(والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون)
صدق الله العظيم
هكذا ذكر الله عز وجل السمع في سورة النحل، وكذلك في سورة الإسراء والنساء وغافر وغيرها من الآيات القرآنية الكريمة، وخصها بمواضع متقدمة عما سواها، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أهمية ومكانة حاسة السمع العظيمة في حياة الإنسان.
يعد الجهاز السمعي نافذة الإنسان الهامة التي يطل منها على المجتمع الصاخب الذي يعيش فيه، يتفاعل من خلالها مع البيئة المحيطة في المنزل والمجتمع، ويستطيع من خلالها اكتساب اللغة المنطوقة المستعملة في التخاطب والتعلم والعمل، وإذا ما أصاب الجهاز السمعي بعض الحالات المرضية، نقصت القدرة السمعية جزئياً أو كلياً إلى درجة قد يتعذر معها قيام الفرد بوظائفه وأدواره الأساسية في الحياة ما لم يقدم له التدريب والتأهيل المناسبين.
من هذا تتبين لنا أهمية المحافظة على صحة حاسة السمع لأنها جزء لا يتجزأ من المحافظة على صحة الإنسان، وتزداد أهمية هذه الحقيقة عند الأشخاص الذين يعانون أصلاً من ضعف في حاسة السمع.
والناس عادة لا يهتمون بحاسة السمع لديهم، ولا يعيرونها أي انتباه حتى تصاب بالضعف، أو يصاب الجهاز السمعي بالمرض، عندها يسارعون إلى مراجعة الطبيب المختص، وفي بعض هذه الحالات المرضية قد يجد الطبيب نفسه عاجزاً عن تقديم العون أو ما يفيد المريض، الأمر الذي يؤكد ضرورة الاهتمام بهذه الحاسة المهمة والمحافظة على صحة وسلامة الجهاز السمعي بكل أقسامه.
وقبل الحديث عن الأدوية والمركبات الكيماوية التي تؤذي حاسة السمع وتصيبها بالضعف لابد من المرور سريعاً على الجهاز السمعي والتعرف إلى أقسامه.
جهاز السمع لدى الإنسان
وهو يتشكل من:
-
الجهاز الناقل للصوت
الأذن الخارجية: تتكون من الصيوان ومجرى السمع الخارجي، ومهمتها تجميع الأصوات الواردة، ونقلها إلى الأذن الوسطى، ويوجد في مجرى السمع الخارجي غدد تقوم بإفراز الدهن والصملاخ من أجل ترطيب وحماية المجرى من العوامل الخارجية والجراثيم، وهي تطرح إلى الخارج بشكل طبيعي وتلقائي.
الأذن الوسطى: وهي عبارة عن جوف صغير ينفصل عن الأذن الخارجية بواسطة غشاء الطبل، وتضم عظيمات السمع الثلاث: المطرقة، السندان والركاب، حيث لا يتعدى طول كل منها بضعة ملليمترات، وهي تقوم بتكبير الأصوات ونقلها إلى الأذن الداخلية.
-
الجهاز المستقبل للصوت
الأذن الداخلية والعصب السمعي تستقبل الموجات الصوتية الآتية من الأذن الوسطى في البنيات الدقيقة الموجودة في القوقعة الحلزون ومن ثم تحولها إلى موجات كهربية تنتقل عبر ألياف العصب السمعي إلى المراكز السمعية في الدماغ.
الأدوية المؤذية لحاسة السمع
يمكن أن تخرب بعض الأدوية والمواد الكيماوية البنيات الدقيقة للأذن الباطنة الموجودة في الحلزون أو القوقعة أو ألياف العصب السمعي ويؤدي ذلك إلى اختلال في وظائفها ونقص تدريجي أو مفاجىء في القدرة على السمع، ومن الضروري معرفة أن التأثير الضار لهذه الأدوية يتوقف على عدد من العوامل المهمة منها مقدار هذه الأدوية، وفترة الاستمرار في تناولها، بالإضافة إلى وجود استعداد لدى بعض الأشخاص للتأثر بهذه المركبات الدوائية والكيماوية، أو وجود أمراض عامة أخرى مؤهبة، كما ينبغي اتخاذ المزيد من الحذر عند تناول مثل هذه المركبات من قبل الأشخاص ضعيفي السمع.
من هذه الأدوية نذكر:
- مشتقات الأمينوغليكوزيدات وهي من مضادات الجراثيم.
- بعض الأدوية المدرة للبول وهي من خافضات الضغط الشرياني.
- مشتقات الأسبرين وهي من المسكنات.
- بعض الأدوية القلبية.
- بعض الأدوية المضادة للالتهاب والروماتيزم.
- بعض الأدوية المضادة للملاريا كالكينين.
- بعض الأدوية للأورام.
- وغيرها.
ينبغي التذكير في هذا المجال أن العلامات المبكرة لتأذي السمع عند استعمال مثل هذه الأدوية هي: الشعور بطنين، وثقل في الأذن، مع ملاحظة حدوث ضعف في السمع، وفي الحالات الأشد قد يحدث دوار واختلال في التوازن، وفي جميع هذه الحالات ينبغي وقف هذا الدواء المستعمل ومراجعة الطبيب المعالج، والتأخير في ذلك رغم هذه العوارض المنذرة قد يودي بالسمع ويصبح غير قابل للشفاء والتراجع.
ولا بأس في هذا المجال من الإطلاع على قائمة الأدوية والمركبات المعروفة بأذيتها لحاسة السمع (القائمة أدناه).
ولابد في هذا المجال من التأكيد على عدم تناول أي دواء مهما كان إلا تحت إشراف ومتابعة الطبيب المعالج.
درهم وقاية
يبقى المثل القائل درهم وقاية خير من قنطار علاج صالحاً لكل زمان ومكان، واتباع التوصيات الصحية السابقة، لابد وأن يساعد على المحافظة على صحة حاسة السمع وسلامتها، وفي هذا المجال لابد من التأكيد على أهمية الفحص الدوري للأذن والسمع، من أجل الكشف المبكر، ومن ثم علاج أي إصابة أو حالة مرضية في الجهاز السمعي.
كما أن حاسة السمع من الحواس التي تضعف وتتراجع مع تقدم العمر، وهذا ما نشاهده عند الكثير من الأشخاص المسنين، الأمر الذي يزيد من أهمية المحافظة على صحة حاسة السمع وتجنب الأدوية والمركبات الكيماوية الضارة بحاسة السمع، عند الأطفال والشباب من أجل سلامة وصحة هذه الحاسة النبيلة مع تقدم العمر.
قائمة لأهم الأدوية التي قد تؤذي حاسة السمع
- مشتقات الأسبرينAspirin
- كلوروكين Chloroquine
- سيسبلاتين Cisplatin
- فوروسيمايد Furosemide
- جنتاميسين Gentamycin
- اندوميثاسين Indomethacin
- كاناميسين Kanamycin
- نيوميسين Neomycin
- ميكلورثامينMechlorethamine
- كونيدين Quinidine
- كينين Quinine
- دايباكسين Dibekacin
- ديهيدروستربتوميسينDihydrostreptomycin
- اريثروميسين Erythromycin
- ايثاكرينيك أسيد Ethacrynic Acid
- هيدروكسي كلوروكين Hydroxy Chloroqyine
- رزربين Reserpine
- فانكوميسين Vancomycin
- توبراميسين Tobramycin
- ستربتوميسين Streptomycin
- سيزومينSisomicin
طبيب بشري حائز على شهادة الماجستير في طب الأذن والأنف والحنجرة وجراحتها، والبورد السوري، بالإضافة إلى الدراسات العليا من جامعة برمنجهام في المملكة المتحدةBirmingham, UK، وهو من الناشطين في المجتمع المدني العربي والدولي، له إسهامات طبية وثقافية وإنسانية عديدة، إلى جانب الكتابة باللغتين العربية والإنجليزية.
له عدة إصدارات في مجال الإعاقة السمعية، والبصرية، كما نشر المئات من المقالات والأبحاث في الصحة، والإعاقة، والعمل الإنساني والحقوقي وجوانب ثقافية متعددة.
شارك في تأسيس وإدارة وعضوية (الهيئة الفلسطينية للمعوقين)، (الرابطة السورية للمعلوماتية الطبية)، (الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم)، اللجنة العلمية لنقابة أطباء دمشق، وهيئة تحرير (المجلة الطبية العربي)، ولجنة الإعاقة بولاية كارولينا الشمالية للسلامة العامة، قسم إدارة الطوارئ، وعضو جمعية نقص السمع في منطقة ويك، ولاية كارولينا الشمالية، وعضو لجنة العضوية في تحالف الأطباء الأمريكي، ومستشار مؤقت لمنظمة الصحة العالمية إقليم المتوسط في القاهرة للمؤتمر الإقليمي (أفضل الممارسات في خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للأشخاص المعوقين)، القاهرة، مصر (نوفمبر 2007)، كما شارك في كتاب (مواضيع الشيخوخة والإعاقة)، منظور عالمي، إصدار لجنة الأمم المتحدة غير الحكومية للشيخوخة، نيويورك 2009.
(http://www.ngocoa-ny.org/issues-of-ageing-and-disabi.html)
وقد حاز الدكتور غسان شحرور خلال مسيرته على:
- درع الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم، 2000.
- جائزة الإمارات العالمية التي يرعاها الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعمل الطبي الإنساني عام 2002.
- درع الأولمبياد الخاص، بمناسبة تشكيل الأولمبياد الخاص الإقليمي، 1993.
- براءات التقدير والشكر من منظمات الإعاقة والتأهيل في مصر، الإمارات، قطر، تونس، والكويت وغيرها.
- منظم ومدرب (مهارات التقديم المتطورة للعاملين الصحيين والأطباء)، رابطة المعلوماتية 2006.
- جائزة نجم الأمل العالمية، للإنجازات في مجال الإعاقة، مؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة اتفاقية أوتاوا، كارتاجنا، كولومبيا 32 ديسمبر / كانون الأول 2009.
- أختير ضمن رواد المعلوماتية الطبية في العالم وفق موسوعة (ليكسيكون) الدولية 2015،
Biographical Lexicon of Medical Informatics ،
http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4584086/