ذكرت دراسة حديثة أن تعنيف الأطفال ومعاقبتهم بالضرب في سن مبكر يجعلهم أكثر عدوانية ويجعل سلوكاتهم سيئة. ووجد الباحثون الأمريكيون الذين أعدوا هذه الدراسة أن نمط أو نظام التنشئة والتهذيب الذي يتضمن الضرب يؤثر بشدة في الأطفال بغض النظر عن علاقة الآباء الجيدة بالطفل في كل الأوقات التي لا تتضمن العقاب.
تقول البروفيسورة شوانا لي المحاضرة في كلية الخدمة الاجتماعية في جامعة ميشيغان بالولايات المتحدة: (ثمة اعتقاد شائع مفاده أن الضرب الذي يرد ضمن علاقة إيجابية بين الطفل وأبويه لن يصيب الطفل بضرر، ولكننا في هذه الدراسة اكتشفنا بعد اختبار هذا المفهوم أن الضرب يؤدي إلى سلوك أسوأ، وليس أفضل للطفل بمرور الوقت، بغض النظر عن حنان ودفء الأمهات مع أطفالهن).
وذكرت البروفيسورة شوانا أنه وبالرغم من الدراسات والأبحاث العديدة التي تشير إلى زيادة عدوانية الطفل نتيجة للصفع والضرب لا يزال الآباء يستخدمون العقاب الجسماني لتهذيب الأطفال.
شارك في هذه الدراسة أكثر من 2003 أسرة أمريكية من أصول مختلفة، وتم جمع البيانات حينما كانت أعمار الأطفال: 1، 3، 5 سنوات.
وضمن مجريات الدراسة أفصحت الأمهات عن عدد المرات التي يضربن فيها أطفالهن، ثم رصدوا سلوك أطفالهن العدواني وحنانهن تجاه هؤلاء الأطفال. نشرت النتائج في مجلة ديفيلوبمينتال سايكولوجي (أو سايكولوجيا التنشئة).
وفي الوقت ذاته، كشفت دراسة أخرى أن الآباء والأمهات الذين يهددون أو يصرخون على أبنائهم المراهقين يجعلونهم أكثر أرجحية للإصابة بالاكتئاب وبسلوك مضطرب.
وأشارت الدراسة إلى وجود مهددات متزايدة للإصابة بالاكتئاب واكتساب سلوك سيئ وسط البالغين الذين يتسم أسلوب تنشئة آبائهم لهم بالخشونة والإنتهاكات اللفظية والجسدية، ونبهت إلى أن هذه المهددات والمخاطر تزداد عند المراهقين الذين يضربهم أباؤهم أو يهددونهم بسلاح ناري أو سكين.
وقالت الدكتورة أنيت ماهوني أستاذة علم النفس في جامعة بولينغ غرين في أوهايو والتي أشرفت على هذه الدراسة: (الخلاصة هي أن السلوكات اللفظية تؤثر، وقد يكون من السهل تجاهل ذلك، ولكن دراستنا تظهر أن التعنيف يلعب بالفعل دوراً، خاصة بالنسبة إلى الأمهات اللائي يصرخن ويضربن، والآباء الذين يأتون بواحد من هذه الأساليب).
وتقول الدكتورة ماهوني: إن السيطرة على المراهقين تصبح أصعب إذا كانوا يعانون مشكلات سلوكية وهذا يعني أن أرجحية لجوء آبائهم للتهديدات تصبح أكبر.
ولخدمة أغراض هذه الدراسة، التي نشرت في مجلة (انتهاك وإهمال الطفل) عبأ 239 مراهقاً مضطرباً تتراوح أعمارهم بين 11 و18 عاماً استبياناً وجهت لهم فيه أسئلة تتعلق بما إذا كانوا قد تعرضوا للضرب، أو الشتم، أو خضعوا لأنماط أخرى من العنف اللفظي أو الجسدي، وشارك في هذا الاستبيان آباء من المراهقين أنفسهم، حيث سجلوا سلوكاتهم، وذكر 51% من المراهقين أنهم اختبروا تعنيفاً جسمانياً أو لفظياً خطراً من واحد من الآباء أو من كليهما.
ووجد الباحثون أن الأبناء الذين لديهم أمهات يصرخن ويتسمن بالعنف إزاءهم أيضاً يتسببن في زيادة مخاطر إصابة الأطفال الذين يعانون من مشكلات عقلية أكثر من الأم التي تتصف بسلوك عنيف واحد. وقالوا إن هذا قد يكون نابعاً من شعور المراهقين بأنهم مهددون ويرزحون تحت وطأة ضغط نفسي كبير، حينما تكون فرص تعرضهم لعنف جسدي قوية وحقيقية.
وبالمقارنة، اكتشف الباحثون أن الصراخ من طرف أمهات – لم يسبق لهن تصعيده لعنف جسدي – لا يبدو أنه يزيد مخاطر التعرض لمشكلات نفسية وسط المراهقين. وبالمقابل، أظهرت النتائج أن تعنيف الآباء اللفظي أثر بالفعل في صحة المراهقين النفسية بغض النظر عما إذا كانت التهديدات مصحوبة بعنف جسدي.
قسم الخدمة الإجتماعية بمركز التدخل المبكر التابع لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية