هل جربت أن تلتقط صورة فوتوغرافية وأنت مغمض العينين؟ أم هل جربت أن تلعب كرة القدم وتدرب فريقاً لهذه اللعبة دون أن ترى طريقة لعبهم وتقود فريقك إلى الفوز؟ أم هل رسمت صورة طبيعية لمنظر أعجبك مع أنك لم تره أبداً ولم تر حتى رسمتك لهذا المنظر التي أخذت جائزة؟ ليست هذه ألغازاً وليست أسئلة امتحانية وليست حتى أسئلة على سبيل معرفة القدرات والمهارات كما يفعل علماء الإدارة لتحديد أساليب النجاح.. إنما هي أسئلة يحمل الإجابة عنها فقط الأصدقاء من ذوي الاحتياجات الخاصة من ذوي الإعاقة البصرية الذين عودونا دائماً على حل الألغاز وإبهارنا بتقديم المتناقضات.
فالفنان نزيه رزق أو اللغز المثير كما أسمته وسائل الإعلام الأمريكية التي أنتجت مجموعة من الأفلام الوثائقية عنه فقد بصره إثر حادث تعرض له عندما كان في السابعة عشر من عمره إلا أن فقدان نور عينيه أضاء له نوراً آخر حوله إلى مصور فوتوغرافي يحمل شهادة (ماجستير) في الفن نفسه وفي رصيده ثلاثة معارض في القاهرة وأكثر من خمسين معرضاً جماعياً في الخارج شارك فيها على مدار 15 عاماً، وتبلغ الدهشة مداها عندما تجده يضع الكاميرا على عينيه ليلتقط صوراً فنية للجامع الأزهر ولساعة بيج بن ولقصر برمنجهام وشلالات نياجرا إضافة إلى الصور الطبيعية العفوية كعروض الدلافين والعصافير على أغصان الشجر، والملفت في صور رزق هو المستوى الفني الرفيع من حيث التعامل مع الظل والضوء والرهافة مضافاً إليها الاختيار الدقيق للزوايا الجمالية.
أما باسل ديب الذي فقد بصره في بداية حياته دفعه حبه لكرة القدم ورغبته في إقامة علاقات اجتماعية طيبة مع أصدقائه لتخطي حدود الإعاقة والعجز إلى تأسيس فريق كرة قدم يلعب به ويدربه فباسل اللاعب النشيط والبائع المجتهد يقدم دائماً ـ وأحياناً بعصبية ـ النصائح لفريقه لأنه يكره الخسارة ويحب الفوز.
أما مسك الختام فهي فتاة متميزة عندما تنظر إليها تشعر أن الإبداع يتفجر من وجهها العربي الندي إنها ندى عبد العزيز الجسمي الفنانة والطالبة المتفوقة التي قدمت رسومات جميلة لم ترها بعينيها وإنما رأتها بقلبها وبعيون الآخرين الذين انكبوا لتهنئتها عندما فازت بجائزة الشيخ حمدان بن راشد للتميز التربوي لفئة الطالبة المتميزة.
ليست هذه النهاية لأن الحديث مستمر ولا ينقطع وليت المكان يتسع لي لأتحدث وأتحدث عن أمثال هؤلاء الأشخاص الذين جددوا فينا روح الطموح والتصميم لكن ما أود قوله أخيراً أن هؤلاء ليسوا أشخاصاً خياليين من نسج الذاكرة وإنما هم أناس أنارت لهم قلوبهم طرق الإبداع فلم يقفوا عند حدود الإعاقة.
فما رأيك أخي القارئ أن نغمض أعيننا ونرسم أو نصور أو…
أنا شخصياً أخشى النتيجة.