لم يَهزِمِ التوحدَ لكنه.. تكيّفَ معهُ وتفوَّق
أنت على الأغلب حين يسألك أحدهم عن شيء تجيب دون تفكير…
لا تتسرع، ليس المقصود بعبارة (دون تفكير) الإساءة فأنت على الأغلب تفكر بجواب السؤال وإنما نقصد هنا دون تفكير بالعملية الذهنية المتعلقة بالتواصل واستقبالك للرسالة ثم الرد عليها لأنه كما تعرف يا عزيزنا القارئ ـ أو لا تعرف ـ ثمة أشخاص غير قادرين البتة على تحقيق هذا التواصل الذي تعتبره أنت بديهياً حيث يحتاج الأمر منهم ومن أسرهم والعاملين معهم لأشهر وسنوات من التأهيل والتدريب والخبرات والصبر والمواظبة والمتابعة كي ينجحوا في اكتساب هذه المهارة، وهؤلاء من نقول عنهم: الأشخاص ذوو اضطراب طيف التوحد.
نعم، إنها مهارات قد تبدو للبعض روتينية، بسيطة، لا تحتاج أي جهد، بينما تقول الحقيقة أمراً آخر مفاده: الأشخاص ذوو اضطراب طيف التوحد غير قادرين على التواصل مع الآخرين وإنشاء العلاقات الاجتماعية إلا بعد تدريبهم وتعليمهم وتأهيلهم ومواكبة كل ذلك بأحدث المناهج المتفق عليها دون أن ننسى بالطبع أهمية التدخل المبكر والتحاق الطالب وهو في عمر صغير بمؤسسة أو مركز يعنى بأبناء هذه الإعاقة ويقدم لهم خدماته الاحترافية على أعلى المستويات.
معاذ وقار حسين عمره الآن 19 عاماً لكن عمره لم يكن يتجاوز السنوات الخمس حين التحق بمركز الشارقة للتوحد التابع لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، وككل الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد كان لدى معاذ قصور في التواصل والتفاعل والاجتماعي، ولديه العديد من التحديات السلوكية.
تم تقييم معاذ من قبل اختصاصيي المركز كما تم وضع خطة فردية له والتنسيق بشكل متواصل مع أسرته من خلال خدمات الإرشاد الأسري التي يقدمها المركز ليكون الأهل شركاء في عملية التأهيل والتدريب مع التركيز في جميع هذه الخطوات على أهم شيء متعلق بالعمل مع الأشخاص ذوي الإعاقة ونحن هنا لا نتحدث عن تطبيق أفضل البرامج والأنشطة فقط بل نتحدث عن.. الصبر والرغبة القوية في تغيير وتحسن حياة هؤلاء الأشخاص.
مرت الأيام والسنون وبدأت تظهر قدرات معاذ فلاحظ المشرفون اهتمامه بالموسيقى التي أصبحت وسطاً تعليمياً غنياً لتدريب معاذ وتحقيق الأهداف التربوية وتقليل تحدياته السلوكية وتطوير التواصل والتفاعل الإجتماعي لديه.
تطورت قدرة معاذ على التواصل من خلال المجسمات والصور الى أن أصبحت لديه القدرة على التواصل اللفظي بطلاقة، ومع التقدم في الزمن والتدريب أظهر اهتمامأً بتشكيل الصلصال لكن هذا الاهتمام أخذ بالتطور فراح معاذ يصنع المجسمات الصلصالية بمهارة وإتقان وأبدى شغفاً كبيراً بالسيارات التي أصبحت فيما بعد الموضوع الرئيسي لإبداعاته الفنية وبات قادراً على شرح موهبته للجمهور فيتحدث عن الصلصال وكيفية صنعه لنماذج السيارات وأنواعها بأدق التفاصيل، كما أظهر قدرة مميزة على إستخدام الكومبيوتر والأجهزة اللوحية.
نعم، إلى هذه المرحلة وصل معاذ، إنه يجيد استخدام الكومبيوتر وبالإمكان اعتباره مهنياً من الأشخاص ذوي الأداء العالي في التواصل ونقل الصورة التي يراها إلى مجسم صلصالي فني وخصوصاً (نماذج السيارات) التي يصنعها بدقة دفعت المركز إلى تنظيم معرض خاص بمنتجاته أشاد به جميع من شاهده.
من مفاجآت معاذ الكثيرة أنه قادر الآن على تحدث ثلاث لغات (الإنكليزية، الأوردو، العربية) وإن كنت عزيزي القارئ بحاجة إلى مزيد من الأدلة على نبل الرسالة التي حملتها وتحملها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية فما عليك إلا معرفة أنه بالإضافة إلى كل ما تقدمه من خدمات تدريبية وتعليمية وتأهيلية للأشخاص ذوي الإعاقة لا تهتم البتة بجنسية الطالب ولا تفرق بين دينه ودين غيره فما يعنيها بالأساس خدمته إنسانياً، ولعل من بين الأمثلة الكثيرة على ذلك حالة معاذ، الباكستاني الجنسية.
مدير مركز الشارقة للتوحد هيثم الحياري أكد على أهمية التدخل المبكر من قبل أولياء الأمور لدى شعورهم بأي مشكلة تكتنف أطفالهم وأهمية مراجعة الطبيب أو الاختصاصي للوقوف على طبيعة المشكلة والإجراءات الواجب اتباعها للوصول مستقبلأً إلى نتائج مرضية قدر الإمكان.
لقد حقق معاذ خلال سنوات من التدريب والتأهيل في مركز الشارقة للتوحد استقلالية كبيرة وأصبح قادراً على الاعتماد على نفسه في شؤونه الحياتية لا بل إن بمقدوره أن يذهب بمفرده إلى السوبرماركت ويطلب من البائع الغرض الذي يحتاجه ثم يقوم بمحاسبته والعودة إلى المنزل، كما يساعد أمه في أعمال المنزل ويشارك أسرته في الأنشطة الاجتماعية بفعالية واندماج تامين.
ختاماً، أشار الحياري إلى خطة ممنهجة وضعها المركز لتدريب معاذ على القيام بمجموعة من المهام الوظيفية المكتبية كتسجيل الحضور والغياب ومساعدة المدربين في تصوير الوثائق والطباعة وتصميم الجداول ليتم تتويج هذه الخطة في القريب العاجل بتوظيف معاذ وانضمامه لكادر العاملين في المركز فما من شيء يمنع عمله الذي يبدي فيه مهارة ملحوظة سيصقلها التدريب يومأً بعد يوم.
حازم ضاحي شحادة
- بكالوريوس في الصحافة / جامعة دمشق
- صحفي في جريدة الوحدة السورية سابقاً
- صحفي منذ عام 2007 في قسم الإعلام / إدارة الاتصال المؤسسي في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- كاتبٌ في مجلة المنال الإلكترونية
الخبرات
- التطوع والعمل سنوياً منذ العام 2008 في مخيم الأمل الذي تنظمه مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية حيث قامَ بتحرير أخباره أولاً بأول.
- التطوع والعمل منذ العام 2008 في مهرجان الكتاب المستعمل الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة منذ العام 2007 في ملتقى المنال الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره.
- المشاركة في ملتقى التوحد (خارج المتاهة) الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في أبريل من العام 2015 وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة في مؤتمر التدخل المبكر الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في يناير من العام 2016 والمساهمة في تحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة في مؤتمر التقنيات المساندة الذي نظمته المدينة في مارس من العام 2017 وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة منذ العام 2008 في حملة الزكاة التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية سنوياً وتحرير أخبارها أولاً بأول.
- لا بد من الإشارة إلى عشرات وعشرات الفعاليات والأنشطة والزيارات التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ويقوم بتحرير أخبارها أولاً بأول.
- كما لا بد من الإشارة إلى أن 80 في المائة من الأخبار المنشورة عن مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في مختلف الصحف والمواقع منذ منتصف العام 2007 وحتى يومنا هذا هي من تحريره.
المؤلفات
- أديبٌ سوري يكتبُ في الصحافةِ العربيةِ منذ عشرين عاماً
- صدر له حتى الآن:
- المبغى / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- اختلافٌ عميقٌ في وجهات النظر / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- أيامٌ في البدروسية / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- فوق أرض الذاكرة / مجموعة قصصية. دار آس سوريا
- أوراق نساء / 2012 ـ ديوان . دار بصمات ـ سوريا
- نشرت العديد من قصصهِ في مجلات وصحف ومواقع إلكترونية سورية وعربية منها
- (مجلة الآداب اللبنانية) (مجلة قاب قوسين) الأردنية (مجلة ثقافات الأردنية) (مجلة انتلجنسيا التونسية) (جريدة الوحدة السورية)