سعت الكثير من الحكومات، في أرجاء مختلفة من العالم، إلى حماية ثقافاتها الوطنية من خلال الحيلولة دون تقبّل السمات الأجنبية الدخيلة عليها. وقد ذهبت فرنسا على سبيل المثال بعيداً في هذا السياق من خلال حماية لغتها من المفردات الأجنبية الدخيلة، فالأكاديمية الفرنسية French Academy تتصدى على الدوام للمفردات الأجنبية خاصة الإنكليزية منها فقد تم اعتبار مفردات وعبارات مثل Walkman و talk show و prime time كلمات أجنبية غير مرحب بها وعمدت الحكومة إلى استبدالها ببدائل فرنسية لكن جهودها لم تحرز سوى نجاح محدود.
وقد شهد العام 2013 انطلاق حوار عبر الأنترنت أعربت فيه الحكومة عن نيتها استبدال مفردة hashtag التي راجت في تويتر وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي بمفردة بديلة هي mot-diese ذات الأصول الغاليّة Gallic.
وفي مقاطعة كيبيك الكندية الناطقة باللغة الفرنسية تشترط التعليمات المحلية قيام الشركات التي تستخدم اللغة الإنكليزية في تعاملاتها إرسال النص ذاته باللغة الفرنسية شرط أن يكون حجم الحرف الفرنسي ضعف حجم الحرف الإنكليزي في الحد الأدنى. كما اتخذت السلطات هناك إجراءات متشددة فيما يخص اللغة الفرنسية منها إجبار المهاجرين على تلقي تعليمهم الجامعي باللغة الفرنسية فضلا عن ضرورة قيام المشاريع الكبرى بتنفيذ أعمالها من خلال إستخدام اللغة الفرنسية.
من جانبها عمدت الحكومة الصينية أيضا إلى الحفاظ على نقاء لغتها باستبعاد المفردات الأجنبية وهذا ما حصل مؤخرا حين عمدت تلك السلطات إلى إجبار نحو ألفي شركة من الشركات الغربية العاملة في أراضيها والبالغة نحو 20 ألف شركة إلى تغيير أسمائها إلى مسميات تتناغم واللغة الصينية؛ كما طالب علماء صينيون برفع 239 مفردة إنكليزية من أحد القواميس الصينية البارزة.
ومثل هذا الأمر لايقتصر على البلدان غير الناطقة باللغة الإنكليزية فحسب في سعيها لحماية لغاتها المحلية فقد نشأت في الولايات المتحدة في العقود القليلة الماضية حركة سياسية بارزة تشبه في توجهاتها ما شهدته كل من فرنسا وكيبيك هدفها الحفاظ على استخدام اللغة الإنكليزية. وعلى إثر ذلك تأسست الجماعة الأمريكية المعروفة بـ U.S. English (بهدف التيقن من كون اللغة الإنكليزية قوة موحّدة لمختلف الجماعات الأثنية في البلاد). ثم أن الكثير من الأمريكيين بدأوا يشعرون بالقلق حيال تزايد إنتشار لغات أخرى بسبب تدفق المهاجرين السريع إلى الولايات المتحدة.
إن مثل هذه التوجهات تدلل على مدى حساسية القضايا الثقافية وطبيعة ردود الفعل المتشددة التي يبديها الكثير من الناس حين يتعرضون لأية تحديات ربما تهدد أنماط حياتهم التقليدية.
ولاشك أن مثل هذه المساعي الرامية لحماية اللغة الإنكليزية داخل الولايات المتحدة ماهي إلا شكل من أشكال الحماية الثقافية. وما ردود الفعل تلك إلا دليل واضح على القلق الكبير الذي يراود الناس في مختلف أرجاء المعمورة حول تأثيرات العولمة على ثقافاتهم المحلية.
خلاصة القول
إن دخول العناصر الثقافية الغريبة حتى إلى دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي تكال إليها الإتهامات بأنها تسعى (للهيمنة الثقافية) على بقية أرجاء العالم يمكن أن يؤدي إلى نشوء ضغط سياسي كبير يهدف إلى حماية التقاليد والقيم المحلية.
المصدر:
http://www.globalization101.org/protecting-languages/
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.