كلمح البصر أو هو أقرب تقفز إلى الأذهان وتستقر على الألسن صور وسير طه حسين وهيلين كيلر ومثلهما كثر لتطوق أوسمة للتميز أعناق معاقين حققوا شيئاً من تفوق أو أريد أن يدفعوا إليه دفعاً، لن نختلف قطعاً أن كل الأسماء اللامعة التي سجلت حضورها الفاعل في تاريخ البشرية من المعاقين هي حالات فريدة صاغها استعداد شخصي وتربة إجتماعية خصبة وتوفيق قدري وظرف شهرة مواتٍ، ولن نختلف أيضاً أن حلم تكرار هذه القمم في واقعنا المجدب ضرورة مضاعفة لا للمعاقين وحدهم ولكن لسياق أمة يكاد اليأس أن يريها من نفسها ما تكره ويصمها بالعقم الفكري والفني.
لكن هل هذه الجرعة الحافزة من مستحضر طه حسين وكيلر.. إلى آخره ذات فعالية لكل الأجسام المعاقة. هل لها قوة سحر تعافي كل أمراضها. هل لها قدرات غيثية تحيي كل أرض موات. هل يمكن أن تكون هذه الجرعة أحياناً سامة.
أسئلة ألحت علي وأنا ألحظ الهوة المخيفة بين ما نقوله بألسنتنا معاقين وغير معاقين وما نصنعه بأيدينا، ففي خطابنا المعلن ترتفع عقائرنا وتجود قرائحنا بتأكيد عدم اختلاف المعاقين عمن سواهم من »غير المعاقين« في القدرة على العطاء رغم الصعوبات، لكننا في الواقع التطبيقي نخون عملياً ذلك الخطاب، ففي حين لا يطلب أحد من شخص غير معاق إذا حاول الأدب أن يكون كنجيب محفوظ ولا العقاد، ولا إذا اغترف من بحور علوم الشرع أن يضاهي الإمام الشافعي أو مالك أو غيرهما؛ وهكذا ـ وفي كل المجالات ـ لا يحاصر الجميع من غير المعاقين بحتمية التميز؛ فالجامعات وكذا المدارس تتوزع على طيف درجاتها كل المستويات من أعلى الإمتياز إلى قاع السلم دون أن يستغرب إنسان أن يلح في أن يكون الجميع مزدحمين على قمة الهرم الدراسي، لكن الشأن مع المعاقين ليس كذلك، فليس لهم إلا الصدر دون العالمين أو القبر، فالذهول والفجيعة يسيطران إذا قيل إن كفيفاً ـ مثلاً ـ في محفل تعليمي ما أخفق أو مر بالكاد من سنة إلى سنة.
إذا كانت الممارسة الحقيقية لمفهوم طبيعية المعاقين تقتـضي التســليم بأن الفـــروق الشــخصية تشــملهم أيضـــاً كـ »غير المعاقين« سواء بسواء فإنه من المفترض ألا يثير تعجبنا ولا يتطلب توقفنا أن يحصد كل معاق ما زرع وأن يرتفع بعضهم فوق بعض درجات في العلم والعمل وكل دروب الحياة، فيقيني أن طه حسين المتفوق الفذ كان حوله من زملاء الدراسة من يشبهونه إعاقة ولا يقتربون من قامته تفوقاً؛ فمرت سيرهم لا يحس بها الدهر كشأن كثير من الطلاب.
إن أخشى ما أخشاه وما أكاد ألمس جانباً من تشكله هو أن تتحول هذه القمم السامقة من المعاقين إلى عبء يضغط نفسياً معاقين آخرين ليس لديهم ما يؤهلهم لأن يكونوا مثلهم، ولا هم متروكون ليكونوا مغمورين وينالوا ما تسمح به قدراتهم فقط، فرحم الله كل معاق استفاد مما حباه الله به، وسامح كل من كلف غيره ما لا يطيق، فقط لأنه معاق لا ينبغي له إلا التفوق.
الاسم: ناصر محمد نوراني
المهنة: محرر صحفي (مكفوف)
الجنسية: السودان
مكان الميلاد: جمهورية مصر العربية
تاريخ الميلاد: 25 ديسمبر 1970م
المؤهلات العلمية:
- بكالوريوس آداب (لغة عربية) جامعة الإمارات: تقدير امتياز.
- درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها من جامعة الشارقة عن رسالته صورة ذي الإعاقة في الرواية السودانية (يناير 2012)
الخبرات العملية:
محرر صحفي في إدارة الإعلام الأمني التابعة للقيادة العامة لشرطة دبي في الفترة من أغسطس 1996حتى الآن، قام خلالها بالمهام الصحفية المختلفة من إجراء التحقيقات والمقابلات والتغطيات وإعداد التقارير والملفات الصحفية لصالح مجلة الأمن، من بداية التحاقه بالعمل إلى نهاية عام 2002م حيث انتقل إلى مجلة خالد المتخصصة للأطفال مشاركاً في الإعداد والتحرير بشكل كامل، منشئاً فيها سلسلة قصصية عن الإعاقة (صابر ووليد).
جوائز وتكريمات:
- نال جائزة الشارقة للعمل التطوعي (فئة الإعلام والإعاقة) ديسمبر 2009م.
- نال جائزة دبي للأداء الحكومي المتميز (فئة الجنود المجهولين) إبريل 2010م.
- كرم ضمن فريق مجلة خالد في شرطة دبي سبتمبر 2010م.
- كرم وحاز شارة تكريم لتميزه في ملتقى التميز المؤسسي على مستوى شرطة دبي نوفمبر 2010م.