أعزائي قراء (المنال).. يبدو أن عوامل النجاح والتميز التقليدية قد تغيرت وما زالت تتغير، فعلى سبيل المثال لم تعدّ الموارد الطبيعية والأرض والذهب والنفط هي العوامل الضرورية والعملة النادرة للنجاح. فالمعلومات والمعرفة والثورة الرقمية هي العوامل المسيطرة في الوقت الحاضر.
يقول بل جيتس، المدير التنفيذي للشركة العملاقة مايكروسوفت: (إن أهم الأصول أو الموجودات المتاحة لدينا تكمن حقيقة في الخيال البشري فهو أغلى ما نملك وأهم ما لدينا من موجودات). فمايكروسوفت تمتلك رأس مال يقدر بحوالي 500 مليار دولار ويُعتقد بأن أصول البنية التحتية لا تساوي 1% من ذلك الرقم.
لذا فإن تمكين العاملين يرتبط بمفهوم معاصر، وهو رأس المال البشري. فتقليدياً كان الحديث دائماً يدور حول رأس المال النقدي الذي كان يعدّ المحرك الحقيقي لتنمية المنظمات وتحقيق أهدافها. ومع الألفية الثالثة بدأ الحديث حول رأس المال البشري يتزايد بشكل واضح في أدبيات الإدارة ومن خلال مداولات المديرين والأكاديميين على حدٍ سواء.
ومن هذا المنطلق أردنا أن نبحر معاً في الحديث عن هذا الموضوع وسبر أغواره لما له من أهمية على البشرية ونجاحها.. وما جعلني أخوض في الحديث عنه هو إيماني بأهمية العنصر البشري من واقع تجربة وخبرات اكتسبتها.
إن تمكين رأس المال البشري ـ تأهيل وتطوير العنصر وتكوين صلاحيات الفرد في العمل ودفعه إلى الإبداع والابتكار وتحمل المسؤوليات واتخاذ القرارات ـ سيعود أثره الإيجابي على العنصر البشري والمؤسسة والمجتمع والبشرية عامة.. ومن خلال حبي لهذا المجال وإنخراطي فيه من باب تقديم الخبرة والمعرفة والمهارات التي اكتسبتها بالتدريب، وسعيت لتنميتها وصقلها بالتخصص لأحقق الأهداف المنشودة التي أطمح إليها على المستوى الشخصي والعملي.. ووجدت فيها آفاقاً رحبة بدون قيود منها: الجودة والإرتقاء بالعمل، الإنتماء والولاء للعمل، الإبداع، تنمية الذات، الثقة بالنفس، الطموح، تحمل المسؤولية وإتخاذ القرار، وإكتشاف الشخصيات والميول والسلوك للعنصر البشري، والتكيف لتبادل الخبرات معاً.
لذا، يعتبر تمكين العنصر البشري من أهم محركات التنمية والتطوير والإبداع والتجديد في منظمات الأعمال وفي مختلف المؤسسات، وهو بمثابة المحور الرئيسي الذي يقوم في نهضة وتطور المنظمات بإعتبار أن رأس المال الحقيقي وهو رأس المال البشري ورأس المال المعرفي والفكري.
فالتدريب وتطوير مهارات العاملين يؤكد أنه إذا كانت الميزة التنافسية تتحقق من خلال البشر فإن مهارة هؤلاء البشر مهمة وأساسية، وبالمحصلة فإن من الاستنتاجات الجلية والواضحة للتغير في مصادر الميزة التنافسية تنامي أهمية العنصر البشري بما يتوافر لديه من كفاءة ومهارة مكتسبة وغير مكتسبة. ومن الملاحظ (بشكل خاص في بعض الدول العربية) هذه الآونة بالذات زيادة الإقبال على التعلم والتعليم بشكل أكبر من أي وقت مضى، وهذا التطور في السعي وراء التعليم أمر أساسي لتطور الشعوب ومن أجل الوصول إلى تنمية بشرية واقتصادية جيدة.
ولكن المراقب لوضع التعليم واكتساب المعرفة والمهارة في بعض الدول العربية يرى جنوحاً نحو التركيز على التعليم من ناحية شكلية أو كمية وليس من ناحية نوعية وهذا يشير إلى ضعف الدافع الداخلي وقوة أكبر للدوافع الخارجية،.. فهناك فرق بين من يتعلم بهدف العلم ومن يتعلم بهدف آخر، ومهما كان الدافع الآخر فسيبقى خارجياً، والدافع الخارجي غير أصيل وخاصة عندما نتحدث عن العلم والمعرفة، وقد يختلف الأمر في السعي نحو اكتساب المهارات الفنية والتي قد يكون الحصول على وظيفة هو بمثابة الدافع نحوها. ولكن عندما نتحدث عن العلم والمعرفة وتنمية القدرات فلا يوجد دافع في الدنيا أهم من الدافع الداخلي الأصيل الذي دفع علماء في التاريخ العربي والإسلامي إلى السفر آلاف الأميال لتوثيق معلومة بسيطة وقد تكون كلمة أو جملة أو أقل من ذلك أو أكثر. وعندما لا يكون الدافع هو من أجل العلم ونشر العلم فإن المنهج والوسيلة العلمية قد تكون من جنس الهدف والدافع، فقد يكتفي المرء حينها بأقل ما يمكن من جهد في سبيل إنجاز ما يرغب من مهام.
إن السعي نحو التعلم والتدريب واكتساب المهارة أمر مهم وضروري لأنه حتماً سيؤدي إلى نتائج جيدة على المدى الطويل، وعلى الجهات الفاعلة والمؤثرة أن تعمل على التوجيه والإرشاد إلى الناحية المعنوية الرصينة في الدوافع الفردية نحو اكتساب هذه المكتسبات الثمينة والتي هي أثمن من الذهب والأحجار الكريمة إذا صقلت بنوايا ونوازع جوهرية معنوية خيّرة،.. أي أن يكون العلم والمعرفة، واكتساب ونشر العلم والمعرفة من أجل العلم والمعرفة ومن أجل التنمية البشرية والحضارية والثقافية والقيمية بدلاً من أن تكون الأهداف فقط تجارية ومادية ولخدمة مصالح شخصية قريبة الأجل.
وهنا يكمن دور الإدارة الجوهري في تكوين رأس المال البشري وتطويره وتنميته والمحافظة عليه باعتماد وتطبيق المرتكزات الأساسية التي يمكن من خلالها تمكين الفرد وتطوير طاقاته الكامنة بعد أن ثبت أهمية هذه الطاقات في تحقيق ميزة تنافسية حقيقية لا يمكن محاكاتها أو التوصل بسهولة إلى أسرارها.
وحقيقة الأمر أنه لا أحد ينكر أهمية التدريب (ولو على المستوى النظري) في خلق معنى أعظم لحياة الفرد وأهمية أكبر للعمل الذي يقوم به. فإذا وصل الاهتمام بالفرد إلى هذا المستوى من خلال الاهتمام بتدريبه وكفاءته ومهارته ومعرفته، فمن الأولى بالمؤسسات المحافظة عليه وعدم التخلي عنه بسهولة وعدم القبول باستبداله بطرق أقل تكلفة، لأنه يعتبر مكسباً وإضافة نوعية للمؤسسة على المدى الطويل لا تقارن باي ثمن.
وأخيراً علينا أن نسأل أنفسنا سؤالا مهماً وهو: مَن مِن العنصر البشري الذي يستحق التمكين؟
أرى أن العنصر البشري الذي يستحق التمكين يجب أن يتصف بمواصفات من أهمها: الأمانة، الصدق، الاستقامة، الصبر، العدل، الثقة، الحرص على إدارة الذات، الحماس، تحمل المخاطر، الرغبة في الإنجاز، الاقتناع بفكر الجودة، الحرص على مصالح المنظمة، وأخيرا أن يكون صاحب تفكير ورأي مستقل.
وخلاصة ما ذكر من تمكين وتدريب مرجعه العلم والتعلم،.. وصدق الامام الشافعي في قوله:
عـلمي مـعي حـيثمــا يممـــت ينفعني… قلبــي وعـــاء لـــه لا بطــــن صـنـــدوق
إن كنت في البيت كان العلم فيه معي… أو كنت في السوق كان العلم في السوق
وصدق ابن القيم في قوله: لو نفع العلم بلا عمل لما ذم الله سبحانه وتعالى أحبار أهل الكتاب،..
ولو نفع العمل بلا إخلاص لما ذم المنافقين.
- مسؤول التخطيط والمتابعة، والمشرف العام لبرنامج العلاج بالموسيقى ، والمشرف للفريق البحثي في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ، ورئيس رابطة التوعية البيئية في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية حتى الآن
- حاصلة على بكالوريوس من جامعة بيروت العربية ، وعلى العديد من الدبلومات المهنية والتخصصية العربية الدولية في مجالات التخطيط والجودة والتميز والتقييم والتدريب
- اختصاصي في التخطيط الاستراتيجي والاستشراف في المستقبل – LMG – جنيف ، سويسرا
- مدرب دولي معتمد من الأكاديمية البريطانية للموارد البشرية والمركز العالمي الكندي للتدريب وجامعة مانشستر وبوستن
- خبير الحوكمة والتطوير المؤسسي المتعمد من كلية الإدارة الدولية المتقدمة IMNC بهولندا
- مقيم ومحكم دولي معتمد من المؤسسة الأوربية للجودة EFQM، عضوة مقيمة ومحكم في العديد من الجوائز المحلية والعربية والدولية خبيرة في إعداد تقارير الاستدامة وفق المبادرة العالمية للتقارير – GRI
- مدقق رئيسي في الجودة الإدارية أيزو 9100 IRCA السجل الدولي للمدققين المعتمدين من معهد الجودة المعتمد بلندن – CQI
- أعددت مجموعة من البحوث و الدراسات منها ما حاز على جوائز وقدم في مؤتمرات
- كاتبة و لديها العديد من المقالات المنشورة في الصحف و المجلات وبعض الإصدارات
- قدمت ونفذت العديد من البرامج والمشاريع والمبادرات الهادفة والتطوعية والمستدامة لحينه
- حاصلة على العديد من الجوائز على المستوى المحلي والعربي منها : جائزة الشارقة للعمل التطوعي ، جائزة خليفة التربوية ، الموظف المتميز ، جائزة أفضل مقال في معرض الشارقة الدولي للكتاب
- حاصلة على العديد من شهادات الشكر والتقدير على التميز في الأداء والكفاءة.
- شاركت في تقديم العديد من البرامج التدريبية في مختلف المجالات الإدارية والجودة والتميز
- عضوة في العديد من الهيئات و المنظمات التربوية والتدريبية والجودة والتميز والتطوعية داخل وخارج الدولة