عرض مسرحي بديع ضمن مهرجان أبوظبي 2016
لوحة إبداعية اختصرت الحياة في مشهد، وأبرزت تقلباتها وحالاتها، مستحضرة ذاك الصراع الأزلي بين الخير والشر، وبطولة مطلقة تربع على عرشها طلاب مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، الذين حلقوا بـ (أجنحة الحياة) نحو المستقبل، وتألقوا نجوماً (الاثنين 18 أبريل 2016)، على خشبة قصر الثقافة في الشارقة، في عرض مسرحي لامس القلوب والعقول، وكشف عن إمكانات وطاقات كبيرة، استحقت التصفيق والإشادة بإبداعاتها.
حكاية بطلها الطفل صاحب الأجنحة، ورسم أحداثها أهل الغابة، الذين اعتبروا الطفل المختلف عنهم بشراً خيراً، بينما اعتبره أهل القرية نذير شؤم، غير مدركين أن الاختلاف بين البشر سر الحياة ومكمن جمالها وثرائها، ولم يكلفوا أنفسهم عناء تقبله، بل أرهقوا ذواتهم بمحاولة نزع أجنحته قسراً.
العرض الذي أنتجته مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، بالتعاون مع مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، ويعرض ضمن فعاليات الدورة 13 لمهرجان أبوظبي 2016 وكان من بطولة مجموعة من طلبة المدينة ذوي الإعاقة ومعلميهم ومن إخراج الأستاذ محمد بكر مشرف جماعة الإبداع الفني ومركز الفن للجميع، يقدم رسالة قوية مغزاها أن الإنسان يظلم نفسه، والآخرين بأحكامه المسبقة عليهم، وبعدم قدرته على تقبلهم ..كما هم، لتتشابك الأحداث في آخر مشهد من العرض المسرحي، ويبدأ التنافر والصراع بين الخير والشر، فينتصر الخير في النهاية، مؤكداً أن لكل فرد حرية أن يفتح عينيه على الجمال، أو يغض الطرف عنه ليملأ ناظريه بالسواد والعتمة.
سعادة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي، مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية أكدت أن الإبداع الذي تجسد في العرض ليس غريباً على طلاب المدينة، لافتة إلى أن رسالة العرض فيها تذكير بأننا كوننا بشراً مختلفون، وقالت: رسائل كثيرة حملها العمل، أهمها الاختلاف بين البشر الذي ينظر إليه الكثيرون على أنه نذير شؤم، بينما هو قيمة إيجابية للمجتمع بما يجلبه من خير، إضافة إلى أهمية تقبل الشخص كما هو، والنظر إليه بإيجابية وعدم فرض أحكام مسبقة عليه، وهو ما أراد العرض توصيله، ليقول إن الأطفال من ذوي الإعاقة مختلفون، ولكنهم ليسوا نذير شؤم، بل قيمة إضافية بما يجلبونه من خير، وما يحملونه في دواخلهم من إبداعات وطاقات.
وقد أثنت مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية على الأداء الاحترافي البديع للطلبة من ذوي الإعاقة مؤكدة أن هذا التقدم الملموس في أدائهم ثمرة طيبة لجهد كبير يبذلونه بإخلاص تحت إشراف مدربيهم ومعلميهم ودليل ناصع على ما يمتلكونه من مواهب وقدرات جديرة بكل دعم واحترام، مشيدة بالتوظيف المتقن خلال العرض المسرحي للمؤثرات البصرية والتقنية وخيال الظل الأمر الذي انعكس على العرض تميزاً إضافياً مبينة أهمية دمج الطلبة خلال العروض مع فنانين من غير ذوي الإعاقة وتسليط الضوء على إبداعاتهم إعلامياً ليطلع جميع أبناء المجتمع على تجربتهم الثرية وخبرتهم الفنية التي لا تقل شأناً عن غيرها.
كما عبرت سعادة مدير عام المدينة عن خالص أمنياتها بدوام النجاح والتوفيق للطلبة من ذوي الإعاقة لا في المجال الفني وحسب بل في شتى الميادين والمجالات وصولاً إلى مجتمع تتكامل فيه الطاقات وتتكاتف فيه الخبرات ليزداد رقياً وتقدماً، كما تقدمت بالشكر إلى مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون على تبنيهم لهذا العمل، وإيمانهم به وتقديمه من خلال مهرجان أبوظبي 2016.
ومن جهتها ذكرت الأستاذة منى عبدالكريم اليافعي، نائب مدير عام المدينة، أن طلاب المدينة وصلوا إلى مرحلة الاحترافية في تقديم العروض، لافتة إلى أنهم برعوا في تقديم عدد من المشاركات خارج الدولة بأفضل صورة، وقالت: منح المسرح لطلابنا الثقة بقدراتهم وإمكاناتهم.. وقد كان لديهم سابقاً خوف من الجمهور، إلا أنهم اليوم يقفون على الخشبة بكل ثقة، ليؤدوا أدوارهم ببراعة، مضيفة أنهم ومن خلال (أجنحة الحياة) أكدوا أن الإبداع للجميع، وأوصلوا الرسالة التي مفادها: إن الخير هو الذي يتقدم ويبقى.
مشرف مركز الفن للجميع بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية الأستاذ محمد بكر ومخرج المسرحية التي ألفتها الأستاذة سندريلا حسن أوضح أنها تتحدث عن صراع الخير والشر بطريقة مناسبة للأطفال وتحثهم على استخدام خيالهم والسعي وراء طموحاتهم لتحقيقها في المستقبل مؤكداً أن من أهم عوامل نجاحها هو الأداء المميز للطلبة ذوي الإعاقة والتزامهم الاحترافي بالتوجيهات الفنية بالإضافة إلى تعاونهم المتين مع معلميهم خلال التحضير للمسرحية وعرضها ما أدى إلى الخروج بهذه النتيجة الطيبة التي نالت تقدير الجمهور.
مضيفاً أن العرض شكل تجربة جديدة في الدمج بين الممثلين من غير المعاقين، ومن ذوي الإعاقة، وقال: الهدف منه دمج الأشخاص من ذوي الإعاقة في الحركة المسرحية، وإبراز مهارات الأطفال في الجوانب الابداعية المختلفة كالتمثيل والإيماء والأداء الاستعراضي.
شهد العرض عدد كبير من طلاب المدارس والمدينة ونال إعجابهم الشديد كما تبدى من خلال التصفيق الحاد بعد انتهائها.
جدير بالذكر أن المسرحية ذاتها عرضت كما هو مقرر في كل من دبي والعين وأبوظبي وذلك في إطار مهرجان أبوظبي 2016.