تعتبر صعوبات التعلم من أكثر المشكلات شيوعاً التي تواجه الطلاب في سن المدرسة والتي تعطلهم عن التحصيل المتوقع منهم. وقد تؤدي تلك المشكلة إلى التأثير السلبي على حالة الطالب النفسية بل ويمتد التأثير السلبي إلى الأسرة بشكل عام.
فالطالب يقوم بما يستطيع عمله من إنفاق الوقت والجهد اللازمين في الدراسة ولكن تمنعه أو تعطله صعوبات التعلم من الوصول إلى المستوى التحصيلي المأمول وسوف نستعرض في المقال التالي صعوبات القراءة وأسبابها والأعراض والعلامات المميزة لها.
صعوبات القراءة (Dyslexia)
تتكون كلمة ديسليكسيا Dyslexia من مقطعين (ديس) وتعني صعوبة، و(ليكسيا) وتعني اللغة اللفظية. وقد عرفها اورتون بأنها واحدة من صعوبات التعلم، وتتميز بصعوبة معالجة الكلمات المكتوبة. وهذه الصعوبة لا تتناسب مع عمر الطفل وانجازاته الدراسية ويصاحب هذه الصعوبة مظاهر أخرى تتمثل في صعوبات تعلم الكتابة والتهجي.
ويمكن تعريف الديسليكسيا بأنها صعوبة من صعوبات التعلم تتميز بمشكلات في الجوانب الاستقبالية والتعبيرية للغة، أو اللغة في شكلها المقروء أو المكتوب.
ولا ترجع صعوبة القراءة إلى صعوبات حسية (سمعية أو بصرية) أو نمائية. كما لا ترجع إلى انخفاض نسبة الذكاء كما انها ليست مشكلة سلوكية أو نفسية أو اجتماعية.
وانما هي مشكلة في عمليات معالجة اللغة أي صعوبة ترجمة اللغة إلى أفكار كما في الاستماع أو القراءة، أو صعوبة ترجمة الأفكار إلى لغة كما في الكتابة أو التحدث.
إذن، تتكون صعوبة القراءة من أربع مكونات أساسية هي:
القراءة والاستماع، التحدث والكتابة، الجوانب الاستقبالية والتعبيرية للغة.
أسباب صعوبة القراءة
1 ـ اختلاف تناظر وتخصص المخ
تنشأ صعوبة القراءة من اختلاف كل من تركيب ووظائف المخ. وقد وضع عالم النفس العصبي صمويل اورتون في أوائل القرن العشرين نظرية عن صعوبة القراءة مفادها أن المخ مقسم إلى نصفين وأن النصف الأيسر لدى معظم الأفراد يقوم بوظائف اللغة وقلة منهم تكون وظائف اللغة في النصف الأيمن.
واعتبر أورتون أن الأفراد الذين يعانون من صعوبة القراءة لا يوجد لديهم تخصص قاطع بين نصفي المخ. وقد تأكدت هذه الفرضية فيما بعد حيث تبين ان النصف الايسر يتخصص في وظائف اللغة، بينما يتحكم النصف الأيمن في الوظائف غير اللفظية، وانخفاض كفاءة عمل نصفي المخ وتكاملهما يؤدي إلى انخفاض الكفاءة العامة للفرد كما تؤثر على اكتساب واستخدام اللغة.
ومن ثم يعتبر أورتون أول من حاول أن يربط بين تناظر المخ وصعوبات القراءة حيث كان يدرس حالات تعاني من صعوبات القراءة والكتابة ووجد أن بعض الأطفال يكتبون بطريقة صورة المرآة أي يكتب الكلمة التي أمامه وهي مقلوبة وكأنه يكتبها من خلال صورتها في المرآة فكلمة (كاب) يكتبها (باك) وهكذا.
وفسر هذه المسألة بأن المعلومات التي تقدم للفرد يتم استقبالها في المخ بطريقة صحيحة بالنسبة للنصف السائد، بينما يستقبلها النصف غير السائد بطريقة مقلوبة.
2 ـ اضطراب الألياف الترابطية
ترجع صعوبة القراءة كما يقول جيشويند إلى انقطاع الارتباط بين المناطق اللغوية والمنطقة الترابطية البصرية سواء كان ذلك نتيجة إصابة تمنع التواصل والارتباط بين المنطقة البصرية الترابطية ومنطقة الكلام في النصف الأيسر أو بين المنطقة البصرية الترابطية اليمنى ومنطقة الكلام في النصف الأيسر.
أعراض وعلامات صعوبات القراءة
1 ـ صعوبات في التعرف على الاتجاه Directional Confusion
حيث يجد الطفل صعوبة في التعرف على اليمين واليسار ومن ثم يعكس الحروف والأرقام وهو ما يسمى بالكتابة المرأوية.
حيث أن التعرف على الاتجاهات يتم في سن الخامسة، ويتم التعرف على يمين ويسار الآخرين في سن السابعة. وهذه الصعوبة تؤثر أيضاً على باقي الاتجاهات (فوق ـ تحت – قمة ـ قاع). ومن ثم يعكس الحرف (b=d، p=q) كما يؤدي الامر إلى قلب الحروف في القراءة أو الكتابة (n=u، m=w) ويكتب أو يقرأ الكلمات بطريقة مقلوبة (on=no، rat=tar) كما يقلب الأرقام (71=17).
2 ـ صعوبات التسلسل والتتابع Sequencing Difficulties
يعاني أطفال صعوبات التعلم من عملية التسلسل والتتابع سواء في استقبال الأشياء أو في تذكرها. وتؤدي هذه الصعوبة إلى مشاكل في القدرة على القراءة والتهجي بشكل صحيح. فالكلمات تتكون من مجموعة من الحروف المرتبة في تسلسل معين، وكي نتمكن من قراءتها يجب أن نقرأ أو نتذكر هذه الحروف بنفس الترتيب. وبالطبع فإن تغيير هذا الترتيب تنشأ عنه معاني مختلفة ومن ثم يتهجى الطفل الكلمة بطرق مختلفة. وتظهر هذه الصعوبة في التسلسل على النحو التالي:
- يضع الحروف في ترتيب خاطئ وبالتالي يقرؤها على نحو غير صحيح فمثلاً يقرأ كلمة (بطل) على أنها (طلب).
- يضع مقاطع الكلمة بترتيب خاطئ كأن يقرأ كلمة (موانع) على أنها (مصانع).
- قد يحذف بعض الأحرف من الكلمة كأن يقرأ أو يكتب كلمة (قارب) على أنها (قاب أو قار).
- أما في الكتابة فيكتب الحروف بطريقة خاطئة فيكتب كلمة (طفل) على أنها (لطف).
- الصعوبة في تذكر بعض حروف الأبجدية أو الأرقام بطريقة مسلسلة. بل قد لا يستطيع التعرف على ترتيب فصول السنة أو الشهور.
3 ـ صعوبة التعامل مع الكلمات الصغيرة.
4 ـ قراءة أو تهجي غريب وشاذ Bizarre reading or spelling
وهي أشد أنواع صعوبات القراءة وتتميز بالأعراض التالية:
- تخمين الكلمة بسرعة بغض النظر عما إذا كانت ذات معنى أم لا.
- التهجي أيضاً بطريقة غريبة كأن يتهجى كلمة (سؤال) على أنها (سريم) مثلاً، كما لو كان يضيف ويحذف بطريقته.
5 ـ التأخر في الكلام.
6 ـ صعوبات في الكتابة Dysgraphia
وتأخذ عدة أشكال ومنها:
تغير في أشكال وأحجام الحروف، الحروف غير المنتهية، وقد ترجع هذه الصعوبة إلى ضعف المهارات الحركية، أو إدراك خاطئ للحروف والكلمات، صعوبة في الاحتفاظ بشكل الكلمات والحروف.
7 ـ صعوبات الحساب Dyscalculia
باعتبار الحساب أحد أشكال اللغة يعاني طفل صعوبات القراءة من صعوبة في العمليات الحسابية ويظهر ذلك لدى أكثر من 60% من الحالات. وتبدو الصعوبات في فهم الأرقام والعمليات الحسابية من جمع وطرح وقسمة، بل إنه يجد صعوبة في فهم الرموز الحسابية. مع مشاكل قلب الأرقام وصعوبة التعرف على الوقت من خلال الساعة.
8 ـ علامات أخرى مصاحبة:
تصاحب صعوبات القراءة بعض العلامات الأخرى ومنها القراءة ببطء والتردد أو أن يحكي قصة بناءً على الصور لا على النص كما تضيع من الطفل بعض الحروف أثناء القراءة أو النقل، ويقرأ بصوت مسموع وكلمة بكلمة، كما يقرأ الكلمة بتهجي حروفها أولاً. وبالنسبة لأزمنة الأفعال فيقرأها في صيغة الحاضر حتى لو كانت في الماضي، ويختزل الكلمات، ويستبدل كلمة بأخرى تتشابه في المعني (منزل بدلاً من بيت)، ويقرأ دون فهم، ويتذكر قليلاً مما يقرؤه كما أنه يتهجى الكلمات ويكتبها لا كما تكتب كأن يكتب كلمة (حرية) على أنها (حورية)، مع صعوبات النقل من الكتاب أو السبورة.
وقد يصاحب ذلك بعض العلامات الأخرى كوجود تاريخ أسري لصعوبات القراءة، أو من يستخدمون اليد اليسرى، ولا يعني ذلك أن كل أب كانت لديه صعوبات قراءة أن يكون ابنه بالضرورة كذلك، أو أن كل مستخدمي اليد اليسرى سيعاني بالضرورة من صعوبة القراءة.
كما نجد صعوبة في العمليات التنظيمية بشكل عام، فالطفل يعيش في فوضى لأن لديه صعوبات في الترتيب والتنظيم والتخطيط. بالإضافة إلى ضعف الانتباه وصعوبة التركيز.
المراجع:
- علم النفس العصبي (الأسس وطرق التقييم)، د. سامي عبد القوي مكتبة الانجلو المصرية 2017.
- Was Orton right? New study examines how the brain works in Reading: offers key to better understanding dyslexia Science daily. Georgetown university medical center. 19 may 2003.retrieved 12 June 2017
علا محمود محمد ـ السيرة الذاتية
- اسمي علا محمود محمد، ولدت في مصر وتخرجت من كلية الآداب في جامعة عين شمس سنة 1999 وحصلت على ليسانس في علم النفس واجتزت دورة التأهيل التخاطبي بوحدة أمراض التخاطب بقسم الأذن والأنف والحنجرة بكلية الطب جامعة عين شمس من 1-9-2007 وحتى 1-11-2010.
- أعمل بوظيفة اختصاصي تخاطب في مدرسة الوفاء لتنمية القدرات التابعة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- عضو في مجلس التخاطب في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- لدي العديد من النشاطات العلمية على مستوى مجلس التخاطب وعلى مستوى تدريب الأسر على فنيات العمل مع الأبناء.
- شاركت في التنسيق والمتابعة لعقد جلسات العلاج بالموسيقي للاختصاصيات من جامعة ايوا من كوريا الجنوبية خلال الفترة من 19 يناير إلى 15 ابريل 2015.