مفهوم الرضا:الرضا في اللغة هو ضد السخط أي الكراهية للشيء، والرضا بمعنى ارتضاه ربه له أهلا ورضى الله عنه أحبه وأقبل عليه. ﻭمثله: رضيت ﺍﻟﺸﻲﺀ، وارتضيته، ﻓﻬﻭ مرضي. (لسان العرب ﻤﺠﻠﺩ 14)، ص 323، أما في الإصطلاح فيصفه الغزالي بأنه ثمرة من ثمار الحب، وأن الحب يورث الرضا وهي رضا الله تعالى عن العبد يعني مزيد الثواب والوصول إلى مرتبة الرضوان التى هى أعلى من نعيم الجنة.
قال الله تعالى: (وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة فى جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم( (التوبة ـ 72). ورضا العبد عن الله تعالى يعنى التسليم لحكم الله وحكمته، ويكون التسليم للحكم بالامتثال والطاعة، وللحكمة بالشكر فى السراء والصبر في الضراء. قال الله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما( (النساء ـ 65).
ﻭﻗﻭﻟﻪ تعالى: (ﺭَﻀِﻲَ ﺍﻟﻠﱠﻪُ ﻋَﻨﻬُﻡْ ﻭَﺭَﻀُﻭﺍ ﻋَﻨﻪُ( (المائدة ـ 119)، (التوبة ـ 100)، (المجادلة ـ 22)، (البينة ـ 8)، وتأويله: ﺃﻥ ﺍﷲ تعالى رضي ﻋن ﺃﻓﻌـﺎﻟﻬﻡ، ورضوا ﻋﻨﻪ ما جاﺯﺍﻫﻡ به، ﻭﺃﺭﻀﺎﻩ: ﺃﻋﻁﺎﻩ ما يرﻀﻰ به، وترضاه: ﻁﻠﺏ رضاه، وهذا يعني ان الله سبحانه وتعالى يكافىء المؤمنين بالجنة كنتيجة لسعيهم في الدنيا استحقوا عليه رضاه.
ﻗﺎل الراغب الأصفهاني: (رضا ﺍﻟﻌﺒﺩ ﻋﻥ ﷲ ﺃﻥ ﻻ يكره ما يجزي به ﻗﻀﺎﺅﻩ، ﻭﺭﻀـﺎ ﺍﷲ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﺒﺩ ﻫﻭ ﺃﻥ يراه مؤتمراً لامره ومنتهياً ﻋﻥ نهيه) ﺍﻟﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﻓﻲ غريب القرآن، ﺹ 197.
وفي الحديث النبوي الشريف قال ابن مسعود رضي الله عنه: (إن الله عز وجل بقسطه وعدله جعل الفرح والمرح أي البهجة والسرور في الرضا واليقين وجعل الغم والخزن في السخط والشك).
أما الرضا في مصطلح علم النفس فهل تعريفات عديدة منها: هو الشعور النفسي بالقناعة والارتياح والسعادة لإشباع الحاجات والرغبات والتوقعات مع العمل نفسه وبيئة العمل، مع الثقة والولاء والانتماء للعمل ومع العوامل والمؤثرات البيئية الداخلية والخارجية ذات العلاقة، وأنه يمثل حصيلة مجموعة العوامل ذات الصلة بالعمل الوظيفي والتي تقاس أساساً بقبول الفرد ذلك العمل بارتياح ورضا نفس وفاعلة في الإنتاج نتيجة للشعورالوجداني الذي يمكن الفرد من القيام بعمله دون ملل أو ضيق. كما أنه شعور الفرد بالسعادة والإرتياح أثناء أدائه لعمله ويتحقق ذلك بالتوافق بين ما يتوقعه الفرد من عمله ومقدار ما يحصل عليه فعلا في هذا العملن وإن الرضا الوظيفي يتمثل في المكونات التي تدفع الفرد إلى العمل والإنتاج.
ونستخلص من هذه التعريفات أن الرضا الوظيفي هو عبارة عن مشاعر العاملين تجاه أعمالهم وأنه ينتج عن إدراكهم لما تقدمه الوظيفة لهم ولما ينبغي أن يحصلوا عليه من وظائفهم كما أنه محصلة للاتجاهات الخاصة نحو مختلف العناصر المتعلقة بالعمل المتمثلة بسياسة الإدارة في تنظيم العمل ونوعية الإشراف والعلاقة مع الرؤساء المباشرين والعلاقة بين العاملين والمرتب وفرص الترقية والتقدم في العمل ومزايا العمل في المنظمة الأمان في العمل ومسؤوليات العمل وإنجازه والمكان والاعتراف والتقدير.
ومما سبق ذكره يتضح أن الرضا الوظيفي يتعلق بالعنصر البشري هو اللبنة الأساسية التي تبنى عليها المؤسسات على اختلافها، وهو الذي يرسم الأهداف ويخطط للوصول إليها وينفذها، وبالتالي فإن الإنحراف بلا شك سوف يؤثر على المؤسسة مما يعيق تحقيقها للأهداف الموضوعة ويعطل مسيرتها.. وإذا كان من السهل على المؤسسة توفير الموارد المادية إلا انها قد تعجز أحياناً عن الحصول على الموارد البشرية الراغبة في العمل والإنتاج والحفاظ عليها واستغلال طاقتها الكامنة.
كما يعد العنصر البشري من العناصر المهمة التي تحيا بها أي مؤسسة وخاصة فيما إذا كانت مؤسسة خدمية في مختلف المجالات، كما يعد المحرّك الأساسي لجميع نشاطات المؤسسة ومصدر من مصادرها المهمة لتفاعله مع المتغيرات الداخلية والخارجية للمؤسسة، وذلك لما يمتلكه من ميزة تنافسية ناتجة عن الطاقة الكامنة التي تزخر بها دواخله، الأمر الذي يمكن معه القول أن قدرة المؤسسات على تحقيق أهدافها يتوقف إلى حد كبير على نجاح الإدارة في توفير القدر الكافي من الدافعية، وعلى هذه المؤسسات العمل على استنهاض هذه الطاقة وتأهيلها بواسطة نظام فعال للحوافز وتحسين البيئة الداخلية، أو ما يسمى بالمثيرات الإيجابية التي تعتبر كقوة يمكنها تحريك واستثارة الطاقات الكامنة، لتحقيق درجة عالية من رضا وولاء الأفراد العاملين وتضمن بذلك أداء راقياً.
ونرى أهمية الرضا الوظيفي في تنمية وتطوير أداء العاملين والارتقاء بسلوكياتهم فضلاً عن انعكاساته الإيجابية الأخرى، حيث أصبح الاهتمام بالرضا الوظيفي كأحد الموضوعات التي شغلت أذهان العلماء والمفكرين في مجال علم النفس والإدارة، وهذا الاهتمام يعود إلى أن معظم الأفراد يقضون جزءا كبيرا من حياتهم في شغل الوظائف فبالتالي من الأهمية بمكان بالنسبة لهؤلاء أن يبحثوا عن الرضا الوظيفي ودوره في حياتهم الشخصية والمهنية فضلا عن أن زيادة الرضا الوظيفي قد تؤدي إلى زيادة الإنتاجية مما يعود بالنفع للمؤسسات والعاملين. كما أن الرضا يسهم في ازدياد المشاعر الإنسانية الايجابية ويعتبر من أهم العوامل لتنمية الموارد البشرية وخصوصا وأن رضا الموظف يعزز لديه الولاء والانتماء والشعور بالمسؤولية كما يؤدي الرضا إلى الإبداع والعمل الخلاق والتجديد.
وأيضا يمكن القول بوجود ارتباط بين الحوافز والرضا الوظيفي على المستوى النظري فالحوافز تساعد على إيجاد الشعور النفسي بالقناعة والارتياح والسعادة لإشباعها الحاجات والرغبات والتوقعات مع محتوى العمل نفسه وبيئته والعمل على تنمية الثقة والولاء والانتماء للمنظمة وتحقيق التكيف مع العوامل والمؤثرات البيئية الداخلية والخارجية المحيطة بالعمل مما يؤدي إلى الرضا الوظيفي.
كما يعتبر الرضا الوظيفي للعاملين من أهم مؤشرات الصحة والعافية للمؤسسة ومدى فاعليتها على افتراض أن المؤسسة التي لا يشعر العاملون فيها بالرضا سيكون حظها قليل من النجاح مقارنة بالتي يشعر فيها العاملون بالرضا، مع ملاحظة أن الموظف الراضي عن عمله هو أكثر استعدادا للاستمرار بوظيفته وتحقيق أهداف المنظمة كما أنه يكون أكثر نشاطا وحماسا في العمل الذي يؤديه والبيئة المحيطة به.
ومن ناحية أخرى فإن عدم الرضا يسهم في التغيب عن العمل وكثرة حوادث العمل والتأخر عن، وترك العاملين المؤسسات التي يعملون بها، والانتقال إلى مؤسسات أخرى ويؤدي إلى تفاقم المشكلات العمالية وزيادة شكاوى العمال من أوضاع العمل وتوجيههم لإنشاء اتحادات عمالية للدفاع عن مصالحهم كما أنه يتولد عن عدم الرضا مناخ تنظيمي غير صحي في المؤسسة ما يؤدي إلى تأخر تطور وتقدم المؤسسة.
وقد ذكر المفكر النفسي (ليكرت): (أنه يصعب تحقيق مستوى إنتاج رفيع على مدى طويل من الزمن في ظل عدم الرضا)، كما أشار إلى أن (الجمع بين زيادة الإنتاج وعدم الرضا في آن واحد لا بد أن يؤدي إلى تسرب العناصر الرفيعة المستوى في المؤسسة إضافة إلى تدني مستوى منتجاتها وخدماتها ومن ثم فإن ثمة نوعا من الاتفاق بأن من أوضح الدلالات على تدني ظروف العمل في مؤسسة ما يتمثل في انخفاض مستوى الرضا لدى العاملين).
لذا نؤكد على أن معيار التفرقة بين المؤسسات الناجحة والمؤسسات الفاشلة يكمن في مدى تحكمها وتأطيرها الصحيح لأهم مورد تمتلكه وهو العنصر البشري الذي يعتبر الثروة النادرة التي تتسابق المؤسسات لتوفيرها كمّا وكيفا بالشكل الذي يزيد من فعاليتها، فهو وحده العنصر الذي يمتلك قدرات عالية على العطاء المتجدد ويحتوى طاقات كامنة، تستطيع المؤسسة استغلالها الاستغلال الأمثل وتوجيهها لتحقيق أداء مرتفع وهو الأمر الذي تسعى إليه كل المنظمة.
ورغبة الفرد في العمل تعكس بالضرورة كفاءة أدائه، هذه الرغبة وبدون أدنى شك تصبح إحدى المهمات الصعبة التي تواجه الإدارة في المنظمة وبالخصوص إدارة الأفراد والتي تنحصر في كيفية إثارة رغبة الفرد وتوجيه السلوك الناتج عنها في الاتجاه الذي يحقق الأداء المطلوب وبالتبعية أداء المنظمة.
كذلك بقاء المؤسسات في ظل بيئة تتميز بالمنافسة التامة وعدم الاستقرار مرهون بمدى تعزيز جانب الرضا الوظيفي لدى أفرادها والتأثير فيهم بالشكل الذي يؤدي إلى ولائهم ورضاهم ومن خلال إشباع حاجاتهم ورغباتهم، والتعامل معهم بما يضمن توجيه جهودهم لخدمة أهداف المنظمة.
ونستنتج مما ورد أنه لا مجال للشك بأن المؤسسات توجد لتحقيق الأهداف، وإذا غابت الأهداف عن المؤسسة تصبح بلا غاية، وبالتالي فإن أي مقياس لفعالية المؤسسة يجب أن يربط بين أدائها الفعلي والمعايير أو المستويات التي حددتها كأهداف لها، وبالمثل فإن المقياس الحقيقي الوحيد لفاعلية الفرد في وظيفته هو مستوى أدائه، وفي حالة غياب مقاييس واضحة للأداء تستخدم بعض المؤسسات بدائل للأداء، ويمثل الرضا الوظيفي أحد الخصائص التي تستخدمها المؤسسة عادة كبديل للأداء، والبحث عن تنمية العلاقات بين الأفراد العاملين والمؤسسة لضمان استمرار القوى العاملة، كما أنها تعمل على تنمية السلوك الإبداعي للعاملين والبحث عن الدافع لديهم لتكييف الجهد وتفعيل الأداء لتحقيق رضا وظيفي تام وتنمية مشاعر الإنتماء والسلوك لدى العاملين، كون الرضا الوظيفي العامل الأول والمؤدي إلى تحقيق الأمن النفسي والوظيفي، والذي ينعكس إيجاباً على الأداء في العمل من الناحية الكمية والنوعية، لذلك من الضروري الاهتمام بهذه الموارد والإستثمار في تنمية مهاراتها حتى تكون قادرة على تحقيق أهداف المؤسسة بفاعلية حتى تواكب التغيرات البيئية التي نواجهها.
وأخيراً، دعوة للمؤسسات للإهتمام بالرضا الوظيفي بإعتباره من أولويات أهداف المؤسسة لما له من آثار إيجابية على نجاح وتميز المؤسسة وعنصرها البشري ويؤدي ذلك إلى:
- استنفار كافة طاقات ومواهب العاملين بالمؤسسة لتقديم أفضل ما عندهم لتحقيق أهداف المؤسسة.
- المحافظة على الرصيد الاستثماري البشري والفني والخبرات للمؤسسة من التسرب أو الضياع.
- تعزيز قدرة المؤسسة على تحقيق أهدافها ومغالبة أي تحديات تواجهها.
- تحسن وتطور وتجويد مستوى الخدمات للمؤسسة.
- كسب رضا وولاء وانتماء العميل للخدمات المقدمة.
لذلك نجد أنه أحدث تطوراً،.. بل تحولاً ملحوظاً في نظم الإدارة الحديثة والمعاصرة حيث توزع اهتمامها بين تحقيق الرضا الوظيفي للعاملين بها مع الاهتمام بكسب رضا العميل، وأكدت التجربة العملية والدراسات أنه لا سبيل للوصول إلى رضا العميل إلا بكسب رضا العامل أولاً، وتحقيق المعادلة التالية:
الرضا الوظيفي = الاستقرار الوظيفي
+
الرضا الوظيفي = متعة العمل + استقرار المؤسسة + نجاح ونمو وتميز المؤسسة
- مسؤول التخطيط والمتابعة، والمشرف العام لبرنامج العلاج بالموسيقى ، والمشرف للفريق البحثي في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ، ورئيس رابطة التوعية البيئية في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية حتى الآن
- حاصلة على بكالوريوس من جامعة بيروت العربية ، وعلى العديد من الدبلومات المهنية والتخصصية العربية الدولية في مجالات التخطيط والجودة والتميز والتقييم والتدريب
- اختصاصي في التخطيط الاستراتيجي والاستشراف في المستقبل – LMG – جنيف ، سويسرا
- مدرب دولي معتمد من الأكاديمية البريطانية للموارد البشرية والمركز العالمي الكندي للتدريب وجامعة مانشستر وبوستن
- خبير الحوكمة والتطوير المؤسسي المتعمد من كلية الإدارة الدولية المتقدمة IMNC بهولندا
- مقيم ومحكم دولي معتمد من المؤسسة الأوربية للجودة EFQM، عضوة مقيمة ومحكم في العديد من الجوائز المحلية والعربية والدولية خبيرة في إعداد تقارير الاستدامة وفق المبادرة العالمية للتقارير – GRI
- مدقق رئيسي في الجودة الإدارية أيزو 9100 IRCA السجل الدولي للمدققين المعتمدين من معهد الجودة المعتمد بلندن – CQI
- أعددت مجموعة من البحوث و الدراسات منها ما حاز على جوائز وقدم في مؤتمرات
- كاتبة و لديها العديد من المقالات المنشورة في الصحف و المجلات وبعض الإصدارات
- قدمت ونفذت العديد من البرامج والمشاريع والمبادرات الهادفة والتطوعية والمستدامة لحينه
- حاصلة على العديد من الجوائز على المستوى المحلي والعربي منها : جائزة الشارقة للعمل التطوعي ، جائزة خليفة التربوية ، الموظف المتميز ، جائزة أفضل مقال في معرض الشارقة الدولي للكتاب
- حاصلة على العديد من شهادات الشكر والتقدير على التميز في الأداء والكفاءة.
- شاركت في تقديم العديد من البرامج التدريبية في مختلف المجالات الإدارية والجودة والتميز
- عضوة في العديد من الهيئات و المنظمات التربوية والتدريبية والجودة والتميز والتطوعية داخل وخارج الدولة