سنة بعد أخرى تتزايد أعداد الهدايا غير المرغوب بها المقدمة للأطفال من غير ذوي التوحد، أما بالنسبة للأطفال ذوي التوحد فإن الهدايا التي يتم شراؤها دون بصيرة وحكمة يمكن أن تتسبب في مخاطر ومضايقات عديدة، فما عليك إذن سوى اختيار هديتك بدقة وعندها سوف يشيع السرور في نفوس أفراد العائلة.
إن أول شيء ينبغي الإنتباه اليه هو عدم الإعتماد على الفئة العمرية حيث يمثل التوحد حالة اضطراب تؤثر كثيراً على حالة نمو الشخص، الأمر الذي يؤثر غالباً على الشعور بالخطر فيجعله بطيئاً. وعلى أثر ذلك فإن الطفل الماهر في استخدام المعدات الإلكترونية ربما يعمد إلى قضم الأسلاك الكهربائية فيتعرض للصدمة الكهربائية. وإذا كان الشك يساورك فما عليك سوى التحدث إلى الآباء والأمهات ومن يتولون رعاية الأطفال ذوي التوحد في حال شعورك بالقلق من أن اللعبة لا تتوفر فيها شروط السلامة. في هذا الشأن أورد موقع Rospa الإلكتروني أرقاماً تشير إلى أن اللعب تسبب بما يزيد عن 40 ألف حادث سنوياً في بريطانيا. غير أنه لا تتوفر أحصائيات تتعلق بعدد الحوادث التي تصيب الأطفال ذوي التوحد.
وفي إطار المبادىء العامة عليك تفادي إعطاء الأطفال الأشياء القابلة للتهشم في حال سقوطها على الأرض، وهذا قانون إيجابي يمكن الإلتزام به في حال شراء لعب لسائر الأطفال. ويغدو الأمر أكثر إلزامية وأهمية في حال التعاطي مع الأطفال الذين يتعرضون لنوبات غضب متواترة.
ويمثل تمزيق الورق مشكلة أخرى تؤثر على مشترياتك حيث يشعر بعض الأطفال ذوي التوحد بالمتعة لدى تمزيق الورق، وربما يعزى ذلك إلى ما يصاحب الأمر من صوت أو إحساس أو رؤية الأوراق الممزقة وهي تتطاير من حوله. وحين نقدم الهدايا إلى الأطفال فإننا نشجعهم، في الواقع، على تمزيق الورق الذي يغلف الهدية. أما إذا كانت الهدية المقدمة كتاباً فإنه يتعين على الطفل أن يكون قادراً على التمييز بين الورق الذي يستخدم للتغليف وورق الكتاب ذاته. ومن أجل معالجة مثل هذا الأمر يمكن أن نقوم بشراء كتب ذات أغلفة وأوراق مقواة بالبلاستيك.
وفي حين يبدو بعض الأطفال ذوي التوحد منظمين ومرتبين إلى حد كبير فإن آخرين يواجهون صعوبات كبيرة في ترتيب أمورهم. فعلى سبيل المثال إذا ما أراد طفل من هذه الفئة تفريغ خزانات ملابس صغيرة أو بعض الأدراج من محتوياتها فإن إعادة ترتيب الحاجات ربما يمثل معركة متواصلة. لذا يتعين على العائلة التي تعاني من مثل هذه المشكلة أن تسعى لشراء اللعب المصنوعة على شكل قطعة واحدة وليس قطعاً عديدة، فلعبة المزرعة المكونة من مائة قطعة تحتاج في ترتيبها إلى جهد مضاعف يصل إلى مائة مرة قياساً بترتيب لعبة جرارة (تراكتور) كبيرة تتكون من قطعة واحدة. والسبب الآخر الذي يدفعنا لتفادي اللعب التي تتكون من قطع عديدة هو أن عدداً من الأطفال ذوي التوحد يبدون رغبة حيال تناول بعض الأشياء وكأنها أطعمة Pica وهو أمر ربما يمتد إلى اللعب البلاستيكية الصغيرة.
الشيء الآخر الذي تجدر ملاحظته أن وجود عدد كبير جداً من اللعب في الوقت نفسه يعتبر أمراً مغالى فيه. من هنا فإن الصفوف الدراسية المعروفة TEACCH تكاد تكون خالية من الأشياء وهو أمر يحمل في طياته الكثير من الصرامة لكنه يقدم عوناً للأطفال ذوي التوحد حيث يتعين عليهم أن يركزوا على شيء واحد فحسب في كل مرة. وهذا الأمر ينطبق أيضاً على اللعب حيث أن شراء هدية كبيرة واحدة أفضل من شراء أشياء صغيرة كثيرة. من ناحية أخرى يجب عدم تقديم أشياء مادية حيث أننا نلاحظ أن الكثير من حدائق الحيوانات والجهات المهتمة بالحياة البرية والمتاحف تعمد إلى منح عضوية أو بطاقات لكون مثل هذه الهدايا لا تتطلب القيام بأي ترتيب أو تغليف. في هذا السياق عليك التأكد من أن الشخص المعني بالإهتمام يستمتع بزيارة المكان الذي لا يجب أن يكون مفعماً بالضجيج أو مزدحماً جداً.
ومن الأهمية بمكان الإشارة هنا إلى أنه لا يمكن أن يكون لكل طفل من ذوي التوحد بالضرورة إهتماماته الخاص غير أن الكثير من الأطفال ذوي التوحد لديهم إهتماماتهم الخاصة بهم. ومثل هذه الإهتمامات يمكن أن تعطيك مؤشرات مفيدة، عليه بادر إلى الذهاب معهم وحاول إعطائهم هدايا تتصل بإهتماماتهم بشكل من الأشكال مثل الأشياء التقنية المحببة إلى نفوسهم كالحاسبات وأجهزة التسجيل والفيديو والكمبيوترات.
ولعل القول بأن مثل تلك الأشياء تشكل محط إهتمام سائر الأشخاص من ذوي التوحد لا يعدو كونه أكثر من تبسيط كبير للأمور، عليه يتعين عليك الإستفسار منهم إذا وجدت أنك لا تعرف إهتماماتهم. وفي حال إختيارك هدية لطفل من ذوي التوحد لديه حالة حادة فأن الأمر يتطلب تجريبها قبل أعطائها له بشكل نهائي. وفي هذا الشأن تمثل اللعب التي تعمل بالأزرار إختياراً ناجحا.ً
ويبدي بعض الأطفال ذوي التوحد حساسية مفرطة حيال الأصوات وبعض الأنسجة. من هنا عليك أن لا تشعر بالإنزعاج إذا أشتريت قميصاً صوفياً لطفل من ذوي التوحد وظل مركوناً جانباً لا يبدي أية رغبة في ارتدائه. وفي الوقت الذي تشعر فيه أن القميص ناعم ومريح بالنسبة لك فإن متلقي الهدية ربما يشعر بأنه يرتدي لبادة خشنة! كما أن اللعب الموسيقية يمكن أن تكون مصدر إزعاج كبير إذا كان الطفل حساساً للموسيقى الصاخبة أو بعض الترددات.
في ضوء كل ذلك ربما يداخلك العجب من وجود لعبة ما مناسبة لا تسبب ألأذى للأطفال ذوي التوحد. غير أن الأخبار السارة تشير إلى أن عدداً قليلاً جداً فحسب من الأطفال ذوي التوحد يشتركون في المشاكل التي تمت الإشارة اليها هنا؛ وبالنسبة إلى بعض الأطفال هناك صعوبات أخرى لا أستطيع التنبؤ بها. ويبقى الشيء المهم هنا ضرورة معرفة رغبات الطفل من ذوي التوحد، عندها ستكون الإحتفالات آمنة وممتعة لكل الأطراف ذات العلاقة.
ترجمة: هاشم كاطع لازم