360 مليون شخص في العالم لديهم فُقدان سمع جزئي أو كلي
لَا تكتفي مدينةُ الشَّارقةِ للخدماتِ الإنسانيةِ بمَا حقَّقتهُ مِن إنجازاتٍ في خدمةً الأشخاصِ ذوي الإعاقةِ بل تواصلُ سعيَهَا عبرَ الفعالياتِ والأنشطةِ ومبادراتِ الابتكارِ الاجتِماعي لتحقيقِ المزيدِ إيمانَاً منها أنَّ مَا تمَّ إنجازهُ ليسَ إلَّا الرَّكيزةَ الأساسيَّةَ للمستقبلِ القادِم
5% ضمن نطاق التردد
وَمِن هَذا المُنطَلق يَأتِي تَنظيمُ المدينةِ لِمؤتَمرهَا العِلمِي السَّنوي هَذا العَام تَحت شِعار (5% ضمن نطاقِ التَّردُّد) يومي 17 و18 أبريل 2018 بِالتَّزَامُنِ مَع أسبُوعِ الأصَّمِّ الثَّالِثِ وَالأربَعِين الَّذِي تَحتَفِلُ بِهِ سَنَويَّاً الهَيئَاتُ العُامِلَة مَع الصُّمِّ فِي الوَطَنِ العربي، حيثُ يهدفُ المؤتمرُ إلى تعزيزِ ثقافةِ الأشخاصِ الصُّمِ في الوطنِ العربي وتسليطِ الضوءِ على مبدأ ثنائيةِ اللغةِ والخروجِ بمبادراتٍ وحلولٍ وتوصياتٍ عمليةٍ لمجموعةٍ منَ التَّحدياتِ الَّتي يواجِهُهَا الأشخاصُ الصُّمُ وضعافُ السَّمع في خمسةِ محاورٍ هي: التعليمُ، الصحةُ، الثقافةُ، العملُ والأسرة.
أهداف المؤتمر
كمَا يهدفُ المؤتمرُ أيضاً إلى الاطلاعِ على أهمِّ التجاربِ والابتكاراتِ الجديدةِ في مجالِ السمعياتِ، والتقنياتِ المساندةِ للأشخاصِ الصُّم وضعافِ السَّمعِ وتسليطِ الضَّوءِ على مسيرةِ مدينةِ الشارقةِ للخدماتِ الإنسانيةِ من خلالِ روضةِ ومدرسةِ الأملِ للصُّمِ في تعليمِ الأشخاصِ الصُّمِ وضعافِ السَّمع.
مُعلِّمُ الُّلغةُ الإنكليزيةِ فِي مدرسةِ الأملِ للصُّمِ حمادة عبد اللطيف أوضحَ مَجموعةً مِنَ الحقائقِ الَّتِي لا بُدَّ مِن مَعرفتهَا عندمَا يتعلقُ الأمرُ بِالصَّمَمِ وَضعفِ السَّمعِ لعلَّ مِن أبرزهَا أنَّ 360 مليون شخص علَى مستوى العالمِ لديهم فُقدان سمعِ منهم 32 مليون طفل، حيثُ ينجمُ فقدانُ السَّمعِ عن أسبابٍ وراثيةٍ، أو مضاعفاتٍ أثناء الولادةِ، أو جَرَّاءَ أمراضٍ مُعدِية، أو استخدامِ عقاقيرٍ مُعيَّنة، بالإضافةِ إلى التَّعرُّضِ للضَّوضَاءِ المُفرطةِ والشيخوخة.
درهم وقاية خير من قنطار علاج
ويقول عبد اللطيف إن 60% من حالاتِ فقدان السمع لدى الأطفال تعزى إلى أسباب يمكن الوقاية منها بينما يتعرض 1.1 مليار شاب تتراوح أعمارهم بين 12 و35 سنة لخطر فقدان السمع بسبب التعرض للضوضاء في السياقات الترفيهية، وتنجم عن حالات فقدان السمع غير المعالجة تكاليف عالمية سنوية قدرها 750 مليار دولار كما تعتبر التدخلات الرامية إلى الوقاية من حالات فقدان السمع وتحديدها والتصدي لها عالية المردود ويمكن أن تعود بفوائد كبيرة على الأفراد ويمكن أن يستفيد الأشخاص ممن لديهم فقدان في السمع من معينات السمع، وزراعة القوقعة وغيرها من الأجهزة المساعدة والشروح النصية ولغة الإشارة؛ وغيرها من أشكال الدعم التربوي والاجتماعي.
ويضيف أن نسبة تتجاوز الـ 5% من سكان العالم ـ 360 مليون شخص ـ لديهم فقدان السمع المسبب للعجز (328 مليوناً من البالغين و32 مليوناً من الأطفال) ويشير فقدان السمع المسبب للعجز إلى فقدان السمع الذي يتجاوز 40 ديسيبل في الأذن الأفضل سمعاً بالنسبة للبالغين وفقدان السمع الذي يتجاوز 30 ديسيبل في الأذن الأفضل سمعاً بالنسبة للأطفال ويعيش أغلب هؤلاء الأشخاص في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
فقدان السمع والصمم
وأوضح الأستاذ حمادة أنه يقال عن شخص لا يستطيع أن يسمع بنفس جودة شخص متمتع بسمع عادي ـ عتبة السمع لديه 25 ديسيبل أو أفضل في الإذنين كلتيهما ـ إن لديه فقدان في السمع وقد يكون فقدان السمع خفيفاً أو متوسطاً أو شديداً أو عميقاً ويُمكن أن يؤثر في إذن واحدة أو في الأذنين كلتيهما، وأن يؤدي كذلك إلى صعوبة سماع الحديث الحواري أو الأصوات الصاخبة.
ويشير (ثقل السمع) إلى الأشخاص الذين لديهم فقدان في السمع يتراوح بين الخفيف والشديد حيث يتواصل هؤلاء الأشخاص عادة من خلال لغة الحديث ويُمكنهم الاستفادة من المعينات السمعية والعرض النصي لما يُسرد وأجهزة المساعدة على الاستماع. ويُمكن للأشخاص الذين لديهم فقدان السمع الأشد من ذلك أن يستفيدوا من زراعة القوقعة.
وأما الأشخاص الصمّ فهم غالباً أشخاص لديهم فقدان سمع عميق، وهو ما يعني قدرة قليلة جداً على السمع أو لا سمع على الإطلاق. وهم يستخدمون في كثير من الأحيان لغة الإشارة للتواصل.
أسباب فقدان السمع والصمم
المعلم في مدرسة الامل للصم أشار إلى أنه يُمكن تقسيم أسباب فقدان السمع والصمم إلى أسباب خَلقية وأسباب مكتسبة.
الأسباب الخلقية
هي الأسباب التي تؤدي إلى فقدان السمع منذ الولادة أو حدوثه بعد الولادة بزمن قصير ويُمكن لفقدان السمع أن ينجم عن عوامل وراثية وغير وراثية أو عن مضاعفات معيّنة خلال الحمل والولادة، بما في ذلك:
- إصابة الأم بالحصبة الألمانية أو الزهري أو عدوى أخرى معيّنة خلال الحمل.
- انخفاض الوزن عند الميلاد.
- الاختناق الولادي (نقص الأكسجين عند الميلاد).
- الاستخدام غير السليم للأدوية السامة للأذن (مثل الأمينُو غْليكُوزيدات والأدوية السامة للخلايا والأدوية المضادة للملاريا والأدوية المدرّة للبول) خلال الحمل.
- اليرقان الوخيم الذي يصيب الأطفال حديثي الولادة حيث يُمكن أن يُلحق الضرر بعصب السمع لديهم.
الأسباب المكتسبة
وعن الأسباب المكتسبة يقول حمادة إنها تؤدي إلى فقدان السمع في أي سن، مثل: الأمراض المعدية مثل التهاب السحايا والحصبة والنكاف، التهاب الأذن المزمن، تجمّع السوائل في الأذن (التهاب الأذن الوسطى)، استخدام بعض الأدوية مثل الأدوية المستخدمة لعلاج حالات العدوى الوليدية والملاريا والسل المقاوم للأدوية والسرطانات، إصابة الرأس أو الأذن، التعرض لأصوات صاخبة في السياقات الترفيهية مثل الأصوات المنبثقة عن استخدام أجهزة سمعية شخصية عالية الصوت لفترات مطوّلة وارتياد الحفلات الموسيقية والنوادي الليلية والحانات والمشاركة في الأنشطة الرياضية بانتظام، الشيخوخة، الشمع أو الأجسام الغريبة التي تسد قناة الأذن، وبالنسبة للأطفال، يمثل التهاب الأذن الوسطى المزمن السبب الرئيسي لفقدان السمع.
أثر فقدان السمع
وتحدث الأستاذ حمادة عن الأثر الوظيفي الذي يؤثر في قدرة الشخص على التواصل مع الآخرين. وكثيراً ما يؤدي صمم الأطفال إلى تأخر قدرتهم على الحديث كما يُمكن لفقدان السمع وأمراض الأذن، مثل التهاب الأذن المزمن، أن يسببوا ضرراً كبيراً في أداء الأطفال الأكاديمي وغالباً ما تزداد بعدها معدلات رسوب الأطفال وحاجتهم إلى المساعدة التعليمية ومن المهم إتاحة مرافق ملائمة لضمان التعليم الأمثل لهم إلا أن هذه المرافق ليست متاحة على الدوام.
وفيما يتعلق بالأثر الاجتماعي والانفعالي قال: يُمكن أن يكون لمحدودية القدرة على الوصول إلى الخدمات والاستبعاد من التواصل تأثير كبير على الحياة اليومية، حيث يثيران شعوراً بالوحدة والعزلة والإحباط، لا سيما بين كبار السن ممن لديهم فقدان في السمع، أما فيما يخص الأثر الاقتصادي فلفت إلى أن حالات فقدان السمع غير المعالجة تؤدي إلى تكاليف عالمية سنوية قدرها 750 مليار دولار تشمل تكاليف قطاع الصحة (باستثناء تكاليف الأجهزة السمعية) وتكاليف دعم التعليم والخسائر في الإنتاجية والتكاليف المجتمعية.
وفي البلدان النامية، ـ أضاف عبد اللطيف ـ نادراً ما يتلقى الأطفال ممن لديهم فقدان في السمع أو الصمم أي تعليم مدرسي ويعاني البالغون ممن لديهم فقدان في السمع أيضاً من معدلات بطالة أعلى كثيراً من غيرهم أما بالنسبة لمن يجدون عملاً فمن شأن تحسين الوصول إلى التعليم وإعادة التأهيل المهني، وإذكاء الوعي خاصة بين أرباب العمل، أن يؤدي إلى خفض معدلات البطالة في صفوف البالغين ممن لديهم فقدان في السمع.
الوقاية
الأستاذ عبد اللطيف أكد إمكانية الوقاية من نصف حالات فقدان السمع بصفة عامة من خلال اتخاذ التدابير في مجال الصحة العمومية حيث تشمل أسباب فقدان السمع التي يمكن الوقاية منها لدى الأطفال عموماً ما يلي: أمراض مثل النكاف والحصبة والحصبة الألمانية والتهاب السحايا والعدوى بالفيروس المضخم للخلايا والتهاب الأذن الوسطى المزمن (31%)، مضاعفات أثناء الولادة مثل الاختناق الولادي ونقص الوزن عند الميلاد والابتسار واليرقان (17%)، استخدام أدوية سامة للأذن لدى الحوامل والمواليد (4%) وأسباب أخرى (8%).
وتشمل بعض استراتيجيات الوقاية البسيطة تطعيم الأطفال ضد أمراض الطفولة، بما في ذلك الحصبة والتهاب السحايا والحصبة الألمانية والنكاف، تطعيم المراهقات والنساء في سن الإنجاب ضد الحصبة الألمانية قبل الحمل، تحري الزهري وسائر الأمراض المعدية بين الحوامل وعلاجهن، تحسين الرعاية السابقة للولادة وفي الفترة المحيطة بالولادة، بما في ذلك تعزيز الولادة الآمنة، اتباع ممارسات رعاية السمع الصحية، فحص التهاب الأذن الوسطى لدى الأطفال مع التدخلات الطبية والجراحية المناسبة، تلافي استخدام الأدوية السامة للأذن إلا بوصفة من طبيب مؤهل وتحت إشرافه، إحالة الرضع المعرضين لعوامل خطر شديدة (ممن لديهم تاريخ أسري منطوٍ على الصمم ـ على سبيل المثال ـ أو من يكون وزنهم منخفضاً عند الميلاد أو من يعانون من الاختناق الولادي أو اليرقان أو التهاب السحايا) من أجل إجراء تقييم مبكر لسمعهم وتشخيص حالتهم سريعاً واتخاذ التدابير العلاجية المناسبة، حسب الاقتضاء والحد من التعرض (المهني والترفيهي على حد سواء) للأصوات العالية من خلال إذكاء الوعي بالمخاطر وإعداد التشريعات ذات الصلة وإنفاذها وتشجيع الأفراد على استخدام أجهزة الحماية الشخصية مثل سدادات الأذن وسماعات إلغاء الضوضاء وسماعات الرأس.
الكشف والعلاج
هنا أوضح الأستاذ حمادة أنه بالإمكان أن تستفيد نسبة مئوية كبيرة من الأشخاص المتعايشين مع فقدان السمع من الكشف والتدخل المبكرين، ومن العلاج المناسب مؤكداً أن الكشف والتدخل المبكرين هما أهم عاملين فيما يتعلق بالتقليل إلى أدنى حدّ من أثر فقدان السمع على نمو الطفل وانجازاته التعليمية.
وبالنسبة للرضع وصغار الأطفال من المصابين بفقدان السمع يُمكن أن يؤدي الكشف والعلاج المبكران من خلال برامج فحص سمع الرضع إلى تحسين التحصيل اللغوي والتعليمي للطفل وينبغي أن تُتاح للأطفال الصم فرصة تعلم لغة الإشارة جنباً إلى جنب مع أسرهم كما يُمكن للفحص قبل المدرسي والمدرسي والمهني لتحري أمراض الأذن وفقدان السمع أن يكون فعّالاً أيضاً في الكشف المبكر عن فقدان السمع وعلاجه.
ويُمكن للأشخاص الذين لديهم فقدان في السمع أن يستفيدوا من استخدام أجهزة المساعدة على السمع، مثل المعينات السمعية وأجهزة الاستماع المساعدة وزراعة القوقعة وقد يستفيدون أيضاً من المُعالَجَةٌ المُقَوِّمَةٌ للنُّطْق والتأهيل الأذني وسائر الخدمات ذات الصلة.
وبالرغم من ذلك فإن الإنتاج العالمي لمعينات السمع يلبي فقط أقل من 10% من الاحتياجات العالمية، وأقل من 3% من احتياجات البلدان النامية ويشكِّل الافتقار إلى خدمات مواءمة المعينات السمعية وصيانتها ونقص البطاريات أيضاً عقبات في العديد من الحالات المنخفضة الدخل وسوف يستفيد العديد من الناس المصابين بفقدان السمع من وجود معينات سمعية حسنة المواءمة وميسورة الثمن مع توفير خدمات متاحة للمتابعة في جميع أنحاء العالم.
المعلم في مدرسة الأمل للصم قال أيضاً إنه يُمكن للأشخاص ممن لديهم فقدان في السمع أن يتعلموا كيفية التواصل من خلال اكتساب مهارات قراءة الشفاه واستخدام النصوص المكتوبة أو المطبوعة ولغة الإشارة وسوف يفيد التعليم باستخدام لغة الإشارة الأطفال ممن لديهم فقدان في السمع، في حين ييسر العرض النصي لما يُسرد والترجمة بلغة الإشارة حصول مشاهدي التلفزيون على المعلومات.
وذكر أن الاعتراف الرسمي بلغات الإشارة الوطنية وزيادة توافر مترجمي لغة الإشارة هما إجراءان مهمان لتحسين الوصول إلى خدمات لغة الإشارة كما يمكن أن يساعد تشجيع منظمات الأشخاص ممن لديهم فقدان في السمع والآباء وجماعات دعم الأسر وتدعيم التشريعات المتعلقة بحقوق الإنسان أيضاً على ضمان تحسين إدماج الأشخاص ممن لديهم فقدان في السمع.
استجابة منظمة الصحة العالمية
ختاماً أكد عبد اللطيف أن منظمة الصحة العالمية تساعد الدول الأعضاء على وضع برامج الرعاية الأولية للأذن والسمع التي تتكامل مع نظام الرعاية الصحية الأولية في البلد ويشمل عمل المنظمة الدعم التقني للدول الأعضاء في وضع خطط وطنية للرعاية الأولية للأذن والسمع وتنفيذها وتوفير الموارد التقنية والتوجيه من أجل تدريب العاملين في مجال الرعاية الصحية على الرعاية الأولية للأذن والسمع بالإضافة إلى وضع ونشر توصيات بشأن التصدي للأسباب الرئيسية لفقدان السمع التي يمكن تلافيها وبناء شراكات لتوفير معينات وخدمات سمعية ميسورة الثمن والاضطلاع بالدعوة إلى إذكاء الوعي بمعدل انتشار فقدان السمع وأسبابه وتأثيره فضلاً عن فرص الوقاية والتدابير العلاجية.
وذكر أن منظمة الصحة العالمية تساعد في تطوير الأدوات المسندة بالبينات ونشرها لضمان فعالية الدعوة مع الاهتمام بيوم السمع العالمي الذي يصادف الاحتفال به الثالث من مارس من كل عام والترويج له كحدث سنوي وبناء الشراكات لتطوير برامج قوية للاهتمام بالسمع بما في ذلك المبادرات الخاصة بتوفير معينات السمع وزراعة القوقعة والخدمات بأسعار معقولة وفحص البيانات الخاصة بالصمم وفقدان السمع لبيان أبعاد المشكلة وأثرها وتعزيز الاستماع المأمون للحد من خطر فقدان السمع بسبب الضوضاء الناجمة عن أسباب الترفيه الصاخب من خلال مبادرة المنظمة (اجعل الاستماع مأموناً) وتعزيز الإدماج الاجتماعي للأشخاص ذوي الإعاقة، بما في ذلك الأشخاص الذين لديهم فقدان في السمع أو صمم، على سبيل المثال من خلال شبكات وبرامج إعادة التأهيل المستندة إلى المجتمعات المحلية.
مؤتمر 5% ضمن نطاق التردد
أبريل 2018
مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية