توجد في الوقت الحالي سبع اتفاقيات دولية تتعلق بحقوق الإنسان:
- الاتفاقية الدولية لمناهضة جميع أشكال التمييز العنصري 1965
- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1966
- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966
- اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة 1980
- اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة 1984
- اتفاقية حقوق الطفل 1989؛
- الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد عائلاتهم 1990
لبعض هذه الاتفاقيات والعهود أيضاً بروتوكولات اختيارية تلتزم الدول الأطراف بموجبها بالتزامات إضافية، إما جوهرية أو تتعلق بآليات الرصد والمتابعة.
والاتفاقية المتعلقة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، تعد الأولى في القرن الواحد والعشرين، والأولى أيضا في تاريخ الأمم المتحدة التي يشارك في صياغتها من الألف إلى الياء القطاع الأهلي الدولي والمحلي، ذي العلاقة بالأشخاص ذوي الإعاقة إضافة إلى أولياء أمورهم والأشخاص ذوي الإعاقة أنفسهم، ومنظمات حقوق الإنسان، والحكومات. لذلك كانت المفاوضات التي جرت لصياغة الاتفاقية شاقة وطويلة ومتعبة، تواصلت على مدى خمس سنوات.
وتتكون الاتفاقية الدولية الشاملة والمتكاملة لحماية وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وكرامتهم، من ديباجة (18 فقرة)، و43 مادة موزعة على أربعة أجزاء.
الجزء الأول ويتناول الغرض والمبادئ العامة والتدابير العامة للتنفيذ، ويشتمل على 9 مواد،
والجزء الثاني ويتناول تفصيلاً الحقوق الأساسية للأشخاص ذوي الإعاقة، من الحقوق المدنية والسياسية إلى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وغيرها ويشتمل على 21 مادة،
أما الجزء الثالث فيختص بإجراءات الرصد والمتابعة والتقييم والتعاون الدولي، ويشتمل على 4 مواد،
والجزء الرابع والأخير فيتناول إجراءات التوقيع والتصديق والإيداع وغيرها من مواد إجرائية تخص الاتفاقية، ويشتمل على 9 مواد.
وفيما يلي لمحة عامة عن الاتفاقية:
بداية لا بد من الإشارة إلى أن الغرض من الاتفاقية هو أن تشجع وتحمي وتكفل تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة على قدم المساواة بجميع حقوق الإنسان. لذلك فهي تشكل تحولاً في النظرة إلى الإعاقة من كونها شأناً يتعلق بالرعاية الاجتماعية، إلى مسألة من مسائل حقوق الإنسان، إي من (الإحسان) إلى (حقوق الإنسان)، وهذا إقرار بأن الحواجز ومشاعر التحامل المجتمعية هي بحد ذاتها من المعوقات.
ولذلك سعت الاتفاقية إلى تغطية عدد من الجوانب الرئيسية مثل إمكانية الوصول، والتنقل الشخصي، والصحة والتعليم والتوظيف والتأهيل وإعادة التأهيل، والمشاركة في الحياة السياسية، والمساواة وعدم التمييز. حيث أكدت على ذلك في مبادئها العامة.
كما أكدت على أنه يتوجب على البلدان التي تنضم إلى الاتفاقية أن تلتزم بوضع وتنفيذ سياسات وقوانين وتدابير إدارية لتأمين حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة المعترف بها في الاتفاقية وإلغاء القوانين والأنظمة والعادات والممارسات التي تشكل تمييزاً (المادة 4).
ولما كان تغيير التصورات أمراً أساسياً لتحسين حالة الأشخاص ذوي الإعاقة، لذا يتوجب على الدول المصدقة على الاتفاقية محاربة التصورات النمطية ومشاعر التحامل وأن تشحذ الوعي بقدرات الأشخاص ذوي الإعاقة وإسهامهم في المجتمع (المادة 8).
كما ينبغي للبلدان أن تضمن للأشخاص ذوي الإعاقة التمتع بحقهم الأصيل في الحياة على قدم المساواة مع الآخرين (المادة 10)،
وأن تكفل للنساء والفتيات ذوات الإعاقة المساواة في الحقوق والنهوض بأحوالهن (المادة 6)
وحماية الأطفال ذوي الإعاقة (المادة 7).
وللأطفال ذوي الإعاقة حقوق متساوية، ولا يجوز فصلهم قسرا عن أبويهم، إلا عندما ترى السلطات أن فصلهم يقع في مصلحتهم الفضلى، ولا يجوز فصل أي طفل عن أبويه بسبب إعاقة الطفل أو الأبوين (المادة 23).
كما ينبغي على البلدان أن تعترف أن جميع الأشخاص متساوون أمام القانون، وأن تحرّم التمييز على أساس العجز وأن تضمن الحماية القانونية للأشخاص ذوي الإعاقة على قدم المساواة (المادة 5).
ولهذا ينبغي للبلدان أن تكفل المساواة في حق حيازة الممتلكات ووراثتها، والسيطرة على الشؤون المالية والحق في الحصول على قروض مصرفية واعتمادات وقروض عقارية (المادة 12).
كما يبغي لها أن تضمن لهم حق اللجوء إلى القضاء على قدم المساواة مع الآخرين (المادة 13) وأن تكفل تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بالحق في الحرية والأمن وعدم حرمانهم من حريتهم خلافا للقانون وبصورة تعسفية (المادة 14).
كما يجب على البلدان أن تضمن عدم تعريضهم للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وأن تحرم إجراء تجارب طبية أو علمية عليهم دون موافقة الشخص المعني (المادة 15)،
فضلا عن تحريم المعالجات القسرية أو إدخالهم قسرا إلى مصحات (المادة 17).
كما يجب أن تضمن القوانين والتدابير الإدارية التحرر من الاستغلال والعنف وسوء المعاملة. وعندما تُساء معاملة الأشخاص ذوي الإعاقة، ينبغي للبلدان أن تتدخل لتأمين التعافي البدني والنفسي للضحية وإعادة تأهيله وإدماجه والتحقيق في سوء المعاملة (المادة 16).
ولا يجوز التدخل التعسفي وغير القانوني في خصوصية الأشخاص ذوي الإعاقة أو أسرهم أو منازلهم أو مراسلاتهم أو اتصالاتهم. وينبغي حماية خصوصية معلوماتهم الشخصية والصحية على قدم المساواة مع الآخرين (المادة 22).
وفيما يتعلق بمسألة الوصول الجوهرية (المادة 9)،
تطالب الاتفاقية البلدان بتحديد وإلغاء العقبات والحواجز وأن تضمن قدرة وصول الأشخاص ذوي الإعاقة للبيئة المحيطة بهم ولوسائط المواصلات والمرافق والخدمات العامة، وللمعلومات والاتصالات.
ويجب أن يكون للأشخاص ذوي الإعاقة خيار العيش بصورة مستقلة، وأن يكونوا جزءاً من المجتمع، وأن يختاروا المكان الذي يريدون العيش فيه ومع من يريدون العيش، وأن يتمكنوا من الحصول على خدمات دعم منزلية وسكنية واجتماعية (المادة 19).
كما ينبغي تعزيز التنقل الشخصي وأكبر قدر من الاستقلال من خلال تسهيل التنقل الشخصي المتيسر الثمن، والتدريب على مهارات التنقل والحصول على الأدوات والأجهزة المعينة على التنقل والتكنولوجيات المعينة والمساعدة الحياتية (المادة 20).
كما ينبغي للبلدان أيضا أن تؤمن الحق في العيش بمستوى لائق وفي الحماية الاجتماعية، بما في ذلك السكن العام والخدمات والمساعدة العامة لتلبية الاحتياجات المتعلقة بالأشخاص ذوي الإعاقة، وأن تساعد في تسديد المصروفات المتعلقة بالإعاقة في حالة الفقر (المادة 28).
كما يجب على البلدان أن تؤمن الوصول إلى المعلومات من خلال تأمين المعلومات المخصصة لعامة الناس وذلك في أشكال وتكنولوجيات ممكن الوصول إليها، ومن خلال تسهيل استخدام لغة برايل، ولغة الإشارة وغيرهما من أشكال التواصل من خلال تشجيع وسائط الإعلام وشركات الإنترنت على توفير معلومات على الإنترنت في أشكال يمكن الوصول إليها.
كما ينبغي على البلدان القضاء على التمييز المتعلق بالزواج والأسرة والعلاقات الشخصية. وأن تتاح الفرصة للأشخاص ذوي الإعاقة على قدم المساواة مع غيرهم لإقامة علاقات زاوج، وأن يمروا بتجربة الأبوة، وأن يتزوجوا ويؤسسوا أسرة، وأن يقرروا عدد أطفالهم والفترة الزمنية التي تفصل بين طفل وآخر، وأن يحصلوا على التثقيف والوسائل في مجال الإنجاب وتنظيم الأسرة، وأن يتمتعوا بحقوق ومسؤوليات متساوية بشأن الولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم (المادة 23).
كما يجب على الدول أن تضمن المساواة في الوصول إلى التعليم والتدريب المهني وتعليم الكبار والتعلم مدى الحياة. وينبغي لمؤسسات التعليم أن تستخدم ما يناسب من مواد وتقنيات تعليمية وأشكال الاتصال. وضمان أن يحصل التلاميذ الذين يحتاجون إلى دعم على تدابير الدعم، وأن يتلقى التلاميذ المكفوفون والصم، تعليمهم بأنسب وسائل الاتصال من معلمين يتقنون لغة الإشارة ولغة برايل. وأن يشجع التعليم الذي يتلقاه الأشخاص ذوو الإعاقة مشاركتهم في المجتمع، وينمي إحساسهم بالكرامة والقيمة الذاتية وإلى جانب تنمية شخصيتهم وقدراتهم الخلاقة وطاقاتهم الإبداعية (المادة 24).
وبموجب المادة 25، يحق للأشخاص ذوي الإعاقة أن يتمتعوا بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه من غير تمييز بسبب الإعاقة. ولهم أن يتلقوا الخدمات الصحية من نفس النطاق والنوعية والمعيار كتلك التي يتلقاها أشخاص آخرون، وأن يتلقوا تلك الخدمات الصحية التي يحتاجون إليها بسبب إعاقاتهم، وألا يتعرضوا للتمييز عندما يطلبون الحصول على تأمين صحي.
ولتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من تحقيق أقصى درجات الاستقلال والقدرة البدنية والعقلية والاجتماعية والمهنية، ينبغي للبلدان أن توفر خدمات تأهيل وإعادة تأهيل شاملة في مجالات الصحة والتوظيف والتعليم (المادة 26).
وبموجب المادة 27، للأشخاص ذوي الإعاقة حقوق متساوية في العمل وكسب الرزق. وينبغي للبلدان أن تحرّم التمييز في المسائل المتعلقة بالعمل، وأن تشجع العمالة الذاتية والأعمال الحرة وفتح أعمال تجارية خاصة، وتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع العام، وتشجيع توظيفهم في القطاع الخاص، وكفالة تأمين تسهيلات معقولة لهم في أماكن العمل.
كما ينبغي للبلدان أن تكفل لهم المشاركة على قدم المساواة في الحياة السياسية والحياة العامة، بما في ذلك حق التصويت والمشاركة في الانتخابات وشغل المناصب (المادة 29).
وينبغي للبلدان أن تشجع المشاركة في الحياة الثقافية، وحياة الاستجمام والأنشطة الترفيهية والرياضية من خلال كفالة توفير البرامج التلفزيونية والأفلام والمسرح والمواد الثقافية بأشكال يمكن الوصول إليها، ومن خلال إتاحة الوصول إلى المسارح والمتاحف ودور السينما والمكتبات العامة، ومن خلال ضمان إتاحة الفرصة للأشخاص ذوي الإعاقة لتطوير واستخدام طاقاتهم الإبداعية لا لمنفعتهم الخاصة فقط، بل ولإثراء المجتمع (المادة 30).
وبموجب المادة 32، ينبغي للبلدان أن تدعم الجهود التي تبذلها البلدان النامية لتطبيق الاتفاقية وذلك من خلال التعاون الدولي والمساعدة الإنمائية.
ولكفالة تنفيذ الاتفاقية ورصدها، ينبغي للبلدان أن تعين منسقا في الحكومة وإنشاء آلية وطنية مستقلة لتعزيز التنفيذ ورصده (المادة 33).
وخلاصة القول
(فإن الاتفاقية تسعى لخلق تحول نموذجي من اتجاه يميل إلى عزل الأشخاص ذوي الإعاقة إلى اتجاه يميل إلى إشراكهم في المجتمع ودمجهم فيه. فالأشخاص ذوو الإعاقة يؤدون أعمالهم فعلاً، ويعيشون ويسهمون بشكل أفضل عندما يشاركون في المجتمع). على حد تعبير السيد دون ماكي رئيس اللجنة الدولية لصياغة نص الاتفاقية الدولية لحماية وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وكرامتهم.