مع التطور الهائل للتكنولوجيا، ومع انتشار التقنيات الحديثة؛ فإن التكنولوجيا ليست حكراً على فئة دون أخرى، ولم تكن التقنيات الحديثة قاصرة فقط على استخدام المبصرين، فمنذ بضع سنوات صارت الهواتف الذكية والحواسيب اللوحية هي الأكثر رواجاً، وأصبحت مرتبطة في حقيقة الأمر بحياتنا اليومية بشكل ملحوظ. لكنها ليست رفاهية بالنسبة لفئة المكفوفين خصوصاً وذوي الإعاقة عموماً، بل هي ضرورة، خصوصاً مع ما تقدمه من حلول ذكية تعمل على تشجيع المكفوفين على الاستقلالية والاعتماد على النفس بشكل كامل، ودون مساعدة من أحد.
استخدام الكفيف للهواتف الذكية
يعتمد استخدام المكفوفين للهواتف الذكية على قارئ شاشة موجود بأنظمة تشغيلها، سواء نظام تشغيل جوجل المعروف بأندرويد أو نظام آبل المعروف بـ (آي أو إس)، بل والأكثر من ذلك هو وجود بعض الخدمات الأخرى مثل تكبير الشاشة، وإعداد الوضع الليلي لتناسب بعض الإعاقات البصرية الأخرى، لكن ليس هذا وحده فقط بل إن هناك إعدادات خاصة بذوي الإعاقة بشكل عام تحت مسمى إمكانية الوصول تجدها في قائمة الإعدادات بالهاتف، وهي إعدادات تتيح لذوي الإعاقة اختيار تفعيل ما يناسبهم منها.
أما عن استخدام الكفيف للهواتف الذكية فيوفر نظام (آي أو إس) مثلاً قارئ شاشة بداخله يعرف بـ (فويس أوفر)، وهو يدعم أغلب لغات العالم وبالطبع اللغة العربية، وعند تفعيله يختلف استخدام الجهاز كليّاً عن الطريقة التي يستخدمها به المبصرون؛ فيتحول الجهاز إلى جهاز متحدث، بمعنى أن أي لمسة على الشاشة سيتحدث القارئ عن الذي يوجد في موضع تلك اللمسة، وإذا كانت أيقونة تطبيق على سبيل المثال (فيسبوك) فسيقول قارئ الشاشة (فيسبوك اضغط مرتين للفتح) هذا إن كانت اللغة العربية هي الافتراضية، وسيقول هذه الجملة بمعانيها في اللغات الأخرى، وهنا لا يتم فتح التطبيق إلا بعد الضغط عليه مرتين متتاليتين مثل النقر مرتين بالفأرة عند المبصرين أثناء استخدام الكمبيوتر، وللتنقل من عنصر لآخر يتم المسح على الشاشة من اليسار لليمين للذهاب للعنصر التالي أو التطبيق التالي، والمسح على شاشة الجهاز من اليمين لليسار للذهاب للعنصر أو التطبيق السابق، ومع كل مسحة في هذا الاتجاه أو ذاك سينطق قارئ الشاشة اسم العنصر أو التطبيق وآلية تفعيله وتنشيطه. ومن الجميل هنا أيضاً أن الاستخدام لا ينحصر على هذا فقط بل يصبح الجهاز سهلاً في استخدامه بالكامل عن طريق حركات وإيماءات بالأصابع على هذه الشاشة التي لا تعمل سوى باللمس ولا يوجد بها زر واحد، يبدو الأمر في الوهلة الأولى صعباً ولكنه بالفعل سهل جدّاً، وكل ما يحتاجه الشخص الكفيف هو التعود فقط.
التطبيقات التي يستخدمها المكفوفون
كل التطبيقات يمكن للمكفوفين استخدامها بواسطة قارئ الشاشة إلا بعض التطبيقات التي صممت دون مراعاة لقابلية الاستخدام وإمكانية الوصول، وهذه التطبيقات قليلة جدّاً وهناك أيضاً تطبيقات الألعاب فليس هناك ألعاب للهواتف الذكية تراعي استخدام الكفيف، وهنا لا أتحدث عن ألعاب موجهة لفئة المكفوفين ولكن الألعاب بشكل عام.
تطبيقات مفيدة للمكفوفين في الحياة اليومية
هناك الكثير والكثير من التطبيقات التي تجعل حياة الكفيف أسهل بالاعتماد عليها، فهي تمكن الكفيف من الاستقلالية بشكل واضح وملحوظ.
تطبيق الخرائط من (جوجل)
هو تطبيق معروف للجميع، لكن فائدته بالنسبة للمكفوفين أكبر وأعظم؛ فبعد البحث عن المكان المراد الذهاب له، وبعد اختيار وسيلة الذهاب له؛ يبدأ البرنامج بتوجيه الشخص الكفيف من خلال تعليمات صوتية من التطبيق نفسه، وبالطبع هذا يتطلب توصيله بالإنترنت، والسماح للتطبيق باستخدام بيانات الموقع الجغرافي، فمثلاً بعد اختيار وجهتنا لمكان معين نجد الجهاز يتحدث تلقائيّاً (الاتجاه الأيمن بعد 200 متر اتجه يساراً) هذا على سبيل المثال فقط، ويمكن إضافة أماكن جديدة على الخرائط سواء من خلال تطبيق (جوجل) أو تطبيقات تحديد الأماكن الأخرى.
تطبيق (كولور آي دي فري) لتحديد الألوان
يعتقد البعض أن الألوان لا تهم المكفوفين، ولكن في حقيقة الأمر هي مهمة جدّاً، على الأقل في تنسيق وارتداء الملابس فبعد فتح التطبيق نوجه كاميرا الهاتف تجاه الشيء المراد معرفة لونه، وهنا سيتحدث قارئ شاشة الجهاز عن لون الأشياء، وهناك تطبيقات عديدة له مشابهة، منها تطبيق عربي يسمى قارئ الألوان يؤدي نفس المهمة.
تطبيق (بي ماي آيز)
هو تطبيق على الإنترنت، يعتمد في الأساس على مجموعة من المتطوعين لمساعدة المكفوفين، فما على الشخص الكفيف إلا التقاط صورة أو فيديو للمكان من خلال التطبيق، والمتطوع يقوم بوصفه له إما بتسجيل صوتي أو بمحادثة فيديو مباشرة، فمثلاً يحتاج الشخص الكفيف إلى معرفة المكان المحدد لمطعم في منطقة معينة، وكم يبعد المطعم عنه، فيقوم المتطوع بتحديده له بِناءً على الفيديو أو الصورة، ويرشده للذهاب إليه عبر التطبيق.
تطبيق (ساوند كلاود)
هو تطبيق معروف، فائدته للاستماع ومشاركة المواد المسموعة مثل الموسيقى والأغاني وغيرها، لكنه لا يقتصر على هذا فقط؛ فيوجد به البرامج الإذاعية من كبرى محطات الإذاعات العالمية، وليس هذا فحسب بل به تصنيف موجود للكتب المسموعة، ولكن المحتوى العربي عليه فقير جدّاً، بل إنه يكاد يكون غير موجود.
تطبيقات قراءة العملات
يوجد الكثير من تطبيقات التعرف على العملات، منها على سبيل المثال (لوك تل)، وهو يدعم عملات عديدة ولا يدعم عربيّاً سوى أربع عملات فقط هي «الدينار» البحريني، و«الدرهم» الإماراتي، و«الدينار» الكويتي، و«الريال» السعودي، وليس على الشخص الكفيف سوى فتح التطبيق وتوجيه الكاميرا للعملة، وبعدها سيقوم التطبيق بمسح العملة وإخباره عن فئتها وقيمتها المالية.
تطبيقات قراءة النصوص
توجد كثير من تطبيقات قراءة النصوص، وهي تعمل مثل الماسح الضوئي من خلال كاميرا الهاتف، وتحول النص المكتوب سواء ورقة كتاب أو غيره لنص مسموع، لكن دعم هذه التطبيقات ضعيف جدّاً للنصوص العربية.
ما زلت على قناعة تامة بأن التكنولوجيا والتقنيات الحديثة كفيلة بتمكين ذوي الإعاقة في كافة نواحي الحياة بشكل واقعي وفعال، نظراً لما يحدث من تطور سريع، والأجمل مشاركة بعض ذوي الإعاقة في هذا التطوير السريع والمستمر للتقنيات الحديثة.
المصدر:
http://disabilityhorizons.ae