يتسم هدف التعليم بالبساطة فهو ينطوي على جعل عملية تعلّم الطلبة أمراً ممكناً. وهذه العملية تستند إلى فرضية ترتبط بالمعرفة التي ينالها الطالب وكيفية أيصال المعرفة إليه. (رامسدن Ramsden, 1992).
في المستوى الجامعي نأمل بأن يتبلور حماس الطلبة وحوافزهم وكذلك مساهمتهم في العملية التعليمية وأن يعمدوا إلى استخدام قدراتهم الإدراكية المتطورة في التعاطي مع المادة الدراسية. ومع ذلك يظل دور المعلم حاسماً وأساسياً في عملية التعلّم من خلال خلق بيئة مناسبة تتيح الفرصة للطلبة لتحقيق رغباتهم وقدراتهم على التعلّم بشكل فاعل.
وهناك جوانب عديدة ذات صلة بمهام عمل الأستاذ الجامعي فأولاً هو يهيئ للطلبة معرفة واسعة يحددون من خلالها محتوى اختصاصاتهم الدراسية وفهمها وهو يعمل على خلق بيئة تعليمية تحفز الطلبة على التفكير النقدي والجاد والتعبير عن أفكارهم ووجهات نظرهم فضلاً عن إتاحة الفرصة لهم لمواجهة مشاكلهم وحلها لا مجرد طرحها وشرحها فحسب.
وهذه العملية تتضمن أيضاً متابعة عمليات التعليم وفهم الطلبة والتفكير ملياً فيها بهدف تحسينها. ولعل الجانب الأصعب في عمل الأستاذ الجامعي يتمثل في إعانة الطلبة على تحقيق أهدافهم وإشاعة جو من المتعة والإستقطاب وتبني المفهوم الذي يشكل جوهر عمل التعليم العالي وهو أن تعليم الطلبة يلزمهم التحلي بالالتزام والمثابرة والشعور بالمسؤولية حيال عملية التعليم فضلاً عن الإقدام.
وتنفيذ مثل هذه المهمات ليس بالأمر اليسير، كما لا توجد ثمة قواعد وأنظمة تناسب مختلف المواد الدراسية وللطلبة كافة. إن طرق التدريس المعتمدة لابد أن تتسم بالمرونة المقرونة بالدقة لتتماشى مع المادة التي ندرسها مع مراعاة المتعلمين بشكل خاص. بعبارة أخرى ينبغي أن تكون طرق التدريس ترجمة أمينة لأهدافنا أي ما نريد من الطلبة معرفته وفهمه وعمله ومن ثم تقييمه.
أدناه موجز لسمات التعليم الصحيح التي تم استخلاصها من الدراسات البحثية وإيجازها من مجمل وجهات نظر المدرسين (رامسدن 2003):
- الرغبة في مشاركة الطلبة حب المادة الدراسية.
- القدرة على جعل المادة الدراسية محفزة وجذابة.
- السعي للتفاعل مع الطلبة وفق مستوى فهمهم.
- القدرة على توضيح المادة الدراسية بما يجعلها في متناول الطلبة على اختلاف مستوياتهم.
- الاهتمام بالطلبة واحترامهم.
- الالتزام بتشجيع الاستقلالية.
- القدرة على الارتجال والتكيف مع المتطلبات الجديدة.
- استخدام طرق التدريس والفعاليات الأكاديمية التي تحث الطلبة على التعلم بفاعلية ومسؤولية وتعاون مثمر.
- استخدام طرق تقييم فاعلة وصحيحة.
- التركيز على المفاهيم الأساسية وعلى سوء فهم الطلبة لها.
- المعرفة التفصيلية بما يحققه الطلبة من تقدم في دراستهم.
- توفر الرغبة في التعلم من الطلبة والمصادر الأخرى بخصوص تأثيرات التعليم وكيفية تحسينه.
خيار الطلبة
تلجأ بعض الجامعات العالمية إلى الاستعانة بآراء الطلبة بخصوص جوانب العملية التعليمية المختلفة وبيان نواحي القوة والضعف فيها. وتستعين بهذا الشأن بعملية الاستبيان التي تهدف إلى الاطلاع على وجهات نظر الطلبة بالأساتذة الذين يقومون بتدريسهم. وقد تم إجراء بحوث في بداية التسعينيات من القرن الماضي تمحورت حول الأساتذة الذين حصلوا على تقييمات متميزة من طلبتهم. ورغم أن مثل أولئك الأساتذة ينتمون إلى حقول معرفية مختلفة ويعملون في بيئات تعليمية متنوعة فإنهم يشتركون ببعض الصفات التي ينظر اليها الطلبة باعتبارها عناصر قوة أثناء التدريس داخل قاعة الدرس لعموم الطلبة وكذلك في تدريس المجاميع الصغيرة tutorials.
وقد تم الحصول على المعلومات الآتي ذكرها من إجابات الطلبة وكذلك من خلال المقابلات الشخصية التي أجريت مع أعضاء هيئة التدريس. في هذا السياق أشار مشروع (التفاعل الفعال) الذي تم إنجازه في عام 2003 إلى أن الصفات التي يقيّمها الطلبة قد تغيرت قليلاً بمرور الزمن.
المهارات والممارسات التعليمية
لعل معظم إجابات الطلبة المتعلقة بتقييم أعضاء هيئة التدريس أشارت إلى قيام المدرسين بتقديم شروحات واضحة ووافية تساعد الطلبة على فهم المواد الدراسية، فهم قادرون على تبسيط المواد الدراسية الصعبة باستخدام لغة سهلة وليس على حساب المادة ذاتها. وإذا ما أضطر الأستاذ المعني إلى أستخدام لغة اصطلاحية فأنه يعمد إلى بيانها وتعريفها بكل وضوح. وهو يستخدم في تدريساته وسائل الإيضاح المناسبة مثل العارضات الرأسية والشرائح والأوراق الخاصة بالمحاضرات والأشكال البيانية بهدف التوضيح والشرح حيثما تطلب الأمر ذلك. أما المفاهيم التجريدية فيتم شرحها بوضوح مع أيراد أمثلة إيضاحية.
ومما يميز الأساتذة المتمكنون أهليتهم واستعدادهم للتدريس والعمل على تنظيم محتوى محاضراتهم بكل فاعلية ونقل المعلومات إلى الطلبة بسلاسة وتأثير. وهم يعملون على تحديد أهدافهم التعليمية بوضوح والتركيز على النقاط الجوهرية وهم يتكلمون بكل وضوح وسرعة مناسبة على أن تتاح للطلبة الفرصة الكافية لتدوين ملاحظاتهم مع بيان مدى أهمية الملاحظات الملقاة على أسماع الطلبة فضلا عن لجوئهم إلى طرح الأسئلة واستخدام العصف الذهني وتنظيم الفعاليات الصفية لشحذ اهتمام الطلبة وضمان اهتمامهم.
ويتميز الأساتذة البارزون بسعة اطلاعهم وحداثة معلوماتهم في مجال اختصاصاتهم بشرط ألا يتظاهرون بـ (معرفة كل شيء!) وأن يكونوا على استعداد للتعلم حتى من طلبتهم واعتبار طلبة المراحل المتقدمة منهم على نحو خاص بمثابة مصادر معرفية مهمة. ولابد أن تكون المحاضرات جذابة ومثيرة للاهتمام من خلال ربط المفاهيم الجديدة بخبرات الطلبة وإمكانياتهم من خلال دراسات الحالة والحكايات ذات الصلة فضلا عن أعطائهم أولوية خاصة للنشاطات الطلابية المتنوعة أثناء المحاضرات.
ويميل الأساتذة المتمرسون إلى تشجيع الطلبة على المشاركة في العملية التعليمية لأنهم يعلمون أن غالبية الطلبة يفهمون جيدا من خلال التواصل الفعال وليس الاقتصار على أخذ الملاحظات السلبي. وهم لهذا السبب يميلون إلى تخصيص وقت مناسب من المحاضرة لتشجيع الطلبة على التحليل وحل المشاكل وطرح الأسئلة والمناقشة أو النقاشات ذات الصلة بما يسمى بـ (المجموعة المتحادثة) buzz group التي تناقش موضوعاً ذا صلة بموضوع المحاضرة.
وأثناء المحاضرة يقوم أولئك الأساتذة بإيجاد فسحة للطلبة لطرح أسئلتهم والعمل على الأجابة على تلك الأسئلة على الفور بكل وضوح على أن يتعامل الأساتذة مع تلك الأسئلة بكل جدية وعدم مضايقة الطلبة أو السخرية منهم بسبب أسئلتهم. كما يتحتم على الأساتذة طرح أسئلة مباشرة أثناء المحاضرة للتيقن من فهم الطلبة للمادة المطروحة.
ولابد أن يراعي الأساتذة الجامعيون الوقت المناسب للمحاضرة وإكمال المنهاج المطلوب عبر تبني استراتيجيات واضحة المعالم تهدف إلى التمسك بأهداف المواد الدراسية وفق الآتي ذكره:
- تزويد الطلبة بملاحظات مطبوعة وملخصات تتعلق بالمواد الدراسية بهدف تقليص كتابة الملاحظات وتشجيع الطلبة على تأشير النقاط الرئيسية وأضافة التعليقات وأية ملاحظات أخرى ربما تنشأ أثناء المحاضرة.
- إيضاح المفاهيم والأمثلة الرئيسية بشكل تفصيلي وتحفيز الطلبة على قراءة نصوص ومصادر خارجية للحصول على المزيد من التفاصيل والأمثلة المنوعة.
- تكثيف محتوى المواد المطروحة في المحاضرات وربطه بالجوانب الرئيسية وتشجيع القراءات الإضافية ودمج الخبرات المحلية من خلال الواجبات الدراسية المبرمجة والتدريسات المنفردة.
الموقف إزاء الطلبة
يسعى الأساتذة المتميزون بكل جد كي يحصل الطلبة على تعليم رصين وأن يفهموا ويطوروا قدراتهم على التفكير النقدي فضلا عن استيعابهم المواد الدراسية وتعلم المهارات المختلفة في مسعى منهم لتعميق فهم الطلبة من خلال اللجوء إلى طرق تعليمية مختلفة. ويتعين عليهم، بهدف تحقيق مثل هذا الأمر، مراقبة الطلبة داخل الصف الدراسي لتشخيص أية حالة تتعلق بعدم المتابعة أو الشعور بالملل أو عدم فهم المادة الدراسية والتحلي بالمرونة في التجاوب مع احتياجات الطلبة. كما أنهم يشجعون الطلبة على أبداء وجهات نظرهم حول تدريسهم على أن يحصل ذلك أثناء المحاضرات.
أن تواصل الأساتذة الجامعيين لابد أن يستمر مع الطلبة خارج أوقات المحاضرات بهدف تقديم العون لهم آخذين بعين الاعتبار تحاشي الأساتذة عملية تلقين الطلبة spoon-feeding وتشجيعهم على العمل بفاعلية في التعاطي مع مشاكلهم مع أبداء اهتمام خاص بالمشاكل الخاصة التي تواجه بعض الطلبة.
السمات الشخصية
يبدي الأساتذة المتميزون حماسة واهتماماً كبيراً بالمواضيع التي يدرسونها فضلاً عن حقول اختصاصاتهم ودورهم التعليمي. وقد أبدى الطلبة اهتماماً كبيرا بهذه الجوانب واعتبروها عناصر جذب لهم لقاعة الدرس. كما أبدى الطلبة اهتماماً كبيرا بطريقة تعامل الأساتذة معهم من خلال السلوك الهادئ والمرن والمنفتح وما يضفيه ذلك من جو مريح داخل القاعة الدراسية. كما يهتم الطلبة أيضا بجو المرح المناسب وإضفاء جو ممتع أثناء المحاضرة.
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.