ربما يواجه الطلبة بعض الصعوبات لدى زيارتهم المكتبة لاستعارة الكتب، فقد تكون معارة لآخرين لفترة طويلة نسبياً، غير أن الأشخاص المصابين بالتشوش الذهني Dyslexia يجدون أنفسهم إزاء عقبات أخرى مقارنة بأقرانهم.
في هذا الشأن تصف جين ليسلي Jane Leslie، وهي طالبة في السنة الثالثة في جامعة بريستول البريطانية Bristol تعاني من التشوش الذهني، المكتبة بصفتها: (مكان مثير للتوتر والأعصاب)، وتضيف: (يشكل استعراض قائمة الكتب مشكلة عويصة بالنسبة لي، وقد تشكل الكلمات أمامي كابوساً مزعجاً، فكثيراً ما تتراقص الكلمات والعبارات أمام ناظري لدرجة أن التمييز بين الحروف المتجاورة يصبح أمراً صعباً، وأحياناً تبدو الكتب متشابهة مع بعضها. إنه لأمر مروع أن أرى الآخرين ينجزون أعمالهم بيسر باستثنائي أنا!).
ويبدو أن التشوش الذهني هو أكثر أشكال الإعاقة شيوعاً بين الطلبة، وهو يؤثر على المهارات الأساسية التي نحتاجها لتعلّم القراءة والكتابة والتهجئة. كما أن الأشخاص المصابين بهذا النمط من الإعاقة يتعاطون مع المعلومات بشكل مختلف. وتتضمن الصعوبات التي تواجه أولئك الأشخاص القراءة المتلكئة أو سوء القراءة والتهجئة الخاطئة، وكذلك سوء التنظيم بشكل عام. وتدل الأرقام الصادرة عن (وكالة الاحصاءات الخاصة بالتعليم العالي) في بريطانيا أن هناك نحو 10 آلاف طالب مصاب بالتشوش الذهني. غير أن بربارة ووترز Barbara Waters، المديرة التنفيذية لهيئة (سكيل) Skill، التي تسعى لإقرار المساواة للطلبة ذوي الإعاقة في بريطانيا، تشير إلى أن المرجح أن يكون هذا الرقم أقل من العدد الفعلي. وتردف قائلة: (البعض يعانون من التشوش الذهني لكنهم لا يصرحون بذلك فيما يقوم آخرون بالسعي الحثيث للتغلب على هذه المشكلة من خلال تبني استراتيجيات محددة، وربما لا يعلمون أنهم مصابون بهذا النمط من الإعاقة).
وترى ووترز (أن الذين أبلغوا عن إصابتهم بالتشوش الذهني هم، في الواقع، من القلة المحظوظة، فالكثير من الشباب الذين يعانون من التشوش الذهني لا تتاح لهم الفرصة للالتحاق بالتعليم العالي): وتضيف: (الأمر لا يتعلق بالذكاء فحسب، فهذا شكل من أشكال إعاقة التعلم، فحين يتم اتخاذ بعض التدابير فإن الطلبة المصابين بالتشوش الذهني يتمكنون من أداء واجباتهم مثل أقرانهم الآخرين).
وفي الغالب لا يتم اكتشاف التشوش الذهني إلا في المرحلة الجامعية، وفي هذا الخصوص ترى ووترز: (أن الكثير من الطلبة الذين يعانون من هذه الإعاقة يسعون إلى التغلب على المصاب التي تواجههم من مضاعفة الجهد أثناء تعليمهم في المدارس، ومنها ـ على سبيل المثال ـ المكوث لوقت متأخر مساء لاستكمال قراءتهم وتحضيرهم.. وهناك اعتقاد بوجود عدد أكبر من الطلبة الذين يعانون من التشوش الذهني في المجالات العلمية).
ومع تقدم المستوى العلمي للطلبة تصبح الاستراتيجيات الخاصة بالتغلب على مشاكل الطلبة غير كافية، فالتشوش الذهني يمكن أن يترك آثاره على مهارات التنظيم والتعامل المنظم مع الوقت، فضلاً عن سرعة القراءة Reading Speed. وتوضح ووترز قائلة: (لا ريب أن الدراسة الجامعية التي تعتمد على المتابعة الدراسية الذاتية تمثل تحدياً حقيقياً للطلبة المصابين بالتشوش الذهني. لذا فمن المرجح أن يحتاج هؤلاء إلى يد المساعدة).
وبموجب (قانون الإعاقة) البريطاني الذي امتد ليشمل المؤسسات التعليمية في شهر سبتمبر من عام 2002 فإنه يتعين على الجامعات أن تتخد (تدابير مناسبة تتماشى مع الطلبة المصابين بالتشوش الذهني، وحين يتقدم هؤلاء الطلبة إلى الجامعات فإنه يتم النظر في امكانية استفادتهم من الامتيازات الخاصة بالطلبة ذوي الإعاقة. وفي هذا الشأن ربما يحصل هؤلاءعلى قرض لمرة واحدة من السلطات التعليمية المحلية بهدف شراء أجهزة خاصة بتقنية المعلومات IT والتي تشتمل على برمجيات تتصل باحتياجاتهم الخاصة، فضلاً عن وجود ميزانية متواصلة للانفاق على احتياجاتهم الدراسية. وبمقدور أولئك الطلبة دفع أجور الطلبة الذين يساعدونهم في تدوين الملاحظات أو الانفاق على ما يحتاجون من مواد مستنسخة حيث تتصف قراءة أولئك الطلبة بأنها أبطأ من قراءة أقرانهم.
ولربما يحتاج مثل أولئك الطلبة إلى تدابير خاصة لأداء الامتحانات ومهلات إضافية لدفع الديون المترتبة عليهم أثناء دراستهم. وبحسب رأي ووترز فإن المحاضرين لابد أن يدركوا أهمية ذلك، سيما وأن الطلبة المصابين بالتشوش الذهني يحتاجون إلى المزيد من الوقت.
من جانبه يقول الدكتور ليندسي بير الذي يعمل في رابطة التشوش الذهني البريطانية: (لقد درجنا على تلقي طلبات واتصالات من الأسر التي تسأل عن الجامعات التي تقدم دعماً متميزاً للطالب المصاب بالتشوش الذهني).
ورغم أنه يتعين على جميع المؤسسات العمل على إجراء بعض التعديلات فإن من الأفضل أن تكون الخدمات المتعلقة بالتشوش الذهني واضحة للعيان. وتقول إحدى الطالبات في السنة الثانية في جامعة نوتنغهام ترينت Nottingham Trent University البريطانية إن اختيارها لهذه الجامعة استند إلى حقيقة أن الدعم المقدم للطلبة الذين يعانون من التشوش الذهني قد تبين في اليوم الأول من بدء السنة الدراسية.
وتمضي قائلة: (لقد كان المدرسون المشرفون على دعم الطلبة المصابين بالتشوش الذهني حاضرين منذ البداية. وكانوا على استعداد واضح لتقديم العون للطلبة من أمثالي).
وبعد إجراء التقييمات اللزمة تم منح الطلبة المعنيين منحة لشراء الأجهزة المطلوبة وخاصة تلك التي تسهل عملية القراءة.
وتضيف هذه الطالبة قائلة: (لم يكن انجازي مُرضياً في المدرسة، وتم تشخيص حالتي في عمر 21 سنة. وكانت ثقتي شبه معدومة لدرجة تصورت أنني لا أستحق مكاناً في الجامعة لأنني كنت أعاني من التشوش الذهني. غير أن مثل أولئك الطلبة لا يجدون من يقدم لهم العون في الجامعة، وما عليك سوى أن تتلقف ما يقدم لك).
من جانبها حصل تشخيص حالة جين ليسلي Jane Leslie متأخراً في عمر 43 سنة. وكان قد تم تشخيص إصابة طفليها بالتشوش الذهني. تقول معلقة على ذلك: (المشاكل التي اعتادوا على مواجهتها تشبه المشاكل التي تصارعت معها طيلة حياتي، فقد كانت قراءتي بطيئة جداً، ولم تكن لدي الثقة لقراءة أي نص بصوت مرتفع. لقد تقدمت للقبول في جامعة بريستول للحصول على البكالوريوس في الأدب الانكليزي، غير أنني لم أكن واثقة تماماً من أنني سوف أحصل على الدرجة، فقد كان التنافس شديداً).
أما الدكتور بير فيعلق قائلاً: (من الواضح أن الوسائل التقنية الخاصة بالمصابين بالتشوش الذهني ما انفكت تشهد تطورات متلاحقة، غير أن ذلك لا يمثل نهاية الحكاية، فرغم كل ذلك ما يزال المصابون بهذا المرض يشعرون بأنهم قد فشلوا. ما يتعين علينا فعله، في الواقع، هو تحسين مواقفنا إزاء التشوش الذهني ذاته).
المصدر: صحيفة (الغارديان) البريطانية
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.