(مناصرة، احتواء، تمكين) ليست مجرد كلمات، إنما هي مبادئ عملنا الموجهة والمرشدة لنا
أبرز أربعة ملامح رئيسية ميزت عملنا:
إنشاء مركز التدخل المبكر، تعليم وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة، التشغيل والتوظيف وتطوير التقنيات المساندة
التطوع هو العمود الفقري للعمل المجتمعي، وجهود المتطوعين في دعم مسيرة المدينة لم تكن جهوداً عابرة، وإنما هي مكون أساسي في مسيرتها وعملها
الريادة في المدينة بدأت منذ لحظة تأسيسها في سنة 1979 وكل ما قمنا به ليس مجرد دلالات لاثبات الريادة، إنما هي استجابة لوقائع أو احتياجات استجدت وباتت ملحة فكان لابد من تحمل المسؤولية والقيام بواجبنا على أكمل
مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية أول من طالب بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في مختلف جوانب حياتهم ومستقبلهم
السياسة العامة للمدينة تركز على خدمة الأشخاص الذين يحتاجون الى الخدمات بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية واللغوية والدينية
المشكلات التي يتعرض لها الأشخاص ذوو الإعاقة لا يمكن أن تفسر بالإعاقة ذاتها، بل بالطريقة التي ينظر بها المجتمع إلى الإعاقة وأصحابها
أتوجه بجزيل الشكر والتقدير إلى مقام صاحب السمو حاكم الشارقة وإلى كل شركائنا وداعمينا مؤسسات وأفراد.. وإلى أبنائنا ذوي الإعاقة وأسرهم وإلى كل العاملين والموظفين المخلصين الذين هم سر نجاحنا وتطورنا واستدامتنا
..
كرم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي 46 شخصية إماراتية رائدة ومتميزة في المجال الخيري والإنساني.
وأتى التكريم في إطار الدورة الرابعة من مبادرة أوائل الإمارات، الذي أقيم في إمارة أبو ظبي في الثامن والعشرين من نوفمبر 2017 بالتزامن مع احتفالات الدولة باليوم الوطني الـ 46 لدولة الإمارات.
وتحتفي مبادرة أوائل الإمارات بمن قدموا بفكرهم وجهدهم ما أسهم ويسهم في رفعة المجتمع وتبرز في الوقت ذاته أوائل المنجزين الإماراتيين، ممن عملوا بإخلاص منذ تأسيس دولة الإمارات إضافة إلى فئة الشباب الذين رفعوا علم الدولة في كافة المحافل.
مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية؛ كرمت في هذه المناسبة كأول مؤسسة غير ربحية من نوعها تقدم خدمات تخصصية غير مسبوقة للأشخاص ذوي الإعاقة في دولة الإمارات، وتسلم التكريم سعادة الشيخ خالد بن أحمد بن سلطان القاسمي، المدير العام لدائرة الحكومة الإلكترونية في الشارقة.
للاقتراب أكثر من هذه المنزلة الرفيعة التي تبوأتها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية التقت (الخليج) سعادة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي مدير عام المدينة وللتعرف على جوانب التميز والريادة التي حافظت عليها المدينة وطورتها باستمرار وصولاً إلى الإنجازات الكبيرة التي حققتها في مجال عملها..
س 1 ـ فلتكن البداية من شعار (مناصرة، احتواء، تمكين) ولنعرج على دعم صاحب السمو حاكم الشارقة لهذا الفكر وصولا إلى إصدار تقرير الاستدامة وفقا لمعايير المبادرة العالمية لإعداد التقارير ليكون الأول من نوعه على مستوى الدول العربية المعنية بالأشخاص ذوي الإعاقة…
(مناصرة، احتواء، تمكين) ليست مجرد كلمات، إنما هي مبادئ عملنا الموجهة والمرشدة لنا في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية لخصنا فيها فلسفتنا ورؤيتنا ورسالتنا المنبثقة من عمق قيم ومثل إمارة الشارقة، تضافرت من أجل تجسيدها واقعاً عملياً وترجمتها إلى إنجازات ملموسة نفتخر بها جهود جميع العاملين في المدينة التي خصها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة حفظه الله برئاسته الفخرية وبدعمه ومساندته ورعايته الأبوية وتوجيهاته السديدة في كل مجال حتى قبيل افتتاحه لها رسمياً في العشرين من أكتوبر سنة 1979 وصولاً إلى إصداره المرسوم الأميري رقم 48 للعام 2016 بإعادة تنظيم المدينة استجابة للمتغيرات والتطورات التي استجدت في مجال العمل مع الأشخاص ذوي الإعاقة وتنامي الاحتياجات إلى هذا النوع من الخدمات واتساع دور المدينة وبما ينسجم مع التوجهات المعاصرة وأهداف التنمية الاستدامة الـ 17 لخطة التنمية المستدامة لعام 2030 التي اعتمدها قادة العالم.
هذه الأهداف كانت الدافع وراء إصدار تقرير الاستدامة الأول 2016 والثاني 2017 انطلاقاً من الحرص على ضمان استدامة المدينة كجزء من رسالتها الهادفة إلى تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من الاعتماد على أنفسهم في إدارة شؤون حياتهم وتعليمهم وضمان استقلاليتهم في المجتمع وتحقيق رؤية المدينة بأن تكون المؤسسة الرائدة في دولة الإمارات والوطن العربي في مناصرة واحتواء وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة.
وهنا أود أن أنوه بالاجتماع الدوري للهيئة الإدارية للاحتواء الشامل لإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي احتضنته الشارقة في 16 و17 مارس 2018، وهي جزء من المنظمة الدولية التي تنشط لحماية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة الذهنية والدفاع عن قضاياهم ومصالحهم، حيث ركزنا فيه على دعم جهود المدينة وتفعيل دور دولة الإمارات العربية المتحدة فيها على المستويين الإقليمي والدولي، ولعل انتخاب مناصرة ذاتية من الإمارات وهي شيخة القاسمي كعضو في مجلس إدارة المنظمة يعتبر انجازاً حقيقياً، يجسد ما سعت إليه المدينة طوال السنوات الماضية في تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من حقوقهم كافة.
س 2 ـ ما يقرب الـ 40 عاما على تأسيس المدينة، اربعة عقود من الزمن في مجال خدمة وتأهيل وتمكين ذوي الاعاقة في الدولة… قراءة في هذه الفترة والتغيرات التي مرت بها..
من الصعب الإحاطة بكل التغيرات التي حصلت منذ تأسيس المدينة وكل الإنجازات التي حققتها طوال هذه الفترة، إلا أنني أعود وأؤكد على أن رؤية المدينة تنص على أن تكون مؤسسة رائدة في مناصرة واحتواء وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة في دولة الإمارات والوطن العربي وتنص رسالتها كذلك على ضرورة أن يعمل الجميع متضافرين ومتضامنين للحد من أسباب الإعاقة بالتدخل المبكر والتوعية المجتمعية، وصولاً إلى مناصرة واحتواء وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة بالتعليم والتأهيل والتوظيف ليكونوا مشاركين ومستقلين في مجتمعاتهم.
وعليه فقد تعاملت المدينة وفق هذه الرؤية وهذه الرسالة مع كل ما له علاقة بحاضر ومستقبل الأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم باعتبارهم جزءاً فاعلاً ومكوناً أساسياً من مكونات المجتمع لا تحول إعاقتهم دون لعب هذا الدور، ويمكن أن أسلط الضوء في هذه العجالة على أربعة ملامح أساسية:
أولاً ـ إنشاء مركز التدخل المبكر: من المعروف أن تقديم الخدمات للأطفال في عمر مبكر من شأنه تجنيبهم عوامل الخطر العضوية والبيئية وتزويدهم بالخبرات التعليمية والتدريبية في أبكر وقت ممكن حتى تتطور قدراتهم ويتحسن أداؤهم إلى أقصى مدى ممكن، وقد وقع صاحب السمو حاكم الشارقة في أكتوبر 1992 مشروعاً مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة اليونيسيف لإنشاء المركز الذي بدأ عمله بعد سنة من تاريخه وتم افتتاحه رسمياً في 26 نوفمبر 1994 وحسب احصاءات المركز فقد بلغ عدد الأطفال الذين استفادوا من خدماته حتى العام الدراسي الماضي 2952 طفلاً، بالإضافة إلى عمليات المسح والكشف المبكر عن الصعوبات والمشكلات لدى الأطفال في الحضانات ورياض الأطفال ومراكز رعاية الطفولة والأمومة ومجالس الضواحي بإجمالي بلغ 4511 طفلاً منذ بداية عمليات المسح سنة 2006 وحتى اليوم، أما برنامج الدمج الذي يتبعه المركز منذ تأسيسه فيقوم على دمج الأطفال في المدارس والحضانات والروضات وقد شمل حتى الآن 143 طفلاً تم دمجهم أكاديمياً.
وهنا أورد شهادة أعتز بها للدكتور رون سايمنسون أستاذ علم النفس بجامعة كارولينا الأمريكية الذي يقول إن أقدم بداية للتدخل المبكر في العالم كانت فكرة طرحها عالم بريطاني سنة 1909 إلا أن البداية الرسمية للتدخل المبكر في أوروبا وأمريكا كانت سنة 1986 وبالمقارنة فإن بداية التدخل المبكر في الإمارات كانت في سنة 1993 أي بعد بدايتها في أوروبا وأمريكا بحوالي 6 سنوات، وهناك ميزة تحسب لمركز التدخل المبكر بالشارقة وهي أن التدخل المبكر يستمر من عمر صفر وحتى 5 سنوات بينما في أمريكا يبدأ من صفر وينتهي بعمر 3 سنوات!
ثانياً: تعليم وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة: معروف أن المدينة تغطي بخدماتها مدن إمارة الشارقة ولها بالإضافة إلى مقرها الرئيسي في الشارقة 3 فروع في خورفكان والذيد وكلباء وعدد من المدارس والمراكز والأقسام التابعة لها أو التي تعمل بإشرافها كمركز التدخل المبكر ومركز الشارقة للتوحد ومركز مسارات للتطوير والتمكين ومركز الشارقة لصعوبات التعلم ومركز الفن للجميع (فلج) وغيرها، ووفق احصاءات العام الدراسي الماضي 2016 ـ 2017 بلغ إجمالي أعداد المستفيدين من خدمات المدينة 2438 مستفيداً التحق 1068 طالباً منهم بخدمة الفصول والإرشاد الأسري فيما بلغ عدد المستفيدين من خدماتها من الحالات الخارجية 1370 شخصاً من ذوي الإعاقة.
وقد وضعت المدينة نصب عينيها الوصول بمنتسبيها إلى أقصى وأفضل ما تسمح به قدراتهم وهذا بالفعل ما توصلنا إليه من خلال تذليل كل الصعوبات وتوفير كل المقومات لإكمال دراستهم والتقدم لامتحانات الثانوية واجتيازها بنجاح، ولم نتوقف عند هذه المرحلة بل يسرنا لهم سبل استكمال دراساتهم الجامعية، وحتى تاريخه استطاع 54 طالباً وطالبة من مدرسة الأمل للصم اجتياز امتحانات الثانوية بنجاح التحق منهم 23 طالباً وطالبة بجامعة الشارقة تخرج منهم 8 طلاب وتسرب طالبان و13 طالباً وطالبة يواصلون دراستهم الآن.
وأشيد في هذه المناسبة بمكرمة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الرئيس الأعلى لجامعة الشارقة وتكفله بتوفير المنح الدراسية للطلبة من ذوي الإعاقة الراغبين في إكمال دراستهم الجامعية في مراحل الدبلوم أو البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه في جامعة الشارقة، هذه المكرمة التي أعلنها سموه في اللقاء الأبوي الذي جمعه بطلبة جامعة الشارقة من ذوي الإعاقة خلال افتتاح مركز الموارد لذوي الإعاقة في جامعة الشارقة في مايو 2017، حيث أشار سموه إلى أن ذوي الإعاقة دائماً ما يعطون الأمل لغيرهم من خلال تحديهم للإعاقة وتحقيقهم للإنجازات رغم التحديات التي يواجهونها.
إن ما تحقق خلال سنوات عملنا من أرقام وإنجازات تعكس كلها التغير الملحوظ في ثقة الأسر والمؤسسات التعليمية المختلفة والمجتمع عموماً بخدماتنا من جهة وبقدرات الأشخاص من ذوي الإعاقة من جهة أخرى وتقبلهم في المجتمع سواء من خلال إيجاد وظائف لهم تتلاءم مع مؤهلاتهم (وهو ما سأتحدث عنه في الملمح الثالث) أو من خلال دمجهم دمجاً تربوياً حيث تمكنّا في السنوات العشر الماضية من دمج من 500 طالب وطالبة من مختلف المراحل العمرية في المدارس العامة والجامعات.
ثالثاً ـ التشغيل والتوظيف: بالنسبة لنا في المدينة فإن توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة لم يكن هاجساً يتعلق بتسكينهم في وظائف روتينية أو شكلية، إنما هو حق أصيل نسعى من خلاله إلى تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من نيله بناء على قدراتهم وإمكاناتهم ورغباتهم أيضاً، فبالإضافة إلى الجهود الكبيرة التي يبذلها مركز مسارات للتطوير والتمكين في توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة في عدد من مؤسسات القطاعين العام والخاص، حيث بلغ عدد الأشخاص من مختلف الإعاقات الذين وظفهم المركز منذ تأسيسه عام 1986 بما فيهم الأشخاص ذوو الإعاقة الذهنية الـ 300 شخص تقريباً، لدينا ما نسبته 8% موظفاً من الأشخاص ذوي الإعاقة من أصل 541 موظفاً وموظفة يعملون في المدينة، ولعل الإنجاز الأبرز هو تأسيس مركز الإنتاج والتدريب الإعلامي كأول مركز من نوعه في دولة الإمارات كل العاملين فيه من الأشخاص ذوي الإعاقة وبعضهم كانوا من طلبتنا.
رابعاً ـ تطور التقنيات المساندة: لا شك أن تطور خدمات المدينة كان بسبب الجهد الذي بذله فريق عمل المدينة طوال السنوات الماضية، ولكن تطور التقنيات عموماً قد أسهم فعلاً بالارتقاء بهذه الخدمات بشكل أسرع، وزيادة فاعليتها، فعلى سبيل المثال تطور الغرفة الصفية في مدرسة الأمل للصم من السبورة العادية مروراً بالسبورة التفاعلية حتى غدت معظم الغرف الصفية في مدرسة الأمل من غرف التعلم الذكي، وانشاء مركز التقنيات المساندة والسعي لتوفير تقنيات مساندة مميزة للأشخاص ذوي الإعاقة، وقد تم توقيع اتفاقية شراكة مع مصرف الشارقة الإسلامي لتقديم قروض ميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة لتزويدهم بالتقنيات المساندة بدون فوائد وبشروط تسديد ميسرة، هذا بالإضافة إلى ما حققته مسابقة تصميم التطبيقات المساندة التي بدأت في العام 2015 بمشاركة 17 طالباً وطالبة من 4 جامعات إماراتية، واختتمنا الدورة الثالثة منها في فبراير الماضي بالشراكة مع مركز جودة الحياة التقنية التابع لجامعة سيؤول الوطنية، وبدعم من شركة ال جي وبمشاركة 42 طالباً وطالبة من 9 جامعات إماراتية مختلفة قاموا خلالها بتقديم ابتكارات جديدة في مجال التطبيقات المساندة.
س 3 ـ العمل التطوعي والإنساني من السمات الواضحة للعاملين وللقائمين على المدينة من البداية وحتى يومنا هذا…
التطوع هو العمود الفقري للعمل المجتمعي، وجهود المتطوعين في دعم مسيرة المدينة لم تكن جهوداً عابرة، وإنما هي مكون أساسي في مسير المدينة وعملها، وذات أثر عميق. وعندما نتحدث عن التطوع فهذا الأمر لا يقتصر على الوقت الذي يقدمه المتطوعون في التطوع المباشر وحسب ـ على الرغم من قيمته الكبيرة ـ بل يتعداه إلى الآثار الطيبة التي يتركها في نفوس المتطوعين ولدى أسرهم ومحيطهم الاجتماعي سواء في مجال العمل أو المدرسة أو الجامعة وكذلك التوعية بقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة وقدراتهم وتغيير الصورة النمطية عنهم وكذلك دمجهم مجتمعياً سواء في الأنشطة داخل المدينة أو خارجها، ونحن نثمن هذه الجهود بشكل كبير وندرك قيمتها، وعلى سبيل المثال لدينا نشاطان أساسيان قائمان على جهود المتطوعين تماماً الأول مخيم الأمل بالشارقة الذي تطوع في دوراته من الأولى وحتى الثامنة والعشرين في ديسمبر الماضي أكثر من 2835 متطوعاً من مختلف الجنسيات العربية والأجنبية.
والنشاط الثاني مهرجان الكتاب المستعمل الذي نحضر الآن لإقامة الدورة السابعة منه في فبراير القادم والقائم أساساً على جهود المتطوعين من طلبة المدارس والجامعات والمجموعات التطوعية، ويقدر عدد المتطوعين الذين شاركوا فيه بما يقرب الـ 1200 متطوع ومتطوعة.
ولا يقتصر التطوع على هاذين المجالين فحسب بل يشمل أيضاً مجالات أخرى كالتطوع في الفصول الدراسية والأنشطة الدورية والكتابة في مجلة المنال الالكترونية الشهرية بالإضافة إلى دعم أنشطتنا والمساهمة فيها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي سواء بتقديم فكرة أو بترويج معلومة أو ترسيخ تقليد طيب أو حتى بكلمة طيبة.
ولا يفوتني في هذا المقام أن أتحدث عن حملة كلنا مسؤول التي أطلقناها في ديسمبر 2017 وهي ممارسة تطوعية، تهدف إلى تحفيز الموظفين والموظفات العاملين في مختلف الدوائر الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص لاقتطاع جزء يسير من الراتب الشهري، وشراء سهم واحد شهرياً أو أكثر لمدة سنة واحدة أو خمس سنوات كمساهمة في التكلفة المالية الضخمة المتوقعة لمشروع مباني مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية الجديدة والتي تقدر بـ 500 مليون درهم، وبالتالي فإن حديثي عن الحملة هنا هي دعوة مفتوحة للجميع للمساهمة في هذه الحملة.
س 4 ـ من مبنى وحيد إلى 8 مراكز ومدارس و3 فروع تابعة للمدينة وأقسام وتخصصات جديدة كانت المدينة أول من بادر إليها مثل مركز التدخل المبكر ومركز الشارقة للتوحد ومركز الفن للجميع ومركز صعوبات التعلم.
الريادة في المدينة بدأت منذ لحظة تأسيسها كأول مؤسسة إماراتية تعنى بشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة منذ العام 1979، وتأسيس تلك المراكز والمؤسسات تحت مظلتها ليست مجرد دلالات لاثبات الريادة، إنما هي استجابة لوقائع أو احتياجات استجدت وباتت ملحة فكان لابد من تحمل المسؤولية والقيام بواجبنا على أكمل، فكانت المدينة بالفعل أول قدم خدمة تخصصية في دولة الإمارات وحصلنا بموجب هذه الريادة على تكريم رفيع من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في الدورة الرابعة من مبادرة أوائل الإمارات، وكنا أول من تبنى مبدأ الترويح والترفيه وسيلة لتنمية قدرات الأشخاص ذوي الإعاقة، وأول من تبنى رياضة الأشخاص ذوي الإعاقة في الدولة، وأول من أدخل خدمة الكشف والتدخل المبكرين في المنطقة العربية من خلال مركز التدخل المبكر وأول من أطر جهود أولياء أمور الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال المبادرة لتأسيس جمعية لأولياء أمور المعاقين، وأول من قدم خدمة تخصصية للأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد، وأول من أدخل ترجمة لغة الإشارة إلى المحطات التلفزيونية في الدولة (نوفمبر 1999)، وأول من أدخل تجربة المناصرة الذاتية للأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية في الدولة، وأول من وفر التعليم الجامعي للأشخاص الصم، وكنا أول من تبنى ووظف أول خريجة جامعية صماء، وأول من أدخل برنامج العلاج بالموسيقى وأول من وظف الفن في خدمة الأشخاص ذوي الإعاقة وقد توج هذا التوجه بإنشاء مركز الفن للجميع (فلج).
ومن الانجازات التي نفخر بها تأسيس مركز التقنيات المساندة وإنشاء مركز الشارقة لصعوبات التعلم وإنجاز البناء الحديث لفرع مدرسة الوفاء لتنمية القدرات في منطقة الرملة واستيعاب المزيد ممن هم على قائمة الانتظار.
س 5 ـ للمدينة دور فعال في ايصال صوت المعاق ومطالبة المسؤولين حيث كانت المبادرة إلى ضرورة دمجهم في المدارس العادية،
كانت المدينة أول من طالب بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في مختلف جوانب الحياة وقد ترجمت هذه المطالب بصدور القانون رقم 29 لحقوق الأشخاص المعاقين (أغسطس 2006) والمصادقة على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص المعاقين (ديسمبر 2009)، وكان لنا أيضاً دور كبير في حث وزارة التربية والتعليم والشباب (حالياً وزارة التربية والتعليم) على إصدار قرار بقبول الأطفال المكفوفين في المدارس العامة، ومعادلة شهادات مدرسة الأمل للصم بشهادات الوزارة ومن ثم معاملة طلاب المدرسة المتقدمين للامتحانات في مختلف المراحل بنفس المعاملة التي يعامل بها زملاؤهم في مدارس السامعين اعتباراً من العام الدراسي (2006 ـ 2007). إلا أن دمج الأشخاص من ذوي الإعاقة ليس بالعملية السهلة وتتطلب مستلزمات بشرية ومادية وبالطبع لا يمكن لتعليم الأبناء أن ينتظر ريثما يتم توفير هذه المستلزمات، وعليه لا بد من بذل الجهود لضمان نجاح هذه العملية ولو على مستوى أضيق وحتى لا نضيع على الأبناء فرصة مواصلة تعليمهم.
وعلى هذا الأساس ـ ورغم تأخر عملية الدمج بشموليتها ـ إلا أن أعداد الطلبة الذين قامت المدينة بدمجهم ومتابعتهم والاشراف عليهم في مدينة الشارقة والفروع التابعة لها بلغ حتى اليوم 227 طالباً وطالبة في رياض الأطفال والمدارس العامة والخاصة، بالإضافة إلى الطلبة الذين درسوا وتخرجوا أو يواصلون دراستهم الآن في جامعة الشارقة.
ومع هذا لابد من العمل على كفالة حق التعليم وإتاحته لكل مستحقيه، وهذا يقتضي المزيد من الجهد والعمل المشترك لتفعيل القوانين وتطبيقها وخصوصاً ما يتعلق بالقانون رقم 29 وتعديلاته والاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
س 6 ـ ومن اللافت أيضاً أن المدينة ومنذ تأسيسها كانت حاضنة لأصحاب الاعاقات من كافة الأعراق والألوان والألسن حيث يتم قبول كافة الاطفال من دون استثناء.
السياسة العامة للمدينة تركز على خدمة الأشخاص الذين يحتاجون الى الخدمات بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية واللغوية والدينية حيث يتم قبول جميع الأطفال الذين تنطبق عليهم شروط ومعايير الالتحاق بالخدمة، ضمن بيئة خالية تماماً من التمييز على أساس الجنس أو العرق أو الأصل القومي أو اللون أو الإعاقة أو السن ونؤمن دائماً بأن أبواب المدينة مشرعة للجميع لا تغلق في وجه أحد والتكامل والشمولية في عمل المدينة لا يقف عند طبيعة الخدمات فحسب بل في شموله جميع الفئات المستفيدة من هذه الخدمات.
س 7 ـ كلمة أخيرة.
إن المشكلات التي يتعرض لها الأشخاص ذوو الإعاقة لا يمكن أن تفسر بالإعاقة ذاتها، بل بالطريقة التي ينظر بها المجتمع إلى الإعاقة وأصحابها، إن تهميش واستبعاد هؤلاء الأشخاص والحد من مشاركتهم ووضع العقبات والموانع التي تحول دون تفاعلهم مع المجتمع والنظرة السلبية المسبقة إليهم وعدم توفير التسهيلات لهم.. كل هذا يمكن تفسيره بفشل المجتمع في التسامح معهم وحرمانهم بالتالي من المشاركة.
إن المجتمع بكل مكونـاتـه؛ لا يمكن له أبداً أن يقف متفرجاً أو على الحياد بل لا بد أن يكون ايجابيا ومسؤولاً إلى أبعد الحدود عن هؤلاء الأشخاص الذين هم بحاجة إلى كل أنواع الدعم والمساندة من أجل ضمان حقوقهم وتمكينهم من العيش بكرامة أسوة بغيرهم من غير ذوي الإعاقة.
إنها مناسبة أتوجه فيها بجزيل الشكر والتقدير ووافر الامتنان إلى مقام صاحب السمو حاكم الشارقة على دعمه لنا في كل المجالات، والشكر والتقدير لكل شركائنا وداعمينا من دوائر ومؤسسات عامة وشركات خاصة وأفراد مبادرين ومساهمين ومتطوعين بالجهد أو بالوقت أو بالمال.. وكل الشكر والتقدير لأبنائنا ذوي الإعاقة وأسرهم على ثقتهم بالخدمات التي تقدمها المدينة وإلى كل العاملين والموظفين المخلصين الذين هم سر نجاحنا وتطورنا واستدامتنا.