الشعار الذي تبنته الحركة العالمية لحقوق الأشخاص ذوي الاعاقات هو (Nothing About Us Without Us) أو (لا شيء يخصنا من دوننا)، والداعي إلى مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في التخطيط والتنظيم ورسم السياسات والتشريعات وصوغ البرامج التي تعنيهم، هذا الشعار أصبح حقيقة تبعث على التفاؤل في الأردن.
فالقرار الذي اتخذته الحكومة الأردنية بتعيين الدكتور مهند العزة أميناً عاماً للمجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين، هو خطوة تجسد الشعار الأكثر رواجاً وجماهيرية في أوساط الأشخاص والمنظمات والدوائر والأدبيات المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
ويأتي تعيين العزة في هذا الموقع بعد رحلة نضالية طويلة قادتها الاتحادات والمنظمات الدولية والعربية والناشطون، من أجل تحقيق العدل والإنصاف للأشخاص الذين يعانون شكلاً أو آخر من أشكال القصور البدني أو الحسي أو العقلي، يؤثر في تفاعلهم ومشاركتهم واستمتاعهم بحقوقهم كأشخاص فاعلين في مجتمعاتهم وبيئاتهم.
اليوم، تشير التقديرات العالمية إلى وجود ما يزيد على 15% من سكان العالم ممن يحتاجون إلى ما يساعدهم على تجاوز أوجه القصور التي تحد من ممارستهم لحياتهم وأدوارهم من دون إشعارهم بالنقص، أو التجاوز والتعدي على كرامتهم وإنسانيتهم.
وتعيين الدكتور العزة الذي فقد القدرة على الإبصار قبل أن يبلغ العاشرة من العمر، هو قرار يبعث على الأمل؛ فهو شخصية ملتزمة بثقافة حقوق الإنسان، ويحظى باحترام وتقدير العاملين في الحقل؛ إذ وضع معرفته القانونية وخبراته الحقوقية في خدمة قضايا ذوي الإعاقات، وتطوير النظرة المجتمعية والتشريعات التي تتناول حقوقهم وقضاياهم. والموضوعية التي تحلى بها، وجرأته في الطرح، اكسبتاه احترام وتقدير الجميع ليصبح أحد أهم الأصوات التي يُستمع إليها عند تقييم الأوضاع والتحديات والحلول الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة؛ كما هيأتا الفرصة لاختياره لعضوية مجلس الأعيان كأول شخص من ذوي الإعاقات في المجلس، حيث قدم نموذجاً مميزاً للأداء البرلماني الملتزم.
اليوم، أشعر بالكثير من الرضا وأنا أستقبل نبأ صدور الإرادة الملكية السامية بتعيين الأمين العام للمجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين من ذوي الإعاقات. ويحضرني الشعار الأممي الذي طالما كان الحافز والمحرك والمبرر للكثير من الإنجازات التي حققتها حركتهم في العالم؛ بدءاً من العقد الأممي للإعاقة في ثمانينيات القرن الماضي، إلى إصدار وتبني القواعد المعيارية لتكافؤ الفرص في العام 1993، وصولاً إلى الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص المعوقين التي تم تبنيها في كانون الأول (ديسمبر) 2006.
في الأردن الكثير من الإنجازات والنوايا الحسنة والرغبة في تحقيق المزيد، بما قد يحد من معاناة الأشخاص ذوي الإعاقة. فقد أسهم سمو الأمير رعد بن زيد عبر ما يزيد على خمسة عقود، في إدامة الاهتمام وحث المؤسسات على إيلاء القضايا الكثير من الاهتمام. وتابع العمل على تطوير الاستراتيجية والتشريعات سمو الأمير مرعد. وحلول أحد الأشخاص من ذوي الإعاقات في موقع الأمين العام للمجلس يحمل الكثير من الدلالات والمعاني التي تتجاوز كفاءة وخبرات الدكتور العزة، لتشير إلى التحول التاريخي في النظرة المجتمعية، والذي يجسد المستوى الذي وصل إليه المجتمع، بحيث أصبح يعترف بقدرات وإمكانات وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في إدارة شؤونهم.
في الأردن اليوم، أصبح لشعار (لا شيء يخصنا من دوننا) معنى وتجسيد نأمل أن يؤديا إلى تحولات واسعة وشاملة في نظرة الفئات والشرائح الاجتماعية كافة للأشخاص ذوي الإعاقة؛ يؤمنون بقدراتهم ويعترفون بحقهم في المشاركة، ويعملون على رفع العوائق والعقبات كلها التي تحول دون مشاركتهم الفاعلة والاستمتاع بحقوقهم من دون انتقاص من كرامتهم.
التعرف على العقبات والعوائق التي تعترض الوصول إلى الحقوق وتحد من المشاركة، هو الخطوة الأولى التي تمهد لإزالتها وبناء برامج التمكين التي تساعد الأفراد ذوي الإعاقة على الوصول والاستخدام الآمن والاستمتاع بكل ما يحتاجون إليه من دون تمييز.
نتمنى للمجلس الأعلى ومنظمات الإعاقة والأشخاص ذوي الإعاقات استثمار هذه الخطوة المهمة في توسيع دائرة مشاركة واستمتاع كل الرجال والنساء بما يقدمه مجتمعهم، وأن يضعوا طاقاتهم ومواهبهم وإمكاناتهم في خدمة أنفسهم ومجتمعهم.
الدكتور صبري عبد اللطيف محمد اربيحات
المؤهلات العلمية:
بكالوريوس في التربية وعلم الاجتماع من الجامعة الاردنية 1976
ماجستير في مواضيع الادارة العامة والديمغرافيا وعلم الاجرام من جامعة جنوب كاليفورنيا
دكتوراه في علم الاجتماع من جامعة جنوب كاليفورنيا عام 1987
المناصب التي شغلها:
- وزير الثقافة (2009)
- مستشار لدى الأمم المتحدة في قضايا الاعاقة
- رئيس وحدة البحوث ومستشار المدير العام دائرة الامن العام