شيكسبير واللغة انكليزية… وبراعته النحوية
انتشرت أخبار وليم شيكسبير مرة أخرى بعد أن قامت عائلة كوبي Cobbe Family بالكشف عن صورة مرسومة بالألوان لهذا الكاتب المسرحي ذائع الصيت بعد أن احتفظت بها مدة 300 عام، وهي الصورة الوحيدة المرسومة لشيكسبير أثناء حياته.
ترى ما سرّ استقطاب هذا الرمز الأدبي الخالد لكل هذا الإهتمام طيلة القرون الأربعة الماضية؟ فرغم مضي أربعمائة عام على وفاة شيكسبير فإن ما تركه من أعمال خالدة من مسرحيات وشعر تكفل صلته الوثيقة بالمجتمع في الماضي والحاضر ولا يمكن لوهج أدبه أن يخبو بأي شكل من الأشكال في الأيام القادمة.
أن أي فرد متعلم في مختلف أرجاء العالم لا بد أن يكون قد تعرف على هذه الشخصية التاريخية بشكل أو بآخر، بيد أن هناك فرصة في العادة لتوسيع معرفتك وفهمك لهذا الشاعر وموهبته الفائقة في الكتابة. في هذا السياق هناك ثلاثة أسباب تجعل من دراسة مسرحيات شيكسبير تجربة تستحق جل إهتمامنا وهي:
ديمومة المواضيع والأفكار التي تناولتها مسرحياته
تكشف الشخصيات والقصص التي تضمها المسرحيات حقائق شمولية تتناول الوضع الإنساني الذي يعكس حال الناس من مختلف الأجناس سواء تعلق الأمر بنتيجة مأساوية من جراء الجشع اللامحدود أو الطموح أو الرغبة الجامحة للإنتقام أو السعي وراء الحب. كما أن تجسيده للطبيعة البشرية يتسم بالواقعية والصلة الوثيقة بالمجتمع المعاصر مثلما كان يرتبط بالمجتمعات السابقة طيلة القرون الماضية.
روعة اللغة
من المدهش حقاً أن يتمكن كاتب غزير الإنتاج مثل شيكسبير من كتابة الشعر والنثر بمثل القدرة الفائقة المعروفة عنه. ورغم أن لغته ربما تحبط القارىء للوهلة الأولى فإن وجود مدرس متمكن أو دليل لدراسة النص سوف يعين القارىء على تفسير المفردات لينتقل بعدها إلى تقييمها وإدراك مدى متانتها وعمق دلالاتها، فإماطة اللثام عن لغة شيكسبير تمثل تجربة مثمرة للقارىء لأنك سرعان ما تكتشف الجواهر المخفية من براعته الفذة كما نلاحظ ذلك في مسرحية (جعجعة بلا طحن) والخداع البغيض في مسرحية (عطيل) والإفصاحات الملتهبة عن الحب في مسرحية (روميو وجولييت)، حيث جاءت كلماته في هذه المواضع وغيرها خالدة ومثيرة للمشاعر وآسرة. إن أعماله تكشف عن مدى قوة كلماته وحسن إستخدامها وسيلة للتواصل.
الترفيه
تحمل مسرحيات شيكسبير في طياتها متعة كبيرة للقارىء فلقد أثبت هذا الكاتب الكبير قدرته على استنباط القصص المتميزة أما مسرحياته العديدة فقد غطت الكثير من المواضيع التي تروق لمختلف أنواع القراء (موضوعات مثل الحرب والنزاعات الدينية والتحيزات العنصرية والإنقسام الطبقي والحب والموت والخيانة وغيرها).
أما الحبكة والشخصيات والمواضيع فقد تم نسجها بذكاء وإتقان كبيرين وكانت تتوج بحكايات تأخذ طابعاً مأساوياً أو هزلياً أو درامياً أو عاطفياً أو فكرياً ـ وربما تجد كل هذه الصفات مجسدة في عمل واحد مثل مسرحية (روميو وجولييت). ولا ريب أن الكاتب المقتدر والناجح يستقطب القارىء ويتحرى عن الأمور ذات الصلة بموضوعاته ويتحدى الأفكار والآراء ويستخدم لغة مؤثرة لنقل محتوى رسالته إلى القارىء: وشيكسبير في الواقع يطرق هذه الأبواب جميعاَ ثم يعمل على انتقاء البعض منها!
بقلم: كارولين ستيفنسن Caroline Stephenson
المصدر:هنا
شيكسبير واللغة انكليزية
يجد غالبية الطلبة الذين يدرسون اللغة الإنجليزية، من الناطقين بهذه اللغة وكذلك الأجانب، أنفسهم أمام حقيقة لا مفر منها وهي وجوب دراسة بعض أعمال وليم شيكسبير رغم أن الكثيرين منهم يتبرمون من ذلك. ويتحدد موقف الطلبة هذا، في جانب منه، بسبب أن الكثيرين منهم لا يعون مدى التأثير الذي تركه شيكسبير على التطور الذي شهدته اللغة الإنجليزية رغم تأكيدات المدرسين على تأثيره الكبير على اللغة الإنجليزية والعالم.
أورد هنا بعض الأمثلة للدلالة على ذلك:
لم تكن الكتابة باللغة الإنجليزية في الفترة الزمنية التي سبقت شيكسبير تستند إلى معايير ثابتة على العموم. وقد أسهمت أعمال شيكسبير الأدبية كثيراً في وضع أسس معيارية لكل من قواعد اللغة الإنجليزية والتهجئة والمفردات اللغوية. في هذا السياق استنبط شيكسبير 1700 مفردة جديدة أضيفت إلى اللغة الإنجليزية ولا نزال نستخدم الكثير منها في حياتنا اليومية رغم التغييرات الهائلة التي طرأت على هذه اللغة من أيام شيكسبير حتى يومنا هذا. ومن بين تلك المفردات lonely (وحيداً) و frugal (إقتصادي أو مقتصد) و dwindle (يتقلص) وغيرها الكثير.
هناك أيضا العديد من العبارات التي استخدمها شيكسبير للمرة الأولى في أعماله المسرحية والشعرية، فعبارات مثل breaking the ice (يمهد السبيل أو يقطع حبل الصمت) و heart of gold (حنون) وغيرها انطلقت من ذهن شيكسبير الخصب.
كان لشيكسبير أيضا الأثر البالغ في الشعر والأدب وهو أمر تواصل لعدة قرون، فقد ساهم في بلورة الشعر المرسل blank verse الذي تبوأ مكانة مهمة في الشعر. من هنا تأثر كتاب وشعراء أعلام من أمثال هيرمان ميلفيل ووليم فوكنر والفريد لورد تينيسن وتشارلز ديكنز بشيكسبير. إن مثل هذا التأثير دفع جورج شتاينر للإستنتاج بأن المواضيع التي تناولها الشعر الرومانسي الإنجليزي كانت بمثابة (تنويعات واهنة للمواضيع التي طرحها شيكسبير).
إن ما تركته لغة شيكسبير من تأثير عميق على نمط كلامنا في الوقت الحاضر يجعل من دراسة أعمال هذا الكاتب الفذ ركناً أساسياً من أركان الثقافة. ونحن إذا أردنا التحري عن آلاف الأمثلة التي إبتدعها شيكسبير وأضافها إلى اللغة الإنجليزية ـ وما نزال نستخدمها إلى وقتنا الحاضر ـ لتوصلنا إلى أن مثل هذا الأمر لا يستحق الإهتمام والإعجاب فحسب إنما هو أمر يضفي جواً من المتعة والبهجة أيضاً.
بقلم: كيمبرلي جوكي Kimberly Joki
المصدر:
https://www.grammarly.com/blog/how-the-english-language-is-shakespeares-language/
براعة شيكسبير النحوية
ذاع صيت شيكسبير لأربعة قرون لا بسبب عبقريته في كتابة المسرحية فحسب إنما في استنباط المفردات اللغوية والعبارات المتداولة كثيراً في أيامنا هذه. وقد ظهرت في الآونة الأخيرة آراء لباحثين أكاديميين اتخذوا موقفاً مناوئاً لوجهة النظر المتواترة التي اعتبرت شيكسبير قطباً من أقطاب اللغة الحديثة حيث يرون أن ما ابتدعه شيكسبير من مفردات لا يتخطى كثيراً ما أضافه معاصروه.
في هذا السياق اعتبرت دراسة جديدة أن عبقرية شيكسبير الحقيقية تكمن في منهجه الفريد في استخدام النحو في بناء جمله مما أسهم في إضافة عنصر شعري إلى اللغة الإنجليزية الأمر الذي جعله متميزاً عن سائر الكتاب الذين عاصروه حينذاك.
من بين أولئك الباحثين الأكاديميين قام الدكتور جوناثان هوب Dr. Jonathan Hope (جامعة ستراثكلايد) البريطانية بعقد مقارنة بين أعمال شيكسبير وكتاب مسرحيين آخرين منهم توماس ميدلتن Thomas Middleton وبين جونسن Ben Jonson ومؤلف الكراسات توماس ناش Thomas Nashe حيث أظهرت النتائج التي توصل إليها د. جوناثان أن أولئك الكتاب لم يجاروا شيكسبير في غزارة إنتاجه لكنهم ابتدعوا أيضاً الكثير من المفردات الجديدة.
إن استخدام شيكسبير الإبداعي للنحو جعله يتميز عن معاصريه من الكتاب الآخرين فالدكتور هوب يرى أن شيكسبير قد أعاد صياغة قواعد اللغة الإنجليزية وابتعد عن النمطية التي ميزت القواعد اللغوية التقليدية.
في هذا السياق سلط الدكتور هوب الضوء على نص من مسرحية هاملت (الفصل الثالث / المشهد الرابع) حيث يتلاعب شيكسبير بقواعد اللغة الإنجليزية الإعتيادية المألوفة التي تنص على أن يكون تركيب الجملة وفق النظام الآتي: الفاعل ثم الفعل ثم المفعول به. في هذه الجملة تخاطب الملكة الأم أبنها قائلة:
“Hamlet, thou hast thy father much offended.”
يعلق د. هوب قائلاً: تأخذ هذه الجملة في لغتنا الحالية النظام المفرداتي التراتبي الآتي:
“Thou has much offended thy father, Hamlet.”
كما أثنى على استخدام شيكسبير للصفات في وصف الأشياء غير الحية، وهو أسلوب أعتبر متطرفاً في الكتابة في القرن السادس عشر ويوضح هذه النقطة من خلال نص من مقدمة مسرحية (هنري الخامس) Henry V.
“Think, when we talk of horses, that you see them printing their
proud hoofs i’th receiving earth.”
يشير د. هوب إلى أن استخدام الصفة proud لوصف حوافر الحصان أمر يثير الدهشة، ويضيف قائلاً: (كان شيكسبير يكتب في وقت أخذت فيه مفردات اللغة الإنجليزية تتسع كثيراً بإيقاع متسارع. ولا ريب أن لغة شيكسبير ذاتها كانت غنية جداً بالمفردات مثلما كانت كتابات كتاب آخرين معاصرين له).
ويضيف: (تظهر مهارة شيكسبير النحوية في استخدامه اللغة وتطويعها فقد كتب في فترة شهدت تحولاً في النحو الإنجليزي حيث كانت الخيارات النحوية متاحة للكتاب. ورغم أن الجزء الأكبر من القواعد اللغوية النحوية التي استخدمها في كتاباته تبدو اليوم مهجورة فإنها في الواقع أضافت نفحة شعرية إلى المفردات العادية.
تجدر الإشارة أيضاً إلى أن شيكسبير عمد إلى تحديث التهجئة التي استخدمها في كتاباته لكنه لم يفعل الشيء ذاته مع النحو!.
بقلم: مارتن أيفانس Martin Evans
المصدر:
(صحيفة الديلي تلغراف البريطانية)
من المحرر:
وليم شكسبير (بالإنجليزية: William Shakespeare) شاعر وكاتب مسرحي وممثل إنجليزي بارز في الأدب الإنجليزي خاصة والأدب العالمي عامة، سمي بــ (شاعر الوطنية) و (شاعر افون الملحمي).
أعماله موجودة تتكون من 38 مسرحية و158 سونيته واثنتين من القصص الشعرية وبعض القصائد الشعرية وقد ترجمت مسرحياته وأعماله إلى كل اللغات الحية وتم تأديتها أكثر بكثير من مؤلفات أي كاتب مسرحي آخر.
تاريخ ميلاده غير معروف إلا أنه تم تعميده في 26 أبريل 1564 وتوفي في 23 أبريل 1616 في ستراتفورد أبون آفون، وركشير، إنجلترا.
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.