الاهتمام بتوفير البيئة السكنية اللائقة بإقامة الأيتام وأسرهم هي من الأولويات التي تحرص مؤسسة الشارقة للتمكين الاجتماعي على تقديمها لمنتسبيها، لما تعكسه البيئة المعيشية من أثر إيجابي على صحتهم النفسية.
ومما لا شك فيه أن الاهتمام بمسكن أسرة اليتيم التي يعيش فيه دور هام جدا في تكوين شخصية اليتيم، مما تنعكس بالتالي على صحته النفسية والجسدية والعصبية، فتقوم المؤسسة على معايشة الواقع الذي ينمو فيه اليتيم من خلال الزيارات الميدانية لمساكن الأسر للوقوف على احتياجاتهم وتسخير البرامج والمشاريع لخدمة هذا الجانب المهم في حياتهم وفقا لاحتياجات الأسر.
وتتبنى إدارة الرخاء الاجتماعي تقديم مختلف أنواع الخدمات والرعايات للأسر المنتسبة المختصة بالجانب البيئي بدءا من استقبال الأسرة، وإجراء البحث المكتبي والميداني للوقوف على احتياجاتها، والاضطلاع بالمعضلات التي تواجهها، إلى تقديم الخدمات الفعلية لتوفير الحياة الكريمة لمنتسبيها.
وحول طبيعة العمل بالإدارة صرحت نوال الحامدي مدير إدارة الرخاء الاجتماعي: (تختص الإدارة بدراسة كل ما يرد إليها من طلبات واحتياجات الأوصياء والأيتام، وذلك حسب ظروف الحالة ودرجة الاحتياج، كما تقوم الباحثات الاجتماعيات بالمعاينات الميدانية عن طريق زيارة منازل المنتسبين للوقوف على أوضاعهم وتلمس احتياجهم الفعلي، ثم رفع التقارير المفصلة والنهائية إلى اللجنة المختصة بالمؤسسة، لتتم دراسة كل حالة دراسة مستفيضة تقدم على إثرها المساعدة المستحقة لها وفق الأنظمة المعمول بها في المؤسسة.
كما نقوم بمتابعة الطلبات والتدقيق في المشكلات المعروضة من الأوصياء للعمل على وضع حلول مناسبة لها، واستيفاء مستندات الأسر، والتنسيق في تقديم الخدمة للحالات من خلال شبكات الربط بين الأجهزة الحكومية المؤسسية، ونعمل على متابعة تنفيذ البرامج والمشاريع التي تقيمها إدارة الرخاء الاجتماعي للأيتام والأوصياء.
وعلى الرغم من كل الخدمات التي تقدمها إدارة الرخاء الاجتماعي، إلا أنها تنفرد بقربها من واقع الأسر المنتسبة، من خلال الزيارات الميدانية لمنازل الأيتام، والتواصل المباشر مع الأمهات والاطلاع على واقعهن ومعايشة مشكلاتهن، لتقديم الخدمات لهذه الأسر ودعمهم بكامل الجهود، وبكل حرفية واحترام وتقدير، مستشعرين حجم المسؤولية، وأهمية الدور الذي نقوم فيه).
وتنوعت البرامج المقدمة في جانب التمكين البيئي وجاء على رأسها مشروع (جدران) الذي يعد مشروع تطبيقي يهدف إلى تحقيق بيئة سكنية حامية وصحية وملائمة لأسرة اليتيم، تنفذ من خلاله أعمال صيانة مختلفة لمنازل أسر الأيتام، وتوفر الخدمات الأساسية التي تجذب اليتيم للمنزل، وتحقق لديه تقبلاً لوضعه وواقعه، وذلك من خلال توفير المستلزمات الاستهلاكية اللازمة لكل أسرة، والتكفل ببعض أعمال الصيانة المنزلية، والقيام بأعمال الصباغة، وتزيين حدائق المنازل، وتوفير الأثاث والمفروشات.
وتصب أهداف (جدران) على نفسية اليتيم بالدرجة الأولى فيسعى لبناء بيئة صحية تحتويه، وتراعي خصوصيته، والجوانب النفسية، لتخلق منه شخصية تفيض بالإبداع.
وقد جاءت الحاجة لإقامة هذا المشروع نظرا لمعايشة المؤسسة وملامستهم لواقع الأيتام الفعلي، من خلال تنظيم الزيارات الميدانية لمعاينة منازل الأسر وتفقد احتياجاتهم البيئية، كما دعت البرامج النفسية والتربية والوقائية التي تقيمها المؤسسة لمنتسبيها إلى استحداث هذا المشروع استجابة للتوصيات التي يقدمها الاستشاريون النفسيون المشرفون على هذه البرامج بضرورة إعادة صياغة غرفة الابن اليتيم بما يتناسب واحتياجات نفسيته.
وحمل مشروع جدران بعداً اجتماعياً متميزاً تمثل في مشاركة فاعلة من أفراد المجتمع ومؤسساته، حيث قامت كوادر بشرية من أفراد المجتمع من المتطوعين بتنفيذ العمل على اختلافهم كالمجموعات الطلابية في الجامعات والكليات، والموظفين في الدوائر والمؤسسات الحكومية والخاصة والشركات، وذلك تحقيقا لمبدأ المسؤولية الجماعية والمشاركة المجتمعية التي تسعى المؤسسة لتفعيلها في معظم برامج ومشاريع المؤسسة لخدمة فئة مهمة في المجتمع وهم الأيتام.
وحول هذا المشروع المبتكر، صرحت منى بن هده السويدي ـ مدير عام مؤسسة الشارقة للتمكين الاجتماعي:
(ضمن باقة الخدمات التي تقدمها المؤسسة لمنتسبيها، يأتي التمكين البيئي الذي ينطلق منه مشروع جدران هذا المشروع الواقعي المتميز.. الذي انبثق من فكرة إنسانية سامية لسمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي ـ رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة ـ حفظها الله، أثناء زيارتها لمقر المؤسسة التي دعت من خلالها إلى إشراك المجتمع في تغيير واقع اليتيم، لترى النور من خلال (برنامج جدران)، الذي بدأت فكرته عام 2004م، ثم استحدث ليأخذ هيئته المجتمعية، ويباشر خطته التطبيقية متبلوراً كمشروع أساسي دائم في برامج التمكين البيئي على أعوام متتابعة.
ويسعى المشروع لتحقيق مستوى عالٍ من الوعي البيئي لدى أسر الأبناء، عن طريق برامج التوعية المستدامة، والمعاينات الميدانية المتلمسة للواقع، وتوفير المستلزمات الأولية، والمعدات الاستهلاكية، وينفذ التحسينات المنزلية، وإنشاء وتزيين الحدائق المنزلية.
وتشيد المؤسسة بجهود الفرق التطوعية من الأفراد والمؤسسات الذين وظفوا الجهود لدعم البرنامج باذلين كافة الطاقات، ومتطوعين بأوقاتهم وجهودهم في النزول إلى الميدان ومعايشة واقع الأبناء، وإحالة بيئتهم السكنية إلى واحة جذابة ومريحة لتخدم أهداف سامية تنعكس على تطور النمو النفسي للابن اليتيم).
كما تقوم المؤسسة بتفعيل مشروع أجهزة الصيف كل عام مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة مما يستدعي أهمية توفير الجديد من هذه الأجهزة الضرورية للمنازل الأكثر احتياجاً، وتشمل أجهزة التكييف، والثلاجات، وبرادات التجميد (الفريزر) وغيرها، ويتم اشراك جميع أفراد المجتمع للمشاركة في التبرع بهذه الأجهزة لأسر الأيتام حسب درجة احتياجها.
وتتبنى المؤسسة سلسلة متعددة من البرامج البيئية والورش التوعوية المتنوعة والدورات والندوات التخصصية والحملات التوعوية في جانب التمكين البيئي بغرض تعزيز التوعية البيئية الصحيحة ورفع مستوى الوعي العام واكتساب مهارات بيئية وتثقيف أسر الأيتام وغرس القيم البيئية السليمة من خلال تسليط الضوء على عدد من القضايا والمواضيع المهمة مثل : تطبيق معايير ومفهوم البيئة الخضراء في المنازل، وتنظيم ورش تدريبية عن (الفنغ شوي) التي تُنفذ سنويا لأهميتها في ايجاد و خلق منزل سعيد صحي و متناغم عن طريق التصميم الداخلي في سبيل تغيير نفسيات الأسر، وحملة (بيتنا الصغير) التي تعزز التواصل بين الأم والأبناء في المحافظة على نظافة وجمال المسكن، وغيرها من البرامج والأنشطة التي ترفع مستوى الوعي البيئي بشكل عام عند الأسر.
وتسعى برامج التمكين البيئي إلى توفير البيئة المناسبة والصحية اللائقة بإقامة الأبناء الأيتام وأسرهم، كما وتهدف من خلالها إلى إشراك المجتمع في التأثير في واقع اليتيم، وتعزيز روح التكافل والتعاون المجتمعي لتحقيق أعلى مستوى من الجودة في الخدمة المقدمة لأسر الأيتام.