فازت بجائزة العمل الإنساني لدول مجلس التعاون الخليجي
جميلة القاسمي: أستمد طاقتي من ذوي الإعاقة
مقدمة من المحرر:
طالعتنا في جريدة الخليج في عددها رقم (12819) الصادر صباح الثلاثاء 24 يونيو 2014 مقابلة هامة مع سعادة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية أجرتها معها الصحافية أيمان عبد الله بمناسبة فوزها بجائزة العمل الإنساني لدول مجلس التعاون الخليجي…
أبرز ما يميز هذه المقابلة الحس الوطني العالي ومعاني الولاء والانتماء لوطن قدم لأبنائه الكثير الكثير ووضعهم في سنوات قليلة في مصاف الشعوب المتقدمة، فضلاً عن الشفافية والصراحة والوضوح ودقة الإصابة والوصول إلى المقصد التي تتميز بهم سعادة الشيخة جميلة القاسمي وعزوفها عن تزييف الحقائق وتجميل الوقائع، بالإضافة إلى بعض المعلومات التي تكشف عنها لأول مرة.. وفيما يلي مقتطفات مما جاء في حديث الشيخة جميلة القاسمي:
- القانون الاتحادي رقم 29 لسنة 2006 في شأن حقوق ذوي الإعاقة بحاجة إلى إعادة نظر بشكل كامل لأنه وبعد كل هذه السنوات لم نتلمس أي نتائج تذكر بسبب عدم وضوح بنوده وهو يفتقد إلى الآليات المناسبة للتطبيق السليم ولم يتم تفعيله!
- • الحياة بشكل عام بحاجة إلى التعلم المستمر.. ومجالنا بالذات في تطور دائم فإن توقفنا يوماً عن التعلم يصبح من الصعب اللحاق بالركب.
- نتيجة أي عمل إجتماعي إنساني تمنحني الدافع للاستمرار واعتبرها طاقة متجددة.. وعندما انهمك في العمل الإداري والمكتبي أفقدها..
- من خلال احتكاكي بذوي الإعاقة أشعر بطاقة كبيرة لأنني استمدها منهم ومن صفائهم وسعادتهم.
- • لا أغفل حق فريق العمل في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.. فالجهود التي تبذل والسمعة التي حققتها المدينة تجعلني أشعر بالرضا التام.. ولكن إذا قارنا ما حققناه بطموحي، فلا يزال 50% من الأشياء التي من المفترض أن ننجزها حتى تكون الكفاءة أعلى.
- أفضل طريقة لنقل الخبرة هي التفاعل والقدوة.. فمن خلال التواصل الدائم وممارسة العمل أولاً ومن ثم التوجيه يتم ترسيخ القيم المراد زرعها في العاملين معي في المدينة.
- مجال المعاقين بحاجة إلى اهتمام أكبر، وأتمنى أن تتغير النظرة تجاههم وأن تكون قضيتهم هماً وطنياً فهي قضية حقوقية، ولكن للأسف ما زلنا نتعامل معها في المجتمع كقضية خيرية تغلف أحياناً إنجازاتهم بالمن كأنها صدقة وعمل خير نحقق بها رضانا عن أنفسنا كمسؤولين.. أرى أن هذه القضية لا تزال في آخر الأولويات بالرغم مما يظهر لنا من اهتمام.
- أمنيتي أن نصل إلى يوم لا توجد فيه قضية للإعاقة!.. يوم يعيش فيه ذوو الإعاقة حياتهم الطبيعية كغيرهم من دون الحاجة إلى أن يطالبوا بحقوقهم أو الحاجة إلى مؤسسات تقوم بذلك نيابة عنهم.
فيما يلي نص اللقاء:
تعلمنا معنى التواضع في محطات حياتنا المختلفة، إلا أن القيمة الحقيقية للتواضع تجدها لدى الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، التي تعد مثالاً للعمل الإنساني الملهم. وحصولها على جائزة العمل الإنساني لدول مجلس التعاون الخليجي مؤخراً أكد دورها الفعلي في نهضة العمل الإنساني والاجتماعي، وشغفها بعملها ملهم ومحفز للآخرين لتترجم طموحاتها إلى واقع. وقد اقترن اسم الشيخة جميلة بفئة ذوي الإعاقة مبكراً. وتؤكد أن هناك الكثير من المسائل تنقصهم، وفي ذهنها الكثير من المبادرات التي تود تطبيقها، وتعتبر أن البعد الإنساني في السياسة الخارجية للإمارات أسهم في تحقيق التقارب بين الشعوب.
(الخليج) حملت أسئلتها، وتوجهت بها إلى الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي، بعد تتويجها بالجائزة فكان هذا الحوار:
* حصولك مؤخراً على جائزة العمل الإنساني لدول التعاون، ماذا يعني لك؟
ـ العمل الإنساني مترسخ في كل إنسان، الكبير والصغير، الغني والفقير، والظروف المختلفة قد تضع الإنسان في موقف يمكنه من خلاله أن يمارس العمل الإنساني فيجد نفسه فيه، أيضاً التربية والتنشئة لهما دور كبير في زرع العمل الإنساني في الشخص، واعتبر العمل الإنساني غاية مهمة في حياتي أسعى إليها، وأجد المتعة الحقيقية فيها.
* يقترن اسمك بفئة ذوي الإعاقة، ولقبت بـ “أم المعاقين”، ما سر هذا التعلق والاهتمام بتلك الفئة؟
ـ هي نظرة بعيدة المدى لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، فعندما تخرجت من الجامعة رآني في هذا المجال، وأعطاني الفرصة الحقيقية، وهذا منحني المساحة الفعلية لأكون موجودة في الجوانب الإنسانية، ووجدت متعة العمل في هذا المجال. والتعايش مع فئة ذوي الإعاقة شعور جميل، والعمل معهم له طعم خاص ونكهة رائعة، واعتبرت نفسي في تلك الفترة أمام تحد كبير، فعندما بدأت العمل مع فئة ذوي الإعاقة لم يكن هناك اهتمام فعلي بهم فكان علينا أن نحارب على كل الجبهات للحصول على أبسط الحقوق، لكنني وجدت المتعة في هذا التحدي. والتعامل مع ذوي الإعاقة الذهنية بشكل خاص مختلف، لأنهم غالباً يتسمون بالصفاء والنقاء، ما يجعل الشخص يتعلق بهم.
* تعتبرين نموذجاً لا يتكرر لإمرأة وهبت نفسها لقضية عانى أصحابها كثيراً، وتمكنت بعد سنوات من العمل الشاق من مساعدتهم في نيل حقوقهم، هل ما زال هناك ما ينقص ذوي الإعاقة؟
ـ المجتمع لم يكن يلتفت لفئة ذوي الإعاقة، واليوم نجد أن القوانين موجودة، ولكن ما زال هناك استهانة بحقوقهم، ولا يوجد فهم كامل لتلك الحقوق ولا توضع موضع التطبيق، ربما لأن الآخر لا يحتك فعلياً بهم، ويعتبرهم أشخاصاً غامضين، بالتالي كل ما يتعلق بهم يكون غير مهم، ولكن لو فكر الآخر للحظة في أن هذا المعاق جزء من المجتمع وله الحقوق نفسها التي يتمتع بها الآخرون، أو تخيل ولو للحظة أنه شخص قريب منه كابنه أو أخيه، لن يقبل إطلاقاً أن لا يحصل ابنه على حقه في التعليم مثلاً، ولو وضع نفسه مكانه فلن يقبل أن يحرم من أبسط حقوقه في الحياة.
* ساهمت بصورة مباشرة في تطوير منظومة التشريعات والقوانين التي تخص ذوي الإعاقة، هل هناك قوانين ما زالت بحاجة إلى دراسة وتغيير برأيك؟
ـ القانون الاتحادي رقم 29 لسنة 2006 في شأن حقوق ذوي الإعاقة ويتكون من 39 مادة تؤكد على حقوق هذه الفئة في توفير الخدمات والمساواة وعدم التمييز بسبب الإعاقة، ولكن هذا القانون يحتاج إلى إعادة نظر بشكل كامل، لأنه وبعد كل هذه السنوات لم نتلمس أي نتائج تذكر بسبب عدم وضوح بنوده، وهو كذلك يفتقد إلى الآليات المناسبة للتطبيق السليم ولم يتم تفعيله من قبل الجهات المختصة التي شكلت لجاناً ولا نعلم، نحن المعنيين بالمجال ولا أصحاب الإعاقة أنفسهم، ما آلت إليه هذه اللجان.
* سيرتك الذاتية ثرية وتُظهر أن مجالات الاهتمام بالعمل الإنساني متشعبة، فمتى أدركت أن عليك أن تمارسي دوراً اجتماعياً ما؟
ـ منذ الطفولة، فلو عدت لأيام الدراسة الأولى، كنت حريصة على المشاركة في جماعة الصحة والمرشدات، ودائماً كانت لدي الرغبة في أن يكون لي دور ملموس في العمل الاجتماعي، وكان لي اهتمام كبير بهذا المجال، وأستمد طاقتي ومتعتي من العمل الإنساني والاجتماعي، وعندما كنا صغاراً وجدنا التشجيع من الأسرة للمساهمة في خدمة الآخر، وكنا نشهد أمام أعيننا كيف يخدم الصغير الكبير، وفزعة الأسر لتقديم الخدمة للآخرين، وزرع حب العمل الاجتماعي والعطاء مازال موجوداً، ولكن بطرق مختلفة تتناسب والعصر.
* وهبت أيامك للعمل التطوعي، ما الذي يعطيك الدافع للعمل أكثر؟
ـ النتيجة التي أراها في كل عمل اجتماعي وإنساني تمنحني الدافع للاستمرار، أعتبر النتيجة طاقة متجددة، وعندما أنهمك في العمل الإداري والمكتبي أفقدها، ولكن من خلال احتكاكي بذوي الإعاقة أشعر بطاقة كبيرة، لأني أستمدها منهم ومن صفائهم وسعادتهم.
* تحملين درجة الماجستير التنفيذي في إدارة الأعمال من الجامعة الأمريكية في الشارقة، وبكالوريوس في علم النفس من جامعة كاليفورنيا (ديسمبر / كانون الأول 1982)، لماذا اخترت هاذين التخصصين؟
ـ رغبتي كانت في البداية تصب في دراسة الطب، والتحقت فعلاً بكلية الطب، وفي أول سنة دراسية لي في الخارج قررت دراسة علم النفس، بعد أن درست مساقاً فيه، وغيرت الاختصاص لمجرد شعوري بأني أريد هذا المجال، فاتبعت إحساسي عند دراسة البكالوريوس، أما الماجستير فكان حاجة عملية أكثر من مجرد شعور، فبعد عمل استمر 20 سنة، وجدت أنه لابد أن أعزز خبرتي بالشهادة وأستزيد وتكون لي منهجية مستندة إلى شهادة وعلم للعمل الإداري.
* ماذا تعلمت من الغربة؟
ـ النضج، شعرت أنني نضجت في فترة قصيرة، وتعلمت أن أعتمد على نفسي، واكتسبت سعة الأفق، واحترام الثقافات الأخرى، فالاحتكاك بالآخر والتواصل معه يجعلانك تغير نظرتك مباشرة، وأتقبل الآخر كما هو مهما كانت الاختلافات. وفي فترة الدراسة كنت منعزلة نوعاً ما عن الحياة الاجتماعية، وكان تركيزي منصباً بالدرجة الأولى على الدراسة فكنت فيما بين المكتبة والبيت، وبالرغم من ذلك كانت تلك الفترة الأكثر تأثيراً في شخصيتي.
* تظهر تجاربك أنك حريصة على التعلم المستمر، هل تواصلين التعلم؟
ـ الحياة بشكل عام بحاجة إلى التعلم المستمر، ومجالنا بالذات في تطور دائم، فإن توقفنا يوماً عن التعلم يصبح من الصعب اللحاق بالركب. أحرص على تعلم جديد في كل يوم، ولا زال لدي طموح في تعلم المزيد. ففي بداية عملي توليت كل المهمات بنفسي، من أبسطها كطباعة الرسالة التي أعدها، بهدف أن أتعلم ولا أزال أتعلم بهدف تطوير الذات ولأكون محفزة لفريق العمل في هذا الجانب أيضاً.
* ما مدى رضاك عن أداء مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية؟ وهل هناك ما يعيق تنفيذ طموحاتك كاملة في هذا الموقع؟
ـ لا أريد أن أغفل حق فريق العمل، فالجهود التي تبذل والسمعة التي حققتها المدينة تجعلني أشعر بالرضا التام، ولكن إذا قارنا ما حققناه بطموحي، فلا يزال هناك 50% من الأشياء التي من المفترض أن ننجزها حتى تكون الكفاءة أعلى، وهناك الكثير من الخدمات التي نريد أن نقدمها ونطورها، وما زال هناك نقص في بعض التخصصات لدينا. أتمنى أن يكون هناك إقبال أكبر من المواطنين للعمل في المدينة، وهناك أفكار كثيرة نرغب في تفعيلها، خاصة أننا استغرقنا وقتاً طويلاً في الانشغال بتلبية احتياجات وطلبات الأهالي، في ظل أننا في حاجة إلى توفير موارد داخلية وتطوير العاملين في المدينة، وتطوير مركز التدخل المبكر الذي يعد من أقدم المراكز في الدولة، حيث نحن بحاجة إلى مراجعة منهجية العمل ولزيادة الدافعية لدى العاملين فيه، ليعود المركز ويأخذ مكانته الريادية ويقدم خدمات تلبي طموحاتنا وطموحات الأهالي.
* تعدين مصدر إلهام لجيل كامل من الشابات، وتمارسين أسلوباً تفاعلياً في العمل الإنساني الاجتماعي، كيف تنقلين خبراتك إلى العاملين في المدينة؟
ـ أفضل طريقه لنقل الخبرة هي التفاعل والقدوة، فمن خلال التواصل الدائم وممارسة العمل أولاً، ثم التوجيه يتم ترسيخ القيم المراد زرعها في العاملين معي في المدينة. كذلك لدينا اجتماعات ولقاءات مختلفة منها اجتماع أسبوعي للهيئة الإدارية، إضافة إلى اجتماعات مختلفة أختار في كل منها مجموعة عشوائية من العاملين في المدينة من جميع المستويات وأستمع إليهم ومن خلالها نؤكد على رؤية ورسالة المدينة ونراجع ميثاق العمل الأخلاقي الخاص بنا. كذلك لدينا يوم ترفيهي اجتماعي سنوي “يوم التآلف” لكل موظفي المدينة. أرى أن التواصل الدائم ومثل تلك اللقاءات تحفز على العمل والعطاء وتساهم في نقل الخبرة.
* كرّمك العديد من الدول على دورك في الجانب الاجتماعي والإنساني، إلى أي مدى تشعرين بالسعادة لتلك الإنجازات التي حققتها؟
ـ السعادة والفخر بانتمائي إلى الإمارات، وأفخر دائماً بأن أرى مكانة دولتي والمؤسسة التي أنتمي إليها في مكان بارز، وسعادتي أكبر عند تحقيق إنجاز يسهم في تحقيق السعادة للآخرين.
* الثقافة الإنسانية عالم لا حدود له، كيف يمكن تعزيزها وتوصيلها للآخر؟
ـ عندما تكون نابعة من الداخل تأثيرها يكون كبيراً وفعالاً، وللأسف في الفترة الأخيرة أصبح بعض الأفراد يشاركون في العمل التطوعي والإنساني من أجل الجوائز والصورة الاجتماعية والمكانة، وأصبحت “ثقافة مظهر”، وهذا يخالف فكرة حب الثقافة الإنسانية، وأعتقد أن هذه الثقافة في جزء منها لابد أن تدرس في المدارس والجامعات من خلال المشاريع والمواد الدراسية ولكن المصدر الأساسي لها هو الميدان العملي.
* ممن تستلهمين خطواتك في حياتك الشخصية والمهنية؟
ـ في كل مرحلة من مراحل حياتنا هناك شخصيات تلهمنا وتؤثر في مسيرة حياتنا، ففي الصغر كان والدي، رحمه الله، هو مصدر التعلم والخبرة وكان لبعض معلوماتي خلال سنوات الدراسة أثر لا ينسى. ومع بداية حياتي المهنية كان ولا يزال صاحب السمو حاكم الشارقة ملهمي ومعلمي. وفي مختلف مراحل حياتي هناك والدتي وإخوتي أستمد منهم النصح والمشورة والتوجيه.
اليوم أجد حماس جيل الشباب مصدر إلهام لي، يعطيني الدافع للعمل وأحرص دائماً على أن يشاركوني في المشاريع التي نقدمها لأنهم يثرون العمل بأفكارهم المتجددة وحماسهم ورغبتهم في تحقيق النجاح مهما كانت الصعوبات.
* البعد الإنساني في السياسة الخارجية للإمارات أكسبها تقديراً عالمياً كبيراً، كيف تنظرين إلى أهمية هذه المساعدات؟
ـ كل زائر من الإمارات إلى الدول الخارجية يجد فعلياً معاملة مختلفة فيها، والتقدير والاحترام والمحبة، وهذا بفضل السمعة الطيبة للدولة والبعد الإنساني في السياسة الخارجية للإمارات، والتي أسهمت في تحقيق التقارب بين الشعوب وتأكيد رسالة المحبة والسلام بين دول العالم، وتلك المساعدات المختلفة بينت فعلياً طبيعة المجتمع الإماراتي.
* ما العمل الإنساني الأقرب إلى قلبك؟
ـ كل عمل أقوم به هو قريب مني، وأستمتع خاصة عندما يكون عملي مباشرة مع منتسبي المدينة من طلاب أو أسر. وبالمناسبة قمنا بتنظيم رحلتين للعمرة في السنتين الأخيرتين وحرصت على التواجد خلالهما مع الطلاب وأسرهم ووجدت فيهما متعة وفائدة كبيرتين.
وبعيداً عن عملي مع ذوي الإعاقة، فإني أستمد الكثير من الرضا والمتعة من خلال إشرافي وعملي مع مؤسسة الشارقة للتمكين الاجتماعي.
* ما علاقتك بالكتاب؟ وهل تأثرت هذه العلاقة بتكنولوجيا اليوم؟
ـ أحب القراءة منذ الصغر، وقرأت العديد من الكتب، وفي أوج عملي بالمدينة فقدت ارتباطي بالكتاب، لانشغالي بالعمل والتقارير، لأحن مرة أخرى للقراءة، ونوعت في قراءاتي كثيراً، ومع طفرة التكنولوجيا بدأت أستعين بالكتب الإلكترونية. أقرأ الروايات والشعر والسيرة الذاتية والكتب التخصصية.
* كيف تقارنين بين مجتمع الإمارات الآن والأمس، وما ذكرياتك عن مرحلة تأسيس الدولة والبناء والتنمية؟
ـ الأمس كان جميلاً، ونحن جيل المحظوظين، نشأنا وشهدنا تأسيس الدولة، وكون الوالد، رحمه الله، كان من المؤسسين، شعرنا بكل ذلك في المنزل، وكنا نحن الأطفال نشعر بالمسؤولية أيضاً. شاركت في مسابقة تصميم علم الإمارات، ولم أفز، ولكن المشاركة في حد ذاتها شعور جميل ورائع، وأعتبر تلك الفترة أياماً جميلة، واذكر في فترة التعليم أننا كنا نستعين كثيراً بدولة الكويت الشقيقة من حيث الكتب والمعلمين، وكل شيء كان جميلاً رغم البساطة، وكنت أحب الدراسة وأحرص على الاجتهاد فيها، وكان الأهل حريصين على تشجيعي لإكمال الدراسة.
* ما رأيك في المرأة الإماراتية بشكل عام؟ وهل ترين أنها تطورت بشكل إيجابي عن ذي قبل؟
ـ هي مدعاة للفخر، الإماراتية وصلت بجهودها ودعم القيادة الرشيدة إلى أعلى المراتب، وتسلحت بالعلم، وشرفت الدولة في المحافل الدولية، وكل شيء أصبح متاحاً لها وهي التي تحدد ما تريده وإلى أين تريد أن تصل.
* ما الأمنية التي لا تزال تشغل فكرك؟
ـ مجال المعاقين بحاجة إلى اهتمام أكبر، وأتمنى أن تتغير النظرة تجاههم، وأن تكون قضيتهم هماً وطنياً، فهي قضية حقوقية، ولكن للأسف ما زلنا نتعامل معها في المجتمع كقضية خيرية تغلف أحياناً إنجازاتهم بالمن كأنها صدقة وعمل خير نحقق به رضانا عن أنفسنا كمسؤولين. أرى أن هذه القضية لا تزال في آخر الأولويات بالرغم مما يظهر لنا من اهتمام.
أمنيتي الحقيقية أن نصل ليوم لا توجد فيه “قضية للإعاقة”، يوم يعيش فيه ذوو الإعاقة حياتهم الطبيعية كغيرهم من دون الحاجة إلى أن يطالبوا بحقوقهم أو أن يحتاجوا لمؤسسات تقوم بذلك نيابة عنهم، فدولة الإمارات من الدول المتقدمة.
ما زال لدينا مواطنون معاقون في قوائم الانتظار للحصول على خدمات تعليمية وتأهيلية أو للحصول على عمل، فبعض من تم توظيفهم يشتكون لأنهم لا يكلفون بمهام في عملهم لعدم إيمان رؤسائهم بقدرتهم على العمل او لأنهم لم يوظفوا في المكان المناسب، فتوظفيهم شكلي من أجل إرضاء المسؤولين الذين وجهوا بذلك، وهناك أيضاً تفرقة في الرواتب والامتيازات، وما نريده فعلياً أن يحصل الشخص ذو الاعاقة على التعليم والتأهيل المناسبين وبالتالي على الوظيفة معتمداً على كفاءته، وليس على كوننا نقدم له خدمة بهذا التوظيف، فعليه واجبات كما أن له حقوقاً.
منبع الثقافة
عن أهم منابع الثقافة التي نهلت منها، تقول الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي: صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، منبع الثقافة، تعلمنا منه الكثير ومازلنا نتعلم، وفي بداية حياتي العملية كان حريصاً على متابعتي عن قرب ووجهني في أمور كثيرة. تعلمت منه أن الآخر قبل “الأنا”، وحب الوطن، وتقدير الآخر واحترامه، وألا نقلل من شأن أحد، وما زلت إلى هذا اليوم وفي كل يوم أتعلم منه شيئاً جديداً.
مركز للتقنيات المساندة
حققت مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية الكثير من التطور في حقول الخدمة الاجتماعية، وعن الجديد في المدينة، تقول الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي: الجديد مركز للتقنيات المساندة، بهدف توفير بيئة تعليمية وتأهيلية تواكب التطور التقني السريع مع الاستفادة من كل ما هو جديد في مجال التقنيات المساندة لذوي الإعاقة، وتقديم الاستشارات المتخصصة حول خدمات التقنيات المساعدة وتوفير الدعم التقني وبرامج المتابعة والتأهيل لمستخدمي هذه التقنيات والتنسيق مع الجهات المتخصصة لتبادل الخبرات. وسوف يكون التركيز على أبسط الاحتياجات إلى أعقدها، بدءاً بالملعقة وانتهاء بالبيت الذكي للشخص المعاق، وسوف نركز على التعليم بشكل أكبر.
نشر اللقاء صباح الثلاثاء 24 يونيو 2014 في العدد (12819) من جريدة الخليج الإماراتية