إن السجائر هي عقار بمعنى احتوائها على مواد كيماوية لها تأثيرات مختلفة على البدن، وهي بالتالي العقار الأكثر استخداماً أثناء الحمل والقاعدة الطبية توصي بألا نستخدم الأدوية أثناء الحمل ما أمكن فما بالك بعقار هو والأذى صنوان…!
* لماذا هذه التوأمة بين التدخين والضرر؟
سأتحدث من زاوية تأثير التدخين على الجنين فالتدخين من أسباب تأخر النمو داخل الرحم وهذا المرض يعني وجود جنين أصغر وزناً وحجماً مما يجب أن يكون، وليست الأمور بالصغر فقط بل تتأثر كل وظائف الجسم وفعالياته الاستقلابية والحيوية فتؤدي بالتالي لوليد ناقص كماً وكيفاً عن أقرانه، إن التدخين يؤدي لنقص الوزن بنسبة تتعلق طرداً بعدد السجائر المدخنة، فتدخين 20 سيجارة يومياً (علبة أو باكيت واحد) يؤدي لنقص 280 جراماً من وزن الوليد، إن سبب نقص الوزن لم يفسر بدقة حتى الآن رغم الدراسات المكثفة، ولكن السجائر تحتوي على عدد من المركبات السمية ومعظم النظريات تقول إن التدخين يؤدي لنقص الأوكسجين عند الجنين بسبب إنتاج أول أكسيد الكربون أو بسبب تقبض أو انكماش الأوعية الناجم عن النيكوتين، ولا يزال احتمال التأثير السمي المباشر على الخلايا قائماً.
يعتبر التدخين من أهم عوامل الخطورة الناجمة عن سلوك الإنسان والمؤدية لولادة طفل خديج وبالأرقام فإن 13 إلى 20% من كل حالات الخداج سببها التدخين، إن التدخين يزيد من نسبة تمزق الأغشية الباكر وارتكاز المشيمة المعيب وانفكاكها الباكر، وكل ما سبق يزيد نسبة الخداج وكذلك تزداد نسبة موت الأجنة وبالتالي ولادة مليص (ميت)، كما تزداد الإجهاضات العفوية.
إن التدخين يسيء للدورة الدموية للأم، هذه الدورة التي تعتبر متنفس الجنين ومصدر غذائه والمكان الذي يطرح فيه ما يؤذيه فإن ضعفت لابد وأن يعاني بشكل كبير، لقد قررت لجنة الأخطار الوراثية والبيئية في الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال أن التدخين يعتبر خطراً صريحاً على صحة الأطفال.
* هل تتوقع أن التدخين شائع عند النساء؟
في الولايات المتحدة (%30) من كل النساء هن مدخنات، أما لدينا فقد قرأت بعض الإحصائيات حول نسب التدخين وخصوصاً بين الطالبات والمعلمات ووجدت أنها عالية وربما مبالغ بها كثيراً، وفي دراسة خاصة قمنا بها في مركز الحمادي للأبحاث في مستشفى الحمادي وحسب النتائج الأولية فإن نسبة المدخنات بين الأمهات السعوديات اللواتي ولدن حديثاً هي (%2) فقط، وحتى هؤلاء المدخنات كن حسب الدراسة مستعدات لترك التدخين إذا علمن بضرره على مولودهن، وهذه الدراسة تنصف المرأة وتقدم صورة واقعية أكثر عن الحال لدينا وهي دراسة حديثة نسبياً، وتستحق المرأة بموجبها كل الشكر على وعيها الحضاري وسلوكها الصحي والتزامها بكل ما من شانه خدمة صحة الفرد والمجتمع.
إن التدخين غير مستساغ لا عند الذكور ولا عند الإناث وأخص بالذكر الإناث كونه عدا ضرره الفادح يعطيهن منظراً بعيداً عن الأنوثة، ويتفاقم الخطر أثناء الحمل حيث نؤذي نفساً بريئة، وما إن يولد تعيس الحظ هذا بعد أن يكون قد عانى ما عانى داخل الرحم حتى تتلقفه بيئة الأم فيها مدخنة وربما ستدخن أكثر والأب كذلك والوليد يلعب دور المدخن السلبي الذي يستقبل أضرار التدخين فنراه من مرض إلى آخر ومن هجمة ربوية إلى أخرى والسعال لا يكاد يفارقه، عدا عن أنه سيصبح مدخناً لاحقاً بحكم التقليد.
* هل يستمر تأثير التدخين بعد الولادة حتى لو توقفت الأم عن التدخين؟
نعم حيث أن الوليد الذي يولد ناقص الوزن سيتعرض للمرض أكثر ونسب الموت بين هؤلاء الولدان أكبر ولكن تخف الأخطار في حال توقف الأهل عن التدخين وليس الأم فقط.
* إذا كانت الأم غير مدخنة والأب مدخن هل من خطر على الجنين؟
نعم، حيث تقوم الأم هنا بدور المدخن السلبي في حال جلس زوجها معها أثناء تدخينه.
* لماذا ركزت على الجنين؟
لأنه البداية!! ولأنه مهيض الجناح فما الذنب الذي اقترفه حتى يأتي بعاهات مستديمة وما الإثم الذي ارتكبه فلذة الكبد هذا حتى نعذبه قبل الولادة وبعدها؟ نعم فلنرحم الأجنة، أتعلم ماذا يعني نقص الأكسجة لجنين؟ إنه اختناق يا أخي بشكل أو بآخر، نعم اختناق مزمن، فما رأيك لو أنقصنا كمية الهواء الواردة إليك مدة 9 أشهر؟!
في الختام
إن الدراسات والأبحاث التي تورد مساوئ التدخين صادرة عن مجتمعات من عاداتها التدخين ولا يوجد بالعرف لديهم ما يمنعه، أما لدينا فالتدخين مكروه اجتماعياً والحمد لله فلنتمسك بهذا العرف الذي هو تعبير عن العلم بآخر أبحاثه وعن الطب بغاياته النبيلة وعن الصحة بما تعنيه.
عل كلماتي تكون صرخة تلامس العقل والضمير إن شاء الله.
التدخين مرفوض بكل صوره وأشكاله بما فيها النرجيلة