من لا يعرف نوران.. هي طالبة صماء التحقت بجماعة الإمارات للفن الخاص بالشارقة التابعة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في سن مبكر تلقت فيها من خلالي وطاقم التعليم أصول الرسم إلى أن أتقنته.
اعتمدت نوران دون قريناتها في الجمعية أسلوباً مميزاً تعبر به عن ذاتها وعمّا يجول في خاطرها من مشاعر وأحاسيس وأماني بمستقبل أفضل يتجاوز حدود الصمم فأفسحت المجال للشخصيات الكرتونية التي ابتدعتها أناملها الغضة لتروي على لسانها حكايات وآمال نوران، بأسلوب مرهف بديع امتزج فيه فن الرسم مع روعة البيان القصصي.
كبرت نوران وكبر معها حلمها بأن تصبح في يوم ما فنانة تشكيلية يشار إليها بالبنان، وكثيراً ما كانت تأتي إلى جماعة الإمارات للفن الخاص لتشاركني حلمها الكبير الذي كنا نخطط له سوية… وكنت أقدم لها كافة أشكال الدعم والمشورة لتحقيق هدفها المنشود لما لمسته ورأيته منها من تصميم وعزيمة وإرادة لبلوغ الهدف مهما بلغت التحديات، الأمر الذي أكبرته فيها كثيراً.
وعد أن أنهت نوران دراستها الثانوية العامة وهي ما تزال طالبة في جماعة الإمارات للفن الخاص بالشارقة جاءتني مودعة لتخبرني بأنها مغادرة إلى بلدها السودان لتلتحق بجامعة السودان للعلوم والتكنلوجيا – كلية الفنون الجميلة والتطبيقية.
كانت فرحتي بها لا توصف وخصوصاً عندما نظرت إلى محياها وقد اعتلاه قدر كبير من الفرح والأمل بتحقيق الهدف المنشود… ودعتني والدموع تملأ مقلتينا داعية لها بالتوفيق والنجاح…
لم تنقطع نوران عن التواصل معي طوال إقامتها في السودان الشقيق ولم تدخر جهداً لزيارتي في منزلي كلما سنحت لها فرصة زيارة أهلها في الإمارات.. وكانت تطلعني بكل ما أوتيت من وسائل التعبير على إنجازاتها بكل حماس وحب… وكنت في كل مرة ألقاها تغمرني سعادة لا توصف وأنا أراها مستغرقة في التعبير عن نجاحها وقرب وصولها إلى هدفها.
مرت السنون سريعاً… إلى أن تلقيت مكالمة هاتفية من نوران تطلب فيها زيارتي. وصلت نوران ووالدتها إلى منزلي وكانت فرحتي برؤيتها لا توصف… تقدمت إليّ نوران وهي تحمل في يدها أجمل هدية تلقيتها في يوم عيد مولدي والذي كان يصادف يوم زيارتها.. لوحة من رسم نوران… لوحة فنية رائعة رسمتها هذا العام خصيصاً لتهديني إياها، ومع اللوحة كانت المفاجأة الكبرى… ملف فتحته أمامي لتخرج منه ـ والابتسامة تعلو وجهها ـ شهادتها الجامعية.. لقد نالت نوران هذا العام شهادة البكالوريوس في الفنون الجميلة.
لم أستطع أن أقاوم مشاعري ولم أحاول أن أخفي دمعة الفخر والفرح لإنجازها الكبير وتحقيقها الهدف الذي وضعته نصب عينيها منذ زمن بعيد وهي ما تزال طالبة خلف مقاعد الدراسة..
بارك الله بك يا نوران وبارك بوالديك اللذين كان لهما الفضل في متابعتك طوال رحلتك الدراسية والفنية… وشكراً لك نوران للدرس العميق الذي أعطيتنا إياه بأنه لا مستحيل مع العزيمة ومع الإرادة الصادقة المتوكلة على الله… فشكراً لك مرة أخرى يا نوران ووفقك الله لكل خير.
كوثر صبري قني