ضمن سلسلة دراسات في الفقه التربوي الصادرة عن دار البخاري للنشر والتوزيع، قدم الدكتور علي بن ابراهيم الزهراني كتابه (حقوق المعاقين في التربية الإسلامية) الذي احتوى على مجموعة من المفاهيم الأساسية للعناية بالمعاقين في الإسلام من مختلف النواحي الدينية والجسمية والعقلية والانفعالية، موضحاً حقوقهم المجتمعية، مع ايراد مجموعة من الأمثلة والنماذج لمعاقين في المجتمع الإسلامي للتأسي والاقتداء بهم.
وبعد أن عرف المؤلف بأهمية بحثه وأهدافه وبعض المصطلحات المتعلقة بالإعاقة ومظاهرها أوضح مكانة المعوق في التربية الإسلامية وعناية المجتمع الإسلامي بالمعاقين والواجب الديني نحوهم كمعالجة أمراضهم ومساعدتهم في التربية والتأهيل، وكذلك واجب الأسرة نحوهم من حيث المعاملة الحسنة والتقبل مورداً مجموعة من النصائح التوجيهية بهذا الشأن.
وفي الفصل الثالث من الكتاب قدم المؤلف حقوق المعاق في التربية الإسلامية والتي من أهمها اختيار الزوج الصالح والمحافظة على البناء الجسمي للمعاق أثناء الحمل وواجب تعليم وتدريب المعاق ورفع الحرج عنه وإزالة ما يؤذي عن بدنه ونفسه وماله، ومراعاة حالته الصحية والتواصل معه وحسن معاملته، وحقه في المشاركة المجتمعية وتشغيله في عمل يتناسب مع قدراته.
وأفرد المؤلف الفصل الخامس من أجل استعراض جهود المملكة العربية السعودية في رعاية المعاقين سواء من ناحية الوزارات كالصحة والمعارف والشؤون الاجتماعية أو المؤسسات الخيرية والبلديات، وكذلك من حيث الجامعات وقبول المعاقين في مقاعدها والوسائل المساعدة لهم وتهيئة البيئة التعليمية، وإقامة المؤتمرات والندوات واللقاءات المختلفة التي تقدم فيها البحوث والدراسات العلمية حول الإعاقة من حيث الأسباب والأنواع والوقاية والتأهيل والعلاج، وكذلك دور وسائل الإعلام مع استعراض لأهم التوصيات التي أفرزتها أهم ورش العمل والمؤتمرات بالمملكة.
ولأهمية الإرشاد التربوي والتأهيل المهني للمعوقين، خصص له المؤلف فصلاً كاملاً مبيناً دور الأسرة والمجتمع في نجاح هذه البرامج، والدور الذي يقع أيضاً على عاتق المؤسسات الاجتماعية والتربوية والاقتصادية من أجل نجاحها، وأهمية الاستفادة من اسهامات وتجارب الآخرين في مجال التربية الخاصة كالخبرات والاستشارات التربوية وطرق التأهيل المهني والأجهزة والأدوات الطبية، وقد فصل المؤلف خطوات ارشاد المعوقين في المراحل العمرية المختلفة، سواء الارشادات المقدمة للأسرة والمحيطين أو الشخص المعوق نفسه، موضحاً أنواع الارشاد الذي ينبغي تقديمه للمعاق وأسرته كالإرشاد النفسي والمهني والاجتماعي.
ومن ميزات هذا الكتاب الأساليب التربوية التي قدمها المؤلف للتعامل مع المعاقين والتركيز على اشباع حاجاتهم الفسيولوجية والنفسية والتربوية، والحاجة إلى الأمن والتقدير والقبول والحاجة إلى المعرفة والنجاح، واقترح المؤلف تجنب المواقف التي تحبط المعاق وتعيق تكيفه الاجتماعي حتى يتمتع بصحة نفسية سليمة، وكذلك استقباله بالابتسامة ولين الجانب ورقة المعاملة كما أمر الرسول عليه الصلاة والسلام ومبادرة الشخص المعاق بالمصافحة والتحية وحسن المصاحبة والتغاضي عن التقصير، والعمل على نفع المعاق والتيسير عليه وعدم التعسير، وإشعاره بالأخوة الإسلامية.
وقدم المؤلف في الفصل السابع مجموعة من العوامل المسببة للإعاقة كالعوامل البيئية الخارجية والجينية الولادية، موضحاً كل نوع من أنواع هذه الإعاقات كالذهنية والسمعية والبصرية والنفسية، وعلاجها الطبي والنفسي، ومن أهم عوامل العلاج النفسي ربط المعاق بالخالق عز وجل والايمان به والتفاؤل وترك التشاؤم والصبر وذكر الله سبحانه وتعالى والاعتماد على النفس والشعور بالمسؤولية، موضحاً أهمية الوقاية من الإعاقة قبل حدوثها.
وتعتبر عملية زيادة اقبال العبد على ربه والحصول على الأجر وتكفير السيئات من أهم الثمرات الدنيوية والأخروية للمعاقين والقائمين على رعايتهم إضافة إلى الهدف الأسمى وهو الفوز بالجنة، ورفع منزلة العبد في الآخرة، وسعة الرزق والنصر للأمة والفوز بالرحمة الربانية وتقوية الروابط الاجتماعية والمحبة الإلهية والوقاية من سوء المنقلب في الدنيا، إضافة إلى أن رعاية المعاقين تعتبر جهاداً في سبيل الله، وقد أورد المؤلف الأدلة من الكتاب والسنة على كل ما ورد من فوائد يجنيها القائمون على رعاية المعاقين.
وقد خلص المؤلف إلى مجموعة من التوصيات والمقترحات في نهاية الكتاب أهمها:
ـ ضرورة الاهتمام بالمعاقين وتقديم حقوقهم التي أقرتها الشريعة الإسلامية.
ـ اعطاء المعاقين الفرصة للمشاركة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
ـ اتاحة الفرصة لهم للتعليم والصحة والتأهيل والعلاج.
ـ تقديم الحوافز التشجيعية لهم.
ـ تشجيع البحوث والدراسات المتعلقة بالإعاقة.