رؤيتنا أن نكون مؤسسة رائدة في مناصرة واحتواء وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة في دولة الامارات والوطن العربي
تتشرف مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية منذ تأسيسها سنة 1979 بالرئاسة الفخرية لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذي يعتبر بحق المتطوع الأول والمساهم الأول في بناء هذا الصرح الاجتماعي وضمان استمراره وتطوره منذ أن كان فكرة وحتى أيامنا هذه يقدم له الدعم المادي والمعنوي والنصح الأبوي والأفكار الخلاقة إيماناً من سموه بأهمية العمل التطوعي ودوره في التنمية الاجتماعية وبأهمية توفير خدمات التعليم والتأهيل للأشخاص من ذوي الإعاقة في المجتمع باعتبار ذلك حقاً مكتسباً لهم لا منة فيه ولا إحسان.
… وللاقتراب أكثر من هذا الصرح والاستفادة من الدروس والتجارب التي أرساها على امتداد هذه السنوات الطوال كان لابد لنا من اللقاء مع شخصية عملت على تحقيق هذه الرؤية وتجسيدها على أرض الواقع منذ أن تصدت لمسؤولياتها في المدينة في فبراير 1983 ووضعت قضايا الأشخاص من ذوي الإعاقة على رأس اهتماماتها وأولوياتها… إنها سعادة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية… ورغم إدراكنا لصعوبة حصر المكاسب والإنجازات التي تحققت للأشخاص ذوي الإعاقة طوال هذه السنوات.. إلا أننا لم نتردد في سؤالها عن أهم الإنجازات التي تحققت لقناعتنا بأن الإنجاز لا يقاس إلا بالنتائج والمخرجات ومن ثم استخلاص الدروس والعبر، وتعميم التجارب والنماذج الناجحة..
ومن هنا كان سؤالنا الأول لسعادة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي..
س 1 ـ ما هي الإنجازات التي حققتها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في مجال تمكين وتحسين حياة الأشخاص ذوي الإعاقة؟
تتلخص رؤية مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية بأن تكون مؤسسة رائدة في مناصرة واحتواء وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة في دولة الامارات والوطن العربي، وتنص رسالتها على العمل معاً للحد من أسباب الإعاقة بالتدخل المبكر والتوعية المجتمعية، ومناصرة واحتواء وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة بالتعليم والتأهيل والتوظيف ليكونوا مشاركين ومستقلين في مجتمعاتهم.
وعليه، فإن كل الأعمال التي تقوم بها المدينة ما هي إلا ترجمة عملية لهذا التوجه، بدءاً من دور مركز التدخل المبكر بالشارقة الأول من نوعه في المنطقة للحد من أسباب الإعاقة والتخفيف من آثارها وأعبائها وهو الدور الذي بدأ يعطي ثماره منذ بداية عمل المركز في اكتوبر 1993 حتى اليوم حيث شهدنا في الفترة من 9 إلى 11 يناير الماضي مؤتمره الناجح للتدخل المبكر 2016 (مكعبات ملونة)،.. مروراً بالخدمات النوعية والاختصاصية التي تقدمها المدينة لمختلف الإعاقات بما فيها الإعاقات الشديد ة والتوحد في أقسامها ومدارسها وورش التأهيل فيها مستخدمة أحدث الوسائل والتقنيات التعليمية،.. وليس انتهاء بعمليات الدمج التربوي والمجتمعي، والتدريب والتوظيف والتعليم الجامعي.
وهنا على سبيل المثال لا الحصر أنوه بمخرجات مدرسة الأمل للصم التي تم اعتمادها في العام الماضي كأول مدرسة للصم في برنامج محمد بن راشد للتعلم الذكي، حيث تمكنت من دمج 76 طالباً أصماً في مدارس السامعين، وبلغ عدد طلبتها الذين اجتازوا امتحانات الثانوية العام بفرعيها العلمي والأدبي 41 طالباً وطالبة، تخرج 6 منهم من جامعة الشارقة فيما يواصل 12 من زملائهم دراستهم الآن في الجامعة ذاتها.
وهذا ما دفع المدينة إلى الإسهام في تأسيس مركز الموارد للطلبة ذوي الإعاقة التابع لجامعة الشارقة بحيث تكون الجامعة مؤسسة دامجة وممكنة للوصول بصورة شاملة للطلبة الحاليين والمحتملين من ذوي الإعاقة.
وبالطبع لا تكتمل عملية التمكين ولا تصبح ناجزة سواء من خلال التعليم أو التدريب أو التأهيل إلا من خلال عملية التوظيف التي تضمن للشخص ذي الإعاقة حقه في الحياة الكريمة أسوة بالآخرين وذلك من خلال ممارسة حقه في العمل وضمان استقلاليته المادية، وهنا يحق لنا أن نفخر بأن المدينة نجحت في توظيف ما نسبته 10% من اجمالي عدد موظفيها من الأشخاص ذوي الإعاقة من الجنسين في وظائف ثابتة ومستقرة في المدينة.
وفي المجال نفسه نجح قسم التأهيل المهني والتوظيف في ايجاد فرص عمل خارج المدينة للطلبة الخريجين بمن فيهم الأشخاص من ذوي الإعاقة الذهنية حيث بلغ عددهم حتى اليوم 324 موظفاً تم تدريبهم وتأهيلهم على مهن ووظائف تتلاءم مع احتياجات سوق العمل المحلي، هذا بالإضافة إلى التدريب الصيفي السنوي بهدف ايجاد فرص عمل ملائمة ودائمة، وكذلك التوسع في فكرة (مشروعي) الذي يهدف إلى توفير فرصة عمل ومكسب رزق يومي للشخص ذي الإعاقة وتشغيله في مهنة يستطيع أن يثبت بها ذاته ومتناسبة مع امكاناته يقوم خلالها بادارة مشروعه الخاص وبمساعدة الأهل ودعم المدينة.
ولم يقتصر عمل المدينة على تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة وتحسين شروط حياتهم فقط في المجالات التي ذكرتها آنفاً بل اتسع ليطال البيئة المادية الميسرة لتنقل الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال مشروع (مدينة بلا حواجز) الذي أطلقه صاحب السمو حاكم الشارقة في نوفمبر 1990، وكان من نتائجه أن الإمانة العامة لبلديات الدولة قامت في فبراير 1991 بتضمين قانون تنظيم البناء بنداً خاصاً بضرورة توفير التعديلات والتسهيلات اللازمة للأشخاص ذوي الإعاقة.
كما عملت المدينة على توفير مقومات ممارسة الأنشطة الرياضية والفنية والثقافية والاجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة من خلال تأسيس نادي الثقة للمعاقين بالشارقة سنة 1987، وتوفير الدعم لأسرهم من خلال تأسيس جمعية أهالي ذوي الإعاقة (سابقاً جمعية أولياء أمور المعاقين في الإمارات) سنة 1996.. وسبقها قبل سنة تأسيس جماعة الإمارات للفن الخاص في الشارقة عام 1995 التي توجت نشاطها الفني بالحصول على عضوية المنظمة الدولية سنة 2000، وكانت هذه الجماعة دافعاً لتنويع عملها ليشمل التمثيل والأعمال المسرحية من خلال تأسيس جماعة الإبداع الفني سنة 2010.
وفي مجال توسيع قاعدة المستفيدين من خدماتها كانت المدينة أول من أدخل خدمة متخصصة في الدولة لحالات التوحد من خلال إنشاء مركز الشارقة للتوحد سنة 2002 بعد أن كانت قد أنشأت قسماً خاصاً بالتوحد في مدرسة الوفاء لتنمية القدرات حالياً في العام الدراسي 1994 ـ 1995 ضم وقتها 8 حالات، وتم فيما بعد إنشاء قسم خاص بالشباب ذوي التوحد سنة 2007.
كل هذه الإنجازات التي ذكرت بعضاً منها اقتضى الوصول إليها المزيد من الجهد والمعرفة وتراكم الخبرات والتجارب، التي لم نقبل أن نستأثر بها وحدنا، بل كنا أوفياء وأمناء لرؤيتنا بأن نكون مؤسسة رائدة في مناصرة واحتواء وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة ليس في دولة الإمارات وحسب بل في جميع أرجاء الوطن العربي، وأسهمنا بتفان وإخلاص بتدريب الكوادر العربية ونقل خبراتنا إلى مختلف البلدان، سواء من خلال استضافة المتدربين العرب والخليجيين لفترات تدريب ميدانية طويلة نسبياً أو من خلال تنظيم الدورات وورش العمل التخصصية في مختلف المجالات، فضلاً عن نقل خبراتنا لمختلف الجهات التي تنوي تقديم خدمات تخصصية غير مسبوقة للأشخاص ذوي الإعاقة.
س 2 ـ عدد الطلاب والتكلفة؟
منذ تأسيسها سنة 1979 لم تتوقف المدينة عن أداء رسالتها تجاه فئة من الأطفال قد تكون الأكثر حاجة إلى تقديم الخدمات بغض النظر عن الجنسية والشرط الوحيد لقبول الطفل من ذوي الإعاقة أن يستفيد من الخدمات التربوية والتدريبية والتعليمية والتأهيلية التي تقدمها، وقد وصل عدد المستفيدين من خدماتها المتنوعة والمتطورة في 17 فرعاً وقسماً موزعة على إمارة الشارقة إلى ما يزيد عن 3800 شخص من ذوي الإعاقة، منهم 1214 طفلاً من مختلف الأعمار والجنسيات يتلقون خدمات يومية في فصولها وأقسامها وذلك وفقاً لآخر إحصائية أجريت في العام الدراسي 2014 ـ 2015، أما بالنسبة للتكلفة السنوية للطالب الواحد فتبلغ في المتوسط 30 ألف درهم.
س 3 ـ كيف تترجم مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة في تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة ودمجهم في المجتمع؟
هدف التنمية في إمارة الشارقة وغايتها كما أراده صاحب صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي هو خير الإنسان وسعادته بغض النظر عن الاختلاف والتنوع الذي أوجده الخالق عز وجل بين البشر رحمة وغنى، وفي أكثر من مناسبة وأكثر من مجال هناك مواقف لصاحب السمو حاكم الشارقة خص بها أبناءه من ذوي الإعاقة ومدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، منذ تأسيسها وحتى اليوم، بدءاً من توعية المجتمع بأسباب الإعاقة وأساليب الوقاية منها، مروراً بضرورة توفير الخدمات والتسهيلات اللازمة لهم، وصولاً إلى تمكينهم من ممارسة حقهم في الحياة..
وأعتقد أن الإنجازات التي تطرقت إليها في السطور أعلاه هي تحقيق لرؤية صاحب السمو حاكم الشارقة في تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة ودمجهم في المجتمع.. لدينا في دولة الإمارات القانون رقم 29 للأشخاص ذوي الإعاقة، ولدينا الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وكلاهما صادق عليهما صاحب السمو رئيس الدولة في ديسمبر 2009 وهاذان التشريعان يكفلان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع مناحي الحياة، ومن واجب الجميع العمل على تفعيل هذه التشريعات وتطبيقها على أرض الواقع.. وهذا ما نسعى للالتزام به بأقصى ما لدينا من طاقات، ونستطيع أن ننوه هنا بدورنا ـ على سبيل المثال ـ في دمج 128 طفلاً في رياض الأطفال بعد تلقيهم خدمة التدخل المبكر الملائمة قبل أن تستفحل الإعاقة لديهم، وكذلك دمج عدد كبير من الطلبة الصم في العملية التعليمية، وتوفير أفضل الوسائل التكنولوجية لمن لم نتمكن من دمجهم لمواصلة تعليمه إلى أقصى مراحله، وافتتاح مركز للتعليم المسائي للطلبة الذين انقطعوا عن الدراسة وأحبوا أن يتابعوها وهم يرون زملاءهم يرتادون الجامعات ويتخرجون منها ويحصلون على وظائف لائقة، ونجاحنا كذلك في توظيف أعداد كبيرة من الأشخاص ذوي الإعاقة بما فيها الإعاقة الذهنية.. بالإضافة إلى بناء الشراكات القوية مع مؤسسات المجتمع المحلي وفعالياته التربوية والثقافية والاجتماعية والرياضية واستقطاب المزيد من الداعمين والشركاء مما يوسع نطاق الشراكة المجتمعية ويعزز دور مؤسسات القطاع الخاص في الممارسة الفعلية لمسؤولياتها المجتمعية.
ولا يفوتني في هذا المجال أن أنوه بدور المدينة في إدخال مبدأ المناصرة الذاتية للأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية لأول مرة في الدولة في يناير 2009 وتدريب مجموعة من المناصرين الذاتيين للتعبير عن آرائهم والمطالبة بحقوقهم الإنسانية والارتقاء بأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية والوصول إلى ما يحقق تكاملاً فعلياً بين جميع العناصر المكونة للمجتمع على أساس من المساواة والاحترام وعدم التجاهل.
س 4 ـ ما هو رأيكم بالمبادرات التي تقوم باتخاذها دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال الأشخاص ذوي الإعاقة؟
أرى أن جميع المبادرات التي نشهدها في إمارات الدولة في الوقت الحالي والتي تبنتها مؤسسات وجهات عاملة في المجال وحظيت بدعم شخصيات مؤثرة وفاعلة في المجتمع، وكانت الغاية منها تفعيل بنود القانون رقم 29 لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة سواء لجهة دمجهم في التعليم العام أو دمجهم اجتماعياً وايجاد فرص لتوظيفهم وتمكينهم في مجتمعاتهم… أرى أنها جميعها مبادرات مقدرة تخدم الأهداف المشتركة التي نعمل عليها جميعاً طالما أتت منسجمة مع القوانين والتشريعات التي صادقت عليها دولة الإمارات لضمان ممارسة ومباشرة الأشخاص ذوي الإعاقة حقوقهم كافة.. على أن تبقى الأخيرة هي الأساس الذي ينبغي أن تستند عليه كل هذه المبادرات.
س 5 ـ ما هو الدور الذي تقوم به مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في ارشاد أسر الأشخاص ذوي الإعاقة؟ وما هي نصيحتكم لهذه الأسر لضمان تقدم أطفالهم وحتى يكونوا أكثر ثقة بأنفسهم وأكثر استقلالية؟
عملية الإرشاد الأسري تبدأ حتى قبل اكتشاف حالة الإعاقة وتمر بعدة مراحل، أولاها توعية الشباب والشابات بضرورة إجراء الفحص الطبي قبل الزواج وتوعيتهم بأسباب الإعاقة وكيفية تجنبها، وثانيها توعية الأهل بضرورة إعطاء بناتهن اللقاحات الضرورية للوقاية من الحصبة الألمانية التي يتسبب عدم الالتزام بها في تشوهات خلقية حادة للأجنة، تليها وكذلك توعية الأمهات الحوامل بضرورة تجنب أخذ الأدوية في الأشهر الأولى للحمل إلا بعد استشارة الطبيب المختص.. ولكن إذا حدثت الإعاقة لا سمح الله، فإن إرشاد الأسر يأخذ منحى آخر يبدأ بتقبل الإعاقة والتعامل معها بايجابية والمسارعة ما أمكن لطلب الخدمة من الجهات المؤهلة كمركز التدخل المبكر الذي يقدم خدماته ليس في المركز فقط بل من خلال الزيارات المنزلية.
وبالطبع لا تتوقف عملية الإرشاد الأسري عند هذا الحد، ولدينا في جميع فروعنا ومدارسنا ومراكزنا أقسام للإرشاد الأسري تتولى إرشاد الأسر في كيفية التعامل مع أبنائهم في مختلف المراحل العمرية من أجل الوصول بهم إلى أقصى ما تسمح به قدراتهم، وهذا الهدف لا يمكن تحقيقه إلا بتكامل الأدوار بين أطراف العملية التربوية الثلاثة: الطالب والمدرسة والأسرة.
وقد حرصت المدينة على توطيد هذه العلاقة بين هذه الأطراف من خلال إنشاء مجالس للأمهات والآباء والأخوة وحتى الطلبة أنفسهم من خلال مجالس الطلبة وايجاد فرق للمناصرين الذاتيين. وفي كل هذه المجالس يجتمع المعنيون والمستفيدون مع المشرفين والاختصاصيين ويتبادلون الرأي والمشورة للتعامل مع مختلف الأوضاع التي يمر بها الأبناء وعلاجها ومن ثم الوصول بهم إلى بر الأمان وتحقيق الطموحات المنشودة.. وهذا بالفعل ما عملت عليه المدينة منذ سنوات طوال استطاعت خلالها تخريج أجيال وأجيال من الأشخاص ذوي الإعاقة الذين نجحوا في ممارسة حقهم الطبيعي في الحياة، لا بل استطاعوا أن يبدعوا في كل المجالات التي خاضوها.. في دراستهم وأعمالهم ووظائفهم ونجحوا في تكوين أسر متماسكة مترابطة هي اليوم جزء من نسيج مجتمعنا الذي نعمل جميعاً من أجل تقدمه وازدهاره.
س 6 ـ خطط مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة والوصول بهم في دولة الإمارات والشرق الأوسط إلى أقصى درجات التمكين والدمج؟
مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية كما أرادها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة حفظه الله: ليست للشارقة وحدها أو لدولة الإمارات أو لمنطقة الخليج العربية إنما هي انطلاقة عربية عالمية تقدم الخدمات في جميع المجالات لأصحاب الإعاقة في أي مكان على هذه البسيطة، وحول هذه النقطة الأخيرة أود التنويه بالأدوار المشهودة التي تقوم بها المدينة سواء من خلال دورها الفاعل في تأسيس عدد من المنظمات العربية والعالمية أو من خلال عضويتها في هذه المنظمات وتوظيفها لهذه العضويات من أجل مستقبل أفضل للأشخاص ذوي الإعاقة، وأذكر منها على سبيل المثال:
(عالمياً) الاتحاد العالمي للمكفوفين، منظمة التأهيل الدولي، المنظمة الدولية للفن الخاص VSA (واشنطن دي سي)، التحالف العالمي لتسهيل الوصول للبيئات والتقنيات GATTES، الاتحاد العالمي للصم.
و(عربياً) الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم، الرابطة الخليجية للتوحد، منظمة التأهيل الدولي ـ الإقليم العربي، منظمة الاحتواء الشامل لإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الشبكة العربية للتوحد، الاتحاد الدولي لتنمية قدرات الجميع من خلال الترويح، الاتحاد العربي للمكفوفين، الأولمبياد الخاص الإماراتي واتحاد الإمارات لرياضة المعاقين.
وفي هذا المجال أيضاً أود أن أنوه بالدور الذي قامت به مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في مجال توسيع ونشر فلسفة التدخل المبكر وتعميم الاستفادة من الخبرات التي تراكمت حيث أسهم المركز على مدار عقدين من الزمن وأكثر بتطوير وتدريب الكفاءات المحلية والخليجية والعربية، ونظم لهذا الغرض أكثر من 24 ورشة وبرنامجاً تدريبياً استفاد منها أكثر من 700 اختصاصي من 14 دولة عربية،.. بالإضافة إلى تصميم المركز وتنفيذه لدورات وورش عمل في عدد من الدول العربية، نذكر منها على سبيل المثال تنظيم ورشة عمل متكاملة حول التدخل المبكر بالتعاون مع المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بدولة قطر، ودورة متخصصة في علاج النطق استفاد منها اختصاصيون في المجال في الجمهورية اليمنية، ودورات أخرى متخصصة في سلطنة عمان.. هذا فضلاً عن الزيارات العديدة التي كانت تقوم بها وفود من إمارات الدولة وعدة دول عربية وخليجية لنقل تجربة وخبرات المركز إلى بلدانهم للاحتذاء بتجربة الشارقة.. وبالطبع فإن أي تقدم يحرزه العاملون في المجال سواء على المستوى المحلي أو العربي سينعكس إيجاباً على الخدمات المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة وصولاً إلى تمكينهم ودمجهم تربوياً ومجتمعياً وممارسة حقوقهم كاملة أسوة بباقي أفراد المجتمع.
ومن حيث الخطط المستقبلية التي تعمل عليها المدينة للوصول بالأشخاص ذوي الإعاقة إلى أقصى درجات التمكين والدمج لدينا مشروع إنشاء وتطوير المنشآت الأساسية لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، والتوسع في استخدام التكنولوجيا الحديثة في تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة، وقد أنشأنا لهذا الغرض مركزاً للتقنيات المساندة، ونجحنا في عقد شراكات قوية وفاعلة مع شركات الاتصالات في الدولة وشركات البرمجيات العالمية، وقد تم اعتماد مدرسة الأمل للصم كأول مدرسة من نوعها في برنامج محمد بن راشد للتعلم الذكي يتوقع أن تنتقل الخبرة منها إلى باقي مدارس الأشخاص الصم في الدولة، وأسهمنا في تأسيس مركز موارد التابع لجامعة الشارقة للوصول إلى تعليم جامعي ذي كفاءة وجودة عالية للطلبة الحاليين والمحتملين من ذوي الإعاقة، وبحيث لا تقتصر على إعاقة بعينها وإنما تشمل باقي الإعاقات وخصوصاً الإعاقة البصرية. وقد افتتحنا مركزاً مسائياً لتعليم الصم الكبار لإتاحة الفرصة أمامهم لإكمال دراستهم الثانوية والجامعية أسوة بزملائهم الصم في الفترة الصباحية.
س 7 ـ ما هو رأيكم بالمشاركة في اكسبو الأشخاص ذوي الإعاقة ؟
اكسبو ذوي الإعاقة مؤتمر عالمي فريد من نوعه، ويليق بالنهضة التي تشهدها دولة الإمارات في كل المجالات، ويأتي منسجماً تمام الإنسجام مع مبادرة مجتمعي مكان للجميع والطموح بأن تكون مدينة دبي مع حلول عام 2020 مدينة صديقة للأشخاص ذوي الإعاقة بالكامل، بعد أن شهدنا في ديسمبر الماضي الإعلان عن الشارقة أول مدينة صديقة للطفل عالمياً دون تمييز بالطبع بين طفل ذي إعاقة وطفل غير معاق، وهنا أذكر بفخر مشروع (مدينة بلا حواجز) الذي أطلقه صاحب السمو حاكم الشارقة في نوفمبر 1990 لتحسين أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة، وكان من نتائجه أن الإمانة العامة لبلديات الدولة قامت في فبراير 1991 بتضمين قانون تنظيم البناء بنداً خاصاً بضرورة توفير التعديلات والتسهيلات اللازمة للأشخاص ذوي الإعاقة.
كما أن تركيز المؤتمر على مجالات الاتصالات والرعاية الصحية والضيافة والسياحة والتعليم والبنية التحتية وغيرها من مجالات تتلاقى مع اهتماماتنا وتأتي في صلب عملنا خصوصاً ونحن نتلمس أهمية وضرورة استخدام التكنولوجيات الذكية في تحقيق أكبر قدر من الاستقلالية والحرية للأشخاص ذوي الإعاقة وتوظيف هذه التكنولوجيا في تطوير عملية تعليمهم وتأهيلهم وضمان وصولهم إلى البيئات المادية والتقنية والمعرفية بكل سهولة ويسر.. وهذا كله سينعكس ايجاباً على نوعية الحياة وجودتها بالنسبة لهذه الفئة من المجتمع التي ما زلنا ندين لها بالكثير الكثير.
أما بالنسبة لمشاركتنا في المؤتمر فقد انصبت على مجال التوعية والتدخل المبكر إنسجاماً مع رسالتنا بالعمل للحد من الإعاقة بالتدخل المبكر والتوعية المجتمعية وتركيزنا هذه السنة على الموضوع ذاته، وكنا قد استضفنا في الثلث الأول من يناير 2016 مؤتمراً موسعاً شارك فيه خبراء واختصاصيون من الدولة والوطن العربي والعالم، وعليه فقد استعرض مدير مركز التدخل المبكر في المؤتمر ورقة بعنوان (أرقام تتحدث) تناول فيها الخدمات المقدمة في مركز التدخل المبكر منذ بداية عمله عام 1993 وحتى نهاية عام 2015، على شكل أرقام وحقائق ليست الغاية منها سوى اثبات مدى أهمية التدخل وضرورته للحد من أسباب الإعاقة والتخفيف من آثارها على الفرد والمجتمع.
هذا بالإضافة إلى مشاركة قسم التأهيل المهني والتوظيف بعرض منتجات ورش الخزف والرسم على الموزاييك والاكسسوارات وورش الأشغال والتغذية والنجارة،.. وكلها مشغولات ومصنوعات ذات مستوى راق أبدعها أبناؤنا من ذوي الإعاقة، فضلاً عن التعريف بنشاط وأهداف جماعة الإبداع الفني وأبرز أعمالها التي قدمتها منذ أنشائها سنة 2010 وآخرها العرض المسرحي (الرحلة رقم 26) في افتتاح فعاليات مخيم الأمل السادس والعشرين بالشارقة.
في ختام هذه المقابلة أشكر الجهات الحكومية في دبي التي كان لها دور كبير في تنظيم هذا المؤتمر والإعداد له وأخص بالشكر هيئة كهرباء ومياه دبي وبلدية دبي وهيئة تنمية المجتمع في دبي والإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب في دبي وجمارك دبي.. وتمنياتي بالنجاح لهذا المؤتمر في تحقيق الأهداف التي عقد من أجلها.