تعد إمكانية الوصول عنصراً أساسياً في أي سياسة تنمية مسؤولة ومستدامة. إنها ضرورة حتمية لحقوق الإنسان، فضلاً عن فرصة عمل استثنائية. وفي هذا السياق، فإن السياحة التي يمكن الوصول إليها لا تفيد الأشخاص ذوي الإعاقة فحسب، بل تفيد المجتمع بأسره.
ولضمان تطوير السياحة التي يمكن الوصول إليها بطريقة مستدامة، تتطلب أن تتوجه المقاصد السياحية إلى ما هو أبعد من الخدمات المخصصة لتبني مبدأ التصميم العام، مع ضمان أن يتمكن جميع الأشخاص، بغض النظر عن احتياجاتهم البدنية أو المعرفية، من استخدام وسائل الراحة المتاحة والاستمتاع بها. بطريقة عادلة ومستدامة. ويقضي هذا النهج بمعالجة تفضيلية أو منفصلة للمكونات ذات الاهتمامات المختلفة للسماح باستخدام المرافق والخدمات بدون عائق من قبل الجميع، في أي وقت، لتأثير عادل. وفي هذا الصدد سنتطرق إلى التعريف بالسياحة عامة والسياحة الميسرة أو سياحة ذوي الإعاقة بشكل خاص بمنظور المنظمات العالمية المهتمة بقضايا السياحة والترويح في هذا المقال عبر الأبواب التالية:
1. التعريف العام للسياحة وأنواعها
2. مؤشرات إحصائية عالمية وفق منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة
3. تعزيز السياحة سهلة الوصول للجميع وفق قسم الشؤون الاقتصادية والاجتماعية ـ منظمة الأمم المتحدة والمنظمة العالمية للسياحة
4. ما هي العوائق التي تحول دون السفر والسياحة للأشخاص ذوي الإعاقات؟
5. أنا لست شخصاً ذا إعاقة – كيف يؤثر ذلك عليّ؟
أولاً – التعريف العام للسياحة وأنواعها
تُعرَّف السياحة لُغةً بأنّها الضرب في الأرض؛ أي الانتقال والمشي من موقع إلى آخر، سواء في دولة معينة أو إقليم مُحدّد أو حول العالم؛ من أجل الوصول إلى حاجات معينة، وبعيدة عن مكان السكن الدائم أو بيئة الأعمال أو الحروب، أمّا اصطلاحاً فلم يظهر أي تعريف متفق عليه للسياحة، وفيما يأتي بعض من التعريفات الاصطلاحيّة الواردة عن هيئات ومُنظمات السياحة الدوليّة، فعرَّفت منظمة السياحة العالميّة السياح بأنّهم جميع الأشخاص الذين يوجدون في مكانٍ ما لمُدّةِ 24 ساعة؛ بهدف الحصول على وسائل الترفيه التي تشمل الإجازات والرياضة والاستجمام.
تُعدّ السياحة مجموعةً من الأعمال والوظائف التي تخدم السيّاح وتُساهم في توفير أماكن إقامة، ووسائل النقل، والمواقع الترفيهيّة لجميع السياح، كما تُعتبر السياحة وسيلةً من وسائل التسويق التي تُعرِّف بخصائص مجموعةٍ من الوجهات المُخصصة للسفر.
أنواع السياحة:
تُقسم السياحة إلى مجموعة أنواع، ويتميّزُ كلّ نوعٍ منها بمميّزات خاصة به، وفيما يأتي معلومات عن أنواع السياحة:
- السياحة الدينيّة: هي زيارة السوّاح الأماكن والمناطق الدينيّة؛ من أجل التعرف على تاريخها وقيمها الروحيّة ومعتقداتها.
- السياحة الرياضيّة: هي السفر إلى دولة أُخرى خلال مُدّةٍ زمنيّة مُحدّدة؛ من أجل ممارسة وتطبيق عدّة نشاطات رياضيّة أو مشاهدة الألعاب والمباريات الرياضيّة، مثل بطولات كُرة القدم العالميّة.
- سياحة المُؤتمرات: هي من أنواع السياحة التي تتميّزُ بالحداثة؛ بسبب ظهورها في نهايات القرن العشرين للميلاد، واعتمد وجودها على التطورات الحضاريّة المُتسارعة التي أثرت في العالم، سواء اجتماعيّاً أو ثقافيّاً أو اقتصاديّاً أو سياسيّاً، وتُعرَّف سياحة المُؤتمرات بأنّها التطور المُؤثِّر في قطاع السياحة؛ من خلال تنظيم وإعداد المُؤتمرات على المستوى العالميّ والتي تتميّزُ بحجمها الضخم وأرباحها الوفيرة.
- السياحة الثقافيّة: هي مُشاهدة السواح للمظاهر والمعالم الخاصة بالمجتمعات السابقة في الماضي، كما تُعرَّف السياحة الثقافيّة بأنّها الجاذبية المرتبطة بالمواقع السياحيّة، والتي تُعزز جذب السواح إليها، وتشمل فن العمارة، واللغة، والموسيقى والتقاليد.
- السياحة العلاجيّة: هي من أنواع السياحة المُستحدثة، وتنتشر داخل الدول التي تمتلك مواردَ طبيعيّةً علاجيّة، مثل آبار وعيون الماء التي تُساعد على علاج العديد من الأمراض.
- السياحة الترفيهيّة: هي الانتقال من مكان السكن خلال فترة زمنيّة؛ بهدف الترفيه والاستمتاع وتطبيق العديد من الهوايات، مثل صيد الأسماك.
- السياحة الميسرة أو سياحة ذوي الإعاقة هو نمط سياحي يجعل الوجهات والمنتجات والخدمات السياحية في متناول الجميع، بغض النظر عن القيود المادية أو الإعاقة أو السن حيث باتت المجتمعات المعاصرة على وعي متزايد لمفهوم إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع.
ووفقاً للشبكة الأوروبية للسياحة الميسرة، فإن السياحة الميسرة تشمل وجهات خالية من العوائق وسائل نقل مناسبة لجميع المستخدمين، خدمات ذات جودة عالية مقدمة من موظفين مدربين، أنشطة ومعارض ومناطق جذب مسموح المشاركة فبها من قبل الجميع إضافة إلى توافر معلومات تسويق ونظم الحجز ومواقع إنترنت وخدمات في متناول للجميع.
ثانياً – مؤشرات إحصائية عالمية وفق منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة:
على الصعيد العالمي، تشير التقديرات إلى أن هناك أكثر من مليار شخص من ذوي الإعاقات، فضلاً عن أكثر من ملياري شخص، مثل الأزواج، والأطفال، ومقدمي الرعاية للأشخاص ذوي الإعاقة، الذين يمثلون ما يقرب من ثلث سكان العالم، يتأثرون بشكل مباشر بالإعاقة.. وفي حين أن هذا يدل على وجود سوق ضخمة محتملة للسفر والسياحة، إلا أنه لا يزال يعاني من نقص كبير في الخدمات بسبب مرافق السفر والخدمات السياحية التي يتعذر الوصول إليها، فضلاً عن السياسات والممارسات التمييزية.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، فإن ما يقارب الـ 15٪ من سكان العالم (مليار شخص) يعيشون مع شكل من أشكال الإعاقة. وﺗﻘﺗﻧﻊ ﻣﻧظﻣﺔ اﻟﺳﯾﺎﺣﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﺑﺄن إﻣﮐﺎﻧﯾﺔ اﻟوﺻول ﻟﻟﺟﻣﯾﻊ إﻟﯽ اﻟﻣراﻓق اﻟﺳﯾﺎﺣﯾﺔ واﻟﻣﻧﺗﺟﺎت واﻟﺧدﻣﺎت ﯾﺟب أن ﺗﮐون ﺟزءاً أﺳﺎﺳﯾاً ﻣن أي ﺳﯾﺎﺳﺔ ﺳﯾﺎﺣﯾﺔ ﻣﺳؤوﻟﺔ وﻣﺳﺗداﻣﺔ.
بهذه الروح من تعميم قضايا الإعاقة، اعتمدت الجمعية العامة للمنظمة عدة قرارات وإعلانات وتوصيات بشأن إمكانية الوصول.
ثالثاً – تعزيز السياحة سهلة الوصول للجميع:
تتيح السياحة التي يسهل الوصول إليها لجميع الأشخاص المشاركة والاستمتاع بالتجارب السياحية. ويتوفر لدى المزيد من الأشخاص احتياجات الوصول، سواء كانت متعلقة بحالة بدنية أم لا. على سبيل المثال، الأشخاص الأكبر سناً والأقل قدرة على التنقل لديهم احتياجات الوصول، والتي يمكن أن تصبح عقبة كبيرة عند السفر أو التجول. وبالتالي، فإن السياحة التي يسهل الوصول إليها هي المسعى المستمر لضمان وصول المقاصد السياحية ومنتجاتها وخدماتها إلى جميع الناس، بغض النظر عن القيود المادية أو الإعاقة أو العمر. وهذا يشمل المواقع والمرافق والخدمات العامة المملوكة للقطاعين العام والخاص.
وتدعو المادة 9 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة إلى ضرورة قيام الدول الأطراف باتخاذ التدابير المناسبة لضمان حصول الأشخاص ذوي الإعاقة على فرص متساوية للوصول إلى البيئة المادية. والمعلومات والمواصلات والمرافق والخدمات الأخرى المفتوحة أو المقدمة للجمهور. كما تدعو إلى إزالة العقبات والحواجز أمام الوصول، بما في ذلك جميع وسائل النقل والمرافق. وعلاوة على ذلك، تدعو المادة 30 حول المشاركة في الحياة الثقافية والترفيه والرياضة والرياضة الدول الأطراف إلى ضمان تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بفوائد السياحة.
وفي خطة العمل العالمية لعام 2030 التي تتضمن أهداف التنمية المستدامة (أهداف التنمية المستدامة 2015)، يركز الهدف 11 على مبادئ (جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة وآمنة ومرنة ومستدامة). هذا الهدف يجذب السياحة والترفيه من خلال دعوته لأحكام التصميم العالمي لنظم النقل التي يمكن الوصول إليها والمستدامة، والتحضر الشامل، والوصول إلى المساحات الخضراء والأماكن العامة.
وفي إعلانها لعام 2011، توقعت منظمة الأمم المتحدة للسياحة العالمية (UNWTO) أن السياحة سوف تزيد وتعيش تنمية مستدامة، حيث تصل إلى 1.8 مليار سائح دولي بحلول عام 2030. وبالتالي، تضمن أحكام المدن والسياحة التي يسهل الوصول إليها الإدماج الاجتماعي والاقتصادي الكامل لجميع الأشخاص الذين يتمتعون بمزايا مباشرة. الترويج لعادات السفر الأكثر استدامة بين المستخدمين.
رابعاً – ما هي العوائق التي تحول دون السفر والسياحة للأشخاص ذوي الإعاقة؟
بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة، يمكن أن يشكل السفر تحدياً، لأن العثور على المعلومات حول الخدمات التي يمكن الوصول إليها، وفحص الأمتعة على متن الطائرة، وحجز غرفة لتلبية احتياجات الوصول، غالباً ما يكون صعباً ومكلفاً ويستغرق وقتاً طويلاً.
تشمل التحديات التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة ما يلي:
• ﻣوظﻔون ﻣﺣﺗرﻓون ﻏﯾر ﻣدرﺑﯾن ﻗﺎدرﯾن ﻋﻟﯽ اﻹﺑﻼغ واﻟﻣﺷورة ﺑﺷﺄن ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻟوﺻول.
• خدمات الحجز التي لا يمكن الوصول إليها والمواقع ذات الصلة.
• نقص المطارات والمرافق والخدمات التي يمكن الوصول إليها.
• عدم توافر غرف الفنادق والمطاعم والمحلات التجارية ودورات المياه والأماكن العامة التي يسهل الوصول إليها.
• شوارع وخدمات نقل لا يمكن الوصول إليها.
• معلومات غير متوفرة حول المرافق والخدمات التي يمكن الوصول إليها، وتأجير المعدات ومناطق الجذب السياحي.
خامساً – أنا لست شخصاً ذا إعاقة – كيف يؤثر ذلك عليّ؟
تعتبر إمكانية الوصول أيضاً أحد الجوانب المهمة لإدراك حقوق سكان العالم المتقدمين في السن. مع تقدمنا في العمر، تزداد فرصتنا في مواجهة إعاقة دائمة أو مؤقتة. وبالتالي، فإن التركيز على إمكانية الوصول يمكن أن يضمن أننا قادرون على المشاركة الكاملة في مجتمعاتنا بشكل جيد في سنواتنا القادمة. إمكانية الوصول تفيد أيضا النساء الحوامل والأشخاص الذين يتم نقلهم بشكل مؤقت.
كما أن التحسينات التي أدخلت على البنية التحتية المادية والخدمية والتي تأتي مع التركيز على إمكانية الوصول تشجع أيضاً على تركيز أكثر لتعدد الأجيال في التخطيط الإنمائي. بالنسبة للعائلات التي لديها أطفال صغار، فإن البنية التحتية التي يمكن الوصول إليها – خاصة في مجال النقل وتخطيط المدن وتصميم المباني – تعمل على تحسين قدرة هذه العائلات على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والثقافية.
تلتزم الأمم المتحدة بالتنمية المستدامة والعادلة. ومن المؤكد أن إدخال تعديلات أساسية على المنشأة وتوفير معلومات دقيقة وفهم احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة قد يؤدي إلى زيادة عدد الزوار. كما أن تحسين الوصول إلى الخدمات السياحية يزيد من جودتها وتمتع جميع السياح، وكذلك تحسين نوعية الحياة في المجتمعات المحلية.
المراجع:
· المنظمة العالمية للسياحة
http://ethics.unwto.org/en/content/accessible-tourism
· قسم الشؤون الإقتصادية والاجتماعية ـ منظمة الأمم المتحدة
https://www.un.org/development/desa/disabilities/issues/promoting-accessible-tourism-for-all.html
هشام محمد كتامي،
الجنسية: مغربي ،
الإقامة: الشارقة ،
الإمارات العربية المتحدة المتحرك:00971503078161،
البريد الالكتروني: [email protected]،
حاصل على دبلوم معهد خاص إشراف فرنسي في مجال التربية الخاصة بالمملكة المغربية سنة 1999.
دراسة جامعية علوم اقتصادية، قانونية وإنسانية في جامعة الحسن الثاني بالمملكة المغربية.
التحق ببرنامج تدريبي لتأهيل الفريق البحثي لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في جامعة الشارقة (من 7 سبتمبر 2010 إلى 4 مايو 2011).
سكرتير تنفيذي في الإدارة العامة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية منذ 2006 حتى تاريخه.
سكرتير تحرير مجلة المنال الالكترونية.
عضو الفريق البحثي لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية من 2011 حتى أغسطس 2020.
عضو ناشط في فريق الإعلام الاجتماعي ومهتم بمجال الإعلام والتسويق.
عضو بمنظمة الطفل العربي.
عضو متطوع بمؤسسة تكاثف.
عضو فريق الصحة والسلامة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
عضو متطوع في اكسبو 2020 الإمارات العربية المتحدة.
ملتحق بدورة تدريب مدربين وحاصل على شهادة مدرب معتمد من جامعة عجمان بالإمارات العربية المتحدة وعضوية تدريب صادرة من American east coast university
خبرة عملية سابقاً في التنسيق والاستقبال والتنظيم لمدة خمس سنوات في تلفزيون القناة الثانية بالمملكة المغربية وخبرة عملية في الاستقبال بفندق قصر المامونية بمدينة مراكش بالمملكة المغربية.
منسق عام لرابطة التوعية البيئية لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية من 2008 حتى أغسطس 2020.