تبوأت الترجمة مكانة بارزة في مجال تعليم اللغة الإنكليزية لفترة زمنية طويلة ومن ثم تم تجاهلها لفترة طويلة أيضا. ومع ظهور طرق التعليم التواصلية communicative methodologies وبسط هيمنتها أصبحت الترجمة جزءا من الماضي مثلها مثل نشاطات (تقليدية) أخرى مثل الأملاء والقراءة بصوت عال والتدريبات. غير أن الترجمة وغيرها من النشاطات التي تم تجاهلها أصبحت من جديد مصدر جذب للكثير من النشاطات الصفية التواصلية والعوامل المساعدة للتعليم رغم تغير طرق استخدامها. ويذهب دف Duff (1989) الى أن كلا من المدرسين والطلبة يلجؤون الى الترجمة في عملية التعلم وليس تعلم الترجمة. وعادة ما تمتد النشاطات الترجمية الحديثة من اللغة الأم L1 الى اللغة الثانية (الأجنبية) L2 رغم ملاحظة التحرك باتجاه معاكس في الدروس ذات الأهداف الأكثر تحديدا ولها أهداف تواصلية واضحة وعمق معرفي حقيقي وتتميز بمستويات تحفيزية عالية ويمكنها تحقيق نتائج تواصلية مؤثرة.
تاريخ استخدام الترجمة في تدريس اللغة الإنكليزية
شكلت الترجمة ركيزة هامة في تعليم اللغات لفترة طويلة جدا وبعد ذلك تم الاستغناء عنها بعد ظهور طرق تدريس جديدة، وكانت الترجمة تمثل عنصرا جوهريا أثناء استخدام (طريقة النحو والترجمة) في التعليم Grammar Translation Method التي تم استحداثها من الطريقة الكلاسيكية المتواترة المستخدمة في تدريس اللغتين اليونانية واللاتينية.
غير أن مثل هذه الطريقة لم تشكل تجربة تعليمية إيجابية للكثيرين حيث كان يتعين على المتعلمين حفظ الكثير من القواعد النحوية وقوائم المفردات اللغوية فضلا عن تكليفهم بترجمة نصوص تاريخية وأدبية كاملة حرفيا. وجاءت الطريقة المباشرة أو الطبيعية Direct or Natural Method التي ظهرت في كل من ألمانيا وفرنسا في عام 1900 وجاءت ردة فعل للمشاكل الواضحة التي أرتبطت بطريقة النحو والترجمة في التعليم. وبموجب الطريقة المباشرة فأن كلا من المدرس والمتعلمين يتحاشون أستخدام اللغة الأم ويتجهون بدل ذلك الى أستخدام اللغة الهدف. وسارت الطريقة السمعية – الكلامية audio – lingual على خطى الطريقة المباشرة فسعت لتعليم اللغة بشكل مباشر دون اللجوء الى اللغة الأم في أيضاح أية مفردات جديدة. ونأت طرق تدريس (أنسانية) لاحقة مثل الطريقة الصامتة Silent Way ومداخل التجاوب الطبيعي التامة والتواصلية بنفسها عن اللغة الأم. ومن هذه الطرق برزت الى الوجود الكثير من الاعتراضات على الترجمة.
الاعتراضات على استخدام الترجمة
هناك عدد من المشاكل المتوقعة الناجمة عن أستخدام الترجمة من خلال تسليط الضوء على التأثير السلبي المحتمل على المتعلمين ومن ثم على المدرسين.
المتعلمون
- تدور الترجمة حول اللغة لكنها لا تتعلق بكيفية أستخدام اللغة وبذا فهي لا تساعد المتعلمين على تطوير مهاراتهم التواصلية.
- الترجمة تشجع المتعلمين على أستخدام اللغة الأم كثيرا أثناء التدريسات في الوقت الذي يهدف التعليم الحديث الى استبعاد اللغة الأم في تدريس اللغات الأجنبية.
- المهارات المستخدمة في الترجمة ربما لا تكون مناسبة لسائر أنواع المتعلمين لكنها ربما تكون الصيغة الأفضل على سبيل المثال للمتعلمين الذين يمتلكون عقليات تحليلية أو يفضلون استراتيجيات التعليم اللفظي – اللغوي. أما بالنسبة للمتعلمين الشباب أو المستويات المبتدئة فربما لن تكون مناسبة.
- ربما لن يجد المتعلمون قيمة في الترجمة باعتبارها نشاطا يساعدهم على تعلم اللغة الإنكليزية وينظرون اليها باعتبارها نشاطا اختصاصيا صعبا.
- الترجمة مهارة صعبة لابد من اتقانها لتكون ذات جدوى وفاعلية. ويتعين على المتعلمين والمدرسين معا مراعاة ليس المعنى المنقول فحسب أنما عددا من القضايا الأخرى مثل الشكل والأسلوب والمصطلح. أن الكثير من النشاطات الترجمية تعتمد على ذلك بهدف الوصول الى صيغة ممكنة أفضل رغم أن الأمر ليس ميسورا.
المدرسون
- تتطلب النشاطات الترجمية براعة وحذرا في أعدادها لكونها تحتاج الى فترة طويلة خصوصا ما يتصل بالمشاكل المحتملة المتوقعة.
- تحتاج الترجمة الى صف دراسي مولع بالترجمة ذاتها.
- لابد أن يمتلك مدرس الترجمة معرفة واسعة باللغة الأم وتراثها لأن الترجمة يمكن أن تكون مثار العديد من المشاكل بدلا من المنافع. ويصبح مثل هذا الأدراك أمرا يكاد يكون مستحيلا في ظل صف دراسي يتسم بالتعددية اللغوية.
- تأسيسا على ذلك أذا عمد المدرس الى أستخدام اللغة الأم في تدريس الترجمة فأن مثل هذا التوجه يؤدي الى أضعاف السعي للتحدث باللغة الإنكليزية داخل القاعة الدراسية. ثم أن المتعلمين من جانبهم سوف يرون في ذلك إحدى موارد اللغة الأم.
- الترجمة بطبيعتها مقيدة بالنص وهي محددة بمهارتي القراءة والكتابة، وهذا أمر يصعب تبريره للكثير من الصفوف الدراسية التي تعاني من القيود فيما يتعلق بالوقت.
- لأن الترجمة مهارة صعبة تستغرق وقتا طويلا فأن المدرس لابد أن يكون مقتدرا حتى يستطيع التعاطي مع هذا النشاط بفاعلية.
الفوائد
بدأ الكثير من مدرسي اللغة الإنكليزية والمنظرين ينظرون الى قيمة الترجمة وأهميتها بصفتها نشاطا لغويا يحصل داخل الصف التواصلي رغم ندرة الكتب المنهجية التي تقدم أفكارا ومواد في هذا السياق. في أدناه نتطرق الى بعض الوسائل التي يمكن للترجمة من خلالها أن تكون ذات تأثير أيجابي:
- يمكن من خلال النشاطات الترجمية قيام المتعلمين بممارسة المهارات اللغوية الأربعة على أن يتم أعداد تلك النشاطات بشكل متقن. وفي أطار الكفاية التواصلية communicative competence فإن مثل تلك النشاطات تتطلب الدقة والوضوح والمرونة.
- في ضوء ذلك تعتبر الترجمة بطبيعتها نشاطا تواصليا الى حد كبير مع وجوب أن يكون المحتوى ذا صلة وأن نعمد الى استثمار كل احتمالات التواصل أثناء تنفيذ النشاط.
- ممارسة الترجمة في مجموعات يمكن أن يشجع المتعلمين على مناقشة المعنى والاستخدام اللغوي بمستويات متقدة لكونهم يعملون من خلال عملية فهم المترادفات ومن ثم البحث عنها في لغة أخرى.
- تمثل الترجمة نشاطا حقيقيا وطبيعيا وضروريا على نحو متزايد في البيئة العالمية التي نشهدها في أيامنا هذه، فالكثير من المتعلمين الذين يعيشون في بلدانهم أو الذين هاجروا الى بلدان جديدة يحتاجون الى ممارسة الترجمة يوميا على نحو رسمي أو غير رسمي. ويغدو الأمر أكثر أهمية مع تزايد أهمية المعلومات الإلكترونية.
- تمثل الترجمة استراتيجية يستخدمها المتعلمون في الغالب سواء عمدنا الى تشجيعها أو عملنا خلاف ذلك. فإذا قبلنا ذلك فأن علينا أن ندعم المتعلمين على تطوير هذه المهارة بالشكل الصحيح، على سبيل المثال من خلال مناقشة دورها.
- يمكن أن تشكل الترجمة دعامة لعملية الكتابة خاصة في المستويات الأولية حيث أظهرت البحوث أن بمقدور المتعلمين أن يحصلوا على المزيد من المعلومات من خلال لغتهم الأم التي يقومون بترجمتها لاحقا.
- تساعد مناقشة الاختلافات والتشابهات أثناء عملية الترجمة المتعلمين على فهم التفاعل بين اللغتين وكذلك المشاكل التي تتسبب بها لغتهم الأم. كما أنها تساعد المتعلمين على تقصي نواحي القوة والضعف باللغتين المترجم منها والمترجم أليها ومنها على سبيل المثال مقارنة اللغة الاصطلاحية وخاصة الاستعارات.
- بمقدور المدرسين أن يركزوا النشاطات الترجمية على أهداف تعليمية محددة الى حد كبير مثل التدرب على أستخدام المفردات اللغوية والجوانب النحوية والأساليب وما الى ذلك. ويمكن في هذا الشأن الاستفادة من أدوات أخرى مثل البريد الإلكتروني والمواقع الإلكترونية التي في متناول الصف الدراسي.
- وأخيرا فأن تطوير المهارات في الترجمة من جانب الكثير من المتعلمين يمثل جانبا طبيعيا ومنطقيا في الوصول الى مستويات عالية وهذا أمر جذاب ومثير للاهتمام.
المداخل ذات الصلة بالصف الدراسي
- تعتبر الترجمة من المهارات الصعبة من حيث الممارسة التي ربما تفضي الى نتائج سلبية يمكن أن تفسح المجال للاعتراضات التي ذكرت آنفا. وهناك الكثير من الجوانب التي يمكن من خلالها تصميم مثل هذه النشاطات وتنفيذها.
- من الضروري أولا حسن التنظيم والتخطيط المتقن وتحديد الأهداف الحقيقية. تأكد من أن المواد التعليمية المستخدمة تتماشى مع الأهداف وينبغي ألا تطرح المواد الدراسية لأنها تروق أليك فحسب وأعمل على تداخل الترجمة مع المهارات الأخرى حيث أمكن ذلك. تأكد أيضا من وجود قواميس ومصادر لغوية أخرى. تجدر الأشارة الى ضرورة معرفة المشاكل ذات الصلة بالمداخل التقليدية حيال الترجمة والعمل على أيجاد الحلول المناسبة لذلك ومنها على سبيل المثال التيقن من أن تلك النشاطات تتصف بقصرها وليس سهولتها والعمل ضمن مجموعات والمحافظة على عنصر التواصل.
- لقد ذكرنا سابقا أن تجاوب المتعلمين مع مثل هذه النشاطات أمر أساسي لذا فأن من المفيد أن تعمد الى أيضاح أهدافك ومناقشة أية هواجس تراود المتعلمين سيما وأن هناك العديد من النشاطات التي يمكن أن يطرحها المتعلمون أنفسهم والتي يمكن أن تترك أثرا ايجابيا على الحافز وديناميكية العمل. وعليك أن تتحاشى النشاطات التي تدفع الطلبة الى أستخدام لغتهم الأم كثيرا. وفكر أيضا بشأن الاحتمالات والجوانب السلبية الناجمة عن مثل هذا التوجه في أطار مجموعة متعددة اللغات multi-lingual سيما وأن مناقشة مصطلحات اللغة الأم ومقارنتها ربما يكون أمرا مثمرا.
- ضع في بالك فوائد الترجمة المختلفة وخاصة الترجمة من اللغة الأجنبية الى اللغة الأم أو بالعكس وكذلك مدى مشاركة الصف الدراسي. وإذا كنت من نوع المدرسين الذين يسعون بكل قوة لدفع المتعلمين لاستخدام اللغة الأجنبية داخل قاعة الدرس فأن أستخدام الترجمة عندئذ لن يكون الخيار الأفضل. وإذا لاحظت وجود طلبة يهتمون كثيرا بالترجمة فعليك أن تشجعهم على التعمق بدراسة الترجمة كونها عملية مدهشة ومعقدة وتستحق الاهتمام.
بعض الأفكار الخاصة بالنشاطات الصفية
- يقسم الطلبة الى مجموعات تقوم كل واحدة منها بترجمة جزء من نص معين وبعد فترة زمنية محدودة تجتمع هذه المجاميع وتتحاور بهدف ربط الأجزاء المختلفة لتكوين نص كامل من خلال أستخدام لغة ربط مناسبة.
- يقوم الدارسون بجلب أمثلة من لغتهم الأم أو من اللغة الأجنبية بهدف مناقشتها ومن ثم ترجمتها. وربما تستخدم الرسائل الإلكترونية لا نجاز مثل هذا النشاط.
- يقوم الدارسون بجلب نصوص قصيرة أو أمثلة أو قصائد شعرية وعرضها على الطلبة الآخرين وبيان سبب اختيارها لتتم ترجمتها بعدئذ.
المقارنات
- ينقسم الدارسون الى مجاميع تتناول نصوصا قصيرة تجتمع فيما بعد لمقارنة ترجماتها قبل التوصل الى نص نهائي. ويمكن بعدئذ مقارنة هذا النص المنجز مع نسخة مترجمة لذلك النص.
- يقوم بعض الدارسين بالترجمة ويقوم آخرون بعملية الترجمة المعكوسة back translation وبعدها يقومون بمقارنة الترجمات ومناقشة أسباب الاختلافات.
- يقوم الدارسون بدراسة ترجمات رديئة ومناقشة أسباب الأخطاء. ويمكن الحصول على النصوص من خلال البرمجيات والمواقع الإلكترونية.
- أطلب من الدارسين أيجاد نصوص مختلفة بهدف المقارنة والترجمة ومنها على سبيل المثال الوصفات الخاصة بأعداد الأطعمة والرسائل الإلكترونية أو الشعارات أو النصوص التقنية وغيرها.
المشاريع
- يكلف الدارسون بترجمة نص مكتوب لمشهد من فلم ما وبعدها يقومون بوضع ترجمتهم الى اللغة الأم على شريط الفلم.
- يقوم الدارسون بتطوير صفحة خاصة بهم على الأنترنت ويعرضوا فيها ترجماتهم.
- يشارك الدارسون بمنتديات على الأنترنت.
- يجري المتعلمون عملية بحث عن مواضيع ترجمية محدودة ومن ثم يقومون بعرض أفكارهم على الآخرين لمناقشتها.
- يقوم المتعلمون بتقييم بعض البرامجيات ذات الصلة بالترجمة وكذلك المواضيع الموجودة في المواقع الإلكترونية ومن ثم عرض النتائج على المجموعة التي ينتمون أليها.
خلاصة
ما يزال موضوع الترجمة بصفتها جزءاً من منهج الصف الدراسي الخاص بتدريس اللغة الإنكليزية ELT التواصلي مثار جدل تثار من حوله الكثير من الآراء القوية.
https://www.teachingenglish.org.uk/article/translation-activities-language-classroom
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.