ ومنفى. هنا عباءةُ الغيم. فوق يوافيخنا. تعصر فيها السأمَ الملول. كنتُ أسهرُ الليل، اُطاردُ كوابيسه المُدججة بالعناد. والآن أسلست زمامي لهواجسي. أدوّنُ فوق الورقة صدى ذهولي، وانتظرمَنْ أقرأ له بعض َجنوني.. وفجأةً صَحوتَ على صياح كائنات بُزوغ فجر ٍجديد .
حمّالة الحَطب
وجهٌ بارقٌ مثل وميض النجمة، تسوق أشواق سفائنها إلى الأفق الأبعد ليس لعشقها حدود، إمرأة ليست حمّالة الحطب، حمّالة الخير والخصب، لكن بيدها حبلٌ من المودّة ومّسد الألفة تجرّ قاربها نحو بحر الغرام.. كانت قبل قليل تُصارع البحر فَرَمت شباكها في الماء، واقنصت أسماكاً، وسراطين وبضعة محار.. أنها مجتهدةَ حصدت محصولها ومضت، ويمّمت نحو سوق الرزق، الكيس ثقيل، لكنها لن تتضعضع، فرشت بضاعتها وأتى الشارون عليها حتى آخر محارة، إنها امرأة حمّالة الكد والرزق.. عادت إلى أطفالها، وابتاعت خبزاً وخضاراً وحليباً وشوكولاتة وقهوة.. كلّ يوم تمضي ساعات وسط البحروالزنبقة كالبوصلة تميل بي الجهات ميلا. وتهرسني رحوات التيه حين يفقدني زماني.. النمل المتوحش يعسكر في روعي.. ويباغت وحدتي، سلامٌ على زهرة الجاردينيا تتلألأ جنب وسادتي وتمنحني نسغ أحلامها الزنبقية، هي وسادتي تحتها مدن وأزمنة ومحطات. كم هي القاطرات قذفتني من رصيف إلى رصيف .. كم هي الزوابع مزقت سقف أسراري.
- أديب وشاعر وفنان تشكيلي مواليد كركوك – العراق.
- بكالوريوس جامعة بغداد كلية القانون والسياسة.
- بكالوريوس وماجستير في الصحافة والاعلام، الأكاديمية العربية، الدنمارك.
- له مشاركات عديدة في الدورات والمهرجانات والفعاليات الفنية والثقافية في مجال الفن التشكيلي والاعلامي في السويد.
- لديه شهادات تقديرية من جهات عديدة.
- له العديد من الكتابات المنشورة في الصحف العراقية والعربية والكردية المطبوعة والإلكترونية.
- عضو إتحاد الكتاب والأدباء السويديين.
- عضو إتحاد الأدباء السويديين للأجانب.
- عضو جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين في السويد.
- عضو إتحاد الكتاب والصحفيين في المهجر.
- عضو نقابة الصحفيين في أربيل.
- عضو نقابة المحامين العراقيين.
- عضو نقابة المحامين في أربيل..
- عضو الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب.
- حائز على تكريم الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب للمبدعين والمترجمين الذين آثروا العقل العربي بالعلم والإبداع (2008),.
الآثار المطبوعة:
- خطوات لمنفى الروح مجموعة شعرية منشورة في السويد (2001), مطبوعات مؤسسة دراسات كردستانية في اوبسالا.
- رفات تناجي ملائكة السلام مجموعة شعرية منشورة في السويد (2002), مطبوعات مؤسسة دراسات كردستانية في اوبسالا.
- جولات في رحاب الأدب والفن والفكر . من منشورات ئاراس . الطبعة الاولى (2008),، أربيل اقليم كردستان.
- (حين في الغربة), ديوان شعر، الطبعة الأولى 2013، اصدارات اتحاد أدباء كركوك.
الكتب المعدة للطبع:
- مقالات في الفن والأدب، كتاب يضم مجموعة من المواضيع المنشورة في الصحف والمجلات والمواقع الأدبية والفنية.
- أصداء ثقافية . كتاب يضم المقالات والدراسات المنشورة حول الملاحظات النقدية والفنية المنشورة في الصحف والمواقع الخاصة بشوؤن الأدب والفن.
- سكنوا ليل روحي. نصوص أدبية (2014),.