يجمع العديد من رجال الدين وعلماء النفس والاجتماع والأطباء بما عرفوه أو عرض عليهم من نماذج لزيجات ناجحة لأشخاص من ذوي الإعاقة أن هؤلاء استطاعوا أن يكونوا أسراً سعيدة مستقرة، فيما يؤكد أشخاص آخرون من ذوي الإعاقة لم يتزوجوا أن ما حال دون زواجهم ظروف لا علاقة لها بإعاقتهم بل بما يحيط بهم من مفاهيم مغلوطة عن إنسانيتهم وحقهم في أن يعيشوا حياتهم كما وهبهم إياها الخالق عز وجل.
وبالفعل هناك أشخاص من ذوي الإعاقة عركتهم الحياة بمصاعبها وعقباتها واستطاعوا تجاوزها ووصلوا إلى حقهم في الزواج فكانوا بالفعل نماذج يقتدي بها زملاؤهم المقدمون على الزواج حتى يتجنبوا الوقوع في أخطاء قد تكلفهم الكثير.
لم نجد في كل الآراء التي عرفناها ما يضعف فكرة الزواج عند الأشخاص ذوي الإعاقة وأحقيتهم به فالشريعة الإسلامية ترى أن الشخص من ذوي الإعاقة فرد مسلم كامل الأهلية له كامل الحقوق ومن حقه أن يتزوج طالما أنه قادر على القيام بواجباته،..
والطب يرى أن من حق الشخص من ذوي الإعاقة أن يتزوج خصوصاً إذا لم تتعارض طبيعة إعاقته ـ عضوياً أو عقلياً ـ مع متطلبات الزواج.
أما في الجوانب النفسية والاجتماعية فإن نظرة المجتمع إلى الشخص من ذوي الإعاقة وحتى نظرة هذا الشخص إلى نفسه تتأثر تأثراً كبيراً بالمفاهيم الاجتماعية الخاطئة ففي حين لا تقتنع بعض المجتمعات بجدارته المادية والعملية وتعتبره شخصاً اتكالياً وبحاجة إلي رعاية فإن مجتمعات أخرى نجحت في نزع عبارة (الشخص من ذوي الإعاقة) من أذهان المجتمع وذهن الشخص من ذوي الإعاقة نفسه وحولته إلى إنسان قادر ـ سواء كان رجلاً أم فتاة ـ وهو ما أثر ايجاباً على فرصه في الزواج.
وما يعزز هذه الآراء هو التجارب العملية الناجحة لرجال ونساء من ذوي الإعاقة استطاعت إرادة الحياة القوية أن تجد طريقها بينهم ومن خلالهم حتى قبل أن يقرر العلم ما إذا كان زواج الشاب الكفيف من الشابة الكفيفة سيعطي أطفالاً مكفوفين أو أن زواج الشاب الأصم من شابة صماء سينتج عنه أولاد صم أو أن نظرات بعض قصيري النظر ستحطم زواج الشاب من ذوي الإعاقة الحركية أو الشابة من ذوات الإعاقة الحركية!!
دروس كثيرة يمكن الاستفادة منها من العديد من التجارب الناجحة التي تصادفنا بعضها يتسم بشيء من الخصوصية وبعضها يصلح لتعميمه والاستفادة منه وأهم هذه الدروس:
- إن إرادة الحياة سلاح لا يمكن اشهاره فقط عند المطالبة بالحقوق بل هو سمة تلازم صاحبه فلا يتوقف عن تحصيله العلمي وتحقيق استقلاله المادي وبالتالي لا يتنازل عن حق واحد من حقوقه فقط لأنه من ذوي أو ذوات الإعاقة.
ورغم الآراء ووجهات النظر التي عرضناها إلا أن الصورة تكاد لا تكتمل خصوصاً وأن مشكلة زواج الأشخاص ذوي الإعاقة تقدم في أحيان كثيرة على أنها مشكلة الشاب من ذوي الإعاقة ومدى تقبل الفتاة غير المعاقة له، والصحيح أيضاً أنها مشكلة الفتاة من ذوات الإعاقة ـ وحقها مثلها مثل الشخص من ذوي الإعاقة والفتاة غير المعاقة ـ في الزواج من شخص ذي إعاقة أو غير معاق.. وهو الأمر الذي لا يستطيع أحد توقعه سلفاً ذلك أن الحياة أغنى بكثير من تصورنا المسبق لها.