أكدت الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي المدير العام لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، أن توجيهات ودعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، كانت الموجه والداعم الذي رسم لنا الطريق للوصول إلى ما حققته المدينة.
تتحدث دائماً كقدوة، مناصرة قوية، تاريخ من الاحتواء والتمكين للأشخاص من ذوي الإعاقة. الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي، مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، خلال حوارها لـ (الشارقة 24) حول المدينة والخدمات التي تقدمها للأطفال من ذوي الإعاقة، وكيفية دمجهم في المجتمع.
وتشير الشيخة جميلة القاسمي، إلى أن الشارقة هي أكثر الأماكن تأهيلاً لاستيعاب الأشخاص من ذوي الإعاقة، بسبب الوعي العام، موضحة أن الهدف ليس تأهيل المكان فقط، بل الأشخاص أيضاً. وفيما يلي نص الحوار:
بداية حدثينا عن مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية… كيف بدأت؟
مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية بدأت كفرع لمنظمة الأسرة العربية أسستها مجموعة من السيدات، في نهاية السبعينيات، ولم يكن هدفها حينها تقديم الخدمات بشكل خاص للأشخاص من ذوي الإعاقة، بعد ذلك وجه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، إلى إنشاء مدينة للخدمات الإنسانية في الشارقة، تقدم خدمات لذوي الإعاقة، تحت مظلة منظمة الأسرة العربية.
وأمر صاحب السمو الشيخ سلطان بعد ذلك، أن تستقل المدينة مادياً وإدارياً كمنظمة أهلية، وكان هذا في الوقت الذي بدأت فيه العمل في المدينة كأخصائية نفسية متدربة، ولم يستمر التدريب لفترة طويلة، وبعدها كلفني سمو الحاكم بتولي الإدارة.
وما هي الخدمات التي تقدمها المدينة للأشخاص ذوي الإعاقة؟
تقدم المدينة خدماتها في عدة مجالات، عن طريق مدرسة وروضة الأمل للصُم، ومدرسة الوفاء لتنمية القدرات، ومركز الشارقة للتوحد، ومركز التدخل المبكر، وقسم العلاج الطبيعي والوظيفي، وقسم التأهيل المهني والتوظيف، ومركز مدينة الشارقة للسمعيات.
ما هي الصعوبات التي واجهتك في البداية؟
كانت هناك ديون وفواتير على المدينة التي لم تكن تحقق الهدف الذي أنشأت من أجله، وحينها كانت تخدم عدداً محدوداً من الطلاب الصم، وبدأت بعض الجهات تُطالبنا بالفواتير، ولم يكن هناك دعم كبير من المجتمع، لأنهم لا يعرفوننا، إلى أن تواصلنا مع هذه الجهات، واستطعنا تغطية الديون.
بعد ذلك نظمنا بعض الأنشطة، وجمعنا التبرعات لنقوُّم العمل في المدينة، وهذا ما جعلنا معروفين أكثر للناس، وأصبح هناك ضغط علينا من الأهالي طلباً للخدمات، كانوا يأتون بأطفال بعمر العامين، في الوقت الذي كانت تُقدم فيه الخدمات للأطفال بعمر 7 أو 10 سنوات. ومن وقتها كل الخدمات التي تقدمها المدينة هي استجابة لحاجة المجتمع.
وصعوبة أخرى واجهتنا في هذا الوقت، وهي عدم توافر إحصائيات، وبالتالي صعوبة التخطيط للخدمات، حتى المتخصصين نبحث عنهم في دول أخرى، وفي هذا الوقت فتحنا روضة للصُم، ومدرسة للإعاقة الذهنية في المساء، لأن المكان كان محدوداً. لاحظنا أن الإعاقة الذهنية مصحوبة بإعاقات حركية وهو ما يتطلب خدمة العلاج الطبيعي، وهذا ما دفعنا للتواصل مع بعض المنظمات مثل اليونيسيف، الذين ساعدونا بتوفير متخصصين كإعارة لمدة سنة أو أكثر، مع توفير الأجهزة اللازمة. وبدأت المدينة تأخذ دورها أكثر لتستوعب الأطفال من كل الأعمار والجنسيات والديانات، وتحملنا عبئاً أكبر مما نستطيع، واستطعنا بفضل الله أن نوفي هذه الاحتياجات.
وأنشأنا بعد ذلك مركزاً للتدخل المبكر وهو من أوائل مراكز للتدخل المبكر للحد من تأثير الإعاقة، ويقدم خدماته للأطفال من سن الولادة وحتى الخامسة. وللمدينة فروع في خورفكان، والذيد، وكلباء.
وفيما يساهم مركز التدخل المبكر؟
يساهم في الحد من عدد وشدة الإعاقات، وما يقرب من 50% من المتعرضين للإعاقة يستطيعون أن يعيشوا حياتهم دون الاحتياج إلى خدمات أخرى إذا تم التدخل المبكر.
ومن المعروف إن شدة الإعاقة تزيد مع التقدم بالعمر وهو ما يزيد احتياجاتهم، وفكرنا أن التدخل المبكر هو الحل في هذا الوقت، وتفاجأنا بالأسر وخاصة الشباب يأتون بأطفالهم للتأكد من أنهم لا يعانون من الإعاقة.
وبدأ مركز التدخل المبكر يعمل من خلال خلال خدمتي الإرشاد الأسري، ومن خلال الفصول، واضعاً ثلاثة أهداف أمامه، أولاها الحد من الإعاقة (الوقاية)، والثاني التقليل من حدة الإعاقات، أما الثالث فهو تدريب العاملين في مجال الإعاقة، وللمركز أكثر من برنامج تدريبي سنوياً في دول الخليج، والدول العربية.
وإلى أي مدى نجح مركز التدخل المبكر؟
نجح إلى حد كبير، فهناك الكثير من الأطفال حالياً في المدارس، وآخرون تخرجوا من الجامعات، بدأوا معنا في مركز التدخل المبكر في عمر عدة شهور أو سنة، ولم يأخذوا فترات طويلة، مثلًا الأشخاص المكفوفون لا يحتاجون خدمات خاصة حالياً فقط أدوات تساعدهم، لكنهم يحتاجون فترة التدخل المبكر لتعلم بعض المهارات.
هل يقدم قسم التأهيل والتوظيف الطلاب للعمل داخل المدينة أم في المجتمع بشكل عام؟
لابد أن نكون قدوة، وقبل مطالبتنا للمجتمع بتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة، خصصنا نسبة 10% من العاملين بالمدينة للأشخاص ذوي الإعاقة، ونحن مع أن يشعر الأشخاص ذوو الإعاقة بذاتهم من خلال العمل، وليس مجرد الراتب الذي تعطيهم إياه الشركات، والاندماج في المجتمع يأتي من خلال العمل، بحسب الإعاقة والتدريب، والمهارات الموجودة عند الشخص من ذوي الإعاقة، لا نطالب أن يوظفوهم كنوع من العطف أو الشفقة.
تتحدثين سعادتك دائماً عن جعل المجتمع متاحاً للجميع في بيئة بلا حواجز… متى تصبح الشارقة إمارة بلا حواجز بشكل كامل؟
هذا هو أحد المشروعات التي عملنا عليها منذ التسعينيات، والشارقة تلقائياً مهيئة أكثر من أي مكان آخر للأشخاص من ذوي الإعاقة، بسبب الوعي لدى التجار وأصحاب الأماكن العامة أو الدوائر الحكومية.
لكن أحياناً تحدث أخطاء في التنفيذ أو صعوبات في تطبيق المعايير، بسبب نقص الوعي أو الاستخفاف بالموضوع من قبل البعض، (يقولون هذا المنزلق موجود، لكنه ممكن أن يكون قاتل لأنه غير مطابق للمعايير). الحملة القادمة التي نعمل عليها هي مراجعة كل الأماكن، والمطالبة بتحسين التسهيلات للأشخاص ذوي الإعاقة.
وهذه مناسبة للإشادة بمطار الشارقة الدولي، حيث وجدنا منحدر بشكل كامل أثناء خروجنا من الطائرة يصل إلى الأرض، يستطيع الشخص ذوي الإعاقة أو كبير السن أن ينزل بسهولة.
وتوجد اتفاقية بيننا ومطار الشارقة لتقييم المرافق، وتدريب الموظفين على التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة، واستخدام لغة الإشارة، وقطعنا شوطاً كبيراً في هذا الموضوع.
نستطيع القول إن إمارة الشارقة أمامها عامين على أقصى تقدير، ونرى الأماكن كلها مهيئة، ليس فقط البيئة، ولكن الأشخاص أيضاً، والوعي وهذا أهم.. (تستطيع تهيئة المكان، لكن الأهم تأهيل الأشخاص كيف يحترمون الشخص من ذوي الإعاقة، ويتعاملون معه كأي شخص آخر).
في النهاية… ما هي الخطط المستقبلية لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية؟
نعمل الآن على أن تكون المباني الجديدة متوافقة وداعمة للخدمات التي نقدمها، وأن يكون عندنا مركز متكامل للتشخيص والتدريب، ونطور خططنا حسب ما يحتاجه المجتمع.
نتمنى في يوم من الأيام أن نغلق المدينة، ويعود الشخص ذو الإعاقة إلى مكانه الطبيعي في المجتمع، وتتوافر لغير الأشخاص ذوي الإعاقة ولذوي الإعاقة البرامج في التعليم، والتدريب، والترفيه، والسياحة في أماكنهم، فلا يضطرون إلى الذهاب إلى مكان خاص بهم.