ما أصعب لحظات الألم لمن يعايشها كروتين حياة دائم يرافقه.. وما أمرّ دموع الحزن عندما تسكب على خدود المبتلين لتغسل جفونهم من بقايا أحلام ظلت تراودهم ولو لبرهة من الزمن رغم ما أحاط بها من ظلام حالك أخفاها حتى من تنفس ضوء الشمس الساطع..
كثيرة هي الأماني المطلقة التي نبعثها عبر أثير الأمل الكبير في فضاءات هذه الحياة لكن ما أقل ما يترجم إلى واقع ملموس تحس به الأبصار وتدركه العقول… آه أيتها الصخور المتناثرة في دروب الساعين من أصحاب الإعاقات رغم ما يكابده هؤلاء من تضحية وكفاح ليصلوا ولو إلى درجة بسيطة من المساواة الظاهرة..
… لكن هناك من تحجرت عقولهم وعششت برؤوسهم أفكار الإبادة القديمة التي رسختها الحضارات البائدة من أن كل من لا يعطي جهداً بدنياً قوياً يجب إنهاء معاملاته للخلاص من هذه الحياة ليتسنى وضع البديل له ممن يستطيعون أن يرضوا ذوق أصحاب القرارات ويتملقوا للوصول إلى مشتهاهم فيدنون من لا يتوافق مع رغباتهم المقيتة، لكن الحبل الذي يتسلقون به للوصول إلى أهداف بالية ضعيفة يظل خائر القوى مهدوداً لا يستطيع الوصول بهم إلى ما يتمنونه من نشر ثقافة البقاء للأقوى لأن بعض العقول والنفوس بدأت تدرك أن ما ينجزه العقل يساوي ويفوق ما تدعيه العضلات فبدون المرشد والموجه لهذه العضلات لما استطاعت أن تحرك ساكناً يذكر.
تتوق القلوب للقيا من يتساير معها فيما تحمله من هموم وآمال عظيمة وتتمنى الأنفس أن تعصر خلاصة ما يدور في خواطرها لتقدمه شراباً سائغاً هنياً للمهتمين بمجال ثقافة الإعاقة التي لا يحدها إحساس ولا تقف أمامها حواجز اصطناعية فالعقل يفكر والنفس تبدع والأقلام والحبر يخط ما يسند إليه.
إلى كل من يهمس بصمت وإلى كل من أخفته كواليس الزمن وأبعدته الأقدار عن عيون الناس.. وإلى كل إخواني الأبطال من ذوي الإعاقة: امضوا إلى ما أنتم ساعون إليه واجمعوا بقايا الصخور المتناثرة في طرق دروبكم وابنوا بها كراسي وأجهزة تعويضية تعينكم على ما فقدتموه لتصلوا فتثبتوا أنا خلقنا متساوين وجففت ثيابنا شمس واحدة والله دائماً مع الساعين والصابرين.