ظهرت في المجتمعات المدنية القديمة أنواع من الفنون الأدبية المعتمدة على الوصف التعبيري الممزوج بالحكمة والخيال من خلال السرد القصصي أو الروائي، يقدمه رواة متمرسون يمتلكون حصيلة لغوية وقدرات إلقائية عالية.
وبعد الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر ظهر اختراع المذياع الذي قام بنقل المعلومات والخبرات المعرفية بشكل أوسع وأسرع، استمتع به الأشخاص ذوو الإعاقات البصرية لاعتماده على حاسة السمع، إلى أن ظهر اختراع السينما والتلفزيون وما لحق بهما من اختراعات لأشرطة CD والـ DVD التي مزجت بين تقنية الصورة والصوت؛ الأمر الذي أوجد فجوة بين الأشخاص ذوي الإعاقات البصرية وتلك الوسائل التقنية الحديثة؛ ما دفع مجموعة من المهتمين في مجال الإعاقات البصرية للبحث عن طرق تقليص تلك الفجوة المتزايدة النمو في كافة جوانب الحياة الترويحية والتعليمية؛ فظهر ما يسمى بتقنية الوصف السمعي التي هي عبارة عن وصف لفظي للصور والوقفات والمقاطع المرئية الثابتة أو المتحركة خارج نطاق التعليق أو الحوار، أو الوصف في البرامج أو الأفلام أو العروض المسرحية أو الرياضية دون أن يؤثر ذلك على محتوى النص الأصلي بحيث يشمل الوصف حركات الجسم، تعابير الوجه، الإضاءة، الألوان، بيئة الحدث بكلمات أو جمل تعبيرية مختصرة تصل للشخص الكفيف عبر أجهزة استقبال وإرسال خاصة، يقوم بنقلها شخص مدرب.
وتبرز أهمية هذه التقنية في كونها تمنح الشخص الكفيف الاستقلالية في متابعة الأحداث المرئية وسهولة التواصل الاجتماعي وتقلل ضرورة إرشاد المبصر للكفيف لمتابعة أي حدث مرئي.
لقد كانت الانطلاقة الحقيقية لتقنية الوصف السمعي من الولايات المتحدة الأمريكية عندما تعاونت Margaret and Cody Phanstiehl من منظمة أذن واشنطن الكبرى The Metropolitan Washington Ear مع مسرح أرينا في واشنطن العاصمة لإيجاد وتطوير البداية عبر مسرحية Major Barbara، وذلك عام 1981م، ثم انتقلت منها إلى وسائل الإعلام الأخرى كالسينما والتلفزيون وأشرطة الفيديو والـ DVD. ولتطبيق هذه التقنية ينبغي مراعاة بيئة الوصف وصفات الواصف ونوع الذبذبات المستخدمة في البث. ومما تمتاز به مهارات الواصف السمعي في هذه التقنية الشمولية والصفات العامة للشخصيات وبيئة الحدث واستخدام الفعل المضارع أثناء الوصف.
مما سبق عرضه يتضح لنا أن هناك اهتماماً قوياً ومتسارعاً لتوفير خدمة الوصف السمعي للأشخاص المكفوفين من خلال تأمين الأجهزة المساعدة والفنيين المدربين حتى ظهرت هناك مواقع على شبكة الإنترنت تعنى بهذه التقنية وما يمكن تطويره منها. ولم يقتصر الاهتمام عند هذا الحد بل تعداه إلى عملية البحث العلمي لأهمية تلك التقنية من خلال ما يكتب في بعض المواقع المتخصصة للأشخاص المكفوفين وضعاف البصر؛ إذ إن المطلع على محرك البحث في موقع (www.rnib.org) يجد أن هناك أكثر من 1850 عنواناً لـ Audio Description، ولعل الدافع في هذا المقال هو أن الوقت قد حان للبدء في تطبيق هذه التقنية في العالم العربي خصوصاً أن هناك مبادرة تمت في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته الثامنة في أكتوبر 2008م أكدت على ضرورة تبني هذه التقنية والإعداد لها بشكل مكثف لما تتطلبه من دعم مالي لتأمين التقنية المناسبة والتدريب الفني المتقن للواصفين لإنجاح عملية الوصف.
ومما يؤكد حتمية البدء بهذه التقنية زيادة القنوات والأفلام والبرامج التعليمية الموجهة لطلاب المدارس من خلال شاشات العرض في فصول الدراسة التي يشترك فيها طلاب مكفوفون يتعرضون لتلك الخبرات البصرية للتفاعل معها كأحد حقوقهم التربوية، ومما يزيد أهمية تلك الحقوق التنامي السريع لتقنيات الحاسب الآلي وما تحتويه من صور ورسوم ثابتة ومتحركة تجعل الحاجة ماسة إلى الوصف السمعي للمتعاملين مع الحاسب الآلي من ذوي الإعاقة البصرية.
بإمكانكم الاطلاع على المزيد من التفاصيل عبر رابط الفيديو
http://www.acb.org/adp/movies.html