عندما وضعت مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية استراتيجيتها ولخصت رؤيتها ورسالتها إنما كانت تنهل وتمتثل لأفكار وتوجيهات وممارسات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسم عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذي وجه ودعم ورعا قبل أكثر من خمسة وثلاثين عاماً انطلاقة هذا المشروع الحضاري الأول من نوعه في منطقة الخليج العربي فحباه باهتمامه وحرصه الشخصي ووضع لبنته الأولى وأطلقه رسمياً مساء يوم السبت 20 أكتوبر 1979.
وها هو صاحب السمو حاكم الشارقة الرئيس الفخري للمدينة الذي لم تكن رئاسته »نمطاً شكلياً ذا طابع تشريفي، بل إن توجيهات سموه ورعايته ومتابعته المستمرة كانت ولا تزال تتناول الأمور والقضايا الأساسية لتطوير خدمات وموارد المدينة وبرامجها المستقبلية« يؤكد في كل مناسبة على ثوابتها واستراتيجيتها وليرسم لها خطة للمستقبل قوامها: التوعية بالإعاقة والحد منها والتصدي لأسبابها، ونستذكر هنا باعتزاز ونحن نحضر للاحتفال باليوبيل الفضي لمخيم الأمل الخامس والعشرين بالشارقة كلمته الشاملة والمؤثرة التي خص بها أبناءه المشاركين والمتطوعين في مخيم الأمل العشرين بالشارقة الذي أقيم تحت شعار: »إنطلاقة بلا حدود« بمشاركة وفود من دول مجلس التعاون الخليجي ووفد من ليبيا وآخر من الاتحاد العربي الدولي لتنمية القدرات من خلال الترويح.
يقرر سموه في بداية كلمته أن هذه المدينة التي تأسست منذ ثلاثة عقود ونيف ليست لدولة أو منطقة بعينها بل هي انطلاقة عربية عالمية تقدم الخدمات للأشخاص من ذوي الإعاقة في أي مكان على هذه البسيطة، ويزين سموه صدور جميع العاملين في المدينة بأرفع وسام عندما يتوجه بكلمات الشكر والتقدير على هذا العمل النبيل إلى سعادة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي وجميع العاملين والعاملات في هذا المجال متمنياً لهم التوفيق في هذه المسيرة ومعلناً وقوفه إلى جانبهم لتقديم الخدمات لأعز الناس على قلوبنا؛.. الأشخاص من ذوي الإعاقة.
ويدعو سموه إلى تجاوز مشاعر الصدمة والذهول عند معرفة حدوث الإعاقة وضرورة التعامل معها بواقعية وايجابية خصوصاً وأن أصحابها لا ذنب لهم في وقوعها ولا جرم.
ويتوجه سموه برسائل محددة وواضحة لكل مكونات المجتمع ولكل فرد في الأسرة لتجنب وقوع المزيد من الإعاقات سواء تلك الناجمة عن الإصابات وحوادث السيارات أو الجهل وقلة الوعي أو العوامل الوراثية وزواج الأقارب، فيدعو الآباء إلى الرأفة بأبنائهم وعدم الانسياق وراء طلباتهم، ويطالب الأم أن ترأف بجنينها فلا تتناول الأدوية أثناء الحمل قبل استشارة الطبيب، ويدعو الشباب إلى إجراء الفحص الطبي قبل الزواج والتعامل مع نتائجه مهما كانت بدون حساسية تسيء إلى طرف من أطرافه، ويطالب بعض الأسر بالتوقف عن إنجاب المزيد من الأطفال مع تكرار حالات الإعاقة لأسباب وراثية، ويدعو سموه المؤسسات إلى القيام بواجبها في التوعية الصحيحة من خلال وسائل الإعلام أو اللقاءات أو عقد المؤتمرات وغيرها من الوسائل، ويدعو الشباب مجدداً إلى التعقل وتجنب القيام بالأعمال الطائشة التي قد تؤدي إلى إعاقات لا تنفع معها وسائل الإصلاح.
ومرة أخرى يطالب سموه الأسر بعدم التعامل مع الإعاقة على أنها عار ينبغي التستر عليه بل ابتلاء من الله سبحانه وتعالى ولطف منه، ويؤكد سموه على مقولة أن الأسرة هي البيئة الأمثل للطفل ذي الإعاقة وأن بمقدور الأمهات المشاركة في تدريبه ومواصلة هذا التدريب في البيت بما يعنيه ذلك من تخفيف للأعباء المتزايدة عن المدينة وغيرها من المؤسسات المتخصصة وفي الوقت ذاته تواصل عملية التدريب وانتظامها وارتفاع مردودها الايجابي على الطفل من ذوي الإعاقة.
ويعود سموه في ختام كلمته ليؤكد على ما جاء في بدايتها من أن مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية انطلاقة عربية عالمية فيبدي استعداده ومن خلالها للتواصل مع جميع المؤسسات التي تحتاج إلى أي شكل من أشكال الدعم المادي والإداري والثقافي والمعنوي ما دام في ذلك خير للأمة وخير للناس..
إنها إذن رؤيتنا ورسالتنا وخطة عملنا للحاضر والمستقبل أن نعمل بتوجيهات سموه وبما يمليه علينا واجبنا تجاه الإنسانية التي نحن جزء أساسي منها وأن لا نحيد عن هدفنا وهو:
التوعية بالإعاقة والحد منها والتصدي لأسبابها… والله الموفق.