كشجرة طيبة جذورها راسخة في الأرض تواصل مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية منذ أربعة عقود تقريباً مسيرة مُشَرِّفة بدأت بخطوة صغيرة ثم زادها الإخلاصُ والإيمانُ والعزمُ ثباتاً وثقة فغدت خطواتٍ اجتازت بها مسافاتٍ شاسعةٍ احتواءً وتدريباً وتعليماً وتمكيناً للأشخاصِ ذوي الإعاقة فأصبحت علماً وصرحاً يُشارُ إليهِ بالبنان لا بمقدارِ ما يتحدثُ عنها الناسُ أو تُعلنُ عنهُ وسائل الإعلامِ بل بمقدار ونوعية ما تقدمه من خدمات احترافيةٍ إن لم توازي ما يُقدَّمُ في أرقى دولِ العالم فهو يتفوق عليه في كثيرٍ من الأحيان.
والمدينة مؤسسة أهلية ينهلُ استمرارها في تقديم البرامج التعليمية والتدريبية والتأهيلية للأشخاص ذوي الإعاقة من روافد الدعم المجتمعي، ولأنها مؤمنة أن مساندتهم وتعليمهم مسؤولية الجميع كل حسب قدرته وتخصصه واظبت على تشجيع السبل التي تعزز التعاون مع شتى جهات المجتمع وأفراده وصولاً إلى تقديم أفضل الخدمات التعليمية الممكنة للأشخاص ذوي الإعاقة إدراكاً منها لأهمية التعليم في حياة وتقدم الأمم بشراكة جميع أبنائها.
من أهم القيم التي تسعى المدينة كي تعززها في النفوس (التطوع)، لذا تراها حريصة في أكثر الفعاليات والأنشطة التي تنظمها على تعزيز هذه القيمة الأخلاقية المجتمعية وتوضيح مدى الفائدة التي تحققها وتصب مكتسباتها في صالح الجميع.
عديدة هي الفعاليات والمجالات التي تنظمها الخدمات الإنسانية وتشهد إقبالاً على التطوع من أفراد ومؤسسات المجتمع لعل أبرزها مخيم الأمل ومهرجان الكتاب المستعمل بالإضافة طبعاً إلى تطوع المعلمين ومساعدات المعلمات في الفصول التعليمية ضمن أقسام وفروع المدينة.
وكتتويج لهذا الجهد الكبير قام سمو ولي العهد نائب حاكم الشارقة الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي (الخميس 26 أبريل 2018) بتكريم المدينة عن تنظيمها سنوياً منذ العام 1986 لمخيم الأمل في الشارقة ضمن فئة المشروع التطوعي وقد تسلم التكريم الأستاذ عبد الله الخميس قائد أمن المخيم.
جاء ذلك خلال الحفل الذي نظمته جائزة الشارقة للعمل التطوعي صباح اليوم في قصر الثقافة بالشارقة وشهد أيضاً تكريم أربعة من الأشخاص الصم الذين نالوا تعليمهم في مدرسة الأمل للصم التابعة للمدينة وهم: أحمد بطي سيف بن عاشور، محمد حسين أبو زهرة، فلاح صالح آل علي وعبد السلام محمد.
سعادة منى عبد الكريم اليافعي مدير مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية عبرت عن الفخر بهذا الإنجاز الذي يضاف إلى سجل الإنجازات الحافل بالتطوع والعمل المخلص مع الأشخاص ذوي الإعاقة وترسيخ مبدأ المسؤولية المجتمعية وقالت:
إن دل هذا على شيء فإنما يدل على الأهمية الكبيرة التي توليها مؤسستنا الرائدة للتطوع وتوعية أبناء المجتمع بدلالاته الثرية وانعكاساته الإيجابية لا على المؤسسة والأشخاص ذوي الإعاقة فقط بل على الجميع.
وأضافت: طلاب مدارس وجامعات، موظفون، مؤسسات حكومية، مؤسسات خاصة، مجموعات تطوعية، وغيرها من الجهات المجتمعية ترحب بهم المدينة وتفتح لهم باب التطوع فيها على مصراعيه إيماناً منها بالقيم والمبادئ النبيلة التي يحملها التطوع والتي من شأنها الارتقاء بالحاضر والبناء المتين للمستقبل.
الأشخاص الصم المكرمون أعربوا عن سعادتهم الكبيرة بالجائزة التي تغني تجربتهم التطوعية وتمنحهم الحافز للمتابعة في هذا المجال بإصرار وعزيمة وتوجهوا بخالص الشكر والتقدير إلى سعادة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي مدير عام المدينة التي بفضل توجيهاتها واهتمامها وحرصها حقق الأشخاص ذوو الإعاقة العديد من الإنجازات المميزة في مختلف الميادين.
من جانبه أوضح الاستاذ عبد الله الخميس قائد أمن المخيم أن مخيم الأمل في الشارقة الذي نظمت المدينة في ديسمبر 2017 دورته الثامنة والعشرين تحت شعار (كلنا مسؤول) يعتبر بحق مناسبة عز نظيرها للتطوع والمتطوعين ليس على الصعيد المحلي وحسب بل على الصعيدين العربي والعالمي.
ولفت الخميس إلى أن 3928 متطوعاً شاركوا في مخيم الامل منذ انطلاقته سنة 1986 بمعدل 54 ألف ساعة عمل وهذا يعكس بوضوح مدى اهتمام المدينة بالتطوع وحث أفراد المجتمع على ممارسته كسلوك اجتماعي آثاره تعود بالنفع على الجميع.