ماذا نعني بالشعر؟ ما لغة الشعر؟ ما جوهر هذه اللغة وما قلبها الحي النابض، وكيف يتسنى لنا أن نحددها أو نتواصل معها؟
هذه أسئلة نسمعها على الدوام ونسمع في الوقت ذاته الكثير من الإجابات المقترحة. ومن نافلة القول الإشارة إلى عدم وجود إجابة محددة لمثل هذه التساؤلات، وليس في نيتي الإجابة عن ذلك في هذه المقالة. مع ذلك يحدوني الأمل بأن تقدم بعض الأفكار المطروحة فهما أفضل إلهاماً من خلال دراسة الشعر وصنعته وكتابته.
يتميز الشعر بلغته الخاصة وبطريقته المميزة له في التعبير اللغوي وكذلك في محتواه ودلالاته واستخداماته. ولغة الشعر تناجي الروح وتعيش في العالم مثل لغة الموسيقى، وأن أفضل صيغ التعبير الشعري تمتلك صفة الديمومة التي تتخطى كثيراً لحظة إبداعها أو إنجازها.
ترى ما سر تركيبة الشعر خاصة الشعر الخالد؟ ما الذي يجعله ملتصقاً بالشعور الجمعي؟ لماذا ينطبع الشعر في ذاكرة البشر ولماذا يتواصل تأثيره لأمد طويل؟ دعونا نطلق على ذلك تعبير (صفة التفوق) حيث تتناغم سائر المكونات أو المبادئ الجوهرية في رباطة جأش جمعية وفي توازن واضح بحيث أن ما يتم التعبير عنه شعراً لا يمكن أن يعبر عنه على نحو أفضل وبشكل مناسب بأية صيغة أخرى.
ومن الصعوبة بمكان تحديد قيمة الشعر والفنون الشعرية وربما يصبح ذلك أمراً مستحيلاً. هنا يطرح السؤال الآتي: لماذا يتعين علينا السعي للإجابة عن ذلك؟ لماذا لا نقدم الشكر بكل بساطة للدوافع والأساليب الإبداعية التي تحفز الشعر والفن؟ إن فتح النافذة الثقافية وتوسيع أفقها يقتضي (خطوة إضافية) ورؤية أخرى وتساؤلاً مضافاً.
ماذا يعني الفن الإبداعي؟ وماذا يعني العمل الشعري أو الصنعة الشعرية أو الإحساس الشعري وكيف يترك وجوده أثراً فاعلاً في دواخلنا خاصة في مناطق النزاعات وبالذات في بلد يشهد حالة حرب حيث الفقر والأمراض والعنف والظلم على نحو وبائي!
ترى أي أمل يمكن للشعر أن يزرعه وهو بالتأكيد قادر على ذلك؟ أي سلام يمكن أن يتحقق بفعل الشعر وهو بالفعل قادر على تحقيق جانب منه؟ وأي نمط من المشاطرة والارتياح والمساواة يمكن أن تتحقق بفعل الشعر؟
دعنا نهتم بمثل هذه الإمكانيات التي يتميز بها الشعر بصفته لغة روحية بعيدة عن العنف أو التهديد باعتباره أداة للحوار السلمي والمشاطرة العادلة. هنا لابد من التنويه إلى ما يحمله مثل هذا الإنجاز الروحي من امتياز كبير من خلال مشاطرة المواهب الإبداعية بكل حرية مع الآخرين. علينا ألا ننظر إلى الشعر باعتباره جنساً أدبياً أو شكلاً فنياً فحسب إنما هو شيء أكبر لكونه وسيلة شفائية وتمكينية تمتلك وسيلة أكبر بكثير مما يشي به الشعر في الساحة الأدبية.
هل ثمة امتياز أكبر من الاحتفاء بمناسبة ما شعراً ومن المشاركة استنارة بقوته التخليصية والتجديدية في ضوء السطوة الشافية لتلك المشاركة الروحية والقوة المتواضعة التي يرعاها الشعر من جراء تبجيل الوضع الإنساني والدهشة والرعاية والحنان والضمير والشعور والشكر والعفو وكذلك من جراء الحاجة للمشاركة ورعاية المجتمع ومن خلال إعادة صياغة العالم وتجديده داخلياً أو خارجياً، فضلاً عن إعادة تشكيل الأصوات التوليدية للأرض والبحر وإحيائها وفي التحدث بحرية وصراحة وانفتاح كبير دون خشية أو الاستعانة بقدرة الشعر السحرية من خلال الشفاء والمعرفة والإرادة الكلية؟
المصدر: هنا
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.