لقد حاولت في هذة الرؤية الابتعاد قدر المستطاع عن النظريات التي يصعب تطبيقها على أرض الواقع حيث وجدنا في كل مكتبة لمؤسسة مختصة بتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة أو جامعة أو أي مكتبة عامة الآلاف من الدراسات والنظريات التي تؤلف من قبل أساتذة ودكاترة لهم كل الاحترام والتقدير على ما بذلوه ويبذلونه من جهد في دراساتهم ولكنني رأيت أن هذه الدراسات عندما يراد تطبيقها على أرض الواقع تصطدم بكثير من الصعوبات التي تمنع تطبيقها لتبقى على الأرفف ولا تستخدم ومن هنا جاءتني فكرة كتابة رؤية وليس دراسة.
التأهيل المهني في دولة الامارات العربية المتحدة يعتير حديثاً إذ لا يتجاوز عمره العقدين من الزمن أو أكثر وأتوقع أنه قد بدأ في مدينة الشارقة للخدمات الانسانية وربما تكون هناك بعض التجارب الفردية لبعض الشركات أو المؤسسات أو الأفراد هنا أو هناك ولكن كمؤسسة تهتم بالتأهيل المهني فأعتقد أن مدينة الشارقة للخدمات الانسانية كانت أول هذه المؤسسات ومن ثم تتابع إنشاء مؤسسات بعد ذلك مثل مشاريع الثقة لتأهيل وتشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة ومركز وزارة الداخلية لتأهيل وتوظيف ذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهما.
في البداية يجب أن يتم الاتفاق ولو بشكل عام على تعريف التأهيل المهني وهو إعادة تأهيل أو تأهيل الشخص من ذوي الإعاقة حتى يستطيع أداء عمل ما بشكل جيد أو أن يتم تدريبه على أداء العمل (الوظيفة) والقيام بها بشكل مرضٍ له ولغيره بما يتناسب مع إعاقته.
إن التأهيل المهني يجب أن يقسم حسب رأيي إلى ثلاثة أقسام:
1 ـ التأهيل التعليمي
2 ـ التأهيل الخبراتي
3 ـ التأهيل البيئي
التأهيل التعليمي:
فالتأهيل التعليمي ويجب أن يفهم على أنه يتم به تأهيل الشخص ذي الإعاقة علمياً بما يتناسب والوظيفة التي سوف يتم تأهيله لها وليس التأهيل لايصاله إلى الجامعة أو للشهادات العليا وعلى سبيل المثال إذا كانت الوظيفة المطلوب تأهيل شخص ذي إعاقة لها هي كاتب فيمكن أن يتم تأهيله على القراءة والكتابة واستخدام الحاسب الآلي (الوورد) مثلاً أو البرامج التي سوف يستخدمها في عمله لأن إحساس الشخص من ذوي الإعاقة بأنه يستطيع الانتاج أفضل من أن يتم التركيز على البرامج كاملة ثم لا يستطيع أن يستوعبها مما يحسسه بالاحباط ويجعله لا يثق بنفسه وهذا ما تقوم به كثير من المؤسسات التي تعمل على تأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة من حيث أنها ترغب منه أن يكون أحسن من أقرانه من غير المعاقين وأن يتعلم كل شيء وذلك بحسن نية.
التأهيل الخبراتي:
وهو إعطاء الشخص ذي الإعاقة بعض الخبرات الأساسية التي يحتاجها في التعامل مع الغير وفي تعاملاته اليومية مثل طرق التعامل مع الآخرين والتعامل مع زملائه في العمل ومديريه وهذا لأن المعاق بحكم إعاقته قد لا يكون مر بتجارب أو خبرات في التعامل مع الغير بإستثناء عائلته والخطأ الذي تقع به كثير من المؤسسات التي تنقل تجارب من موظفيها إلى هذه الفئة بدون قصد وذلك من تذمر الموظفين من إداراتهم وما شابه ذلك أنني أرى أن يتم عمل دورات في كيفية التعامل مع الآخرين لموظفي المؤسسات التي تؤهل المعاقين حتى لا يعطوا خبرات سيئة للشخص ذي الإعاقة هو بغنى عنها لأنها سوف ترسب في عقله الباطن وقد تؤدي الي عواقب غير جيدة.
التأهيل البيئي:
إن تعاريف التأهيل البيئي لدى الجميع هو تأهيل المكان لإستقبال الشخص ذي الإعاقة من حيث المنحدرات والحمامات أو المصعد المكتب ولكن في الواقع هذا هو جزء لا يتجزأ من التأهيل البيئي الكامل والذي يجب تأهيل زملاء الشخص ذي الإعاقة في الوظيفة لكيفية التعامل معه ومع احتياجاته لأن عدم تأهيل الموظفين الآخرين قد يؤدي الي أن يكونوا بقصد أو غير قصد جهة رافضة للشخص ذي الإعاقة مما يؤثر في معنوياته ويؤثر في أدائه الوظيفي ويؤدي إلى تركه للعمل وإنعزاله عن المجتمع.
إنني أقترح أن يكون هنا التأهيل النفسي الذي نفتقر إليه ليس في الإمارات العربية المتحدة وإنما في جميع الوطن العربي والذي نحن بحاجة له وخاصة لتأهيل حديثي الإعاقة أو الإعاقات المكتسبة من الحوادث أو الإعاقات المتطورة والتي لا تستقر.
إن التأهيل النفسي يجب أن يكون للشخص ذي الإعاقة وعائلته في كيفية التعامل النفسي مع الإعاقة لكليهما.
ربما ما دعاني لكتابة هذة الرؤية هو التجربة التي مررت بها حينما تمت دعوتي لزيارة إحدى مستشفيات الدولة لرفع معنويات مجموعه من الأشخاص ذوي الإعاقة إعاقات مكتسبة من حوادث السيارات وقد ذهبت وقابلت ثلاثة منهم وهم شباب وكلهم كانوا بحاجة لإعادة تأهيلهم نفسياً وأعتقد أنه كان من الأهم معالجة ذويهم نفسياً لانهم كانوا غير مقتنعين بإصابة أبنائهم وكانوا ينقلون ذلك الانطباع إلى الأبناء والبعض كان يشعر بالحرج ولا أريد أن أقول بالعار أن ابنه اصبح شخصاً ذا إعاقة وعلينا نحن الأشخاص ذوي الإعاقة والمجتمع عمل المزيد والمزيد لتغيير هذا الانطباع لديهم.