من المعروف أن الأسرة تشكل الركيزة الأساسية لكل مجتمع ومن الطبيعي أن هذه الأسرة تضع نصب عينها عند إنشائها أن تبني مجتمعها الصغير على أساس قوي ومتين وتوفر له الإشباع النفسي والاجتماعي والمادي بالإضافة إلى الاستقرار الأمني، ويسعى الزوجان إلى تحقيق هذا الهدف بمختلف الوسائل، ودائماً ترسم هذه الأسرة صورة مثالية للمولود القادم وتسعى جاهدة كي يخرج إلى هذه الدنيا وقد وفرت له جميع سبل العيش الرغيد.
وفي حالة عدم الإنجاب يشعر الزوجان بأن عالمهما لا قيمة له ولا معنى لأنهما يشعران بالدونية والنقص والاختلاف عن الآخرين، أما في حالة حدوث حمل وخاصة لأول مرة فإن هذه الأسرة تبدأ برسم تلك الصورة الجميلة لهذا الجنين من حيث شكله ولون عينيه ولون شعره وتبدأ برسم مخطط لتنشئته.وعند الولادة تختلف هذه الصورة قليلاً أو كثيراً، فكيف إذا كان الطفل المولود من ذوي الإعاقة، فستكون الضغوط النفسية الاجتماعية عليها شديدة وردود أفعالها متباينة ما بين الصدمة والإنكار ما يؤدي إلى تأزم العلاقات الأسرية وتبادل الاتهامات في بعض الأسر(1) (فايز جابر، ندوة تكامل المسؤوليات والوظائف الأسرية في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، البحرين 1422هـ – 2003 م، ص 19).
وعندما يكبر هذا الطفل إلى مرحلة المراهقة تزداد الأعباء والمشكلات المصاحبة للإعاقة بالإضافة لمشاكل النمو المعروفة في هذه المرحلة العمرية، فمن أهم تلك المشكلات: المشكلات الجنسية والتي تحتاج الأسرة للتغلب عليها بطريقة آمنة وعلمية.
إن برامج التربية الجنسية هي إحدى البرامج التربوية التي تهدف إلى إعداد الفرد للحياة ولكي ندرك مدى تغلغلها في حياتنا وتعمقها في شخصياتنا لا بد أن نجيب على هذا السؤال.
أليست التربية الجنسية تتساوى في الأهمية مع برامج التربية الأخلاقية والتربية الانفعالية والتربية الصحيحة… وهي البرامج التربوية التي تمثل معاً وحدة عضوية متماسكة والتي نقدمها ضمن البرامج التربوية والتعليمية لأبنائنا في منازلهم ومدارسهم ؟ فلماذا في المقابل نغض الطرف ولا نقدم لهم برامج التربية الجنسية ؟ ثم أليست هي امتداد للغريزة التي جبل الله عليها الناس جميعاً؟
ولعلنا هنا نتعرض لتعريف التربية الجنسية وما الفائدة منها؟
يعرف عبد العزيز القوصي التربية الجنسية بأنها: (ذلك النوع من التربية التي تمد الفرد بالمعلومات العلمية والخبرات الصالحة، والاتجاهات السليمة إزاء المسائل الجنسية بقدر ما يسمح به نموه الجسمي والفسيولوجي والعقلي والانفعالي والاجتماعي، مما يؤهله لحسن التوافق في المواقف الجنسية ومواجهة مشكلاته الجنسية في الحاضر والمستقبل مواجهة واقعية تؤدي إلى الصحة النفسية).
فيما يعرف عبد الله ناصح علوان التربية الجنسية بأنها (تعليم الولد وتوعيته ومصارحته منذ أن يعقل القضايا التي تتعلق بالجنس وترتبط بالغريزة، وتتصل بالزواج حتى إذا شب الولد وترعرع وتفهم أمور الحياة عرف ما يحل وما يحرم، وأصبح السلوك الإسلامي المتميز خلقاً له وعادة، فلا يجري وراء شهوة، ولا يتخبط في طريق انحلال).
ونرى بعد استعراضنا للتعريفين أن الأول منهما ينحو منحى إنسانياً نفسياً، فيتخذ من علمي التربية وعلم النفس ميداناً ينطلق منه، فيما يعكس التعريف الآخر الجانب الشرعي المرتكز على ثوابت الدين، وعلى مبدأ أساسي يؤكد على أن الدين الإسلامي الحنيف بتشريعاته وتعاليمه المختلفة هو ما يجب أن ينظم حياة الإنسان المسلم في جوانبها المختلفة، ومن جهة أخرى ترى أن جوهر التعريفين وغايتهما ونظرتهما لهذا الجانب واحدة تؤمن بحاجة الأفراد ومنهم الأشخاص ذوو الإعاقة، وضرورة تقديمها لهم بالأساليب المناسبة التي تليق بها.
ما الفائدة من التربية الجنسية؟
إن السلوك الجنسي يتعلمه الشخص من خلال عملية التنشئة الاجتماعية في البيت، والمركز الذي ينتمي إليه، ومن الأصدقاء، ومن وسائل الإعلام ويتأثر كثيراً بالنمو العقلي والذكاء والعادات والتقاليد والمعتقدات .لذا نجد أنه لدى الأشخاص غير المعاقين أفضل منه عند بعض الأشخاص ذوي الإعاقة خاصة ذوي الإعاقة لذلك فهم في أمس الحاجة للتوجيه والإرشاد فيه، لأن الأشخاص غير المعاقين يكتسبون الكثير من المهارات والخبرات المتعلقة بهذا السلوك بأنفسهم، فيما يحتاج بعض الأشخاص ذوي الإعاقة إلى من يعلمهم كل صغيرة وكبيرة حول الأمور الجنسية ويساعدهم على تنمية مهارات العناية بالذات في مواقف الجنس حتى تكون سلوكياتهم الجنسية سائغة من النواحي الشرعية والجسمية والنفسية والاجتماعية.
من هنا تأتي أهمية التربية الجنسية للأشخاص ذوي الإعاقة والتي تهدف إلى إعطائهم المعلومات الصحيحة، وتنمية الأفكار الطيبة والاتجاهات الإيجابية لديهم نحو أهداف الجنس وتحريرهم من الخبرات والسلوكيات الجنسية غير المقبولة وفي نهاية المطاف نجد أن لابد من ترسيخ هذا المفهوم في أذهان المربين والمعلمين والآباء ليتمكنوا من توجيه هؤلاء الأشخاص إلى التربية الجنسية الصحيحة.
المشرف التربوي للتوجيه والإرشاد الطلابي بالإدارة العامة للتربية الخاصة