والعلاقة مع برنامج في خدمة الجماعة
دراسة تجريبية بجمعية التنمية الفكرية بالمطرية
يتزايد الاهتمام العالمي بالأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية وتأهيلهم والعمل على الاستفادة من طاقاتهم وامكاناتهم المحدودة بما يحقق لهم التكيف مع البيئة وإعدادهم للاندماج في المجتمع الذي يعيشون فيه.
وقد أعلنت الهيئات العالمية المعنية بشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة مثل: الرابطة الأمريكية للضعف العقلي والرابطة القومية للضعف العقلي بالمملكة المتحدة أن التدريب والتأهيل حق أساسي من حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة العقلية من قبل المجتمع كما أكدت على ضرورة إعداد وتنفيذ البرامج اللازمة لتأهيلهم للحياة الاجتماعية وإعدادهم للاعتماد على أنفسهم في قضاء شؤونهم اليومية بقدر ما تسمح به امكاناتهم وقدراتهم المتبقية.
ولقد أكد الباحثون في مجال الإعاقة العقلية على أهمية اكتساب الأطفال ذوي الإعاقة العقلية مهارات الحياة اليومية حيث يتسم هؤلاء الأطفال بعدم قدرتهم على ممارسة أوجه الحياة اليومية نظراً لقصور في قدراتهم العقلية الأمر الذي يتطلب تدريبهم على مجموعة من المهارات المرتبطة بالحياة اليومية كمهارات تناول الطعام والشراب ومهارات ارتداد الملابس والمهارات المرتبطة بالنظاقة، وأيضاً المهارات الاجتماعية.
ونظراً لأن اكتساب المهارات اليومية يتعلمها الطفل غير المعاق خلال وجوده في جماعة الأسرة بطريقة عادية وسهلة ولكنها لا تتم بالسهولة نفسها بالنسبة للطفل ذي الإعاقة العقلية لذا تجد الأسرة عبئاً ومشقة في تعلم طفلها تلك المهارات التي تساعده إلى حد كبير على الاستقلالية ورعاية ذاته.
وتعتبر مهنة الخدمة الاجتماعية من المهن الإنسانية التي تسعى إلى إحداث تغيرات مرغوب فيها في الوحدات الإنسانية التي تتعامل معها لتحقيق أفضل ما هو ممكن لوظائفها الاجتماعية، لذا فهي من المهن التي تسهم إسهاماً ايجابياً في مجال الإعاقة الذهنية.
وبناء على ذلك تقوم الأسر بايداع أطفالها ذوي الإعاقة العقلية في مؤسسات تقوم على رعايتهم وتوفير أوجه الخدمات والرعاية المختلفة وذلك لتمكنهم من العناية بأنفسهم وبأمورهم الخاصة والتدريب على اكتساب مهارات الحياة اليومية وذلك من خلال ممارسة مهنة الخدمة الاجتماعية وخاصة برامج خدمة الجماعة.
وتبدو أهمية مشكلة الإعاقة العقلية في أنها تبلغ ما نسبته 3% من سكان المجتمع وتنعكس آثارها على كل من الطفل نفسه والأسرة والمجتمع. وبالنسبة للطفل فإن سلوكه غير ملائم اجتماعياً حيث يتسم ببطء في النمو الجسمي والحركي وتظهر به عيوب نطق وكلام وبالتالي يقابل بالرفض والشعور بالنبذ من جانب المجتمع، وبالنسبة للأسرة فغالباً ما تواجه أسرة الطفل ذي الإعاقة العقلية إحساساً بالذنب وشعوراً بالنقص ورغبة في إخفاء الطفل عن عيون الآخرين مما ينعكس في اتجاهاتها نحو الطفل بين العطف واللامبالاة والقسوة أو الزجر أو الحب أو الكراهية فهي غالباً ما تحيد عما يجب أن تكون عليه معاملتهم معه، وبالنسبة للمجتمع فإن الآثار الناجمة عن مشكلة الإعاقة العقلية بالنسبة للطفل وأسرته تنعكس بدورها على المجتمع فقد يكون هؤلاء الأطفال موطناً للانحراف أو مصدراً لكثير من الجرائم.
ومن هنا كانت الحاجة ضرورية وملحة إلى رعاية هذه الفئة رعاية خاصة تختلف عن تلك التي تقدم للأطفال غير المعاقين وذلك من خلال انضمام الطفل ذي الإعاقة العقلية إلى عضوية جماعة منظمة يمكن من خلالها اكسابه مهارات مختلفة منها مهارات الحياة اليومية.
أهداف الدراسة
- تسعى الدراسة إلى تحقيق الأهداف التالية:
- التحقق من هدف رئيسي ألا وهو معرفة تأثير برامج العمل مع الجماعات على الأطفال من ذوي الإعاقة العقلية فئة الإعاقة البسيطة لاكسابهم مهارات الحياة اليومية.
- التوصل إلى أنسب الأنشطة الجماعية الموجهة التي يمارسها الإختصاصي الاجتماعي مع من ذوي الإعاقة العقلية في إطار برامج وطرق العمل مع الجماعات.
- التوصل إلى برنامج في مجال الإعاقة العقلية لمساعدة الطفل المعاق عقلياً على التوافق النفسي والاجتماعي من خلال اكسابه لمهارات الحياة اليومية.
فروض الدراسة
- توجد علاقة بين استخدام البرنامج في خدمة الجماعة واكساب الأطفال من ذوي الإعاقة العقلية (فئة الإعاقة الذهنية البسيطة) مهارات الحياة اليومية.
وينبثق من هذا الفرض الرئيسي فروض فرعية:
- توجد علاقة بين استخدام البرنامج في خدمة الجماعة مع الأطفال من ذوي الإعاقة العقلية واكسابهم المهارات المرتبطة بتناول الطعام والشراب.
- توجد علاقة بين استخدام البرنامج في خدمة الجماعة مع الأطفال من ذوي الإعاقة العقلية واكسابهم المهارات المرتبطة بارتداء الملابس.
- توجد علاقة بين استخدام البرنامج في خدمة الجماعة مع الأطفال من ذوي الإعاقة العقلية واكسابهم المهارات المرتبطة بالنظافة.
- توجد علاقة بين استخدام البرنامج في خدمة الجماعة مع الأطفال من ذوي الإعاقة العقلية واكسابهم المهارات الاجتماعية.
منهجية الدراسة
تعتمد هذه الدراسة على المنهج التجريبي حيث قامت الباحثة باستخدام التصميم الكلاسيكي مقياس قبلي بعدي مجموعتين ضابطة وتجريبية حيث تم اختيار عينة عمدية من أبناء جمعية التنمية الفكرية بالمطرية (مؤسسة التثقيف الفكري بحدائق القبة وهي مؤسسة تتبع للجمعية) فئة الإعاقة الذهنية البسيطة التي نسبة ذكائهم 50 ـ 75 درجة وعددهم عشرون طفلاً متقاربين في الظروف الأسرية والخصائص الجسمية وتتراوح أعمارهم الزمنية ما بين 10 ـ 12 سنة وهم من الذكور فقط والمقيمين في المؤسسة مدة لا تقل عن سنة، عشرة منهم جماعة ضابطة والعشرة الآخرين جماعة تجريبية، وقد تمت ممارسة البرنامج مع الجماعة التجريبية فقط وتم عمل قياس قبلي وبعدي لكل من المجموعتين.
وقد استخدمت الباحثة دليل ملاحظة الأنماط السلوكية المرتبطة بمهارات الحياة اليومية لدى الأطفال من ذوي الإعاقة العقلية (وهو من إعداد الباحثة) واستعانت أيضاً بتحليل محتوى التقارير الدورية المسجلة مع الجماعة التجربية وتمت معالجة البيانات إحصائياً باستخدام الوسط الحسابي والانحراف المعياري وقانون (ت).
مفاهيم الدراسة
- مفهوم الإعاقة الذهنية Mental Retardation
وهو مصطلح يشير إلى عدم اكتمال النمو العقلي لأسباب ترجع إلى مراحل النمو الأولى نتيجة لعوامل مرضية أو بيئية تؤثر على المخ والجهاز العصبي للفرد مما قد يؤدي إلى نقص الذكاء وبالتالي إلى نقص التحصيل في اكتساب المهارات الاستقلالية الحياتية المتعلقة بمأكله وملبسه ونظافته وارتدائه الملابس وعلاقته بالآخرين. - مفهوم مهارات الحياة اليومية Daily Life Skills
قدرة الاختصاصي الاجتماعي على اكساب الأطفال من ذوي الإعاقة العقلية فئة الإعاقة الذهنية البسيطة مهارات الحياة اليومية التقليدية سواء كانت مهارات تناول الطعام أو مهارات ارتداء الملابس أو المهارات المرتبطة بالنظافة أو المهارات الاجتماعية متبعاً المنهج العلمي والاستراتيجيات الخاصة بتعلم مهارات الحياة.
وقد حدد مقياس الجمعية الأمريكية للضعف العقلي المهارات الاستقلالية في الآتي:
- مهارات تناول الطعام Eating Skills وتشمل:
- مهارة استعمال أدوات المائدة.
- مهارة تناول الطعام في الأماكن العامة.
- مهارة تناول السوائل.
- مهارة آداب المائدة.
- مهارات ارتداء الملابس Dressing Skills وتشمل:
- مهارة المساعدة في ارتداء الملابس وخلعها.
- مهارة العناية بالملابس.
- مهارة لبس الحذاء.
- مهارات النظافة Cleaning Skills وتشمل:
- مهارة غسل اليدين والأرجل والوجه.
- مهارة الاستحمام.
- مهارة النظافة الشخصية.
- مهارات التنقل وتشمل
- مهارة الاحساس بالاتجاهات.
- مهارة استعمال وسائل المواصلات العامة.
- مهارات استقلالية متفرقة وتشمل:
- مهارة استعمال الهاتف.
- مهارة الاسعافات الأولية.
- مهارة معرفة المؤسسات العامة.
- المهارات الاجتماعية Social Skills وتشمل:
- مهارة المحافظة على الممتلكات.
- مهارة المناقشة الجماعية.
- مهارة المشاركة في الأنشطة.
- مهارة تجنب الخوف من الأغراب.
مفهوم البرنامج في الدراسة
هي الخطة التي تتضمن ممارسة الأطفال من ذوي الإعاقة العقلية لمجموعة من الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية والفنية بهدف إكسابهم المهارات الاستقلالية اليومية التي تساعدهم على التكيف مع المجتمع والمشاركة في المواقف الاجتماعية المتكررة ولا يتم ذلك إلا في وجود إختصاصي الجماعة المدرب تدريباً عملياً ومهنياً للقيام بهذا الدور.
ويتم تنفيذ البرنامج من خلال:
- تحليل المهام والتدريب على المهارات وهي تهدف إلى:
- تعليم المهارات الجديدة بناء على قدرات واستعداد الفرد المعاق عقلياً.
- قياس مستوى القدرة التعليمية التدريبية التي وصل إليها الطفل المعاق عقلياً أثناء تعليمه المهنة أو المهارة.
- تحديد مدى التغيير في السلوك التعليمي للطفل المعاق عقلياً.
خطوات إعداد طريقة تحليل المهام والتدريب على المهارات:
- تحديد المهارة:
يحدد الاختصاصي المهارة المطلوب تعليمها للطفل ذي الإعاقة العقلية تحديداً واضحاً فمثلاً إذا كان المطلوب تعلم مهارة غسل الأيدي فيجب على الاختصاصي تحديد مهارة غسل الأيدي كهدف مستقل له أهداف فرعية (فتح الحنفية ـ أخذ الصابونة ـ غسل الأيدي ـ وضع الصابونة في مكانها على الحوض ـ تنشيف اليد ـ إلخ…) حتى يتم الانتهاء من تعلم غسل الأيدي.أما إذا كان يريد تعليم الطفل مهارة أخرى مثل الذهاب إلى الحمام فيعتبر هذا هدفاً ثانياً مستقلاً وله أهداف فرعية أخرى ويتم تعليمها في وقت آخر. - الإلمام بالمعلومات الأولية والأساسية عن المهارة:
يجب على الاختصاصي الاجتماعي المتعامل مع الأطفال أن يكون ملماً بما هو متعلق بالمهارات المطلوب اكسابها للأطفال من ذوي الإعاقة العقلية من معلومات وأدوات خاصة بكل مهارة. - تحليل خطوات المهارة المراد اكسابها للأطفال:
يقوم الاختصاصي بأداء المهارة بنفسه ويقسمها إلى خطوات تعليمية واضحة كما يستعمل المكان نفسه الذي تم التدريب فيه والخدمات نفسها. - تسلسل خطوات المهارة:
يتم وضع المهارة في تسلسل أدائها الطبيعي، وتبسيط الخطوات في ضوء المستوى الأدائي للطفل المراد تعليمه وتدريبه.
وفي بعض الأحيان يقوم الاختصاصي بإجراء تعديلات على المهارة حتى يمكن أن يصل الطفل ذو الإعاقة العقلية إلى السلوك المستهدف من تعلم المهارة.
نتائج الدراسة
أشارت النتائج إلى وجود علاقة ايجابية واضحة بين مدى استخدام البرامج في خدمة الجماعة واكتساب الأطفال من ذوي الإعاقة العقلية مهارات الحياة المتمثلة في (مهارات تناول الطعام والشراب ـ مهارات ارتداء الملابس ـ المهارات المرتبطة بالنظافة ـ المهارات الاجتماعية) حيث دلت النتائج أيضاً على وجود تقدم واضح وكبير في قدرات الأطفال (موضوع الدراسة) على اكتساب هذه المهارات من خلال اتباع البرنامج في خدمة الجماعة.
وقد تم التوصل إلى مقترح تصوري لبرنامج العمل مع الأطفال من ذوي الإعاقة العقلية لاكسابهم مهارات الحياة اليومية. وفيما يلي هذا التصور المقترح:
التوصيات
أوصت الدراسة بالآتي:
- ضرورة إعداد الاختصاصي الاجتماعي الذي يعمل مع الأطفال من ذوي الإعاقة العقلية إعداداً مهنياً وعلمياً وذلك عن طريق الدورات التدريبية المتخصصة في هذا المجال.
- ضرورة إجراء البحوث العلمية والاحصائية حول حجم مشكلة الأشخاص ذوي الإعاقة في مصر بصفة عامة وحجم مشكلة الأشخاص ذوي الإعاقة العقلية بصفة خاصة حتى يمكن وضع البرامج المناسبة والخدمات الملائمة لهؤلاء الأفراد.
- ضرورة تعاون الأسر مع المؤسسات العاملة في مجال الإعاقة العقلية على توفير خدمات وبرامج الكشف المبكر والتدخل المبكر لحالات ذوي الإعاقة بصفة عامة وذوي الإعاقة العقلية بصفة خاصة.
- ضرورة اهتمام الجامعات بإنشاء كليات متخصصة في الإعاقة أو إنشاء أقسام داخل الكليات لتخريج المتخصصين في مجال رعاية وتأهيل الأطفال من ذوي الإعاقة العقلية حيث أن التخصصات في هذا المجال نادرة كماً ونوعاً.
باحثة بمعهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس