دوما ما يحاول الطفل جاهدا امتلاك شيء يشعر أنه لا يملكه، وعليه فيجب على الطفل أن يعرف أن أخذ شيء ما يتطلب إذناً معينا لأخذه، وإلا أعتبر ذلك سرقة، والسرقة مفهوم واضح لدينا نحن الكبار أيضا، نعرف أبعاده وأسبابه وأضراره الوخيمة، ونحكم على من يقوم به بالحكم الصحيح، ونستطيع تحاشي أن نكون الضحية، أما الطفل فإنه لا يدرك تماما مفهوم السرقة وأضرارها على المجتمع أو نظرة الدين والقانون والأخلاق إليها، والسرقة تقلق الأهل بشكل عام أكثر من غيرها في كل سلوك الأطفال، وهو ما يدعوه الأهل بسلوك المجرمين، وبالتالي فإنهم يظهرون اهتماما كبيرا بذلك، ففي كل عام يذهب على مستوى العالم نحو خمسة وعشرين ألف طفل إلى الإصلاحيات بسبب تفشي داء السرقة!.
الأطفال قادة المستقبل
يسعى المجتمع الإنساني على الدوام إلى حماية الطفل والدفاع عن حقوقه، وذلك من خلال العديد من الاتفاقيات والوثائق الدولية والمحلية التي توفر للطفل الحماية وتدعم حقوقه الإنسانية بشكل عام، وذلك بعد أن تبين تعرض الأطفال في جميع أنحاء العالم للكثير من الانتهاكات نتيجة انسحاب دور الأسرة وقيام العديد من البدائل لرعايته، وهى التي كانت سببا مع غيرها من الأسباب في تفشي ظاهرة السرقة والعنف لدى الأطفال.
ويسعى المجتمع الإنساني أيضا إلى القيام بالبحث عن حلول لكافة المشكلات التي تواجههم في الحياة، حتى لا تؤثر على سلوكياتهم ونفوسهم، وحتى لا توثر بالسلب على قدراتهم المستقبلية سواء العلمية منها أو العملية، على اعتبارهم اللبنة الأولى في المجتمع وقادة الأمم مستقبلا، وتوجد مشكلات عديدة تواجه الأطفال والتي من أهمها ظاهرة السرقة، والتي هي موضع حديثنا في السطور التالية.
تبلور مفهوم السرقة لدى الطفل
هذا ويتعلم الأطفال أن السرقة عمل خاطئ إذا وصف الآباء والأمهات هذا العمل بالخطأ، وإذا عاقبوا أطفالهم في حال الاستمرار في ممارسته، وبذلك يبدأ مفهوم السرقة بالتبلور لدى الطفل نفسه، حيث أن الأطفال يسرقون لعدة أسباب وهم يدركون أن ما يأخذونه يعود لغيرهم، وهناك عدة أسباب للسرقة، فيمكن أن يوجد لدى الأطفال نقص ما في بعض الأشياء أو المتطلبات، وهم بذلك يضطرون للسرقة لتعويض ذلك النقص، والبعض منهم تؤثر عليهم البيئة التي يعيشون بها وخاصة إذا كان أحد الوالدين متوفى أو خارج البلاد، أو في حالة ما إذا كان الوالد مدمنا على الكحوليات أو ما شابه، أو أن تكون البيئة نفسها فقيرة، وكلها باتت عناصر تساعد الطفل على أن يسرق لزيادة شعوره بالنقص في مثل تلك الظروف، أو شعور بعض الأهل بالسعادة عندما يقوم ابنهم بسرقة شيء ما!.
وبذلك يشعر الطفل بالسعادة ويستمر في عمله، وهناك بعض الأطفال ممن يقومون بعملية السرقة لإثبات أنهم الأقوى وبالأخص أمام رفقاء السوء، ولعلهم يتنافسون في ذلك أيضا، وبعضهم يشعر بمتعة كبيرة بهذا العمل، وقد يسرق الطفل رغبة في تقليد من هم أكبر منه سنا مثل الوالد أو الأخ أو غيرهم ممن يؤثرون عليه حياته تأثيرا مباشرا، كما أن الأطفال من الطبقات الدنيا يسرقون لتعويض ما ينقصهم بسبب فقرهم لعدم وجود نقود يشترون بها أو يحصلون على ما يريدون.
إذ أن الأطفال يقومون بسرقة ما يمنعه الأهل عنهم، وهم يشعرون باحتياجهم الشديد له، فإنهم يعملون على أخذه دون علم الأهل، وقد يكون دافع السرقة إخراج كبت يشعر به الطفل بسبب ضغط معين، ولذا يقوم بالسرقة طلبا للحصول على الراحة النفسية.
دور الأهل تعليم الطفل القيم
يجب على الأهل أن يعلموا الأطفال القيم والعادات الجيدة، والاهتمام بذلك قدر الإمكان، وتوعيتهم أن الحياة للجميع وليست لفرد معين، وحثهم على المحافظة على ممتلكات الآخرين، حتى في حال عدم وجودهم، فالمعلوم أن نشوء الطفل في جو يتسم بالأخلاق والقيم الحميدة يؤدي إلى تبني الطفل لتلك المعايير، فهو بإمكانه أن يشتري بمصروفه ما يشعر أنه يحتاج إليه فعلا، حتى لو كان هذا المصروف ضئيلا، مع عدم ترك أشياء يمكن أن تغري الطفل وتشجعه للقيام بالسرقة، مثل ترك النقود وغيرها من الوسائل التي تساهم بتسهيل السرقة.
كما يجب أن يشعر الطفل بأنه سوف يحصل على النقود من والديه في حالة ما إذا احتاج لها بالفعل، إضافة إلى غيرها من الوسائل التي تساهم بمنع حالات السرقة بإيجاد علاقات يسودها الحب والتفاهم، وحرية التعبير حتى يستطيع الطفل أن يطلب ما يحتاج إليه من والديه دون تردد أو خوف أو حتى خجل، إضافة إلى تعليمهم القيم والاهتمام بما يحتاجونه، فالأطفال بحاجة إلى إشراف ومراقبة مباشرة حتى لا يقوم الطفل بالسرقة، وإن قام بذلك فيجب معرفتها من البداية ومعالجتها نظرا لسهولة المعالجة حينها.
وعند حدوث حالة من السرقة، يجب على الأهل البحث عن الأخطاء والأسباب التي دعت إلى ذلك السلوك، سواء كان ذلك من داخل البيت أو من خارجه، مع التصرف بأقصى سرعة ممكنة، ويجب أن يفعل الأهل ما يرونه في صالح أطفالهم وذلك بمعالجة الأمر بروية وتأن، بأن يعيد ما سرقه إلى الشخص الذي أخذه منه مع الاعتذار له دون تردد، ودفع ثمنه في حالة ما إذا كان الطفل قد صرف أو استهلك بالفعل ما سرقه.
المعالجة بجدية وصولاً للحل الصحيح
مما لا شك فيه أن معالجة الأمر ومجابهته بجدية لهو أمر يؤدي إلى الحل الصحيح، وذلك لخطورة الموقف أو السلوك، كما أنه يتطلب معرفة السبب وراء سلوك الطفل هذا المسلك الغير طبيعي، ووضعه في مكان الشخص الذي سرقه وسؤاله عن ردة فعله وشعوره إذا تعرض هو لذلك الأمر وسرقت أغراضه، ويجب على الأهل تفهم دوافع وأسباب قيام الطفل بذلك، وذلك كما أسلفنا قد يكون مرجعه إلى الحرمان الاقتصادي بسبب نقص مادي يشعر به الطفل. أو قد يكون نظير منافسة زملائه ممن يملكون النقود، وقد يكون السبب الحرمان العاطفي وذلك لشعور الطفل بالحرمان من الحنان والاهتمام ممن هم حوله، وقد يكون لعدم إدراك الطفل لمفهوم السرقة وما الفرق بينها وبين الاستعارة، وبالتالي فإن الفهم الصحيح للسبب يترتب عليه استنتاج الحل المناسب، فإذا كان الدافع ماديا، فيتم تزويد الطفل بما يحتاجه من نقود وإفهامه بأن يطلب ما يحتاجه، أما إن كان السبب متمثلا في الحرمان عاطفيا فيجب إظهار الاهتمام به وبحاجاته وقضاء الوقت الكافي معه، وقد يكون سبب السرقة لدى الطفل لعدم الإدراك، وهنا يجب التوضيح للطفل بما تعنيه السرقة، وشرح القواعد التي تحكم الملكية له بأسلوب بسيط، وتجنب العقاب القاسي حتى لا يترتب عليه الكذب أو المراوغة.
رغبة منه في الإثارة
بات واضحاً أن من أهم أسباب السرقة لدى الطفل، هي الرغبة لديه في الانتقام، وذلك بسبب صرامة وقسوة الوالدين، وسوء المعاملة فتأتي السرقة كردة فعل عدوانية من الطفل، ورغبة في التمرد على السلطة المنزلية لفقدان الحنان والرعاية، وبالتالي يسعى الطفل للسرقة رغبة منه في الإثارة وجذب الاهتمام ممن حوله من الآخرين كانوا أهل أو أصدقاء أو حتى جيران.
وفى تلك الحالات أيضا يتحتم على الأهل أو أولي الأمر عدم التصرف بعصبية، وألا تعتبر السرقة فشل لدى الطفل، ولا يجب أن تعتبر أنها مصيبة حلت على الأسرة، بل يجب اعتبارها حالة خاصة من الأجدى التعامل معها ومعرفة أسبابها، وحلها وإحسان طريقة علاجها، ولكن دون المبالغة في عملية العلاج، وألا تكون هناك مبالغة في وصف السرقة.
والهام في تلك الحالة أن يتم تخفيف حدة الشعور السيئ لدى الطفل، بحيث نجعله يشعر بأن كل من حوله متفهم لوضعه تماما، وألا توجه تهمة السرقة للطفل مباشرة، فعلى الأهل مراقبة سلوكيات أطفالهم مثل السرقة والغش وأيضا مراقبة أنفسهم، لأنهم هم النموذج والقدوة لأبنائهم، وعليهم مراقبة سلوكياتهم وألفاظهم، وبالأخص تلك الألفاظ التي يلقب بها الطفل حينما يقوم بالسرقة.
علي أن تشرح له ضرورة أهمية التعبير، ومعرفة الأهل أن الأطفال حين يقعون في مشكلة فإنهم بحاجة إلى مساعدة وتفهم الكبار ومناقشتهم بهدوء، وألا يصاب الآباء بصدمة نتيجة سرقة ابنهم، وألا يأخذوا في الدفاع عنه حتى لا يتطور الأمر، ويبدأ الطفل بالكذب توافقا مع دفاع أهله عنه، بل من الأجدى أن يتعاونوا من أجل حل تلك المشكلة.
السرقة بسبب التدليل الزائد
أن عملية التدليل الزائد للطفل الذي تعود بأن يحصل على كل ما يتمناه ثم يفاجأ بالمنع أو الرفض لطلب ما من طلباته، تعتبر من أهم أسباب سرقة الطفل، فقد يلجأ إلى السرقة بسبب دوام تعوده على تلبية كل ما يريده، وهناك بعض الحالات المرضية التي تحتاج للطب النفسي، مثل الرغبة المرضية في التملك وهذه تحدث حالاتها عند بعض الأطفال المدللين الذين تربوا على الأنانية، فهم أولئك الذين لا يشبعهم شيء، فعلى الرغم من سعي الوالدين إلى توفير كل شيء لهم، إلا أنهم يمدون أيديهم إلى كل ما تراه عيونهم.
وهناك أيضا هوس السرقة، وهي تعتبر حالة مرضية في الأساس، فقد يلجأ الطفل لسرقة أشياء ليس لها قيمة حقيقية أو معنى يذكر، وفي نفس الوقت هو ليس في حاجة إليها، وهذه الحالة تأتي في صورة نوبات، وكل نوبة تكون مسبوقة بتوتر شديد لا يخف إلا بعد قيامه بالسرقة بالفعل، وهي نوع من الفعل القهري وقد يشعر الطفل بالندم بعدها مباشرة.
المصادر
http://uqu.edu.sa/page/ar/146975
http://forum.el-wlid.com/t179998.html
http://forum.sedty.com/t403234.html
http://www.alukah.net/social/0/46769/#ixzz2twcN2UuZ
http://www.mohammediapresse.com/news6307.html
الاسم:
رضا ابراهيم محمود عبد الرازق
السن:
40 سنة
الاسم:
رضا ابراهيم محمود عبد الرازق
السن:
40 سنة
الجنسية
:
مصري
الهواية:
قراءة المجلات ـ الرسم ـ الكتابة ـ المراسلة.
الوظيفة الحالية:
مشرف عمليات بترسانة السويس البحرية (هيئة قناة السويس),.
المجلات التى ينشر لي فيها:
مجلة جند عمان (سلطنة عمان),
مجلة الجندي (دبي، الإمارات العربية المتحدة),
مجلة الحرس الوطني (المملكة العربية السعودية),
مجلة المسلح (ليبيا),
مجلة (درع الوطن), الإمارات العربية المتحدة
مجلة العين الساهرة (الإمارات العربية المتحدة),.