انطلقت الشابكة (الإنترنت) بسرعة مذهلة فاقت توقعات كل من أبدعها وطورها، إلى درجةٍ تجاوز عدد مستخدميها مليار إنسان، وقد فاقت في ذلك سرعة انتشار أي لغة أو عقيدة أو مذهب، أو أي مدرسة ثقافية أو اجتماعية، بل لقد ذهبت في سرعة انتشارها درجة عجزت معها الضوابط الأخلاقية والدينية والإجتماعية والتشريعية عن مواكبتها، الأمر الذي يحمل في طياته العديد من المخاطر القريبة والبعيدة خاصة لدى شريحة الأطفال والناشئة التي تشكل أكثر شرائح المجتمع استخداماً لها، إذ أن 93% من هذه الشريحة (13-17 سنة) تستخدم الإنترنت بشكل متزايد، ولعدة ساعات في اليوم.
-
مخاطر لاتنتهي:
هناك الكثير من المخاطر التي يتعرض لها الأطفال من مستخدمي الشابكة (الإنترنت) منها:
- المعلومات المشوهة أو المغرضة لاسيما الاجتماعية والدينية والسياسية.
- التعرض لمواد إباحية لا أخلاقية.
- الترويج للجريمة والعنف والعنصرية والطائفية وغيرها من الأفكار التي تنبذها مجتمعاتنا.
- الترويج لثقافة الاستهلاك والترف.
- الوقوع ضحية عالم المخدرات والتجارة غير المشروعة بأنواعها المختلفة.
- سرقة المعلومات الشخصية والعائلية والمالية إن وجدت.
- الوقوع ضحية برامج فيروسية وتجسسية وغيرها، والتي قد تدمر الحاسوب وبياناته.
- التحرش الجنسي.
- التشهير والابتزاز.
- التنمرBullying .
- انتهاك الملكية الفكرية للمواد المتاحة في (الإنترنت).
- إدمان (الإنترنت).
- غيرها.
- وفي هذه العجالة، أشير إلى دراسات عالمية تفيد أن طفلاً من كل ثلاثة (13-17 سنة) قد تعرض للتحرش عبر الإنترنت، يزداد ذلك بين الفتيات (38%)، مقارنة بالأولاد (26%)، كما أن معظمهم قد وجد معلومات كاذبة ومغرضة لاسيما في المجالات الاجتماعية والدينية والسياسية وغيرها، هذا بالإضافة إلى مشاهدتهم صوراً وأفلاماٌ مبتذلة تخدش الحياء.
-
تساؤلات لابد منها:
- أين دراساتنا الميدانية عن واقع استخدام الأطفال للإنترنت، والمخاطر التي تواجههم؟ إنها حقاً محدودة، وتكاد تغيب في مجتمعاتنا.
- هل يتلقى أطفالنا توجيهاُ وتدريباً مناسبين حول الاستخدام الآمن والأمثل؟.
- هل يقوم إعلامنا المقروء والمسموع والمرئي بدوره المنشود في التوعية ونشر ثقافة الاستخدام الأمثل والآمن؟.
- أين دور الأسرة (الأب والأم خاصة)؟ في توجيه الطفل وحمايته ومتابعته؟
- ما هو دور المدرسة والمعلم بشكل خاص؟ لاسيما في التوجيه والتدريب والكشف المبكر عن المخاطر التي يتعرض لها أطفالنا أثناء استخدام (الإنترنت).
- أين جمعياتنا الأهلية الناشطة في هذا المجال؟.
- أين مجموعات وجمعيات الأهالي لتبادل الخبرات والدروس المستفادة؟.
- هل تقدم مؤسساتنا الدينية والثقافية برامجا علمية مدروسة لمواجهة هذه المخاطر التي لا تتوقف.
ينبغي التأكيد أن هذا كله يحتاج إلى متابعة دورية مستمرة، لتواكب في ذلك المستجدات التي لا تتوقف على الشابكة (الانترنت).
-
تفعيل استراتيجياتنا الوطنية:
إلى جانب هذه التساؤلات علينا أن نفعل استراتيجياتنا الوطنية لحماية الأطفال وتمكينهم من الاستخدام الآمن والأمثل للإنترنت، فهل تقوم لجاننا الوطنية بدورها المطلوب؟!، علماً أنها قد تشكلت في العديد من الدول العربية، فجاءت استجابة متأخرة لهذه الحاجة الماسة والمتصاعدة، ورغم أن هذه اللجان تضم في عضويتها مختصين في المعلوماتية والقضاء والتعليم والأسرة والمجتمع المدني وغيرها، لكنها تحتاج إلى المزيد من الدعم والتفعيل والمتابعة الجادة والمستمرة، فالعمل على وقاية الطفل من المعلومات والمواد التي تضر بمصلحته هو حق من حقوقه التي نصت عليها اتفاقية حقوق الطفل في المادة 17 منها.
-
ـ كلمة لابد منها:
إنها تساؤلات تأخرنا كثيراً في الإجابة عنها والتعامل معها، واكتفينا في كثير من الأحيان بالإنبهار بالجانب المشرق لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وثمارها المدهشة، وجهلنا أو تجاهلنا أن شبكة (الإنترنت) قد تصبح إذا لم نمكن أبناءنا بالمعرفة والتوجيه والمتابعة ساحة خصبة لتجارة الفساد والجريمة والمخدرات والإباحية وغيرها، إنها تحديات كبيرة لا نملك إلا مواجهتها والتصدي لها وحماية أطفالنا وشبابنا من الوقوع فريسة شباكها القاتلة.
طبيب بشري حائز على شهادة الماجستير في طب الأذن والأنف والحنجرة وجراحتها، والبورد السوري، بالإضافة إلى الدراسات العليا من جامعة برمنجهام في المملكة المتحدةBirmingham, UK، وهو من الناشطين في المجتمع المدني العربي والدولي، له إسهامات طبية وثقافية وإنسانية عديدة، إلى جانب الكتابة باللغتين العربية والإنجليزية.
له عدة إصدارات في مجال الإعاقة السمعية، والبصرية، كما نشر المئات من المقالات والأبحاث في الصحة، والإعاقة، والعمل الإنساني والحقوقي وجوانب ثقافية متعددة.
شارك في تأسيس وإدارة وعضوية (الهيئة الفلسطينية للمعوقين)، (الرابطة السورية للمعلوماتية الطبية)، (الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم)، اللجنة العلمية لنقابة أطباء دمشق، وهيئة تحرير (المجلة الطبية العربي)، ولجنة الإعاقة بولاية كارولينا الشمالية للسلامة العامة، قسم إدارة الطوارئ، وعضو جمعية نقص السمع في منطقة ويك، ولاية كارولينا الشمالية، وعضو لجنة العضوية في تحالف الأطباء الأمريكي، ومستشار مؤقت لمنظمة الصحة العالمية إقليم المتوسط في القاهرة للمؤتمر الإقليمي (أفضل الممارسات في خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للأشخاص المعوقين)، القاهرة، مصر (نوفمبر 2007)، كما شارك في كتاب (مواضيع الشيخوخة والإعاقة)، منظور عالمي، إصدار لجنة الأمم المتحدة غير الحكومية للشيخوخة، نيويورك 2009.
(http://www.ngocoa-ny.org/issues-of-ageing-and-disabi.html)
وقد حاز الدكتور غسان شحرور خلال مسيرته على:
- درع الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم، 2000.
- جائزة الإمارات العالمية التي يرعاها الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعمل الطبي الإنساني عام 2002.
- درع الأولمبياد الخاص، بمناسبة تشكيل الأولمبياد الخاص الإقليمي، 1993.
- براءات التقدير والشكر من منظمات الإعاقة والتأهيل في مصر، الإمارات، قطر، تونس، والكويت وغيرها.
- منظم ومدرب (مهارات التقديم المتطورة للعاملين الصحيين والأطباء)، رابطة المعلوماتية 2006.
- جائزة نجم الأمل العالمية، للإنجازات في مجال الإعاقة، مؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة اتفاقية أوتاوا، كارتاجنا، كولومبيا 32 ديسمبر / كانون الأول 2009.
- أختير ضمن رواد المعلوماتية الطبية في العالم وفق موسوعة (ليكسيكون) الدولية 2015،
Biographical Lexicon of Medical Informatics ،
http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4584086/