هل تسعى العولمة لجعل العالم أكثر تجانسا؟ أذا كان الأمر كذلك هل تتحمل هوليوود الوزر أيضا؟ لقد غدا الفلم الموسوم (سبايدرمان – 3) من أضخم الأفلام التي تم إنتاجها حتى الآن لما حققه من نجاحات باهرة الأمر الذي يجعل ما أذهب إليه هنا أمرا غريبا! غير أنني أظن من جانبي أن الإقتصاد العالمي عموما والعمل في المجال الترفيهي على وجه الخصوص لا يؤديان إلى تحويل العالم إلى سوق تجارية أمريكية.
إن قوى العولمة تعمد في الواقع إلى تشجيع التنوع الثقافي بدلاً من خلق قرية عالمية واحدة ومملة. غير أن نقاداً بارزين مثل توماس فريدمان Thomas Friedman لا يتفقون مع ذلك حيث أشار فريدمان في مقالة له بعنوان The Lexus and the Olive أن (للعولمة ثقافتها المهيمنة الخاصة بها مما يجعل منها عاملاً مجانساً فالعولمة من الناحية الثقافية تحمل في طياتها إلى حد كبير نشر الأمركة Americanization التي من مظاهرها مأكولات مثل Big Macs و iMacs وميكي ماوس على المستوى الدولي).
ورغم أن بعض المنتجات تحظى بالإهتمام والقبول على نطاق عالمي فإن من غير الصحيح أن تتعرض الثقافة المحلية لخطر الإندثار في ضوء هذه العملية. ويمكننا أن نلحظ مثل هذا الأمر في أكثر من مكان في العالم ابتداء من ألمانيا وفرنسا وانتهاء بالهند واليابان حيث يتم إنتاج أكثر من نصف الأفلام التي تعرضها دور السينما هناك وبلغات تلك البلدان رغم أن الناس في مختلف أرجاء العالم يحبون (الرجل العنكبوت) Spider Man أو (جاك سبارو) Jack Sparrow الذي أنتجته شركة ديزني.
وقد أظهر إستطلاع للرأي أجرته مؤسسة بيو Pew مؤخرا وجود (شهية قوية) للصادرات الثقافية الأمريكية. غير أن مواطني البلدان الأخرى في الوقت ذاته يحبون أبطالهم وأوغادهم وممثليهم ومخرجيهم وهم يودون رؤية القصص والنجوم والشؤون ذات الصلة بمجتمعاتهم بلغاتهم الوطنية. لهذا السبب شهدت السنوات الأخيرة تعاظم الإبداع من خارج هوليوود. وتجاوباً مع توجهات الناس الواضحة هذه من أرجاء مختلفة من العالم قامت العديد من أستديوهات هوليوود الكبرى بالتوسع في إنتاج أعمال ذات صلة بالإنتاج السينمائي باللغات المحلية ومنها الأستديو الخاص بنا الذي شرع في التعاون مع مخرجين وممثلين من الصين والهند والمكسيك وأسبانيا وروسيا لإنتاج أفلام لتلك الأسواق وأحيانا على نطاق عالمي.
وقد أفلحنا في إنتاج أفلام صينية مثل (النمر الرابض) Crouching Tiger و(التنين المختفي) Hidden Dragon و(صخب كونك فو) Kung Fu Hustle التي بلغت إيراداتها نحو ثلث مليار دولار. وشهد شهر تشرين الثاني / نوفمبر الماضي 2014 إنطلاق أول فلم هندي بعنوان (ساواريا) من إخراج سانجاي ليلا بهانسالي موجّه إلى السوق الهندية الضخمة.
ويمكن ملاحظة التوجه ذاته في مجال الإنتاج التلفزيوني فحين كنت أقيم في هولندا في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي كان الجميع يشاهدون عروضاً مثل The Dukes of Hazzard و Police woman و Peyton Place أما في الوقت الحاضر فقد بدأ الناس يهتمون بمسلسلات محلية مثل Grijpstra & de Gier Banahjer. وتبدو استديوهات هوليوود الكبرى مشغولة هذه الأيام بإنتاج عروض ذات صبغة دولية لأفلام أمريكية قديمة مثل The Nanny و Married with Children من خلال تكييف القصص لتتواءم مع ثقافة البلد الذي توجّه إليه تلك الأفلام والإستعانة بممثلين محليين موهوبين من تلك البلدان لأداء أدوار البطولة. وتعمل ستوديوهات سوني Sony Pictures من جانبها على إنتاج مسلسلات تلفزيونية أصيلة في بلدان مثل شيلي وألمانيا وأيطاليا وروسيا وأسبانيا.
وبدأنا نلاحظ أيضا حركة برامج تلفزيونية من أنحاء مختلفة من العالم إلى الولايات المتحدة رغم أنه تم منذ فترة طويلة إعادة إنتاج عروض إنكليزية في أمريكا مثل All in the Family. وفي الآونة الأخير أستقطب فلم (بيتي القبيح) Ugly Betty اهتماماً كبيراً من على شاشة ABC بعد أن تمت إعادة إنتاجه من نسخة روائية كولومبية بعنوان Yo Soy Betty, la fea.
تأسيساً على ذلك لا تبدو هناك علامات تدل على سعي هوليوود للهيمنة على العالم بل إنها علامات تدل على تأثير العالم على هوليوود إلى الحد الذي بدأ يترك تأثيره على عملها. إن من المنطقي أن نعمد إلى مزاوجة إنتاجنا وتسويقنا وخبرات التسويق التي تراكمت لدينا مع الشهية العالمية المتنامية للتسلية مع مراعاة التنوع الثقافي العالمي.
وإذا سلطنا الضوء على ما تشهده شاشات السينما والتلفاز من عروض سينمائية في أيامنا هذه تمتد في طيفها الثقافي من بنغالور إلى برشلونة فإن العولمة عندئذ لا تعني التجانس إنما التباين فبدلاً من صوت واحد هناك أصوات كثيرة وبدلاً من خيارات محدودة هناك خيارات متعددة وبدلاً من وجود عالم أمريكي واحد متجانس هناك طيف متلون من الثقافات المختلفة جميعها تتيح الفرصة لآلاف الأفلام السينمائية والتلفزيونية بالإزدهار.
إن شعوب العالم المختلفة تؤيد مثل هذا الإزدهار والتنوع الثقافي لأن هوليوود لم تعد بالنسبة إليهم حيزاً مكانياً في ولاية كارولاينا الجنوبية فحسب إنما أصبحت بمثابة رمز لثقافة ترفيهية بدأت تكتسب صفة التنوع مع احتفاظها بسماتها العالمية.
بقلم: مايكل لينتون رئيس شركة سوني للترفيه ومديرها التنفيذي
المصدر: http://yaleglobal.yale.edu/content/globalization-and-cultural-diversity
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.