ترجمة: هاشم كاطع لازم
بقلم: د. ماريا أورلاندو* Dr. Maria Orlando
حين كنت طالبة شابة متحمسة في الجامعة كنت أظن أن المدرس الجامعي المقتدر ذاك الذي يضفي جواً من المرح والمسرة داخل قاعة الدرس ولايعطي إلا الشيء القليل من الواجبات البيتية. لكن بعد خبرة طويلة في التدريس الجامعي وتقييم المئات من المدرسين تغيرت وجهة نظري تماماً، فكوني أعمل الآن أستاذة جامعية يعطيني الفرصة لأن أشارك ما تعلمته مع المدرسين الحاليين ومن سوف يدرس مستقبلاً، كما أن الموضوع مثار نقاشات حية مع طلبة الدراسات العليا من خلال التركيز على السؤال الآتي: كيف يتميز المدرس في مهنته؟
لاشك أن التعليم عمل مضن وأن بعض المدرسين الجامعيين لا يحسّنون حالهم طيلة فترة خدمتهم الجامعية فهم يؤدون الحد الأدنى من واجبهم المطلوب وربما يزيدون عليه قليلاً. أما المدرس الجامعي المقتدر فيعمل بلا كلل أو ملل لخلق بيئة تشجع التحدي والاهتمام بالطلبة حيث أن التعليم المتميز يهتم كثيراً بمواقفنا تجاه طلبتنا والمواضيع التي ندرّسها وكذلك عملنا إجمالاً أكثر من التركيز على إيصال المعرفة والتدريب على المهارات فحسب.
في أدناه عرض لأهم الصفات التي يتحلى بها المدرس الجامعي الناجح وهي ليست شاملة بالطبع لكنها تعكس أهم الخصائص الجوهرية بصرف النظرعن عمر المتعلم:
- المدرس المقتدر يحترم طلبته. تحظى أفكار كل طالب وآراؤه باهتمام المدرس الجامعي الناجح وتقييمه فالطلبة داخل الصف يشعرون بالأمان في التعبير عن مشاعرهم ويتعلمون احترام الآخرين والإصغاء اليهم من خلال سعي المدرس لخلق جو تعليمي مشجع للطلبة.
- المدرس الجامعي المقتدر يزرع في الطلبة روح الجماعة والإنتماء لقاعة الدرس. إن وجود الإحترام المتبادل بين المدرس وطلبته داخل قاعة الدرس يوفر مناخاً مناسباً وتعاونياً، ففي هذا المجتمع الصغير (الصف الدراسي) هناك قوانين ينبغي التقيد بها ومهام لا بد من أدائها ، ولابد أن يكون كل طالب دون إستثناء على بيّنة من أنه يمثل جزءاً أساسياً ضمن المجموعة. والمدرس الجامعي الناجح في هذا الخصوص يزرع القناعة لدى الطلبة بقدرتهم على الإعتماد بعضهم على البعض الآخر بدلاً من الإتكال على المدرس وحده.
- المدرس المقتدر طيب القلب مجامل ومتحمس ويهتم بطلبته. مثل هذا المدرس الجامعي يمكن لأي طالب أو منتسب داخل الحرم الجامعي أن يتصل به ويتواصل معه حيث يشعر الطلبة أن بمقدورهم الذهاب إليه متى واجهوا مشكلة أو مصاعب أو ربما حتى مشاركته في قصة مضحكة! ومثل هؤلاء المدرسين المتميزين يمتلكون مهارة إصغاء لافتة كما أنهم يعطون من وقتهم الثمين جداً لمن يحتاجهم من الطلبة. ولو أن مشكلة عائلية ما ألمت بهذا المدرس المقتدر فإنه لن يجعل الطلبة يشعرون بها.
- المدرس الجامعي المقتدر يضع آمالاً كبيرة لطلبته جميعا. يدرك المدرس الناجح أن التطلعات والآمال التي يضعها للطلبة تؤثر كثيراً على إنجازاتهم ، كما أنه يعرف أن الطلبة على العموم يتعاطون مع مدرسيهم بالقدر الذي يتفاعل فيه المدرسون معهم.
- المدرس الجامعي المقتدر يعشق التعلم. يلهم المدرس الجامعي الناجح طلبته لحب المعرفة والتعلم من خلال حبهم للمادة الدراسية فهو يعمل على الدوام على تجديد نفسه بصفته إنساناً محترفاً فيعمل بذلك على تزويد الطلبة بأجود ما يتمكن من تعليم، كما أنه لا يتردد من تعلم إستراتيجيات تعليمية جديدة أو يستأنس بتقنيات جديدة داخل قاعة الدرس وأن يتحلى بالروح الموضوعية التي تدفعه لأن يشارك هذه الأفكار والإستراتيجيات مع زملائه المدرسين الآخرين.
- المدرس المقتدر قائد ماهر. على خلاف القادة الإداريين يركز المدرسون الجامعيون المؤثرون على إتخاذ القرارات بالإشتراك مع الآخرين وكذلك تشجيع العمل الجماعي فضلاً عن بناء علاقات مجتمعية. كما يعمد المدرس الناجح إلى نقل مثل هذا الشعور بالقيادة إلى طلبته من خلال إعطاء الفرصة لكل طالب من طلبته لتولي دور قيادي في موقف ما.
- المدرس الجامعي المقتدر إنسان مرن. إنه يميل إلى تعديل منهجه التدريسي حيثما شعر أن الدرس لا يجري وفق التخطيط المطلوب. وهو يقوم بتقييم تدريساته من خلال تفاعله مع الطلبة ويسعى لإيجاد طرق ووسائل جديدة لطرح مادته ليضمن أن كل طالب من طلبته يدرك المفاهيم الأساسية.
- المدرس المقتدر يتعاون مع زملائه وفق أسس ثابتة. لابد أن ينظر المدرس الجامعي الناجح إلى قضية التعاون والتنسيق مع زملائه التدريسيين الآخرين باعتبار ذلك أداة للتعلم ممن يبزوه خبرة وأن لا يعتبر ذلك ضعفاً من جانبه لكونه يطلب اقتراحات أو مساعدة. وهو يستخدم النقد البناء والنصائح لأنها من صفات المفكر التربوي أيضاً.
- المدرس المقتدر يواظب على المهنية في سائر المجالات. مثل هذا التوجه يشمل المظهر الشخصي والمهارات التنظيمية والإستعداد اليومي لأداء العمل وغير ذلك. ولابد أن تكون مهارات التواصل التي يتحلى بها المدرس الجامعي الناجح بارزة سواء تعلق الأمر بالتحدث مع الإدارة أو مع أحد الطلبة أو أحد الزملاء لأن الإحترام الذي يحظى به المدرس الجامعي الناجح بسبب أسلوبه المهني يجب أن يكون جلياً لا لبس فيه.
وفيما يتصف التدريس بكونه موهبة طبيعية يتحلى بها بعض التدريسيين فإن على التدريسيين الآخرين أن يعملوا بجد ومثابرة حتى يصلوا إلى منزلة المدرس المتمكن، وفي الحالتين كليهما تكون الفائدة المتحققة لكل من المدرس وطلبته كبيرة جداً. وما عليك ألا أن تتخيل الطلبة وهم يفكرون بك حين يتذكرون ذاك المدرس المقتدر الذي درّسهم يوماً ما في الكلية.
- الدكتورة ماريا أورلاندو تعمل عضوة هيئة تدريس أساسية في إختصاص القيادة والإدارة التربوية في جامعة كابيلا Capella University الأمريكية. كما أنها تعمل أستاذة محاضرة في جامعة لندنوود Lindenwood University في ولاية ميسوري.
المصدر: هنا
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.