ألوان كثيرة تمتزج في أواني طبخ الفنانين التشكيليين لتخرج لوحة ممتلئة بالمعاني المحرقة للشخص الذي يخرجها ويلونها ويبروزها ليعرضها على الملأ كزهرة متفتحة في موسم اللازهور. إقبال وجماهير غفيرة تزور وتطلع وتدقق وعيون شاخصة تحاول جاهدة أن تقرأ تعابير ومضمون ما تراه من ألوان، لكن يبقى المعنى والمغزى محفوظاً في قلب من أبدع وفي وجدان من تخيل فسكب عصارة فكره ألواناً سالت كدموع خل أضناه الفراق فآثر البكاء، لكن بلون آخر.
نمر في طريق حياتنا المتعرج بتلال ومرتفعات تستدعي زيادة الدفع للوصول بسلام وقد ننخفض بسرعة لنصل إلى قاع من الأماني المحبطة التي لم تجد طريق الوصول فلابد هنا من أن نبقي على فرامل القيادة مكبوحة لنستطيع توجيه عجلة الطموح حتى تمر بسلام من أمام محبطات ومطبات الزمن المنتشرة في شوارع حياتنا الكبيرة.
دائماً يلازمنا التسرع في الأحكام والقرارات فنطلق لأنفسنا عنان النقد والتجريح للشخص الذي يصادفنا دونما تمحيص وتأن فتجدنا نثار في مواقف كان يفضل فيها الحوار لكنها حفيظتنا كشرقيين نشأنا على حب أنفسنا دون مراعاة لمشاعر من حولنا توقعنا في فخاخ القرارات الخاطئة التي نبقى نتحمل تبعاتها ردحاً طويلاً من الزمن والسبب عدم التأني والحكم من جانب واحد وحذف مصطلح الحوار من قائمة مهام عقولنا لا نعرف إلا إخراج ما نراه دون تمحيص.. المهم أن يكون ما أريد لا ما تريد.
هل حقاً تدرك عقولنا معنى العمل.. العمل بما يحمل من آليات تحرك وجدان الشخص نحو الإبداع المطلق أم أننا نتوجه للعمل بدافع الفراغ والدفء لتقضية وقت وكفى! بعض النماذج من البشر تترك انطباعاً سيئاً لدى المتعاملين معها يتذمرون ويكثرون التململ والحديث عن سوء الحظ والشؤم الذي يخيم على حياتهم لذلك فهم لا يعطون ما يعطيه القانع المتفاني المخلص، والنتيجة هي بقاء لسنوات طويلة في المقعد ذاته دونما تحرك لسلم التقدم المرتبط بالفكر والعمل الدؤوب والسعي نحو التحديد.
في زمن التواصل والقرية الصغيرة يكثر البعاد وانقطاع الصوت دوناً عن الصورة، الكل حجته مشغول مرتبط لا أجد الوقت للزيارة أو حتى السؤال، يا ترى هل ما ندعيه من شغل وعمل هو فعلاً ما يعطلنا عن زيارة الأقارب والأرحام والأصدقاء أم أننا ركبنا موجة الزحام ولم نرسو على بر الشعور بالآخرين وسارعت بنا خطوات الدنيا نحو الجمع والطرح والقسمة وشمولية الربح وكم سيعود علينا في كل ثانية وماذا سأستفيد من مشوار لا يعود عليّ بشيء!!
ما أجمل التصالح مع الذات والحديث معها ومحاسبتها لنستطيع الوقوف على أخطائنا ومعالجتها بدل الاستمرار فيها حتى تستفحل ولا نجد حينها دواء ولو حتى للتخفيف وليس القضاء على الآلام التي سببها جرح تركناه دون غطاء فتلوث حتى صار دامياً لا يتوقف عن النزف.
اللهم خالق الكون مسخر الشجر والحجر لكل بني البشر ارحم كل من يناجيك في ظلمات الليل الدامس وخفف عن كل المعاقين والمبتلين بذنوب غيرهم فهناك من يصنع الحروب ويتفرج وهناك من يسكب الدماء ويعاني الغصات بعيداً عن كراسي العظماء الذين يرون الصورة بعد المونتاج وادخال المؤثرات عليها لتصل خالية من العذابات والقهر ممتلئة بحقوق الإنسان التي يدعونها في مواثيقهم.
اللهم ارحمنا يا رب.